الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

موليير الفرنسي وموليير العربي ابن البلد بقلم: مروان صباح

تاريخ النشر : 2020-09-26
موليير الفرنسي وموليير العربي ابن البلد بقلم: مروان صباح
مروان صباح / لم يكن جنرال أبداً على شاكلت الدونكيشوتية إياها أو بالمعنى الأحمق للتوصيف ، يخوض حرب طواحين الخبز ، بادئ ذي بدء ، لا بد من التنويه اولاً ، لا يتسنى لهذا العمود في المقام الأول والثاني والعاشر ، استطراداً ، وبالحد الأدنى من الغوص في سجالات عمل شعراء نثريون ساخرين من حياتهم ، فالحكاية قديمة وليست كما يظن البعض بأنها جديدة على الإطلاق ، لأن العربي لم تقتصر معانته في حدود الدولة العثمانية بل ايضاً عانى من الدولة الوطنية من الظلم ما يمكن الحديث عنه بمجلدات ، وقد آرخه الأدب العربي ضمن مقولة شهيرة ، ظلم ذوي القربى أشد مضاضة ، كما قال ذات مرة طرفة بن العبد في معلقته التى اعتبرتها العرب واحدة من أكثر المعلقات السبع فلسفة في شؤون حياة البشر ، ايضاً في المقابل ، فوائد الحروب لا تعد ولا تحص ، قد لا يدركها المرء إلا بعد حين ، بل أدركها الإنسان بعد قرون طويلة عندما أبتكر النت ونظام الوسائل الاجتماعية التى سمحت للبشرية أن تتواصل مع بعضها البعض وتتحول العواصم المتباعدة جغرافياً إلى قرية واحدة من خلال تكنولوجية الشبكة الواحدة ، كذلك من فوائد الحروب على سبيل المثال ، تحويل العاصمة الفرنسية إلى تجمع للمبدعين ، وبالتالي لم يكن للكاتب الفرنسي الساخر والشهير بإسم موليير كل هذا الإبداع لو لم تكن الهجرة البشرية من أنحاء العالم قد توافدت تباعاً إلى عاصمته التى اضطرته ابتكر الملهاة كبديل عن المأساة وإستبدال الشعر التقليدي الذي يخص طبقة معينة إلى الشعر النثري لكي يخاطب الناس العاديين من تلك الحقبة أو المهاجرين الذين يجهلون فرنسا ويحتاجون لأبن البلد ليعرفهم بها .

هكذا كان ابوعفيف البيروتي ابن البلد ( الساخر عمر الزعني ) موليير بيروت ، استطاع بحنكة فريدة أن يؤرخ لهجة البيارتة رغم معارضة أعضاء المدرسة الإتباعية ، لقد وقف ذات ليلة وقال من على خشبة مسرح كوكب الشرق الذي هُدم بسبب توسعة محل الفول في الطابق الأسفل ، ناعياً الكارثة التى أزهقت أرواح كثيرة بكلمات ساخرة ، ( مش معقول مش معقول / هد الكوكب صحن فول ) ، إذن من على الخشبة إياها قال ( ولكّ شو أشبك / شو صارلك ما بشوفك إلا بتنفخ وبكل نفخة بتطبخ طبخة / شو تعبان وله مريض / لاء لا تعبان ولا مريض / حمدالله صحتي متل الحديد / لكن شو / يا خي الرزق قليل / وماكان الله يفرجها عليّ ويبحبح عالمعيشة ) ، كأن كلماته كانت تخرج من أعماق أنفاس المعذبو في الأرض وبالتالي من أول مشواره النثري حاول أن يخاطب الناس بمنطق حي البسطة الفوقا الشهير في بيروت وساكنيه وتجربتهم وتاريخهم ونمط تفكيرهم الذي يشير بصراحة عن سُرّعة البديهة التى يختص بها البيروتي وسخريته من حالة العيش التى يعيشها ، وهذا تماماً كان قد أسس له الشاعر المسرحي الفرنسي موليير ، مؤسس الهزلية المسرحية ، التى دفعته السخرية من تغيير أسمه لكي يجنب عائلته الانتقاد ، صحيح أنه خسر العائلة والحياة المخملية ، لكنه حفر بعمق في المسائل الاجتماعية وأظهر عيوبها من خلال نقد بارز ، لم يكن الهدف منه جمع الأموال ، بل هرب من الاستقراطية إلى خشبة المسرح ولاقى من متاعب المهنة ما لاقى ، ولأنه فنان حقيقي أستطاع صنع من الواقع تاريخ الذي إتكاء عليه لاحقاً ابوعفيف وغيره في تقديم مشاكل حياة اللبنانيين بسخرية وخفية ، وكان ناقد لاذع للمجتمع ، لكن الفارق بين موليير فرنسا وبيروت ، هو وقوف الملك فرنسا مع الأول ، لقد وفر له حماية من خصومه ، بل لأنه لم يستثني أحد وبالأخص القضاء ، ومن من يسمون أنفسهم بطبقة النبلاء ، وبصفة عامة الطبقة الحاكمة التى كانت السبب في تدني البنية التحتية والخدمات العامة كالتطبيب والتعليم ، هذا ايضاً يُلاحظ مع الشاعر السوري الماغوط الذي أشتهر بالكتابة الساخرة والشعر الساخر ، صاحب معادلة ( الكهرباء وصلت إلى مؤخرتي قبل أن تصل لقريتنا ) ودوره الجوهري في تحويل الواقع إلى سخرية انطلاقاً بأنها الملاذ الأخير للشعوب البسيطة ، كان له دور كبير في صنع تاريخ حديث من بين نظام استبدادي يصنف بالأشد بطشاً في تاريخ البشرية وقد يكون بيته من قصيدته الشهيرة ( عكازك الذي تتكئ عليه / يوجع الأسفلت / ف الآن / في الساعة من هذا القرن / لم يعد ثمة ما يفصل جثث الموتى عن أحذية المارة ) ، هو دليل عن حجم المأساة التى حولت الناس إلى ملهاة ، ففي مسرحيته كاسك يا وطن ، عندما عرض بطل المسرحية أولاده للبيع ، كانت عبارة تسويقهم ، ( تبنالك يا أستاذ ولد ، فرد عليه المتسوق ، انا متبني القضية ) ، فجاء الرد على هذا المنوال الساحر والساخر بالقضية ، خذلك ولد يلعبك بقضيتك .

كان زمن موليير في القرن السابع عشر ممتلئ بالمطارحات والمطارحات المضادة ، لكن مسرحيته ( النساء ) التى اعتبرها نقاد العالم بالأهم بين مسرحياته ، اولاً لأنها كسرت الصمت وحاولت تخفيف أضرار الخيانة ما أمكن ، بل ايضاً أبدى رأيه بزوجته بصراحة ورأيه بنفسه معاً ، ومن خلالها قدم سؤالاً كيف يمكن للمسرح والفلسفة أن يقدما لبعضهم البعض الفن ، وبالتالي طرح سؤال حول العواقبية في العلاقات الزوجية بل ايضاً بين الحكومات / الأعمال / المعيشة / العادات ، أي أن النفعية تدخل في جميع مجالات حياة الناس ، لكنها مفهومها يختلف بين الطبقات ، على حسب انتماء الفرد أو المجموعة لأي طبقة ، فالشريحة الأوسع والتى لا يستهان بها ، تربت على الأنانية ، لأنها كانت ناتج النظم الديكتاتورية ( القهرية )، وبالتالي هذه الفئة تعودت على احتكار موارد الناس عندما تحكم ، والتى حولت المعرفة مِّن ثنائيتها الخير والشر إلى الأنانية والضحية ، إذن في هذه المجتمعات يقتصر الرضى على شعور الأول بتفوقه على الآخر لمجرد أنه امتاز عنه بسيارة على سبيل المثال وليست المعرفة ، التى من المفترض لها أن تنفع المجتمع دون أنانية ، لأن احتكارها ، سيصبح الدواء مقتصر على فئة محددة ، ولأن هذه المجتمعات لاقت أثناء تكوينها الكثير من القمع وايضاً بسبب خنوعها للقهر ، كان القمع سبب أساسي في دفعها للعوم في عمق البحر دون معرفة ذلك ، فخاضت عن جهل حروب بين طائلة النفعية الماضوية والفائدة المستقبلية ، وبالتالي الأغلبية الساحقة وعلى وجه الخصوص الطبقة المثقفة ، تعثرت بالخروج من الماضي ، الذي جعل منها تعيسة على الرغم من تسلل الحداثة الغربية لحياتها أو بالأحرى هي غارقة بطفولتها التى حولتهم في الكبر إلى طفوليين ، لقد شاخوا شكلاً لكن عقلاً لم يتطورون ، عالقون في الطفولة ، وهذا جعل من النظام النفعي أن يخفق ببساطة في نفعهم لأن النفعية تهتم بالمستقبل ، وهي ايضاً سبب في عدم شعورهم بالرضى لمدة طويلة ، فالحياة لديهم أشبه بالنشوة المؤقتة ، وبالتالي كلما انتفعوا من الحداثة عادوا إلى ماضيهم لكي ينفعه ، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام قاعدة لا تقبل للتغير ، الماضي غير قابل للانتفاع .

هناك مقولة يقرها المرء بعد تمحيص وتدقيق للكاتب الروسي تولستوي ( الحياة حلم والموت هو اليقظة ) ، إذن عبر التاريخ البشري ، جميع القوانين من الجانب الأخلاقي تقاس بحجم قدرتها على إفراز نتائج جيدة ، وبالتالي مع القوانيين الجيدة تتحول الحياة إلى يقظة وبدونها يتحول الموت هو اليقظة ، لأن بإختصار يصبح الموت هو الحل المتوفر ، وهذا ينطبق ايضاً على النظم السياسية ، لا يمكن تصنيفها بالفاضلة إلا إذا أنتجت نتائج جيدة . والسلام
كاتب عربي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف