الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تعقيب على قصيدة "فوانيس الروح" بقلم: محمد المحسن

تاريخ النشر : 2020-10-01
تعقيب على قصيدة "فوانيس الروح"  بقلم: محمد المحسن
تعقيب على قصيدة"فوانيس الروح" للشاعرة التونسية المتميزة منجية حاجي
(حول دلائلية الموت في قصيدتها)
محمد المحسن (شاعر وناقد تونسي)
ثلاثة شعراء عرب معاصرين هم: بدر شاكر السياب وأمل دنقل ومحمود درويش يرد الموت بكثرة في شعرهم وكانت لكل منهم علاقة خاصة أو حميمة معه، إن جاز التعبير، مردّ هذه العلاقة هو معايشتهم له وانتظارهم إياه بسبب ما كان يعانيه كل منهم من متاعب صحية كان يعرف مسبقاً أنها لابد أن تنتهي بالموت. ومن أجل ذلك شكل الموت هاجساً شخصياً عبّر عنه الشاعر بالشعر، إن لم نقل إن شعر الموت شكل كماً لا بأس به من انتاجه، نلحظ ذلك في ديوان «منزل الأقنان» للسياب الذي يضم أغلب القصائد التي تتمحور حول موضوع الموت. كما نلحظ ذلك أيضاً في ديوان محمود درويش «الجدارية» حيث هيمنة الموت بارتباطاته الدلالية المتصلة بأجواء المرض. وتشكل القصيدة بمجملها تأملاً مطولاً في الموت، واستحضاراً لطقوسه، فضلاً عن إيحاءاته وتداعياته في الذاكرة والجسد معاً.ونعثر على شعر الموت في مظان مختلفة من شعر أمل دنقل، منها «أوراق الغرفة رقم 8» وهو ينطوي على أوراق أمل الأخيرة، والغرفة رقم 8 هي آخر الغرف التي قاوم فيها أمل مرضه.
واليوم..
بِتْنا اليوم معتقدين بأنّ الشعر، عموماً، هو ابن الفقدان ووريث الخسارات.لكن الموت لم يكن في تأمُله، ولا في معايشته اختباره حدوده مُجرّد بكاء وعزاء وإيحاء بغيوم الحزن التي تُلبّد سماء الكائن وتُظلّله. إنّ الموت يتحوّل لدى الشعراء، بخلفيّاتهم الصوفية والفلسفية والوجودية المتنوِّعة، إلى ذريعةٍ قُصْوى لأَنْسنة الحياة وقد افتقدت لكثيرٍ من ملامحها وقوى تجدُّدها إن في ذاتها أو في مدى انعكاسها على مرآة النّفْس. فمثلاً، يتحوّل البكاء عند الجاهلي في وقوفه على الأطلال، وشعوره الفاجع بالغياب، إلى استحثاث الأنا بواجب الانتصـار على المـوت ومقاومته بحضور اللحظة المنتشية التي تحقّق هبة امتلائها في إثبات الفـروسية ونشدان اللـذة الحسية. ويُجسّد عذاب الحبّ ومعاناته لدى العذريين مَوْتاً، بيد أنّه يعكس رغبة الأنا في الاتصال بمحبوبها، وبما أنّها لا تتحقّق فالحياة الداخلية لكينونة الأنا تتوهّج باستمرار.
فيما بعد،يتحوّل نشدان الموت عند المعرّي إلى ضوء وشوق للخلاص من العمى وأسر المحابس بأكملها.وفي تجربة الصوفيّ يصير الموت عن طريق الانخطاف والفناء وتحييد الجسد ذريعةً يتحقق بها الالتحام بالمطلق..
وفي قصيدة"فوانيس الرّوح" للشاعرة التونسية منجية حاجي يشكّل الموت برمزيته ودلالاته المتعددة ذريعة لأنسنة الحياة..ففي هذه القصيدة يتردّد الموت موضوعا وفضاء مصطبغاً بأنساق وتعابير وصيغ متنوّعة،ويبدو لي أنّ الشاعرة كانت أكثر انتباهاً،للمسألة الوجودية وليس للمسألة الشعرية،كما كانت أيضا-دوما في تقديري-تتوافق تماماً مع مقصديّتها،إن رؤيةً أو إيقاعاً،في الإفصاح عن تشقُّقات كينونتها وأناها الغنائيّة..
وهكذا يأتي الحديث عن الموت مشتبكاً برموز الحياة التي تُنعش ذاكرة الكائن،وتفتح فضاءها على آفاق متباينة من المعرفة كسلاح مواجهة،إلى حدٍّ أمكننا فهم التجلّيات الواخزة من أشكال الموت ومعانيه التي اصطرعت في وعي الذّات ومجهولها،بما في ذلك المعنى الأنطولوجي له:
(فوانيس الروح)
-----//---
فوانيس الرّهبة والرّغبة ..
تضيء أغوار القلب ..
بأحلامي المترنّحة على مفاصل الدْرج
هزيمة الجرح المفتوح بمخابئ جثْتي ...
تقرع طبول الأغنيات المفضّلة ..
تذرها الرْيح بكل اللْغات ..
كظلمات المسعى إلى مقابر الذْات
ترتّل تعاويذ الوداع الآخير
المنسكب على شرفات الأمل الميّت من زمان
وعلى عتبات الموت الغادر..
زعموا سقوطي ..
فغسّلوني بكفني
ثم داسوا على وجعي
فاخذتني الغفوة سهوا مع ناكر ونكير
لأجدني شاهدة على الطّرح
صادروا مني أصداء كلماتي
وضعوا جثّتي بين النْار والثّلج
ذاب الثّلج فأزدادت توهّج النّار لهيبا
ذبحوني من الوريد
فطاردهم في المنام دمي
يا لغربتي فيهم ..
كيف ناموا وفي رقابهم دمائي المسفوكة
وأياديهم تقيدها أصفاد الحديد
يطاردهم العريُ
والرْيح تطؤ على جثثهم ...
وهم يغمسون خبزهم في الطّين..____
--------------------
( منجية حاجي)
على سبيل الخاتمة:
حين سألت الشاعرة التونسية المتميزة عن رمزية الموت في قصيدتها الرائعة مبنى ومعنى "فوانيس الرّوح" أجابتني إجابة مقتضبة لكنها مشحونة بدلالات وايحاءات ليس من اليسير فك رموزها واستكشاف مقاصدها:"في ضوء التجربة الإنسانية كما عبّر عنها الشعر وأوّلها بجراحه وندوبه الخاصة،نتلقّى الموت ونحياه لبناء حقيقتنا وهويّتنا وإلقاء الضوء على مناطق معتمة من وجودنا بشكل لا يعدم قيمته وهشاشته في آن.."
وأنا أقول:"الموت صنو الحياة،وقرينها الازلي،وهو من المشكلات التي واجهت الانسان منذ بدء حياته،وما تزال قائمة الى ان يبعث الاموات الى حياة اخرى. وقد اهتم الفكر الانساني بهذه المشكلة منذ قصة قابيل وهابيل ابني آدم (عليه السلام) مروراً بعصور الحضارة المختلفة التي وجدت تعبيراً لها في الاساطير، فقد كان موت أنكيدو دافعاً قوياً لصديقه جلجامش ليغامر في رحلة البحث عن عشبة الحياة ،أو الخلود فيها،لكنه عاد خائباً ليواجه مصيره المحتوم.
دمت متألقة يا شاعرتنا الفذة.السيدة منجية حاجي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف