عبدالغني لعويسي
حاولت حنان درقاوي في روايتها هذه ، إظهار مدى الانكسار الذي تعاني منه طفولة كتب لها أن تولد خارج الإطار الشرعي ، بالإضافة إلى نظرة المجتمع القاسية والدونية لهذه الفئة ،حيث تقول في روايتها الراقصات لا يدخلن الجنة (…هذا ما عاشته سارة وهي طفلة صغيرة، حيث كان عليها أن تحمل مشاعر الدونية والذل والنقص والاستبعاد الاجتماعي، وهي مثقلة بمشاعر الذنب والخطيئة والعار، باعتبارها طفلة حرام وفاحشة…) فالقارئ لهذه الرواية يجب أن يتسلح بالتركيز ليدرك عمق الكتابة وبلاغة الصناعة الإبداعية، فحضور الحس الأدبي لم يغيب التكوين الفلسفي وعلم النفس الذي كان حاضرا من خلال تفتيت الشخوص وملامسة الوجع، مما جعل هذه الرواية تقدم قراءة نقدية للمجتمع بأسلوبين مختلفين، تحاول من خلالهما إظهار الانفصام المجتمعي وتناقضاته التي خلقت هوامش مسكوت عنها ،مما أدى إلى خلق شرخ مجتمعي كبير، تضيف حنان الدرقاوية في الصفحة 46 من روايتها (…في بيت جدتها كانت تسمع الكثير من الأشياء السيئة عن سيرة أمها فهي التي جلبت فضيحة للعائلة وهي المذنبة، المدنسة بعار حمل غير شرعي جعل الأسرة تنتقل من مدينة آزرو إلى إيفران لتبدأ فيها حياة جديدة بعيدا عن كلام الناس وما أقساه. كانت كل كلمة عن أمها تشكل طعنة في صدرها فهي ثمرة ذلك الفعل الشنيع…)
تعتبر هذه الرواية من الكاتبة بمثابة صرخة غضب في حق مجتمع قاسي وعنيف خلق تركمات و هوامش ووجه لها سهام قسوته دون رحمة، وقد استطاعت الروائية عبر هذا السفر الإبداعي أن تقدم لنا طبقا روائيا بطابع فلسفي وفكري عميق لكنه لم يبتعد عن حس السرد الروائي الجميل الغني بالتحولات المكانية والزمانية .