الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بيروت والحداثة الشعرية بقلم: د. محمد عبدالله القواسمة

تاريخ النشر : 2020-08-30
بيروت والحداثة الشعرية
د. محمد عبدالله القواسمة
شهدت القصيدة العربية في النصف الثاني من القرن الماضي ثورة في الشكل والمضمون مع بروز قصيدة النثر بتأثير الأدب الغربي وبخاصة كتاب الناقدة الفرنسية سوزان برنار "قصيدة النثر من بودلير ليومنا هذا" 1958. هذه الثورة هي لب الحداثة الشعرية التي تجلت بوضوح في ديوان أنسي الحاج "لن" 1960.
عندما نذكر الحداثة الشعرية لا بد أن تقفز إلى الذهن مباشرة بيروت ومجلة "شعر". بيروت هذه المدينة التي توافرت لها عوامل كثيرة لتكون في تلك الفترة من تاريخ العرب الحديث مركزًا للحداثة الشعرية العربية بل ومركزًا ثقافياً مرموقًا في الشرق العربي. من هذه العوامل الانتعاش الاقتصادي للمدينة التي امتلأت بنوكها بالودائع المالية من مختلف الدول وبخاصة دول الخليج العربي، وهجرة كثير من المفكرين والأدباء هربًا من أنظمة الحكم العربية في سوريا والعراق ومصر، فضلًا عن لجوء كثير من الأدباء والمفكرين من فلسطين إثر نكبتها الأولى، وصارت بيروت مركزًا عربيًا ثقافيًا بدلًا من القاهرة حيث وجد الأدباء في ظل القوانين الليبرالية التي تتحكم في الحياة السياسية والاجتماعية مكانًا للعيش بحرية، وتمكنوا من نشر أعمالهم التي لم يستطيعوا حتى مجرد إظهارها في بلدانهم. لقد أفسحت تلك القوانين المجال للحرية الفكرية والأدبية؛ وصارت بيروت متنفسًا للمفكرين والسياسيين العرب في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وكانت مجالًا لنشاطات السفارات والمنظمات الأجنبية حيث كانت تحاول أن تستقطب إليها المفكرين لمحاربة المد الشيوعي في نطاق الحرب الباردة. مثل ما كانت تقوم به منظمة حرية الثقافة العالمية التي كانت واجهة للمخابرات الأمريكية.
تجلت الحداثة الشعرية التي احتضنتها بيروت في مجلة "شعر" التي أسسها الشاعر يوسف الخال، ورأس تحريرها، بعد عودته عام 1955 من الولايات المتحدة الأميركية التي هاجر إليها عام 1948، وقد استوحى فكرة المجلة من مجلة شعر الأمريكية، في رغبة قوية في أن يؤدي فيها الدور الذي قام به الشاعر والناقد الأمريكي عزرا باوند في تلك المجلة. وصدر عددها الأول شتاء عام 1957، واستمرت في الصدور حتى خريف عام 1970، بعد أن توقفت ثلاثة أعوام( 1964 -1967).
تكون تجمع مجلة شعر من يوسف الخال نفسه، ومن أدونيس، وخليل حاوي، ونذير العظمة، والتحق بهم أسعد رزوق، وأنسي الحاج، وخالدة سعيد، وشوقي أبو شقرا، وعصام محفوظ، ومحمد الماغوط وجبرا إبراهيم جبرا وبدر شاكر السياب وآخرين غيرهم.
يعود الفضل للمجلة بأنها، كما يقول رئيس تحريرها يوسف الخال، وضعت الشعر العربي في طريق الحداثة، وشكلت ثورة على الماضي والانفتاح على التراث العالمي، وخصوصًا الشعر الأوروبي والأمريكي وما يدور حوله من نقد ودراسات. كما نجت حركة المجلة بنفسها عن الارتباط بأي قوى سياسية أو استعمارية فهي كما أعلنت حركة غير حزبية بل حركة شعرية مهنية همها وضع الشعر العربي في حوار مع التيارات الشعرية العالمية.
لقد تأثرت الحداثة البيروتية بمدرسة المهجر والنشاط الأكاديمي للجامعات: اليسوعية والأمريكية واللبنانية. وساهمت مجلات أخرى بيروتية في هذه الحداثة الشعرية مثل مجلة "الثقافة الوطنية" التي صدرت بين السنوات (1952- 1959)، ومجلة "الطريق" التي كان اسسها انطوان ثابت عام 1941، ومجلة "الآداب" التي اسسها الأديب الراحل سهيل ادريس عام 1953، و"حوار" التي ظهرت في الفترة 1962- 1967م ورأس تحريرها الشاعر توفيق صايغ، وهو رائد مهم من رواد قصيدة النثر. وإن كانت مجلة "شعر" تختلف عن هذه المجلات بأنها حملت مشروعًا شعريًا يتبنى الحداثة في الشعر المتمثل في قصيدة النثر، وأفصحت عن دورها في ذلك من خلال ما نظّر له الشاعران من رواد المجلة: أنسي الحاج وأدونيس. فقد برز أنسي الحاج في مقالة له وردت في المحور الذي قدمته المجلة عن قصيدة النثر وهي المقالة التي جاءت مقدمة لديوانه الأول "لن"، برز خير مدافع عن قصيدة النثر. وبسبب هذه المقدمة وبفضل المعركة التي خاضها في وجه المعارضين أصبح أنسي الحاج "الممثل الشرعي" لهذا النوع من الشعر.
أما أدونيس فنشر مقالة في المجلة معرفّا بقصيدة النثر وأهميتها، ولم يكتف بالدفاع عن شرعية قصيدة النثر بل هاجم المقاييس والشروط المفروضة في نظام القصيدة العمودية.
وإذا كانت بغداد مركزًا لبداية انطلاق الحداثة الشعرية العربية ضمن قصيدة التفعيلة على يد بدر شاكر السياب والملائكة فإن بيروت قامت في تلك الفترة بدور مهم لتكون منارة للشرق بما فيها من حرية فكرية، ومن احتضان الحداثة الشعرية والفكرية، الذي تمثل في كوكبة من الشعراء الذين كان لمجلة "شعر" شرف احتضان تجاربهم وتكريسهم شعراء قصيدة النثر، مثل الشاعر محمد الماغوط، على سبيل المثال.
في النهاية لا بد من القول: إن مدينة الحداثة الشعرية لا تستحق ما جرى لها في 482020 عندما فُجّر ميناؤها. لكن بيروت ستنهض من جديد لتقوم بدورها في إعادة الحياة إلى الشعر العربي وإلى العقل العربي؛ فالمنارة قد تتعطل تتوقف لكن ستعود أقوى وأشد إضاءة في القريب.
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف