الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فرنسا والجزائر في رواية "التلميذ والدرس" مالك حداد بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-08-30
فرنسا والجزائر في رواية
"التلميذ والدرس"
مالك حداد
من مهام الأدب تناول واقع الشعب/الأمة، وتبيان المعاناة التي يتعرض لها الوطن والمواطن، العديد من النصوص الأدبية الجزائرية كتبت بالغة الفرنسية، ومع هذا لم يقلل هذا من تألقها الأدبي أو من مضمونها الفكري، ونحن في المشرق العربي يمكننا القول أننا نعرف عن الأدب الجزائري أكثر مما نعرف عن بقية دول المغرب العربي، وهذا يعود إلى تأخر استقلال الجزائر، وأيضا إلى طبيعة الاحتلال الاستيطاني الذي مارسه المحتل الفرنسي على الجزائر.
الرواية تتحدث عن الطبيب "قادر" وعن ابنته "فاضلة" وحبيبها عمر، غالبة السرد جاء على لسان "قادر" لكن كان هناك صوت "لفاضلة"، وصوت السارد/الروائي، وهذا منح الرواية جمالية تعدد الاصوات، فلم يشعر المتلقي بسيطرة المطلقة ل"قادر" على الرواية، وهذا خدم فكرة الحرية، التي حملها الرواية.
الطبيب "قادر" يتحدث عن ابنته "فاضلة" التي نضجت وأصبحت شابة: "...أمن الممكن يا إل! إنها باتت تحمل الشهادة الثانوية؟
لهذا نهدان تكورا، والتبرج ليس من ذوقها
إنها امرأة من غير أن تتبرج
إنها جميلة أقول لكم" ص24، هذا التغييرات التي يتناولها "قادر" لها علاقة بنظرته لدوره في الحياة، فهو طبيب، لكنه هنا يتحدث عن دوره كأب، لهذا (تفاجأ) بوجود ابنته الناضجة، فحدثنا عهنا وكأنه يراها لأول مرة.
من هنا يأخذنا إلى دوره كأب فيقول: " أن يد الأب لترى ولو كان حسيرا، إن اليد عندما تلمس عن قرب قريب تصبح الحدس بذاته تلائم حدة نظرها مع اكتشاف بدئ لإرث تعرفه حقا" ص24، مثل هذا المشاعر/الحكمة تؤكد أنا أمام أب حقيقي، وليس أب بيولوجي فقط، وهذا ما أكده لزميله الدكتور" كوست" أنا تقريبا أبوها، شرعية أبوتي آتيه من حناني وقناعتي" ص25، وطبعا هذا يستدعي التساؤل: ما دام أبوها طبيبا، فلماذا لجأوا إلى "كوست"؟، والجواب هو أن "فاضلة" تريد أن تقوم بعملية اجهاض، وهنا يأتي صوت المرأة: "ـ في الظروف الحالية لا أستطيع أن احتفظ بهذا الطفل" ص31، فنحن أمام أب يحترم ارادة ابته، ولا يتدخل في شونها الخاصة، فعلاقة بابنته ليست علاقة (السيد) بالعبد، بل علاقة أبوه، أب حقيقة بعيدا عن الفكرة الشرقية لدور وتصرف الأب: "عندما أكون مع ابنتي أصل إلى ذروة التأمل في نفسي، أنا اخترع حناني حتى لا يلم بي البرد، أحيط نفسي بالصمت والليل، إن الشيخ الذي أصبحته لا يحب التفاصيل وما التفاصيل إلا مسألة خطأ." 69و70، من هنا يمكننا الاستنتاج أن لثقافة الفرنسية جعلته أرقى في تعامله مع ابنته، لكنه لم يفقد حنانه (الشرقي)تجاهها وحبه لها.
"قادر" يحمل مشاعر الأب الذي يريد الخير لابنته، ورغم أنه يحمل أفكارا عن الحرية، إلا أنها لم تخلصه من كونه أب شرقي، لهذا نجده يمر بحالة من المخاض: "... أنا ألومه في أنه أنجب طفلا لفاضلة، كما أني لا ألوم ابنتي في حبها وفي حالتها. لكني لن أغفر لهما أبدا تفكيرهما بأن "يرحلا ذلك الطفل" الذي ما دعاه سواهما للمجيء، لن أغفر لهما أنهما تبادرت لهما الفكرة بأن يسألان أنا الأب، أنا الذي بت جدا، أنا الذي كدت أكون حما أن أرحل هذا الطفل" ص79، بهذه الطريقة يفكر "الطبيب/الأب/الجد" وهذه المشاعر هي من يضفي لمسة جمالية على الرواية، فنحن أمام شخصية تعاني من ممارسة دورها في الحياة، دورها كأب ودورها كطبيب ودورها كإنسان في المجتمع، لهذا نجد "قادر" (يعاني) من فكرة الاجهاض، ومن فكرة أن ابنته تطلب منه هو الطبيب القيام بالإجهاض.
لهذا نجد "قادر" يعاني، وينظر إلى الحياة بطريقة سوداء: "في أوج الخريف، أجدني بلا فرح وبلا مبرر في أن أفرح، وأنا مع ذلك أرتاب بالسعادة من البشر، أنا لا أحسدهم ولكني أرتاب بهم، أنا قلق منهم، أحس دائما أن تفاؤلهم يجاور الجهل أو الكفر" ص128، لقد وصل "قادر" إلى النهاية، وكأي شرقي نجده يستحضر المكان ويستعيده، المكان الذي ولد فيه ونشأ: "ـ أنا عجوز، جد عجوز وأحب أولا جرمين، إن حبي هو نفي للزمن.
جرمين تعود إلي دائما، ليست الحرية شيئا بلا حبي" ص132، وهذا اللجوء للمكان يكاد أن يكون عاما عند كل الادباء الشرقيين، فهم يتناول بحميمية ـ حتى لو كان قرية نائية ـ وكأنهم به يريدون التشبث بالحياة، بالعودة إلى الحياة من جديد، ألم تكن طفولتهم به؟.
فرنسا المحتلة
من جمالية الأدب انه يتطرق إلى التاريخ/إلى السياسة بطريقة الاشارة/الإيحاء، وليس من خلال (بيان سياسي)، السارد يحدثنا عن دور فرنسا القمعي في الجزائر بهذه الطريقة: "أنا لا أعرف أحدا أبدا بلغ لعشرين في الجزائر" ص41، وهذه (اشارة) إلى عمليات القتل التي مارستها فرنسا بحق الجزائريين، فلم تتوانى عن قتل كل من يقاومها/يعارضها، واعتقد أن هذه الاشارة كافية ووافية لإيصال فكرة الدموية التي مارسها الاحتلال الاستيطاني الفرنسي وتوحشه في الجزائر.
كما أن السارد يحدثنا عن عنصرية الفرنسيين، والطريقة الدونية التي كانوا ينظرون/يعاملون بها الطبيب "قادر": ؟كان المرضى الأوروبيون لا يأتون إلى عيادتي، حتى عندما يأخذ زميلي عطلته السنوية، كانوا يفضلون أن يذهبوا إلى المدينة فيقطعون ليلا أو نهارا مائة كيلومتر بدلا أن يتقبلوا عناية طبيب من "الوطنيين" ص102.
الجزائري
رد على الاحتلال ومعاملته القاسية، والتي حول حياتهم لجحيم حقيقي: "إنه لعهر أن يكون الإنسان سعيدا إذا كان جزائريا، وبتعبير أبسط إذا كان له قلب، أنا أعرف جزائريين سعداء، ولكن هؤلاء فقدوا الذاكرة" ص53، فحجم القمع والقتل والقهر جعل الجزائري يرى كل ما هو فرنسي عدو، فقد قضى على الحياة "ولم يبق فيها نسمة حياة".
من هنا وجد الجزائري ضرورة محاربة فرنسا ووجوب مقاومتها، فكان لا بد أن يُنظر إلى المتهاونين مع الاحتلال الفرنسي نظرة احتقار وازدراء: "...أنظري إلى الحمير كيف تبتسم، لقد تآكل وبرها وتقرحت جلودها ولكنها تبتسم ملء خياشيمها. سعيدة بنسبها الحائر، ..أنها سعيدة حتى عندما تنهق بالفرنسية" ص53، بهذا الطريقة نُظر إلى من يعتبر أن الحياة في ظل الاحتلال عادية/سوية، ولكل من افتخر بالغة الفرنسية التي فرضت عليه.
ولم يقتصر النقد والذم على العامة من الناس فحسب، بل طال ايضا أشباه المثقفين، الذين يتغنون بأسماء الادباء الفرنسيين ولا يعرفون شيئا عن أدباءهم: "...يعرف مارتان دي غار أفضل مما يعرف محمد ديب، وذاكرة تحفظ أبيات أليار خيرا من أبيات كاتب ياسين، وعقل تدارس برغسون أكثر من الشيخ ابن باديس" ص83، الدعوة لثقافة وطنية فرضتها سلوك الاحتلال الاستيطاني، الذي عمل على محو وإلغاء كل ما هو جزائري، فكانت الجزائري يرى في كل ما هو فرنسي احتلال ويخدم المحتل.
بقى أن نشير إلى المقدمة الرائعة التي وضعها مرتجم الرواية "سامي الجندي، والتي يمكننا القول أنها أهم المقدمات الأدبية، فلغتها الجميلة والأفكار المختزلة والمكثفة، جعلتها تستحق أن تكون مادة ادبية بحد ذاتها.
الرواية من منشورات مكتبة الأسرة، وزارة الثقافة الاردنية، عمان، طبعة 2008.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف