الّذي كان صديقا
السفير منجد صالح
يقول الحكيم الراوي:
المُستحيلات ثلاثا:
الغول والعنقاء والخلّ الوفيّ
ويردف الحكيم الراوي بنبأ خلافا:
أبو بكر الصدّيق خرق الرواية
بصدقه مع حضرة النبيّ
لكنّ زمن المُعجزات بات سُلافا
من الزمن الغابر جنازة للنعي
صداقات اليوم غدت حُلما جُزافا
لا بلح الشام جابت ولا العنب اليمنيّ
*****
إقتني يا هذا وربّي جروا فتيّا
يكن لك في غدر الدهر الكلب النديّ
أو احرص على شراء كتاب حيّيا
فخير جليس في الزمان الكتاب الثريّ
ولا تُجالس أصحاب السوء ولو قليلا
فليس فيهم ومنهم إلا كشف عورات وكلام بذيّ
*****
ألم يأتكم يا سادة يا كرام؟
قصة الشاب العصامي المكافح الهمام
باع الجرائد و"البليلة" في صغره بعد الفطام
يُعيلُ أمّا وفراخ أخوة زغب الحواصل أيتام
يُدثّرهم في برد الشتاء بخرقة ويحميهم من تراكم الزكام
يُوفّر لهم بشق الأنفس كل يوم ما تيسّر من الطعام
يُجنّبهم هكذا مدّ الأيادي وطلب إحسان من كرام ولئام
*****
إشتدّ عود الفتى وأفرد لساعده مكانا تحت الشمس
أصبح يشدو لحنا موزونا بعد أن كان بالكاد يُجيد الهمس
وفتحت له السماء أبوابها ومن كرمها زال عنه النحس
وفي بحور الشعر والتجارة والمال أجاد فنّ الغطس
فربح المال الكثير الوفير كنوزا من الذهب والماس
ورفع إسم عائلته وإخوته إلى مصاف ودّ الجن والإنس
*****
تجمّع حول "قصعته" المليئة الحلوة اللذيذة أسراب الجراد
من "الأصدقاء" الجدد المُترفين المداهنين الحُسّاد
يُناغشونه يُلاعبونه يُمجّدونه رياء وهم من أرذل العباد
يُريدون يُخطّطون مشاركته في خيره دون "إحم ولا دستور" ولا ميعاد
فيُغدقون عليه بالوعود والكلام المعسول وصهوة جواد
ويزرعون له البحر مكاثي وفي السماء الحصاد
ومراجيح تطير في الهواء يُسمع قعقعتها ولا يُرى لها طحينا في الواد
*****
أصدقاء السوء عاثوا فسادا وبطرا وظلما في البلاد
فهم متعوّدون على "البلع" و"الشفط" والأخذ "أبا عن جد"
يتخفّون وراء نظّاراتهم وشبابيك مركباتهم الداكنة شديدة السواد
أمطروه بسهامهم المسمومة وألحقوه ب"ثمود وعاد"
بعد أن كان "رشّ عليهم" من دفاتر شيكاته ببراءة النسّاك العُبّاد
وأجلسوه "على الحديدة" فباد بعد أن كان ساد
وتفرّقوا عن "قصعته" الخاوية وأنكروه في الشدّة والسهاد
*****
لم يعد لديه لا مال ولا بيت ولا فناء ولا عيشة ولا هناء
فهجرته زوجته مُرغمة بأوامر والدها سليط اللسان عديم الوفاء
وضرب طوقا حديديّا حول أحفاده الثلاثة منه ليضاعف عليه العناء
فلم يعد له في الديار أملا ولا سرج حصان ولا شربة ماء
فطار إلى بلاد الغربة خالي الوفاض خالي الرجاء
يجر "خفي حنين" بين أحضانه نهارا جهارا صُبح مساء
ويندب حظّا عاثرا يُظلله "الزفت والقطران" وفقّاعات الهباء
يتدثر في برودة ليال الغربة بحلم جرد نخيل عتيق في البيداء.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني
السفير منجد صالح
يقول الحكيم الراوي:
المُستحيلات ثلاثا:
الغول والعنقاء والخلّ الوفيّ
ويردف الحكيم الراوي بنبأ خلافا:
أبو بكر الصدّيق خرق الرواية
بصدقه مع حضرة النبيّ
لكنّ زمن المُعجزات بات سُلافا
من الزمن الغابر جنازة للنعي
صداقات اليوم غدت حُلما جُزافا
لا بلح الشام جابت ولا العنب اليمنيّ
*****
إقتني يا هذا وربّي جروا فتيّا
يكن لك في غدر الدهر الكلب النديّ
أو احرص على شراء كتاب حيّيا
فخير جليس في الزمان الكتاب الثريّ
ولا تُجالس أصحاب السوء ولو قليلا
فليس فيهم ومنهم إلا كشف عورات وكلام بذيّ
*****
ألم يأتكم يا سادة يا كرام؟
قصة الشاب العصامي المكافح الهمام
باع الجرائد و"البليلة" في صغره بعد الفطام
يُعيلُ أمّا وفراخ أخوة زغب الحواصل أيتام
يُدثّرهم في برد الشتاء بخرقة ويحميهم من تراكم الزكام
يُوفّر لهم بشق الأنفس كل يوم ما تيسّر من الطعام
يُجنّبهم هكذا مدّ الأيادي وطلب إحسان من كرام ولئام
*****
إشتدّ عود الفتى وأفرد لساعده مكانا تحت الشمس
أصبح يشدو لحنا موزونا بعد أن كان بالكاد يُجيد الهمس
وفتحت له السماء أبوابها ومن كرمها زال عنه النحس
وفي بحور الشعر والتجارة والمال أجاد فنّ الغطس
فربح المال الكثير الوفير كنوزا من الذهب والماس
ورفع إسم عائلته وإخوته إلى مصاف ودّ الجن والإنس
*****
تجمّع حول "قصعته" المليئة الحلوة اللذيذة أسراب الجراد
من "الأصدقاء" الجدد المُترفين المداهنين الحُسّاد
يُناغشونه يُلاعبونه يُمجّدونه رياء وهم من أرذل العباد
يُريدون يُخطّطون مشاركته في خيره دون "إحم ولا دستور" ولا ميعاد
فيُغدقون عليه بالوعود والكلام المعسول وصهوة جواد
ويزرعون له البحر مكاثي وفي السماء الحصاد
ومراجيح تطير في الهواء يُسمع قعقعتها ولا يُرى لها طحينا في الواد
*****
أصدقاء السوء عاثوا فسادا وبطرا وظلما في البلاد
فهم متعوّدون على "البلع" و"الشفط" والأخذ "أبا عن جد"
يتخفّون وراء نظّاراتهم وشبابيك مركباتهم الداكنة شديدة السواد
أمطروه بسهامهم المسمومة وألحقوه ب"ثمود وعاد"
بعد أن كان "رشّ عليهم" من دفاتر شيكاته ببراءة النسّاك العُبّاد
وأجلسوه "على الحديدة" فباد بعد أن كان ساد
وتفرّقوا عن "قصعته" الخاوية وأنكروه في الشدّة والسهاد
*****
لم يعد لديه لا مال ولا بيت ولا فناء ولا عيشة ولا هناء
فهجرته زوجته مُرغمة بأوامر والدها سليط اللسان عديم الوفاء
وضرب طوقا حديديّا حول أحفاده الثلاثة منه ليضاعف عليه العناء
فلم يعد له في الديار أملا ولا سرج حصان ولا شربة ماء
فطار إلى بلاد الغربة خالي الوفاض خالي الرجاء
يجر "خفي حنين" بين أحضانه نهارا جهارا صُبح مساء
ويندب حظّا عاثرا يُظلله "الزفت والقطران" وفقّاعات الهباء
يتدثر في برودة ليال الغربة بحلم جرد نخيل عتيق في البيداء.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني