الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحلول في قصيدة " وليس لنا أن نرى" كميل أبو حنيش بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-09-13
الحلول في قصيدة
" وليس لنا أن نرى"
كميل ابو حنيش
تدوِّخُني النغماتُ ، فأُصغي إلى داخلي
كي أرى في ليالي السكونِ ، أرى المفردات
تفيضُ من القلبِ ، تعبقُ مثلَ عبيرٍ
بطعمِ النَّبيذِ المُعتَّقِ ، أُحِسُّ بلمسةِ
عشقٍ تداعِبُ قلبي ....أطيرُ .....أطير
لعلِّي أتوه بقلبِ الغيابِ
_________
ألا يا قريني .....أرِحني قليلاً
لعلِّي أُلملمُ هذا الشتاتَ بروحي
و أسلُكُ دربَ المسارِ الطَّويلِ
فأُدرِكُ أنَّ البدايةَ.. ذاتُ النِّهاية
و أنَّ الجهاتَ تدورُ إذا ما إنقلبنا
و أنَّ السَّحابَ سيبري السحابَ
ولا شيء يُنهي العذابَ على الأرضِ
مُذ أثقلتها الحياةُ...
لماذا نجيء و قد رافقتنا ظلالُ الرَّحيلِ
لماذا سنحيا و قد أشبعتنا الحياةُ إغتراباً
تعبنا ... ألا يا مغيثُ أعِنَّا على
حلِّ هذي الأحاجي
و فسِّر لنا ما يصحُّ و ما لا يصحُّ
فقد ضاعَ مِنَّا اليقينُ ....
تعبنا ... و قد أهلكتنا الفيافي...
أرقنا ... وقد ساورتنا الظنونُ ...
أرحنا ... فإنَّ الجهاتَ استحالتْ لدينا يبابَ
_______________
و لكنَّنا .....سوفَ ننسى لنحيا ،
و نخلُدَ للنومِ في كلِّ حينٍ
و نمشي إلى حتفنا ساخرينَ
لأنَّا شربنا من الأغنياتِ التي أظمأتنا
بألحانها، وثملنا بكاساتِ هذا الحضورِ
الذي سوفَ يبقى ينامُ بحضنِ الغيابِ
و لاشيء غيرَ الظِّلالِ التي تتراءى
بمرآةِ هذا الظَّلامِ
و ليسَ لنا أن نرى غيرَ وجهِ الأسى و السرابِ
و ليس يرانا سوى ظلُّنا و الترابِ ...
متى يا قريني .... متى يا قريني...
سنألَفُ هذا المدى و الضبابِ .
القصيدة التي بدأت بفعل قاسي: "تدوخني" تأخذ منحى النعومة والهدوء، فالشاعر يتحرر من قسوة جدران المعتقل بواسطة اللجوء إلى ذاته، حتى أن فعل "تدوخني" المشدد يختفي تماما من المقطع الأول، بحيث يتحرر الشاعر كليا مما هو فيه، ويقدم مقاطع ناصع البياض، إذا ما استثنينا المقطع الأخير: "لعلِّي أتوه بقلبِ الغيابِ"، وهذا يعود إلى تقدم الشاعر من ذاته/من نفسه، فالمقطع بكامله جاء بصيغة أنا المتكلم: "تدوخنني، فأصغي، داخلي، أرى (مكررة)،أحس، قلبي، أطير (مكررة)، أتوه" فالتقدم من الأنا محى الجدران وأزالها، وهذا يأخذنا إلى البعد الصوفي، فالشاعر يحرر ذاته بواسطة ذاته، ويتماهى معها بحيث وجد "السكون" في "داخلي"، وإذا تقدمنا من والوقت نجده وقت هدوء وتأمل، "ليالي"، وهو الذي منح الشاعر مزيدا من الراحة والسكينة بحيث تمكن من التوحد مع ذاته، فوجد مجموعة الفاظ ناعمة وهادئة: "النغماتُ، فأُصغي، أرى (مكررة)، السكونِ، المفردات، تفيضُ، القلبِ، تعبقُ، عبيرٍ، بطعمِ، النَّبيذِ، المُعتَّقِ، أُحِسُّ، بلمسةِ، عشقٍ تداعِبُ، قلبي، أطيرُ (مكررة)" فهذا الالفاظ تشير إلى أن الشاعر تحرر من وقع الجداران وقسوة السجان، وهام في عالم من الروح والجمال واللذة، بحيث أبحر مستمتعا ومتأملا ذاته بذاته.


في المقطع الثاني يبقى الشاعر محافظا على نسق الأنا المتوحدة مع ذاته، ويأخذ يخاطب/يتحدث معها كحالة/كشخص منفصل:
" ألا يا قريني .....أرِحني قليلاً
لعلِّي أُلملمُ هذا الشتاتَ بروحي
و أسلُكُ دربَ المسارِ الطَّويلِ
فأُدرِكُ أنَّ البدايةَ.. ذاتُ النِّهاية
و أنَّ الجهاتَ تدورُ" الحديث يدور مع الذات/مع الأنا، ونلاحظ الخط صوفي من خلال ألفاظ "البداية، النهاية، الجهات تدور" وإذا ما توقفنا عند صيغة المخاطب "ألا يا قريني" يمكننا اضافتها إلى الخطاب الصوفي بعد أن يصل إلى الذروة/الحلول في ذات الله، لكن الشاعر هنا يحل في نفسه، لا في ذات خارجة عنه، لهذا استمر في المحافظة على صيغة الخطاب أنا "قريني، أرحني، لعلي، ألملم، بروحي، وأسلك، فأدرك".
بعد صيغة الأنا للأنا يتحول الشاعر إلى صيغة نحن، من خلال "انقلبنا" بحيث تختفي الأنا وتحل في نحن ـ وهنا يستمر الشاعر (شكلا) على المحافظة على فكرة الحلول: "نجيء، رافقتنا، سنحيا، اشبعتنا، تعبنا، أعنا، لنا، منا، تعبنا، أرقنا، أهلكتنا، أرحنا، لدينا" واللافت أن هناك كم من الألفاظ القاسية إن جاءت بصيغة نحن، أو التي جاءت ضمن السياق: "الملم، الشتات، النهاية، ينهي، العذاب، أثقلتها، الرحيل، اغترابا، لا، ضاع، الظنون، يباب" وهذا يعود إلى أن الشاعر ابتعد عن الحلول في ذاته/نفسه، فنعكس عليه الواقع الجمعي سلبيا.
وهذا يأخذنا أن الأنا تريح الشاعر وتهدئه، بينما "نحن" الجماعة تثقل عليه وترهقه، ولكن هذا الثقل وهو ثقل المخاض، ثقل وجود حالة/ شيء/معرفة/يقين جديد، من هنا نجد مجموعة ألفاظ لها علاقة بالمعرفة: "حل، الأحاجي، فسر، ما يصح، اليقين، الفيافي، ساورتنا الظنون" وهذا يشير إلى ان مسار الشاعر نحو البحث عن المعرفة والأنا والحلول طريق صعب وشاق، لكنه يحمل بين ثناياه متعة/فرح الوصول إلى المعرفة.
كما أن صيغة الخطاب والتي تتماثل مع صيغة الدعاء والالتجاء إلى الله المعين:
" ألا يا مغيثُ أعِنَّا
حلِّ هذي الأحاجي
و فسِّر لنا
أرحنا" تحافظ على الخط الصوفي الملتجئ إلى الله والساعي بقدرة الله، وهذا ما يجعل القصيدة تبقى ضمن سياق فكرة الحلول الصوفية.

المقطع الثالث يعود الشاعر إلى الواقع، بعد ان تزود بطاقة تقويه على التحمل، ويأخذ الحديث الطابع الأرضي، حاجات البشر الطبيعية/العادية: "ننسى، نخلد للنوم، نمشي، ساخرين، شربنا، وثملنا" ولكن يبقى أثر تلك الرحلة حاضرا في الشاعر من خلال استخدامه بعض الألفاظ والافعال الروحية/المعرفية: "وثملنا بكاسات هذا الحضور" فرغم أن المعنى/الفكرة جاءت عن الواقع، إلا أن الألفاظ وشكل التقديم يوحي إلى حالة الحلول والتوحد مع الأنا الصوفية.
وبما أن المقطع يتحدث عن الأرضي/البشري فأن سيحمل شيئا من القسوة والألم، كطبيعة الحياة البشرية، من هنا نجد عدد كبير من ألفاظ القسوة، التي طرح فكرة الألم: "حتفنا، أظمأتنا، الغياب، الظلام، الأسى، السراب، الضباب" فالقسوة واضحة في المقطع، وهي قسوة متكاملة الصورة والمعنى: "شربنا/أظمأتنا/السراب/الضباب" فهذه الالفاظ كلها متعقلة بالماء، كما أن هناك الفاظ تشير إلى (الفرح): "الأغنيات/بألحانها/وثملنا/بكاسات" لكنها تحمل بين ثناياها معنى الحاجة والجوع لهذا الفرح، ولكن حتى وجود الفاظ الفرح بشكلها المجرد، جعل الشاعر يتقدم من جديد نحو ذاته، ليحل فيها ويخاطبها: "متى يا قريني...متى يا قريني" فتكرارها يشير إلى الراحة التي يحصل عليها الشاعر عندما يحل في ذاته، وأيضا قدرة الحلول على تجاوز الألم وقسوة الواقع، من هنا جاءت خاتمة القصيدة، تتماثل مع رحلة (الصوفي) الصعبة، والتي يُراد بها الوصول إلى القمة/الذروة، من حلال الحلول في الذات، كما أن صيغة السؤال والتي تحمل معنى رحلة البحث عن (المعرفة)/الراحة/السكينة/الحلول/ والتحرر الفعلي والكلي من "أظمأتنا/الغياب/ الظلام/الأسى/السراب" تجعل القصيدة متكاملة ومتصلة الفكرة، فكرة الحلول الصوفية.
القصيدة منشورة على صفحة شقيق الشاعر كمال أبو حنيش.

.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف