الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأنا في ديوان فصول السوسنة سوسن حمزة داوودي بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-09-10
الأنا في ديوان  فصول السوسنة سوسن حمزة داوودي بقلم:رائد الحواري
الأنا في ديوان
فصول السوسنة
سوسن حمزة داوودي
دائما اللغة الجميلة تمتع المتلقي، وبما أننا نعاني في المنطقة العربية فنحن بأمس الحاجة إلى الفرح، إلى أعمال تخفف عنا مما نحن فيه، من هنا تأتي أهمية ديوان "فصول السوسنة"، وللافت في العنوان أنه يشير إلى اسم الشاعرة "سوسن"، بمعنى أنه الفصول هي فصول سوسن داوودي، فالشاعرة/أنا حاضرة في الديوان، جاء في قصيدة "ترانيم على أوتار الفؤاد":
"23
عطر فؤادك من عبير السوسن
فرحيق قبلتها شفاء المدمن" ص171،
50
في ليلة الميلاد اشعل شمعة
وأكون للمحبوب أجمل سوسنة"ص176.
في المقطع الأول جعلت "السوسن/أنا" مخفية من خلال الحديث عنها بصوت خارجي، وليس بصوت أنا، لكن الأنا حاضرة من خلال "السوسن، واللافت أن الشاعرة لم تستخدم كل السوسن، بل اقتصر تناولها على "من عبير" فقط، ومع هذا الجزء البسيط/القليل من الاستخدام "عبير" إلا أن أثره/مفعوله فيه شفاء، فكيف سيكون الحال إذا ما استخدمت/تناولت السوسن كله؟.
وما يحسب لهذه الومضة أنها جاءت ناصعة البياض، فكل الألفاظ بيضاء وناعمة إذا ما استثنينا "مدمن"، ومتعلقة بالنواحي الجمالية/الروحية، من هنا نجد "عطر، عبير، فرحيق، قبلتها" فالتركيز على حاسة الشم، يصفي النفسي ويمتع الروح، فحتى "قبلتها" والتي يمكن أن يعتبرها بعضهم (تشير إلى الجسد/المادي" جاءت مقرونة بالجمال ومتعة العطر/الشم.
وإذا ما توقفنا عند ألفاظ المذكر نجدها كالتالي: "عطر/المذكر أنت، فؤادك، فرحيق، المدمن"، أما الألفاظ المؤنثة: "عبير، السوسن، قبلتها" فعدد الألفاظ المذكر يتفوق على المؤنث، وهذا يشير إلى أن اللغة هي لغة الشاعرة/الأنثى، التي تميل إلى قرينها المذكر وترغب به.
الومضة الثانية جاءت تصف الأجواء الرومنسية التي ترغبها/تريدها الشاعرة، فحددت الوقت/الزمن ب "ليلة الميلاد"، ووصفت الأجواء "اشعل شمعة" وكلها مقرونه بأنا المتكلم/الشاعرة، وهذا يشير إلى حميمية الومضة وقربنها لقلب الشاعرة، والتي تمنح ـ تلك الأجواء/الوقت للمحبوب، كما أنه تمنح ذاتها/كليتها له من خلال "وأكون أجمل سوسنة" فهي هنا تتجاوز جمال السوسن، لأنها الأجمل، وهذا العطاء الأنثوي للمحبوب، لا يكمن في المعنى/الفكرة فحسب، بل في الألفاظ أيضا، فهناك مجموعة (أناث) في الومضة: "ليلة، شمعة، سوسنة" كلهن اجتمعن ليسعدن المحبوب، كما أن السعادة المطروحة ليست جسدية، بل روحية/جمالية.
وبما أن الومضة الثانية جاءت بصيغة أنا المتكلم، فأن الشاعرة استخدمت "سوسنة"، مؤكدة على أنثوية "السوسن/ة" بينما في الأولى والتي جاءت بصيغة المتكلم الخارجي، استخدمت "السوسن" دون تاء المؤنث، لأنها جاءت من (الخرج) وليست من أنا الشاعرة/المتكلمة.
من هنا يمكننا تميز حميمية الومضة عند الشاعرة، وأيهما أقرب إليها كإنسانة شاعرة، وأيهما خرجت من الداخل، من قلبها، وأيهما خرجت منها كشاعرة، وليست أنا الشاعرة.
وجاء في قصيدة "ترفقي"
"... يا سوسن النبع الوفير! ترفقي
فوحي بريحك عطري كل الدنيا" ص197، نلاحظ أن الشاعرة تستخدم "سوسن" دون تاء المؤنث، وهذا يشير إلى أنها تستخدم الخطاب الخارجي، فكتفت ب "سوسن" بينما في أنا المتكلم، استخدمت "سوسنة".
ونلاحظ أن هناك تركيز على جمالية السوسن/"عطر"، والمتعة التي تغدقها وتنثرها، كما أننا نجد اتساع محبة الشاعرة من خلال "النبع الوفير، كل الدنيا" فتبدو وكأنها الأرض بعطائها وجمالها، واللافت في هذا البيت، أن لفظ المؤنث "سوسن" هو من خلقت/أوجدت/منحت عالم المذكر ومنحه الجمال والفرح: "النبع، والوفير"، بمعنى ان الأنثى تمنح/تعطي/تُجد للمذكر، ودونها لا وجود له.
قوة الأنا
غالبا ما تأتي صيغة الأنا أقوى وأشد من صبغة الخطاب/الوصف الخارجي، ففي الأنا يكون الشاعر متوحد مع القصيدة ومتماهي معها، وعندما تأتي قوة الأنا ـ دون وعي الشاعر/ة ـ يتأكد القارئ تأثر الشاعرة بما تكتبه وتوحدها معه، فهي لا تكتب إلا من داخلها، ما تشعر به، نجد قوة الأنا في هذا اللاوعي، تقول في قصيدة "عرابة الاسم":
وهذا الشعر من نبض الحنين
وصدق الحرف يأتي من جنين
على لحن اسمك الأجفان تغفو
لك الأشعار تهدي فاحضنيني
وراحت باسمك الرايات تعلو
وتنبض بالمحبة كل حين" ص224، نجد توحد الشاعرة مع المكان "عرابة وجنين" من خلال وجود أكثر من لفظ يحمل حرفي الحاء والجيم: "الحنين، الحرف، جنين، لحن، الاجفان، فاحضنيني، وراحت، بالمحبة، حين" فكل هذا الالفاظ فيها حرفي الحاء والجيم، وهذا يشير إلى ارتباط الشاعرة بالمكان وتعلقها به.
وإذا ما توقفنا عند صيغة الخطاب نجدها صيغة الخطاب من الخارج، فهناك تمجيد لعرابة/لجنين، وهذا ظاهر في فكرة القصيدة، لكن اللافت استخدام كلمة "فاحضنيني" والتي جاءت أطول كلمة في القصيدة، ثمانية حروف، وهو الكلمة الوحيدة المتعلقة بأنا المتكلم، وكأن الشاعرة أرادت بها أن تقول: "أنني أنا من أتكلم/اتحدث عن "عرابة، جنين".
كما أن تقارب حرفي النون والياء وتكرارهما في "فاحضنيني" يوحيان للمتلقي أن هناك حالة توحد بين المكان والشاعرة، وبهما أرادت أن تختزل/تلخص حبها وعشقها للمكان، عرابة وجنين".

التماثل بين العنوان والقافية
من الجميل أن يشعر القارئ بالعلاقة الحميمية بين الشاعرة وبما تكتبه، لما له من أثر إيجابي عليه وعلى تمتعه بما يقدم من شعر، جاء في "صباح اللهفة":
" صباح الحب واللهفة
بصدق القول والرأفة
ووجه مثل قافيتي
ودفء الوصل والألفة" ص124، ففي كل شطرة نجد حرف الفاء، الذي يتكون منه العنوان، "اللهفة، الرأفة، قافيتي، ودفء، الألفة" فوجود حرف الفاء في الألفاظ السابقة يشير إلى توحد الشاعر بما تكتبه وتوحدها معه، ونلاحظ أن لفظ حرف الفاء يخرج من الفم بسرعة، (فه)، وهذا يتماثل مع معنى/فكرة اللهفة، السرعة التي يحتاجها الملهوف/المتشوق.
كما أن معنى اللهفة" الشوق، والذي يُريد الملهوف أن يأتي (الشيء/الشخص/الحاجة) بسرعة، فهو لا يتحمل الانتظار والاطالة، ويريد أنهاء الأمور بأقصى سرعة ممكنة، وهذا ما نجده في قصر المقاطع، وفي عدد أبيات (القصيدة)، بيتين فقط.
من هنا يمكن القول أن الشاعرة لم تكتب القصيدة، بل القصيدة هي من كتبت الشاعرة، فخرجت متكاملة، يجتمع فيها المعنى مع الكلمة مع الحرف مع اللفظ.
الديوان من منشورات دار البيروني للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة الأولى 2020.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف