الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

شاطئ نصف القمر في مدينة الخبر بقلم: د. عادل علي جوده

تاريخ النشر : 2020-09-22
شاطئ نصف القمر في مدينة الخبر بقلم: د. عادل علي جوده
شاطئ نصف القمر في مدينة الخبر
د. عادل علي جوده

عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين
[email protected]

بالأمس غير البعيد، وتحديداً بتاريخ 8/10/2006م، كنت في رحلة عمل رسمية إلى عروس البحر الأحمر؛ مدينة جدة التي كم يحملني الشوق إليها، وبعد مشهد غريبٍ مازلت أستغرب حدوثه في أرقى فنادق جدة على الإطلاق، اصطحبني موظف الخدمة ومعه حقيبة أغراضي إلى الغرفة المخصصة لي، وفتح الباب، وأدخل الحقيبة، ثم أراد أن يبدد انزعاجي من ذلك المشهد فبدأ يشرح لي تفاصيل الغرفة التي كانت تحفة فنية في دهاناتها، ومنافعها، وتوزيع أثاثها الفاخر، ثم أشار بيده إلى ستارة كبيرة وقال: (وهناك خلف هذه الستارة توجد شرفة تطل على البحر)، قلت بصوت لم أستطع إخفاءه: (الله.. البحر!)، ثم يبدو أن الرجل قرأ في عينيّ لهفتي لرؤية البحر، فاندفع نحو الستارة، ففتحها، وفتح الباب المؤدي إلى الشرفة، ثم بأدب جم طلب مني المرور إلى الشرفة، فشكرته بحب كبير وقلت له: (لا.. بل اقفل الباب والستارة؛ فلمثل هذه المتعة وقت مفضل لدي.

في اليوم التالي، وقبيل غروب الشمس بساعة تقريباً حان موعدي المفضل لمعانقة البحر؛ ففتحت الستارة، ثم باب الشرفة، واقتربت شيئاً فشيئاً حتى بدا البحر أمامي بسكونه الرائع وكورنيشه الجذاب، وفجأة ارتبكت دقات قلبي، واهتز جسدي، وارتجفت أنفاسي، وأنا أرى بحر دير البلح في فلسطين الحبيبة يرتسم أمامي بوجهٍ حزينٍ يتشح بابتسامة الشوق والحنين وربما الغيرة أيضاً، نظرت إليه بعين العاشق الولهان، ثم استسلمت منصتاً له وهو يعاتبني: ما هذا يا عادل؟ أأغراك بحر جدة، فأنساك إياني؟!. ، فكتبت بحرقة البعد وآهة الغربة مقالي الموسوم "بحر جدة أم بحر دير البلح"، لعلك قارئي الكريم تتمكن من قراءته عبر الوصلة الآتية: http://www.al-jazirah.com/2006/20061108/rj9.htm .

كان ذلك بالأمس، أما اليوم فقد كانت رحلتنا (وأعني بنون الجماعة هنا "مالكة القلب وتوأم الروح؛ نعمة، وأنا") إلى المنطقة الشرقية في رحلة عمل شخصية، وللأسف ـ نظراً لقصر المدة من جهة، ومن جهة أخرى وهي الأهم؛ كإجراء احترازي في مواجهة جائحة العصر (كورونا) ـ لم يتسع لي التواصل مع الأحبة فيها لأسعد بلقائهم وتجديد الأنس بهم.

ولما أتيح لنا المزيد من الوقت، قمنا بزيارة شاطئ نصف القمر في مدينة الخبر قبيل صلاة عشاء يوم الخميس 17/9/2020م، وهناك دعوت الغالية (نعمة) لمرافقتي في النزول إلى البحر، لكنها لم تفعل لعدم جاهزيتها لذلك، فوجدتني أعود بذاكرتي إلى طفولتي مع شاطئ مخيم دير البلح حيث كنت أهرول الجرف نزولاً إلى الشاطئ، وأخلع ملابسي وأقذف بها قطعة قطعة أمامي لتتناثر على رمال الشاطئ، وعلى الفور أرمي بنفسي في حضن البحر، وها هي تنهيدتي تسائلني: ياااااه يا عادل؛ كيف تحملت كل هذا البعد عن مخيمك، وعن شاطئك، وعن لحظة غروب الشمس؟، ومع تساؤلي هذا عدت إلى نفسي لأجدني أسبح في مياه نصف القمر، ومن وقت لوقت أنظر إلى الشاطئ فيخطف روحي ضياء وجه حبيبتي وضي عيني (نعمة)، وفي مياه البحر غير بعيد عن الشاطئ أقبل نحوي أحد الإخوة السعوديين، فألقيت عليه السلام، فرد التحية بمثلها، واقترب كل منا نحو الآخر، وصدق من قال رب صدفة خير من ألف ميعاد، لقد سحرني الرجل (أخي أبو إبراهيم) بحلاوة لسانه، وأصالة خصاله، وعذوبة وداده، تحدثنا مطولاً وبحروف ترافقها الابتسامات تعرف كل منا على الآخر، وكم كنت سعيداً وأنا أنصت إلى الكثير من قصصه ورحلاته إلى شاطئ نصف القمر (الهاف مون) منذ ما يزيد عن الأربعين عاماً، وكانت سعادتي غامرة وهو يحدثني عن أجداده ورحلاتهم التجارية إلى فلسطين قبل احتلال جلها عام 1948م ثم احتلال ما تبقى منها عام 1967م، وما حملوه من ذكرياتٍ ملأى بمشاعرهم الرائعة تجاه أهالي المدن التي حطوا رحالهم فيها، وكم كانت نفسه تنتفض فخراً وشموخاً وهو يخص بالذكر  مدن "القدس"، و"الخليل"، و"حيفا"، و"عكا"، و"غزة"، لقد لفتني وهو يسرد أحاديثه الشيقة بأسلوب سلس رصين ينم عن ثقافة واسعة؛ ما شاء الله، تبارك الله، لا قوة إلا بالله، وسلام الله عليك يا أبا إبراهيم.

عدنا إلى شقتنا في مدينة الدمام والبهجة تملؤنا ولا ينقصها إلا عدم نزول غاليتي (نعمة) إلى مياه البحر، فقررنا تكرار الزيارة، وكان لنا ذلك بعد عصر هذا اليوم السبت 19/9/2020م، وهذه المرة دخلنا مياه نصف القمر سوياً؛ يداً بيد، تداعبنا مياهه النظيفة وتلاطفنا أمواجه الخفيفة، وكم استشعرت ابتسامتي تملأ كياني وأنا أسخر كل طاقاتي انتباهاً لها، وخوفاً عليها، وهناءً بما لمسته من سعادتها ورضاها.

ولما عدنا إلى استراحتنا التي خصصناها لنا؛ وهي إحدى الكبائن الخرسانية، راحت الغالية (نعمة) بإحساسها الرقيق وسَمتها الأنيق تبدي إعجابها الشديد بما تميزت به تصاميم هذه الكبائن المتنوعة والمنتشرة على امتداد كورنيش الشاطئ، والمزودة بالمرافق اللازمة؛ وفي مقدمتها خزانات المياه الحلوة، والإنارة، وأماكن الوضوء، والمصليات، ومواقف السيارات، وعمال النظافة المكلفين بنظافة الكبائن وما حولها على امتداد الوقت. ويا لروعتها (نعمة) كم أذهلتني وهي تختم وصفها لكورنيش شاطئ نصف القمر بالابتهال إلى الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لهذه البلاد ولاة أمرها، وأن يديم  على شعبها نعمة الأمن والرخاء، وأن يحميها من كيد الكائدين، وأن يمن علينا باسترداد حقوقنا وتطهير أرضنا وسمائنا وهوائنا وبحرنا من أيدي الغاصبين.

وما أن ختمت دعاءها حتى رحت أؤمن عليه بصوت تصاحبه غصة الشوق؛ "اللهم آمين يا رب العالمين"
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف