ثنائية المنح والمنع من منظور شعري
1ـ مفهوم المنح عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ هو أبو الحسن محمّد بن الحسين بن موسى، ويلقب بـ(الشريف الرضي) ـ الرضي العلوي الحسيني الموسوي ـ وهو شاعر وفقيه ولد في بغداد وتوفي فيها، وها هو يتجه (افتراضيا) نحو المنصة ـ الآن ـ للمشاركة في هذه الندوة؛ فيقول:
أُعيذُكَ مِن هِجاءٍ بَعدَ مَدحِ *** فَعُذني مِن قِتالٍ بَعدَ صُلحِ
مَنَحتُكَ جُلَّ أَشعاري فَلَمّا *** ظَفِرتَ بِهِنَّ لَم أَظفَر بِمَنحِ
كَبا زَنَدي بِحَيثُ رَجَوتُ مِنهُ *** مُساعَدَةَ الضِياءِ فَخابَ قِدحي
وَكُنتَ مُضافِري فَثَلَمتَ سَيفي *** وَكُنتَ مُعاضِدي فَقَصَفتَ رُمحي
ـ فينبري الشاعر الأعشى؛ معقبا:
ذاكَ دَهرٌ لِأُناسٍ قَد مَضَوا *** وَلِهَذا الناسِ دَهرٌ قَد سَنَح
وَلَقَد أَمنَحُ مَن عادَيتُهُ *** كُلَّ ما يَحسِمُ مِن داءِ الكَشَح
وَتَرى الأَعداءَ حَولي شُزُّراً *** خاضِعي الأَعناقِ أَمثالَ الوَذَح
قَد بَنى اللُؤمُ عَلَيهِم بَيتَهُ *** وَفَشا فيهِم مَعَ اللُؤمِ القَلَح
ـ فيضيف الإمام الشافعي:
أَأَنثُرُ دُرّاً بَينَ سارِحَةِ البَهمِ *** وَأَنظِمُ مَنثوراً لِراعِيَةِ الغَنَمِ
لَئِن سَهَّلَ اللَهُ العَزيزُ بِلِطفِهِ *** وَصادَفتُ أَهلاً لِلعُلومِ وَلِلحِكَم
بَثَثتُ مُفيداً وَاِستَفَدتُ وِدادَهُم *** وَإِلّا فَمَكنونٌ لَدَيَّ وَمُكتَتِم
وَمَن مَنَحَ الجُهّالَ عِلماً أَضاعَهُ *** وَمَن مَنَعَ المُستَوجِبينَ فَقَد ظَلَم
ـ فيومئ الشاعر محمد الشوكاني برأسه إيجابا؛ ويقول:
كَيْفَ يُرْجِّي الفَتْحَ والْمَنْحَ بَعْدَما *** تَلَوَّثَ بالدُّنيا إلى قِمّةِ الرّاسِ
ولا شَكّ أَنّ اللهَ للذّنْبِ غافِرٌ *** ولكنْ لِرَجّاعٍ إليْه منَ النّاسِ
ـ فيقول الشاعر محمد المعولي؛ ناصحا:
من دنياكِ تخلصْ من قَذَى أقذارِها *** لا ترغبنْ بها وخالفْ شهوة
واسأَل من الرحمن عنها عِصْمَة *** هلاَّ رأيتَ المنحَ منها محنَة
وأَذلَّ نفساً إن تعالتْ رفعة *** لا تعْلُها عن مُنتهى مقدارِها
لا تمدُدَنْها في خَبائثِ مَتْجِرِ *** تُرْدِيكَ في ظلماتِ ليلٍ مُدْبِر
خالِفْ هَواها عن مواردِ مُنْكَرِ *** وإذا أردت قطيفَ يانعٍ مثمرٍ
مما زها سارعْ إلى إنكارِها *** واكففْ يديها في السرائر والعَلَنْ
فجميعُ ما تهواه يهوَى للفِتَنِ *** واحذرْ مصائِدَها فإنك تمتحنْ
ـ فيضيف الشاعر ابن الساعاتي:
إذا نحن حاربنا الزمان بقربِه *** تراجع أو ألقى يديهِ إلى الصُّلح
وأن هو حيّانا بحسن وصاله *** وهبنا له ما في الصدود من القبح
فيا ليت دمع العين أعدى سخاؤهُ *** لجفونه ما في سلّوى من الشحّ
نزلنا به نبغي القرى وهو ساخط *** فلم يثنه الإعراض عن كرمِ المنح
وما زال يعتام الكؤوس مع الطّلا *** إلى أن سقانا الشمس في قطع الصبح
ـ فيقول الشاعر ابن الخيمي:
لم أسمه بالشمس حيث طلوعه *** ما كان الا في دجنه شعره
منح الغزال ملاحة من لحظه *** وكسا الغزالة خلعة من بشره
وأقام في قلبي وأوقد ناره *** فيه ورد فقيره عن برّه
تدعو محاسنه ويزجر صده *** قد حرت في اذن الحبيب وزجره
ـ فيضيف الشاعر كشاجم:
أُقَلِّبُ ما أبْقَتِ الحادِثا *** تُ مِنْهُ وفي العيْنِ دَمْعٌ يَسُحْ
وَقَدْ قَدَحَ الوَجْدُ مِنّي بِهِ *** على القلْبِ من نارِهِ ما قَدَحْ
وأَعْجَبُ مِنْ زَمَنٍ مانِحٍ *** وآخَرَ يَسْلُبُ تِلْكَ المِنَحْ
فلا تَبْعَدَنّ فَكَمْ مِنْ حَشىً *** عَلَيْكَ كليمٍ وقلْبٍ قَرِحْ
ـ فيقول الشاعر عمر الأنسي:
مِحَن الهَوى منح لَدي *** يَ وَعزّ مِثلي مَن مُنِح
خسر العَذول وَإِنَّما *** أَنا مَن بِصَفقَتِهِ ربِح
فَالحُبّ خَير تِجارةٍ *** لِلخَير إِن تكُ تَجتَرِح
ـ فيضيف الشاعر ابن علوي الحداد:
اسأل من اللَه كشف البؤس والضرر *** وبشر القلب بالأفراح والفرح
وبالعوافي من الأكدار والترح *** وبالهنا والمنى والفوز بالمنح
من فضل ربك واشكر مدة العمر *** واسأل من اللَه كشف البؤس والضرر
ـ فيقول الشاعر عمر الأنسي:
أَرى محنَ الزَمان مقدّمات *** عَلى منح يَجود بِها الإِلَهُ
فَموسى كلَّمَ المَولى وَأَضحى *** رَسولاً بَعدَ لَسع النار فاهُ
ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
منَحَ الله به يا حبَّذا مِنَحٌ *** من جانب الله تعالى
قلْ لحُسَّاد معاليه اقصُروا *** لم تَزَلْ أَيديه في المجد طوالا
ـ فيضيف الشاعر ابن الساعاتي:
منح حكاها الغيث لو لا رعده *** شهدت بذاك الأزمة الشهباء
أسلفتني أملا هو الشمس المنيـ *** ـرة والزمان دجنه سوادء
وقضاؤه يقضي بأن المدحة الـ *** ـغراء عنها المنحة الغراء
ـ فيقول الشاعر أبو اليمن الكندي:
عزيزٌ على مثلي إذا صار شعره *** مرائي فيه بعدما أعوز المدح
ولو أنني عمرت في شرح فضله *** على عمري مثليه لم ينقض الشرح
عفاءٌ على الدنيا فما حسن عيشة *** لأبنائها حسنٌ ولا قبحُها قبح
تضرُّ وقد تأتي بنفعٍ مصرَّد *** وتسمح أحياناً ويغلبها الشُّح
فشتان منها العزُّ والذل للفتى *** وشتان من أخلاقها المنع والمنح
ـ فيقول الشاعر ابن نباته المصري:
دعوتك يا مولايَ للحالِ عالماً *** بأنَّكَ ماحِي عسرة الحالِ بالمنح
إذا أغلقت أبواب رزقي عشيرةٌ *** فأنتَ أبو تسهيلها وأبو الفتح
ـ فيضيف الشاعر أبو الفيض الكتاني:
من رامنا يلق المعارف تنجلى *** عليه وألطاف العوارف والبر
ويدرك ما نال الأوائل أو يز *** يد من منح الوهاب ذي الطول للدهر
مربي البرايا جل أمر إلهنا *** لقد أعجز الإرسال عن درك الشكر
فيا ربنا رب العوالم عجلن *** مآرب أوطاري وأوطار ذوي العسر
ـ فيقول الشاعر فتيان الشاغوري:
نَهنَهتُ مِن دَمعي فَأَقبَلَ عاصِياً *** وَالدَمعُ أَعصى ما يَكونُ مُنَهنَها
يا مودِعاً جَفني السُهادَ مُوَدِّعاً *** وَمُوَلِّياً تَركَ الفُؤادَ مُوَلَّها
مَنَحَ القِلى وَنَهى الجُفونَ عَنِ الكَرى *** أَهلاً بِما مَنَحَ الحَبيبُ وَما نَهى
مَدحٌ لَوِ الحَجَرُ الأَصَمُّ غَدا لَهُ *** سَمعٌ وَأُنشِدَ بَيتَها لتَدَهدَها
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
لاَ أجْتَدِيهِ ولا أريهِ زَهَادَةً *** فِيمَا لَدَيْهِ ولا أكُفُّ ولا أُلحْ
وتَرَى الصَّبُورَ هو الشَّكُورَ ولا ترى *** إلا الجَزُوعَ هو الكَفُورَ إذا مُنِحْ
فَأَرِحْ بفضلِكَ إنَّ بَحْرَكَ لم يَغِضْ *** واظْفَرْ بمَدْحِي إنَّ بحري ما نُزحْ
ـ فيقول الشاعر عمر الأنسي:
وَعدا عَلَينا الدَهر حَتّى سامَنا *** مِن خَطبِهِ ما لا يُطاق تَحمُّلا
بَينا نَرى أَمن السَعادة مُدبراً *** حَتّى أَفاض مَع السَعادة مُقبِلا
فَلَنا الهَناء بنعمة مَشكورة *** منح الإله بِها العباد تَفضّلا
يا قادِماً وَالخَير يقدُمُهُ لَقَد *** سَعدت بعزّ قُدومكم رتب العُلا
ـ فيضيف الشاعر ابن طاهر:
لا يلم غير نفسه *** من لقى الهم والترح
تب إلى الله كي نفوز *** بالأماني وبالمنح
بابه باب كل خير *** خاب من عنه انتزح
لا تعرج على سواه *** فاستمع قول من نصح
لم يخب قاصد الكريم *** من قرع بابه انفتح
ـ فيقول الشاعر مهيار الديلمي:
مَنِحٌ كنتُ أرى آثارَها *** بخفيّ الحدْسِ أو وحي الدلالَهْ
وانسكاب المزن من حيث انبرت *** شقق البرق خِطافاً ومَخالَهْ
فتملّ العزّ واسحب ذيلَهْ *** وارتبع روضتَه واسكن ظِلالَهْ
خطوةٌ ما للمنى من بعدها *** مرتقىً يعطى سموّاً واستطالَهْ
ـ فيضيف الشاعر ابن معصوم:
تُخفي وجوهُهمُ الأَقمارَ إِن سَفَروا *** وَتُخجِلُ السحبَ أَيديهم إِذا مَنَحوا
مالوا إِلى فُرص اللَذّات من أُمَمٍ *** ولم يَميلوا عن العَليا ولا جَنَحوا
وَباتَ يمنحُني من دَنِّه مِنحاً *** كانَت أَمانيَّ نَفسي وَالهَوى مِنحُ
وَذاتِ حُسنٍ إذا مِيطت بَراقعُها *** فالشَمسُ داهِشَةٌ وَالبَدرُ مُفتَضِحُ
ـ فيقول الشاعر ابن الساعاتي:
كثرت صنائعه فقل نظيره *** إن البدور قليلة الأمثال
سل عنه في بذل المكارم والقرى *** واسمع من الغدوات والآصال
منح ابتداء رافعاً خبر الندى *** وكفى الوجوه مؤونة التسآل
ـ فيضيف الشاعر السري الرفاء:
رَدَّ جَفني بسَافحِ الدَّمعِ يَندى *** حينَ حيَّيتُه فأحسَنَ رَدَّا
قمرٌ كلَّما مَنَحناه لَحظاً *** منحَ اللَّحْظَ جُلَّناراً وَوَرْدا
ـ فيقول الشاعر محمد المعولي:
سارعْ إلينا إننا في حيرةٍ *** لا نعرف المعلومَ والمجهولاَ
فإلامَ هذا البعد والعز الذي *** منحَ الجسومَ حرارةً وذيولاَ
وحَرْمتَنا نظراً إليك فليتَنا *** نلقى جمالكَ لا عُدِمْتَ قَبُولاَ
وتركتنا صَرْعَى بغير مُدَامَةٍ *** وحزنتُ شِيباً بالنوَى وكُهُولاَ
ـ فيضيف الشاعر جميل بثينة:
وَأَتى صَواحِبُها فَقُلنَ هَذَا الذي *** مَنَحَ المَوَدَّةَ غَيرَنَا وَجَفانا
ـ فيختتم الشاعر عمر اليافي ندوتنا (الافتراضية)؛ منشدا:
نصحتك إن سمعت النصح منّي *** على الأصحاب كَبِّرْ لا تكابر
خصوصاً كلّ ذي وجهٍ وجيه *** له وجهٌ وليس به نواظر
يذيعُ السوءَ عنك لدى البرايا *** وللنعماء والمعروف كافر
يريك الشهدَ منه عذيبُ نطقٍ *** بوجهٍ والقفا لسعُ الزنابر
فجاهد في سبيل الله نفساً *** تريد ودادَهم واحذر وحاذر
وثق بالله واجعله نصيراً *** ووكّله فإنّ الله ناصر
ولا تضجر لأمرٍ فيه عسرٌ *** فبعد العسر يسر الأمر صادر
وماء الوجه صنه ولا تُرِقه *** لغير الله لو منح الجواهر
وحاذر أن تقيمٍ بدار قومٍ *** أضاعوا الدين بالدنيا وهاجر
فما الدنيا بباقيةٍ ولكن *** بها الأعمال زادٌ للمسافر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
1ـ مفهوم المنح عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ هو أبو الحسن محمّد بن الحسين بن موسى، ويلقب بـ(الشريف الرضي) ـ الرضي العلوي الحسيني الموسوي ـ وهو شاعر وفقيه ولد في بغداد وتوفي فيها، وها هو يتجه (افتراضيا) نحو المنصة ـ الآن ـ للمشاركة في هذه الندوة؛ فيقول:
أُعيذُكَ مِن هِجاءٍ بَعدَ مَدحِ *** فَعُذني مِن قِتالٍ بَعدَ صُلحِ
مَنَحتُكَ جُلَّ أَشعاري فَلَمّا *** ظَفِرتَ بِهِنَّ لَم أَظفَر بِمَنحِ
كَبا زَنَدي بِحَيثُ رَجَوتُ مِنهُ *** مُساعَدَةَ الضِياءِ فَخابَ قِدحي
وَكُنتَ مُضافِري فَثَلَمتَ سَيفي *** وَكُنتَ مُعاضِدي فَقَصَفتَ رُمحي
ـ فينبري الشاعر الأعشى؛ معقبا:
ذاكَ دَهرٌ لِأُناسٍ قَد مَضَوا *** وَلِهَذا الناسِ دَهرٌ قَد سَنَح
وَلَقَد أَمنَحُ مَن عادَيتُهُ *** كُلَّ ما يَحسِمُ مِن داءِ الكَشَح
وَتَرى الأَعداءَ حَولي شُزُّراً *** خاضِعي الأَعناقِ أَمثالَ الوَذَح
قَد بَنى اللُؤمُ عَلَيهِم بَيتَهُ *** وَفَشا فيهِم مَعَ اللُؤمِ القَلَح
ـ فيضيف الإمام الشافعي:
أَأَنثُرُ دُرّاً بَينَ سارِحَةِ البَهمِ *** وَأَنظِمُ مَنثوراً لِراعِيَةِ الغَنَمِ
لَئِن سَهَّلَ اللَهُ العَزيزُ بِلِطفِهِ *** وَصادَفتُ أَهلاً لِلعُلومِ وَلِلحِكَم
بَثَثتُ مُفيداً وَاِستَفَدتُ وِدادَهُم *** وَإِلّا فَمَكنونٌ لَدَيَّ وَمُكتَتِم
وَمَن مَنَحَ الجُهّالَ عِلماً أَضاعَهُ *** وَمَن مَنَعَ المُستَوجِبينَ فَقَد ظَلَم
ـ فيومئ الشاعر محمد الشوكاني برأسه إيجابا؛ ويقول:
كَيْفَ يُرْجِّي الفَتْحَ والْمَنْحَ بَعْدَما *** تَلَوَّثَ بالدُّنيا إلى قِمّةِ الرّاسِ
ولا شَكّ أَنّ اللهَ للذّنْبِ غافِرٌ *** ولكنْ لِرَجّاعٍ إليْه منَ النّاسِ
ـ فيقول الشاعر محمد المعولي؛ ناصحا:
من دنياكِ تخلصْ من قَذَى أقذارِها *** لا ترغبنْ بها وخالفْ شهوة
واسأَل من الرحمن عنها عِصْمَة *** هلاَّ رأيتَ المنحَ منها محنَة
وأَذلَّ نفساً إن تعالتْ رفعة *** لا تعْلُها عن مُنتهى مقدارِها
لا تمدُدَنْها في خَبائثِ مَتْجِرِ *** تُرْدِيكَ في ظلماتِ ليلٍ مُدْبِر
خالِفْ هَواها عن مواردِ مُنْكَرِ *** وإذا أردت قطيفَ يانعٍ مثمرٍ
مما زها سارعْ إلى إنكارِها *** واكففْ يديها في السرائر والعَلَنْ
فجميعُ ما تهواه يهوَى للفِتَنِ *** واحذرْ مصائِدَها فإنك تمتحنْ
ـ فيضيف الشاعر ابن الساعاتي:
إذا نحن حاربنا الزمان بقربِه *** تراجع أو ألقى يديهِ إلى الصُّلح
وأن هو حيّانا بحسن وصاله *** وهبنا له ما في الصدود من القبح
فيا ليت دمع العين أعدى سخاؤهُ *** لجفونه ما في سلّوى من الشحّ
نزلنا به نبغي القرى وهو ساخط *** فلم يثنه الإعراض عن كرمِ المنح
وما زال يعتام الكؤوس مع الطّلا *** إلى أن سقانا الشمس في قطع الصبح
ـ فيقول الشاعر ابن الخيمي:
لم أسمه بالشمس حيث طلوعه *** ما كان الا في دجنه شعره
منح الغزال ملاحة من لحظه *** وكسا الغزالة خلعة من بشره
وأقام في قلبي وأوقد ناره *** فيه ورد فقيره عن برّه
تدعو محاسنه ويزجر صده *** قد حرت في اذن الحبيب وزجره
ـ فيضيف الشاعر كشاجم:
أُقَلِّبُ ما أبْقَتِ الحادِثا *** تُ مِنْهُ وفي العيْنِ دَمْعٌ يَسُحْ
وَقَدْ قَدَحَ الوَجْدُ مِنّي بِهِ *** على القلْبِ من نارِهِ ما قَدَحْ
وأَعْجَبُ مِنْ زَمَنٍ مانِحٍ *** وآخَرَ يَسْلُبُ تِلْكَ المِنَحْ
فلا تَبْعَدَنّ فَكَمْ مِنْ حَشىً *** عَلَيْكَ كليمٍ وقلْبٍ قَرِحْ
ـ فيقول الشاعر عمر الأنسي:
مِحَن الهَوى منح لَدي *** يَ وَعزّ مِثلي مَن مُنِح
خسر العَذول وَإِنَّما *** أَنا مَن بِصَفقَتِهِ ربِح
فَالحُبّ خَير تِجارةٍ *** لِلخَير إِن تكُ تَجتَرِح
ـ فيضيف الشاعر ابن علوي الحداد:
اسأل من اللَه كشف البؤس والضرر *** وبشر القلب بالأفراح والفرح
وبالعوافي من الأكدار والترح *** وبالهنا والمنى والفوز بالمنح
من فضل ربك واشكر مدة العمر *** واسأل من اللَه كشف البؤس والضرر
ـ فيقول الشاعر عمر الأنسي:
أَرى محنَ الزَمان مقدّمات *** عَلى منح يَجود بِها الإِلَهُ
فَموسى كلَّمَ المَولى وَأَضحى *** رَسولاً بَعدَ لَسع النار فاهُ
ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
منَحَ الله به يا حبَّذا مِنَحٌ *** من جانب الله تعالى
قلْ لحُسَّاد معاليه اقصُروا *** لم تَزَلْ أَيديه في المجد طوالا
ـ فيضيف الشاعر ابن الساعاتي:
منح حكاها الغيث لو لا رعده *** شهدت بذاك الأزمة الشهباء
أسلفتني أملا هو الشمس المنيـ *** ـرة والزمان دجنه سوادء
وقضاؤه يقضي بأن المدحة الـ *** ـغراء عنها المنحة الغراء
ـ فيقول الشاعر أبو اليمن الكندي:
عزيزٌ على مثلي إذا صار شعره *** مرائي فيه بعدما أعوز المدح
ولو أنني عمرت في شرح فضله *** على عمري مثليه لم ينقض الشرح
عفاءٌ على الدنيا فما حسن عيشة *** لأبنائها حسنٌ ولا قبحُها قبح
تضرُّ وقد تأتي بنفعٍ مصرَّد *** وتسمح أحياناً ويغلبها الشُّح
فشتان منها العزُّ والذل للفتى *** وشتان من أخلاقها المنع والمنح
ـ فيقول الشاعر ابن نباته المصري:
دعوتك يا مولايَ للحالِ عالماً *** بأنَّكَ ماحِي عسرة الحالِ بالمنح
إذا أغلقت أبواب رزقي عشيرةٌ *** فأنتَ أبو تسهيلها وأبو الفتح
ـ فيضيف الشاعر أبو الفيض الكتاني:
من رامنا يلق المعارف تنجلى *** عليه وألطاف العوارف والبر
ويدرك ما نال الأوائل أو يز *** يد من منح الوهاب ذي الطول للدهر
مربي البرايا جل أمر إلهنا *** لقد أعجز الإرسال عن درك الشكر
فيا ربنا رب العوالم عجلن *** مآرب أوطاري وأوطار ذوي العسر
ـ فيقول الشاعر فتيان الشاغوري:
نَهنَهتُ مِن دَمعي فَأَقبَلَ عاصِياً *** وَالدَمعُ أَعصى ما يَكونُ مُنَهنَها
يا مودِعاً جَفني السُهادَ مُوَدِّعاً *** وَمُوَلِّياً تَركَ الفُؤادَ مُوَلَّها
مَنَحَ القِلى وَنَهى الجُفونَ عَنِ الكَرى *** أَهلاً بِما مَنَحَ الحَبيبُ وَما نَهى
مَدحٌ لَوِ الحَجَرُ الأَصَمُّ غَدا لَهُ *** سَمعٌ وَأُنشِدَ بَيتَها لتَدَهدَها
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
لاَ أجْتَدِيهِ ولا أريهِ زَهَادَةً *** فِيمَا لَدَيْهِ ولا أكُفُّ ولا أُلحْ
وتَرَى الصَّبُورَ هو الشَّكُورَ ولا ترى *** إلا الجَزُوعَ هو الكَفُورَ إذا مُنِحْ
فَأَرِحْ بفضلِكَ إنَّ بَحْرَكَ لم يَغِضْ *** واظْفَرْ بمَدْحِي إنَّ بحري ما نُزحْ
ـ فيقول الشاعر عمر الأنسي:
وَعدا عَلَينا الدَهر حَتّى سامَنا *** مِن خَطبِهِ ما لا يُطاق تَحمُّلا
بَينا نَرى أَمن السَعادة مُدبراً *** حَتّى أَفاض مَع السَعادة مُقبِلا
فَلَنا الهَناء بنعمة مَشكورة *** منح الإله بِها العباد تَفضّلا
يا قادِماً وَالخَير يقدُمُهُ لَقَد *** سَعدت بعزّ قُدومكم رتب العُلا
ـ فيضيف الشاعر ابن طاهر:
لا يلم غير نفسه *** من لقى الهم والترح
تب إلى الله كي نفوز *** بالأماني وبالمنح
بابه باب كل خير *** خاب من عنه انتزح
لا تعرج على سواه *** فاستمع قول من نصح
لم يخب قاصد الكريم *** من قرع بابه انفتح
ـ فيقول الشاعر مهيار الديلمي:
مَنِحٌ كنتُ أرى آثارَها *** بخفيّ الحدْسِ أو وحي الدلالَهْ
وانسكاب المزن من حيث انبرت *** شقق البرق خِطافاً ومَخالَهْ
فتملّ العزّ واسحب ذيلَهْ *** وارتبع روضتَه واسكن ظِلالَهْ
خطوةٌ ما للمنى من بعدها *** مرتقىً يعطى سموّاً واستطالَهْ
ـ فيضيف الشاعر ابن معصوم:
تُخفي وجوهُهمُ الأَقمارَ إِن سَفَروا *** وَتُخجِلُ السحبَ أَيديهم إِذا مَنَحوا
مالوا إِلى فُرص اللَذّات من أُمَمٍ *** ولم يَميلوا عن العَليا ولا جَنَحوا
وَباتَ يمنحُني من دَنِّه مِنحاً *** كانَت أَمانيَّ نَفسي وَالهَوى مِنحُ
وَذاتِ حُسنٍ إذا مِيطت بَراقعُها *** فالشَمسُ داهِشَةٌ وَالبَدرُ مُفتَضِحُ
ـ فيقول الشاعر ابن الساعاتي:
كثرت صنائعه فقل نظيره *** إن البدور قليلة الأمثال
سل عنه في بذل المكارم والقرى *** واسمع من الغدوات والآصال
منح ابتداء رافعاً خبر الندى *** وكفى الوجوه مؤونة التسآل
ـ فيضيف الشاعر السري الرفاء:
رَدَّ جَفني بسَافحِ الدَّمعِ يَندى *** حينَ حيَّيتُه فأحسَنَ رَدَّا
قمرٌ كلَّما مَنَحناه لَحظاً *** منحَ اللَّحْظَ جُلَّناراً وَوَرْدا
ـ فيقول الشاعر محمد المعولي:
سارعْ إلينا إننا في حيرةٍ *** لا نعرف المعلومَ والمجهولاَ
فإلامَ هذا البعد والعز الذي *** منحَ الجسومَ حرارةً وذيولاَ
وحَرْمتَنا نظراً إليك فليتَنا *** نلقى جمالكَ لا عُدِمْتَ قَبُولاَ
وتركتنا صَرْعَى بغير مُدَامَةٍ *** وحزنتُ شِيباً بالنوَى وكُهُولاَ
ـ فيضيف الشاعر جميل بثينة:
وَأَتى صَواحِبُها فَقُلنَ هَذَا الذي *** مَنَحَ المَوَدَّةَ غَيرَنَا وَجَفانا
ـ فيختتم الشاعر عمر اليافي ندوتنا (الافتراضية)؛ منشدا:
نصحتك إن سمعت النصح منّي *** على الأصحاب كَبِّرْ لا تكابر
خصوصاً كلّ ذي وجهٍ وجيه *** له وجهٌ وليس به نواظر
يذيعُ السوءَ عنك لدى البرايا *** وللنعماء والمعروف كافر
يريك الشهدَ منه عذيبُ نطقٍ *** بوجهٍ والقفا لسعُ الزنابر
فجاهد في سبيل الله نفساً *** تريد ودادَهم واحذر وحاذر
وثق بالله واجعله نصيراً *** ووكّله فإنّ الله ناصر
ولا تضجر لأمرٍ فيه عسرٌ *** فبعد العسر يسر الأمر صادر
وماء الوجه صنه ولا تُرِقه *** لغير الله لو منح الجواهر
وحاذر أن تقيمٍ بدار قومٍ *** أضاعوا الدين بالدنيا وهاجر
فما الدنيا بباقيةٍ ولكن *** بها الأعمال زادٌ للمسافر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر