الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشعر من المنصة الأرضية إلى المنصة الافتراضية بقلم: د. محمد عبد الله القواسمة

تاريخ النشر : 2020-09-13
الشعر من المنصة الأرضية إلى المنصة الافتراضية
د. محمد عبد الله القواسمة
تتكرر هذه الأيام في وسائل الإعلام المختلفة مفردة "منصة" فيقال: " منصة إلكترونية"، و"منصة ثقافية"، ومنصة اقتصادية" وغيرها. لا شك أن مفهوم منصة مفهوم حداثي جاءت به التكنولوجيا، وتقنياتها المتقدمة. ويتراءى لي بأن الكلمة تدل على ما يتوافر في مكان أو بيئة من بشر، وأدوات، وأجهزة، وما تكون فيه من حركة لتحقيق نشاط بعينه. بهذا الفهم للكلمة أستخدمها هنا للحديث عن الشعر وتطوره منذ العصر الجاهلي حتى عصر الفضاء الإلكتروني.
لعلنا نستطيع أن نتخيل الشاعر القديم، وهو يقف على مرتفع من الأرض، أو على صخرة عالية، أو بين الأطلال، أو يلتقي غيره من الشعراء في خيمة أو عريشة ليلقي شعره عليهم. وقد يكون مصحوبًا براو أو عدة رواة؛ كي يحفظوا شعره ويذيعوه بين القبائل. وفي العادة كان الشاعر يبدأ قصيدته بوصف الأطلال وذكر الأحبة، وربما يخاطب صاحبه الذي معه، أو من يتخيل أنه معه كي يسانده في حزنه وبكائه، كما فعل امرؤ القيس في مطلع معلقته: " قفا نبك.."
هكذا نتخيل ما كانت عليه منصة الشعر بما كان يحدث في العصر الجاهلي وخاصة في الأسواق الأدبية، مثل: سوق عكاظ، ومجنة وذي المجاز. وتتراءى لنا في سوق عكاظ خيمة النابغة الذبياني الحمراء، وهي تمتلئ بالشعراء الذين جاؤوا ليحتكموا إليه في شعرهم. لقد كانت المنصة الشعرية ذات طابع شفاهي، ثم تطورت لتكون كتابية في الدرجة الأولى في عصر التدوين، العصر العباسي، ثم فيما تلاه من عصور، ورافق هذا التطور وبخاصة في العصر الحديث أن تغيرت منصة الشعر؛ بظهور أشكال شعرية، فظهر الشعر الحر أو شعر التفعيلة ثم قصيدة النثر، وتغير المكان الذي يلقى فيه الشعر فعرفنا المسرح، والقاعة الخاصة، والصالون الكبير، والمدرج. وتغيرت وسائل التواصل مع المتلقين باستخدام مكبرات الصوت وآلات التسجيل والتصوير.
لكن التطور الهائل، الذي غير الحياة بجوانبها المختلفة بما فيها الحياة الثقافية، وبخاصة الأدب فكانت بمجيء العصر الإلكتروني، الذي شهد تطورًا سريعًا في تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصالات؛ فظهر ما يسمى الأدب الإلكتروني: الرواية الإلكترونية، والمسرحية الإلكترونية، والمقال الإلكتروني وغير ذلك من الأجناس الأدبية. وفي مجال الشعر صار الشاعر على سبيل المثال يكتب قصيدته على شاشة الحاسوب مباشرة، أو ينقلها من الورق إلى الشاشة، ثم يذيعها وينشرها باستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لتصل إلى جماعات كثيرة. لقد انتقل الشعر من المنصة الأرضية حيث المكان المعاين إلى المنصة الإلكترونية حيث اللامكان. ثم كانت قفزة الشعر النوعية في تسعينيات القرن الماضي؛ إذ لم يكتف الشاعر بالكتابة والعرض على الشاشة الإلكترونية بل تعدى ذلك إلى استخدام تقنيات النص المتشعب، والوصول إلى ما يعرف بالشعر التفاعلي الإلكتروني.
وبدأ هذا الشعر في أمريكا بداية العقد الأخير من القرن الماضي على يد الشاعر الأمريكي روبرت كاندل Robert Kendall، الذي له موقع على الإنترنت تحت عنوان" دوائر الكلمة "ويقدمه بقوله:" الفن هو تكنولوجيا الروح". أما العرب فلم يعرفوا ، كالعادة، هذا الجنس الشعري إلا بعد سنوات؛ فكان ديوان الشاعر العراقي مشتاق عباس معن الموسوم بـ" تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق" 2007 أول تجربة في الشعر التفاعلي الإلكتروني، ثم أتبعها بإصدار مجموعة أخرى عام 2013 بعنوان" وطن بطعم الجرح". ثم ظهرت بعض القصائد الشعرية التفاعلية في العالم العربي، على أيدي مجموعة من الشعراء، مثل: أحمد الحاجي، ومنعم الأزرق، وإدريس عبد النور.
هذا الانتقال بالشعر من المنصة الأرضية إلى المنصة الافتراضية ترك آثاره على القصيدة الشعرية، وجعل لها جماليات خاصة، وميزات تميزها عن القصيدة الورقية؛ من أهمها: الإفادة من الوسائط المتعددة من نصوص، وموسيقى، وصور، وأيقونات، ولوحات إلكترونية وغيرها، وتراسل الأجناس الشعرية، والتخلص من قيود الزمان والمكان، والتنوع في استخدام التقنيات الحديثة، وبخاصة تقنية النص المتشعب هايبرتكستHypertext. وغدا المتلقي قادرًا على أن يتفاعل مع الشعر فيضيف إليه، أو يعدل فيه أو يناقشه، فكأنه أصبح مشاركًا للشاعر في عمله دون الإخلال بمتن النص.
لكن، يلاحظ أن ما أنتجته المنصة الشعرية الافتراضية من شعر إنما هو في طور البداية حتى في البلاد الغربية مع تطورها التكنولوجي؛ فالشعر الإلكتروني التفاعلي يحتاج ليس إلى الموهبة الأدبية فقط بل إلى الخبرة في استخدام التكنولوجيا أيضًا. فلا غرابة أن الشاعر مشتاق، رائد هذه التجربة استعان بمبرمج وخبير في الحاسوب ليضع قصائده على قرص مدمج، ثم ينقلها إلى الإنترنت. هكذا لم تستطع المنصة الافتراضية، بما توافر لها من التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الإنترنت الذكية، أن تقضي على المنصة الأرضية، وتنقل الشعر من الأرض إلى عالم الفضاء الإلكتروني. وربما يحتاج الأمر إلى تطور وعي الشاعر والمتلقي ليس على مستوى الشعر والأدب والثقافة بل أيضًا على مستوى التقنيات الحاسوبية التي لا يُقرأ هذا الشعر إلا بوساطتها.
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف