الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

منى المصدر تفجر الذاكرة في مجموعتها الجديدة لأنني أخشى الذاكرة

منى المصدر تفجر الذاكرة في مجموعتها الجديدة لأنني أخشى الذاكرة
تاريخ النشر : 2020-10-01
منى المصدر تفجر الذاكرة في مجموعتها الجديدة
لأنني أخشى الذاكرة

عن دار فضاءات للنشر والتوزيع - الأردن

صدر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع- الأردن ديوان " لأنني أخشى الذاكرة، للشاعرة الفلسطينية منى المصدر، وجاء الديوان في حدود132  صفحة وهو من القطع المتوسط، .

منى المصدر شاعرة فلسطينية من غزة، يدرك القارئ وللوهلة الأولى ما أن يبدأ في التورط في مجاهيلها، أنه في حضرة نص متجاوز، نص قادر على احتلال مكانته باقتدار، فمنى من الأصوات التي تنعجن بمفردتها حد التوالد، فهي تتمثل تلك المقولة للمتميز حسين البرغوثي والتي تبنتها كمدخل لنصها، "أنا لا أكتب الجميل أنا أكتب الذي لا ينسى" وسيدرك القارئ أن لا أدعاء هنا بل بحث حقيقي عن عجن للمفردات واستيلاد للدلالة التي لا حدود لها.

نص منى المصدر نص ذو جملة حادة فيها من الوضوح قدر ما فيها من الاستتار، فهي لا تفتش عن ابهار القارئ قدر ما تفتش عن كيفية استيلاد الأسئلة والرؤى وخلخلة الساكن في الآخر المتلقي بحدة جراح وبثبات عارف.

وثم ما لا يقال في جملة منى، تلك الطفلة، المرأة، التي تقشر جلد الضحية عنها وتندس في ثوب الجندي، لتقول ما لم تكتبه الرصاصة، قبيل رحيله:

"لكلّ الأشياءِ التي كُسِّرتْ بداخلي

لكلّ الأوجاعِ التي لا تكفي مدفأةً للشتاءِ

لكلّ فكرةٍ أجهضتْها العتمةُ

لكلّ هذا الخواءِ والبكاءِ

لكلّ ضحكةٍ تحرَّرتْ من فِي الوقتِ

لكلّ موجةٍ عانقتْ انعكاسَ الشمسِ

لكلّ الأشياءِ التي الْتأمَتْ بداخلي

لكلي وكلِّ كلّي"

هكذا كتبَ جنديٌّ قبلَ أن تبحرَ روحُهُ

قائلاً: هكذا نقشتْ الحياةُ قلبي!

ولا تنسيها كونية الجملة وامتداد مساحاتها المتفجرة أن تستحضر خاصها الذي جعل قلبها/ قلب غزة/ قلب الإنسان قلبًا خارج التصورات الاعتيادية، لآن اغتصاب اعتيادية الحياة لن تمنحك القدرة على ان تكون مجرد إنسان يعد إيامه، ويركن إلى قلبه النابض بالحياة، ففي غزة وحينما تعيشك البساطير وصوت القنابل والقتل ليس لك إلا أن تكون: 

(2)

قلب ممزق بين أسلاك الكهرباء

تقطنه مقبرة لا يصحو نائموها

طَرْقُ النعال يُخيف الكلاب

فتهرولُ في رحم المسافة

تهتزُّ أشباح الخطى

فتنتفض المسافة هذيانًا

بأنّها آخر الناجين

من زلزالٍ كادَ يودي

بقلبها المرصوف!

الرمضاء تخون نفسها

مع فتيل الليل

وتُطْعِمُ قلبها المسمومَ لأبناء آوى

فيموتون من الشوق!

خذلان الغيمِ في الشتاء

يصطفُّ على طابور الإغاثة

ممسكًا صحنًا من أرق

وملعقَةً من كوابيس

يغرف بها جوع الخيام

عامود الإنارة اقتصّ ظلّي دومًا

فأصبح جشعًا للجنازات وللتيه

يحدّق بي طفلٌ يحتضن جبيرة في يده

فيهمس لي بأنَّ كلَّ هذا هو خدعة

ساحرٌ ضرير

أحبَّ أن يكون له قلب بلا تنهيدة

فشهدَ الفجيعة!

وتستمر منى في اصطياد الدلالات المقلوبة للاشياء، فلا الحلم حلم ولا الشمس تطلع في الفجرية لتخبز خبزها وتسرح جدائل الحقول، فالحرب والاحتلال يجعلان لكل شيء معنى نقيض:

(5)

الشمس

قلوبنا الملتهبة

حين تنام

يأكلنا الليل بنَهَم

****

الأساطيرُ

فزّاعات أحلامنا

وقبعاتٌ من السهو

****

الحربُ

هي جثث الجشع

وبكاءُ الوريد

الشوقُ

علّة القلبِ

ولقاحُ الروح

****

الحلم

ضحكاتُ القلبِ الخفيَّةُ

إصرارُ أمٍّ على إنكار الفقد

****

اليقينُ

أن تولج قلبَك في مقتل

ثمّ تحلّل ذلك لتصبحَ أكثرَ قوّة

اليقينُ سخف كهذا

****

الدموعُ

رسائلُ الجسدِ المسرَّبَةِ

****

الحبُّ

أنْ تزيِّنَ جراحَك بنبضة

وتحتوي هشاشَةَ الآخر كلَّها

****

التأمّل

أن تفكّ رموز الحياةِ والناس

أو تحاولَ أن تكونَ أنت

في غابة من النُسخ

****

العَينُ

التي رأت هذا كلَّه

لا تزال تنامُ على وضعية الجنين

حين تكتئِب!

ويستمر النص/ النصوص بالتوالد، لتقول منى أن فلسطين/ غزة/ منى، لا يشبهن إلا أناهن الواقفة مثل عنقاء السؤال، تواجه كل المحال الذي يغير لديها حتى معنى الوداع ودلالته، ليصبح مزحة بين الرصاصات، تقول:

الوداع

كان مزحة بين الرصاصات

حتى أصابتك فأصبح حدادًا

لا تكفي الأيادي لاحتوائه

الركام الذي بُني به بيتنا

مات إثرَ صاروخِ العمّ توم

دون أن يعطيَ الذكرياتِ

جوازَ سَفَرٍ جديد!

الشظيَّة التي أصابتْ رأسي

لم تكنْ مخطئَةً

كانت تستهدف عقلي!

الجدرانُ التي حَمَتْ أخي

من انهيارِ البيت

ماتت لارتجاجٍ في الأسس!

شجراتُ اللوز الثلاثُ

التي زرعها جدّي قبل النكبة

ابتلعتها الأرض

كي لا تبتر القذائفُ سيقانَها!

الكوخُ الذي تَوَسَّطَ بستانَ الجارِ البعيد

كان بريئًا مِن دمِ عُثمان

ومِن صَرخاتنا كلّها.

الشقوق التي تَرُدُّ عليّ التحيةَ كُلّ صباحٍ

كانت نوافذنا إثر حَظْرِ تَجَولٍ أصاب المخيم!

الشهيد، ودعته يوم الجمعة

حين كنت أسمع لمارسيل

وهو يغني

"يطير الحمام يحط الحمام"

لم تمهلني الرصاصاتُ

أن أحتضن قلبَ حبيبي

حين قتلته على الحاجز

كنتُ أنزف دمًا

أرفضُ الوداعَ الذي يسكنُني الآنَ

وأتلو معَه صلواتي الأخيرةَ في الحبّ.

 ولا ينتهي الكلام، فمنى تصر على أن تفتش في أزقة غزة عن شظايا جناحها الذي اثقلته قنابل القتلة  وبساطيرهم، لتصوغ عنقاء جملتها قلادة للأمهات اللواتي ما زلن يحلمن بعودة الشهيد من ضحكة لا تنتهي، ومغايرة هي ومتفردة في بحثها عن شكل متفرد للنص ولائق بهذي البلاد التي يغتالها مغول الحضارة الجدد.

ثم من يلد مكتملًأ كالموت، متعدد كالحياة، يحمل أسئلته ويصر على أن يكتب روايته في وجه المستعمر، دون مساحيق، دون ابتذال ودون ماضوة أو صراخ، لأنه يريد للنص ديمومته وقدرته على أن لا ينسى، ثمة منى تنفض عن جلدها صمت الدم، لتغسل عار السائد الغارق في صمته المهرول نحو اندثاره، لتنثر أسئلة الشاعرة مطرًا، طوفانا لا توقفه الأجوبة. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف