الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بمناسبة وفاة أمير الكويت : لكل زمان رجاله و جهاله بقلم: د.طارق ليساوي

تاريخ النشر : 2020-10-01
بمناسبة وفاة أمير الكويت : لكل زمان رجاله و جهاله بقلم: د.طارق ليساوي
بمناسبة وفاة أمير الكويت : لكل زمان رجاله و جهاله...
د.طارق ليساوي

قبل نحو ثلاث سنوات تلقيت دعوة من إحدى الجامعات الكويتية، لإلقاء محاضرة حول النهوض الاقتصادي الصيني و تأثيراته على العالم العربي، و كان من الممكن أن أشتغل أستاذ زائر في ذات الجامعة، و الواقع أني لم ألبي الدعوة لظروف مهنية، و أيضا لموقفي العام من  حرية الرأي و التعبير ببلدان الخليج عموما ، و هذا الموقف تشكل عندي نتيجة للدور السلبي الذي لعبته هذه البلدان في دعم الثورات المضادة للربيع العربي،غير أني لابد ان أقر بأن معرفتي بهذا البلد العربي العريق لم تكن كافية، و فيها قدر كبير من الإجحاف لبلد كانت له أيادي بيضاء على قضايا الأمة العربية و الإسلامية ، مواقف هذا البلد حكومة و شعبا كانت مشرفة في أغلب الأحوال، و رأينا موقف الكويت من مسلسل التطبيع و الهرولة إلى عقد إتفاقيات الاستسلام و الخنوع للكيان الصهيوني الغاصب ...

هذه المقدمة فرضتها المناسبة و كما يقول المناطقة “المناسبة شرط”، و المناسبة وفاة أمير الكويت "الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح" يوم أمس الثلاثاء في الولايات المتحدة الأمريكية بعد معاناة طويلة مع المرض، عن عمر ناهز 91 عاما.. و الجدير بالذكر، أن الرجل تولي السلطة بعد صراع داخل العائلة الحاكمة على الحكم، وموافقة الشيخ سعد العبد الله الصباح على التنازل عن العرش في 23 يناير 2006/ كانون الثاني بسبب وضعه الصحي المتردي، إذ قيل وقتها إنه كان يعاني من مرض "الزهايمر" ولم يكن بمقدوره أداء القسم وما لبث أن توفي عام 2008...وقد صوت مجلس الأمة على تنحية "الشيخ سعد العبد الله" في 24 يناير/ كانون الثاني 2006. وفي 29 من الشهر ذاته، جرت تسمية "صباح الأحمد الجابر الصباح" أميراً للبلاد بعد مفاوضات ومساومات صعبة داخل أسرة الصباح...

مسيرة الرجل قبل أن يصبح أميرا للكويت كانت مشرفة، و تنم على رجولة و نخوة عربي مسلم ، و يكفي سرد مختصر لسيرة الرجل لمعرفة دوره في داخل الكويت و خارجها، ففي عام 1961 وبعد استقلال دولة الكويت، تم تشكيل الحكومة الأولى وتحولت الدوائر إلى وزارات وعين فيها وزيراً للإعلام، كما كان عضواً في المجلس التأسيسي الذي كلف بوضع الدستور .وفي عام 1963 عين وزيراً للخارجية ورئيساً للجنة الدائمة لمساعدات الخليج، وظل في هذا المنصب لمدة 40 عاماً. وبحكم منصبه الوزاري أصبح عضواً في مجلس الأمة الكويتي، وهو أول من رفع علم الكويت فوق مبنى هيئة الأمم المتحدة لدى الموافقة على الانضمام إليها 1963...

ومن خلال توليه منصب وزير الخارجية ورئيس اللجنة الدائمة لمساعدات الخليج قام بإعطاء المُنح المالية دون مقابل، وقد شملت مساعدات اللجنة اليمن الجنوبي واليمن الشمالي وسلطنة عمان وجنوب السودان..وفي عام 1972 ساهم في إبرام اتفاق السلام بين شطري اليمن لوقف الحرب الأهلية بينهما...وفي عام 1980 تولى وساطة ناجحة بين سلطنة عمان وجمهورية اليمن لتخفيف حدة التوتر بينهما.

إستمر هذا الدور الإيجابي للرجل حتى بعد توليه إمارة الكويت، فقد كان له دورا بالغ الأهمية في دعم بلدان الربيع لعربي و لم تتدخل بلاده سلبا في الثورات العربية ، و لم يثبت أن الكويت كان لها دورا تخريبيا في أي بلد عربي، على العكس قدمت المنح المالية لكل بلد يعاني أزمة، و في حصار قطر تبلور الدور الرجولي لهذا الرجل ، و تبنى موقف إيجابي في إدارة الأزمة، و فضل الانصياع للحق و للعقل ، فهو لم يقاطع السعودية و الإمارات و البحرين بعد أن فرضت حصارا جائرا على قطر ، و بنفس القدر وقف بجانب قطر و دافع عن الشرعية، و تبنى ما يمكن أن نسميه "الحياد الإيجابي" في هذه الأزمة، و لم ينصاع لإرادة السعودية الأخ الأكبر لبلدان الخليج و لم ينصاع لإرادة السيد الأمريكي الذي حاول تأجيج نار الفتنة، و لذلك كان لوساطة هذا الرجل الحكيم دورا بالغ الأهمية في تجنيب الخليج حربا أخرى...

الموقف الإيجابي للكويت يظهر أيضا في دعمها المستمر للقضية الفلسطينية، و موقفها المشرف لا يخفى على أحد ، فقد رأينا جميعا موقف مجلس الأمة الكويتي الذي عبر أكثر من مناسبة، بوضوح و صراحة، بتحريم و تجريم كل جهود التطبيع مع الكيان لصهيوني الغاصب ، بل عندما خرج الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مؤخرا، و صرح بأن  الكويت "قد تكون الدولة التالية لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وأنها متحمسة للغاية.."..

كان رد الحكومة الكويتية صريحا وواضحا  و مفاده " أن الموقف الكويتي من التطبيع مع إسرائيل ثابت ولم يتغير، وأن الكويت ثابتة على موقفها، وهي آخر من سيطبع مع الكيان الصهيون"...و أعادت الكويت التأكيد على أن الكويت حكومة و شعبا تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه كاملة، وتحقيق الحل العادل القائم على مرجعيات السلام، وفي مقدمتها قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين....

رحل الرجل و ليس في عنقه خيانة فلسطين و القدس الشريف، و لم يخضع لضغوط "ترامب" و حلفاءه من الصهاينة العرب، رحل دون أن يذكر التاريخ أن التطبيع و التفريط في حقوق الشعب الفلسطيني، و التضحية بالقدس و الأقصى تم في "عهد صباح الأحمد الجابر الصباح" رحم الله الرجل و أسكنه فسيح جنانه.. لذلك، لا يسعنا القول إلا أن لكل زمن رجاله و جهاله.. ففي ظل سياق عربي يتكالب حكامه عل خيانة حقوق الأمة، و يتنافسون على طحن شعوبهم، و نهب ثرواتهم و إنفاقها في سفاسف الأمور ، نجد رجالا و من ضمنهم هذا الرجل سعى لتوظيف ثروات بلاده في توسيع خيارات شعبه، بل إن الكويت تبعا للتقارير الدولية حول الحكم الصالح، أو جودة التعليم، أو مستوى الرفاه تأتي على رأس البلدان العربية..

رحم الله الرجل، و نتمنى أن يحافظ خلفه على سيرة هذا الرجل الراحل، فالعبرة بالخواتيم، و لولا أن الرجل الذي تحمل منصب وزير خارجية في الكويت 40 سنة، و لم يتولى حكم الكويت إلا نحو 14 سنة فقط، لم تكن له أيادي بيضاء على بلده، و على باقي بلدان العالم العربي و الإسلامي، لما رفع الله ذكره، و جعل كاتب المقال الذي ينظر إلى أغلب حكام العالم العربي بنظرة إزدراء و لا أخفي موقفي منهم، و لا أتتردد في إتهامهم بالخيانة و العمالة..

 لكن من باب الإنصاف فإننا في زمن الانحطاط و الخنوع، علينا أن نذكر محاسن كل حاكم و كل سياسي و كل مفكر عربي له مواقف مشرفة تجاه أمته و دينه، تشجيعا لباقي الحكام الحاليين و المستقبليين، للانتقال من معسكر الباطل إلى معسكر الحق... رحم الله الرجل و نحن نحكم على ما نرى و نسمع و لكن الخفايا و النوايا و ما في القلوب فعلمه عند ربي..نتمنى أن تحافظ الكويت على مواقفها الداعمة لقضايا الأمة و في مقدمة ذلك فلسطين، ففلسطين –بنظرنا- هي الميزان الذي نقيس به الطالح و الصالح ، فمن يقف ضد فلسطين و حقوقها لا يستحق منا إلا وصف الخيانة و العمالة، و من يقف معها قولا و فعلا -و ليس من باب التسويق و الدعاية الرخيصة- فإننا لن نشعر بحرج في الترحم عليه إن مات ، و الاعتراف بمحاسنه فوق الأرض و تحتها، فما يحركنا ليس عالم "الأشخا"ص و إنما  المبادئ و القيم التي يمثلونها و يدافعون عنها و لو بأضعف الإيمان ... و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون ...

إعلامي أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية  أستاذ العلوم السياسية و السياسات العامة..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف