الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فضل العِلم والمعلِّم بقلم: إبراهيم عطيان

تاريخ النشر : 2020-10-01
فضل العِلم والمعلِّم بقلم: إبراهيم عطيان
فضل العِلم والمعلِّم

ما نود الحديث عنه في هذا المقام، هو الْمُعلِّم أولاً، وما يقدمه للعمليتين التعليمية والتربوية، أما العلم فهو أوضح من أن يُعرَّف،

لذا سنذكر أهم الأدوار الّتي يقوم بها الْمُعلِّم، وهي بناء شخصيات طلابه، الّذين ينظرون إليه في مرحلة الطفولة بإعجاب شديد، على أنّه مثلهم الأعلى، ولكنهم وبكل أسف كلما مر بهم العمر واتسعت مداركهم، ضاقت معها المساحة الشاسعة التي كان يشغلها المعلم في صدورهم حتى تتلاشى شيئاً فشيئاً؛ عندما يدركون أن
هذه المهنة لم تحظى بالاهتمام والرعاية، وأربابها الّذين قال فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: العلماء ورثة الأنبياء، لم يتم تقديرهم مادياًّ واجتماعياً وصحياً، ولا حتى معنوياً، ناهيك عن مطاردتهم في كل مكان كاللصوص وتجار المخدرات، وإغلاق الأماكن الخاصة التي يعملون بها، ولا عجب إذا قلنا أن مسؤلي وزارتهم الذين يدركون جيداً مدى معاناة المعلم في مواجهة تحديات الحياة هم من يقومون بمبارزته بدلاً من السعي نحو تحسين أوضاعه المادية وحفظ كرامته في وقت غاب فيه دور النقابة التي تأسست منذ البداية للدفاع عن حقوق أبنائها!!
هل الدروس الخصوصية تختلف عن العيادة الخارجية للطبيب؟!

الحديث هنا قطعاً للدفاع عن المعلم الذي يسعى فقط لتحسين وضعه في حدود المعقول، لا التاجر الذي يبالغ في المقابل المادي ليفتش جيوب ولي الأمر المسكين، الذي يحتاج بدوره إلى معلِّم رحيم يعينه على تعليم أبنائه، لا زيادة أعبائه، فهي كذلك دعوة للمعلِّم نفسه ليراقب الله فيما يُحصِّله من الطالب نظير تعليمه.

فيكفي هذه المهنة السامية ما تعرضت له من تشويه بسبب طمع وجشع بعض المحسوبين عليها، وكذلك يكفيها تهميش المجتمع لدور المعلم الذي يُطلب منه أن يكون مثالاً مشرفاً يحتذى به في مجتمعه، وقدوة صالحة لطلّابه رغم أن ما يتقاضاه من أجرٍ لا
يمكن أن يوفِّر له ولأسرته حياة كريمة، فيلجأ لسد حاجته من جيب ولي الأمر !!
مطلوب منه رغم معاناته في تدبير شئون بيته وتلبية حاجات أسرته أن يكون قدوة في جوهره ومظهره، في شخصيته وقوّة تأثيره، في أخلاقه وأدبه وعلمه !!

انتبهوا أيها السادة، فحاجة القدوة وانكساره من أجل المال، تنعكس كلِّيَّاً على أبنائنا، فقد يبيعون أنفسهم، وأوطانهم من أجل المال، كما رأوا قدوتهم يتاجر بعلمه من أجله؛ ليملأ فراغاً بكرامته تسببت فيه الحاجة وضيق الحال، وعجزه عن تلبية مطالب أسرته.
سيتعلمون أن الحاجة للمال مبرر لأي فعلٍ مهما بلغت خسته...

انتبهوا جيداً، وليكن لكم في سلفنا الصالح أسوة،
فقد كان السلف قديماً يعرفون فضل المعلم ويقدرونه، وبذلك سادوا ونجوا، فها هي أمّ الإمام مالك توصي ابنها بأن يطلب الأدب من معلّمه قبل أن يأخذ العلم منه لِمَا للأدب من أهمية على طالب العلم في سلوكه مع نفسه ومع ربّه ومع الناس.
فإنّه لمّا طلب العلم وذَكَرَ لأمّه أنّه يريد أن يذهب فيكتب العلم، ألبسته أحسن الثّياب، وعمَّمَته، ثمّ قالت: اذهب فاكتب الآن.
وقال رحمه الله: كانت أمّي تُعَمّمني وتقول لي: اذهب إلى ربيعة فتعلَّم من أدبه قبل عِلْمه.

المعلّم ليس خازنًا للعلم يغترف منه التلاميذ المعارف والمعلومات فقط، ولكنّه نموذج وقدوة، والقدوة عامل مهمّ في صلاح المتعلّم أو فساده، فإن كان المربّي صادقًا أمينًا كريمًا عفيفًا يتَّسم بالخُلق الصّالح نشأ المتعلّم على الصّدق والأمانة والخُلق والكرم والشّجاعة والعفّة، فللمعلّم دور كبير في التنوير وتربية النشأ، رسالته السامية لا شك تستمد أخلاقياتها من الشّريعة الإسلامية،
والمعلّم حين يدرك هذا يستشعر عظمة رسالته ويعتزّ بها، فيحفظ للمهنة شرفَها، وإدراكه لهذا بالطبع سوف يسوقه نحو الاستقامة والصّدق والأمانة والحِلم والحزم والانضباط وحسن المظهر وبشاشة الوجه، إذا تم تقديره مادياً ومعنوياً، فتقديرَ المعلِّم له أثَر عظيم في نفسه ونفوس التلامِيذ، فلنغرس في عقول أبنائِنا
تقديرَ المعلِّم وإجلالَه، فالأدبُ مِفتاحُ العلمِ، ونحن إلى كثيرٍ مِن
الأدَبِ في هذا الزمان أحوج مِنَّا إلى كثير مِن العلمِ.

وعلى هذا النهج القويم كان يسير سلَفُنا الصّالِح رضي الله عنهم: فهذا ابن عباسٍ رضي الله عنهما وهو من أشرف بيت، يأخذ بخِطام ناقة مُعلِّمه زيد بن ثابت ويقول: هكذا أُمرنا أن نفعل بعُلمائِنا وكُبرائِنا.

وقال الإمام أبو حنيفة: ما مددتُ رِجلِي نحو دار أُستاذي حمَّاد إجلالًا له، وما صلَّيت صلاةً مُنذ ماتَ إلّا استغفَرتُ له مع والدَيَّ.

وقال الإمام الشافعيُّ: كنت أتصفَّح الورقة بين يدَي مالك برفق لئلّا يسمع وَقعَها.

روى أبو حامد الغزالي عن علي ابن أبي طالب- رضي الله عنه - أنه كان يقول: من حق العالم عليك أن تسلم على القوم عامة وتخصه بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشير عنده بيديك، ولا تعمد بعينيك غيره، وان كانت له حاجة سبقتَ القوم إلى خدمته، ولا تشبع من طول صحبته.

هكذا كانوا يوقرون العلم وأهله، فسادت أمتنا في ذاك الزمان، وأنجبتْ علماءَ وعباقرة الأمم، أما اليوم فقد ضعُفت الهمة في الإقبال على العلم، وقلَّ توقير المعلم، فكيف يستفيد أبناؤنا من معلم لا مكانة له في قلوبهم؟!!

وكيف لطالب أن ينهل من علم ومعرفة معلمه إذا كان لا يحترمه ويُقدر مكانته؟!! كيف يؤدي دوره وهو مُهمَّش في مجتمعه منذ عقود؟! والأخطر من التهميش وعدم التقدير، هو إحياؤه وإعادة إنتاجه، حتى أصبح التهميش مشكلة عابرة للأجيال!!
ولا ننسى أبداً ما يفعله الأهل من عدم احترام وتقدير المعلم أمام أولادهم، وتذمّرهم وكثرة شكواهم عليه أمام الطالب لأتفه الأسباب، وربما نعته بألقاب تخُلّ بالأدب، ليهُزّ كيانه أمام الطالب.

مجتمعنا للأسف لم يعط المُعلِّم حقَّه، ولم يرعه الرّعاية الّتي يستحقُّها فسبقتنا الأمم وتخلَّفنا، لذا لا بُدَّ من تصحيح نظرة المجتمع لمهنة التعليم، ومكانة المُعلِّم إذا أردنا الخير لأنفسنا وبلادنا.

فنحن مطالبون بإعادة الاعتبار للمعلم، حتى يلقى الاحترام الكامل والتقدير الكافي، وتلبية احتياجاته كما هو مُتَّبع في جميع دول العالم؛ ليستطيع أداء مهمته على أحسن وجه، فيوم كان المعلم معلماً يحظى بالتقدير والاحترام خرج لنا نابغون في شتى العلوم تركوا بصمتهم على صفحة التاريخ.

لقد كانت التربية في زمن انتصاراتهم نقطة القوة، لكنها في زمن انهزاماتنا نقطة الضعف الأولى، فَسِهَامُ العِلْمِ إلى النَّصرِ أسبَق من سنابكَ الخيلِ، ليتنا نعيد النظر في القضية التربوية برمتها في عالمنا الإسلامي، فنوليها اهتماماً كما أولاها سلفنا جُلَّ اهتمامه، فنفوز كما فازوا، مازال الأمل موجود رغم ضبابية الرؤية، والفرصة مازالت قائمة لتدارك أخطاء الماضي، وإصلاح ما أفسدته الظروف، فمن ركام الهزيمة يخرج النصر...
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف