الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بحث عن المكان في رواية عائد إلى حيفا بقلم:ربى أبو عصبة

تاريخ النشر : 2020-08-30
الشكر والتقدير
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبع نهجه إلى يوم الدين فقد انتهيت من إعداد بحثي هذا يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان للدكتور الفاضل د.محمد البطوش صاحب العلم الواسع والرؤية الثاقبة الذي لم يدخر جهداً في توجيهي وإعطائي المعلومات اللازمة لإتمام بحثي

1


الإهداء
أهدي هذا البحث إلى معلمتي الغالية آيات حمدان معلمة اللغة العربية في مدرسة أم نوارة الثانوية هذه الإنسانة التي لها بصمة في مسيرتي التعليمية وشغفي وحبي للغة العربية مهما حاولت أن أصفها فلن أوفيها حقها


2
فهرس البحث
المحتوى الصفحة
شكرا وتقدير 1
إهداء 2
مقدمة... 3
الفصل الأول. ماهية المكان 5
المكان المفتوح. 8
المكان المغلق 11
الفصل الثاني الانسان والمكان في الرواية 14
الفصل الثالث المكان والرمز في الرواية 15
خاتمه. 16
قائمة المصادر والمراجع. 17


المقدمة :
لقد صورت الرواية الحال الفلسطيني الأليم وبما مر به في نكبتيه الأولى والثانية وما خسره الفلسطيني من بيت وأرض ووطن وليتجاوز ذلك أن يخسر فلذة كبده .
لم يقع اختياري لموضوع المكان في رواية عائد إلى حيفا اعتباطيا بل كان متماثلا مع واقع حياة الفلسطيني وحلمه بالعودة من دروب الغربة إلى أرض الاستقرارو الوطن المفقود.
حيث كان من أهم دوافعي لإختيار هذا الموضوع أنني مواطنة فلسطينية أعيش في الغربة مع أنني في نفس اللحظة أعد نفسي من الفلسطينيين المغربين المحظوظين لأن غربتي استقرت في الأردن هذا الوطن والشعب الذي لم نشعر يوماً أننا غرباء عنه.
لقد تحول المكان برواية عائد إلي حيفا من ظاهرة جغرافية ميتة إلى مكان نابض بالكثير من المعاني والدلالات فهناك الكثير من الأسئلة التي تدور بذهن القارئ من العائد؟ لماذا عاد؟ ولماذا مدينة حيفا وليس مدينة أخرى ؟
وعموماً في أي بحث يواجه الباحث العديد من الصعوبات وأهم الصعوبات التي واجهتها تتمثل بقلة المصادر والمراجع وعلى كل حال إن غايتي هي إنجاز بحثي على أكمل وجه فإن وفقنا فمن الله وإن أخطئنا فمن أنفسنا فحسبنا أجر الاجتهاد .
وأما الأهداف التي سأبني عليها قوام بحثي تتمثل ب :
-صورة لبنية المكان فإن نقطة (عائد)تعني العائد بعد المغادرة لكن بعد قراءة الرواية ندرك أنه لايمكن اعتبارها عودة وإنما هي عودة ناقصة أما كلمة( حيفا) فهي من الوحف أي الشاطئ حيث أن حيفا هي واجهة فلسطين البحرية
-الإنسان والمكان في الرواية تمثل حال الفلسطيني المهجر الذي يتمنى العودة.
3


أما الكاتبة الاردنية هداية الرزوق فقد وثقت أهمية المكان برواية عائد إلى حيفا بجريدة الرأي حيث وضحت أن كنفاني نجح في عمله الأدبي بإبراز صورة المكان وكأنه أيقونة تعريفية تقدم للقارئ تفاصيل المدن الفلسطينية بروجها وتنغامها "1"وهناك دراسة أخرى للكاتب شفيق طه النوباني حيث عد أن الإرتباط العضوي بين الإنسان الفلسطيني والمكان في رواية عائد إلى حيفا هو امتداد لاينفصل عن الحق الفلسطيني في العيش في المكان وبدت هذه العلاقة من خلال شخصيتين صهيونيتين إفرات كوشن وزوجته ميريام" 2"
لقد نجحت في وصفي لما يعنيه لي المكان فهو مكان من أرضي الحبيبة التي يشدني الشوق إليها وإلى مدنها وبحرها فكأنني طائر يطير في سمائها ويا ليتها حقيقة لأقبل حبات ترابها وأستنشق هوائها وأصلي في محراب قدسها فأرجو من القارئ أن لايلمني في منهج وصفها فحبها يسكن الروح وجبل بالدم حب العودة وما زال المفتاح معلقاً في أهم ركن في بيتي حتى لا أنسى قضيتي ووطني وسأبني بحثي على ثلاثة فصول:
الفصل الأول :ماهية المكان، وقسمت هذا الفصل لبابين :
أ:المكان المفتوح
ب :المكان المغلق
الفصل الثاني :الإنسان والمكان في الرواية
الفصل الثالث :المكان والرمز في الرواية
...............................................
-غسان كنفاني،عائد إلى حيفا،دار الوطن 2016، ص 12

-هداية الرزوق ،المكان في رواية عائد إلى حيفا ،جريدة الرأي ، ط2016
-شفيق طه النوباني،المكان في رواية عائد إلى حيفا ،جريدة الرأي ،ط٢٠١٦ 4

1.مفهوم المكان لغة واصطلاحًا
أ. مفهوم المكان لغةً :.
في البداية نبدأ بكلام الله في الوقوف إليه من جانب اللغة
فهي تعني الإقامة أو الموضع أو المنزلة
وإني لأعلم المكان الذي نزلت فيه، فقد جاءت بالقرآن لفظة المكان صريحًا في قوله تعالى {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق}"1"
موضع الكينونة في الشيء "2"هي من أبرز المعاني المذكورة للمكان في القرآن ومنها الملأ والحيز والموضع والخلاء والمحل وورد المكان في لسان العرب في باب مكن والمكان الموضع والجمع أمكنة وأماكن جمع الجمع"3"
..............................
1. سورة الحج آية 31
2.حمادة تركي زعيتر جماليات المكان في الشعر العباسي، دار الرضوان النشر والتوزيع2013 ص 28
3. لسان العرب ، المجلد (13)، دار صادر لبنان ، ط1، 1990، مادة كون ، ص 414

5
ب. مفهوم المكان اصطلاحًا:.
المكان ليس زائدًا في الرواية ، فهو يأخذ أشكالاً ويتضمن معاني عديدة بل أنه قد يكون في بعض الأحيان هو الهدف من وجود العمل كله "1"
قال تعالى:.
{وإذا رأتهم من مكان بعيدٍ سمعوا لها تغيظًا وزفيرًا }"2"
قال تعالى {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل}"3"
وإن لفظ المكان "الموضع الكينونة الشيء""4"
يعتبر سميث المكان هو الحيز الذي يمارس فيه الفرد نشاطه ومايقوم به من علاقات الإتصال أو الإنفصال مع عالمه الخارجي فيصبح المكان بذلك المجال الأساسي الذي يظهر فيه الإنسان طبيعة علاقاته "5"
ومن هنا نستنتج أن المكان غير مستقل عن الأشياء ويتشكل من خلالها ، فالمكان ليس إلا وسيلة من وسائل قياسيه أسهل التعامل بين الناس في حياتهم اليومية، فنجد مصطلح الحيز استعمل كثيرًا في الرواية للكنفاني
.......................................
1.حسن الجداوي يتيه الشكل الرواني ،الدار البيضاء،المغرب ،2009،صفحة 33 2.سورة الفرقان آية 12 3. سورة النحل آية 94 4.حمادة تركي زعيتر جماليات المكان في العصر العباسي ،دار الرضوان ،2003 5. غالب هلساء مقدمة كتاب باشلار جماليات المكان ، دار الجاحظ ، بغداد، ط1، 1980 صفحة 5

6
2.أهمية المكان في الرواية:.
إن للمكان أهمية مثل باقي العناصر الأخرى من الشخصيات والزمان فلا يمكن أن نفصل عنها ما دامت الرواية تتمتع بوحدة عضوية واحدة لا تفصل عن بعضهما البعض ولأن المكان ليس عنصرًا زائدًا فوجوده يعمل على تحريك العناصر الأخرى مثل الشخوص والزمان ...إلخ ، فهي النقطة الأساسية لكل الأبعاد التي يجمع بينها الكاتب .
إن مهمه تقديم الجانب المكاني بصورة واضحة تشكل عملاً فنياً يعمل على خلق رؤية للقارئ من خلال شد لقراءة الرواية "يعتبر المكان هو الذي يؤسس الحكي"1"
وتقول أسماء شاهين حول المكان الروائي : "فالمكان في حركة أخذ وعطاء مع الشخصيات الروائية وأحداثها يتوجه بوجهتها ويرتبط بحركتها ويقدم بما يدفع أحداثها إلى الأمام دائمًا"2"
فقد يعكس المكان صورة سردية لحياة الشاعر أو حياة غيره أي أنه يجعلنا نتوقع أحداث الرواية من عنصر المكان.
.................................
1.حميد الحمداني ،بنية النص السردي ، الدار البيضاء ، مركز الثقافة العربي 2000، صفحة 65.
2. أسماء شاهين: جماليات المكان في روايات جبرا إبراهيم جبرا ، المؤسسة العربية للدراسات ، بيروت ، ط1، 2001، ص17

7

الأماكن المفتوحة:.
وتتمثل الأماكن المفتوحة في:.
1.مدينة حيفا
المدينة فضاء جغرافي مفتوح تجمع بين عدد من الأشخاص سواء أكان هنالك قرابة أو صداقة.
فعرفت بأنها"هي مجموعة من المسافات، لها أبعادها الإجتماعية والنفسية والفكرية والسياسية."1"
فإن المدينة كانت إنطلاقًا لذكرياته وماضيه حيث أنه وصفه وصفًا دقيقًا حين قال "وصل سعيد إلى مشارف حيفا""2"
وحين قاد سيارته في وسط شوارع حيفا
لقد وصف كنفاني المدينة أثناء نكبة 1948 فيصف حيفا أثناء النجوم قائلا: انقلبت شوارع حيفا إلى فوضى واكتسح الرعب المدينة التي أغلقت "3"
تمثل مدينة حيفا الأم التي تحتضن أبناءها وتغضب لعدم بقائهم معها فأضاف الكاتب صفات إنسانية ممثلة بالبكاء والإنكار قال سعيد: إنني أعرفها حيفا هذه ولكنها تنكرني "4"
............................................
1.الشريف جبيلة ،بيئة الخطاب الروائي ص 204
2.غسان كنفاني ،عائد إلى حيفا ،دار الوطن 2016 ص 7
3.المرجع السابق ص 246
4. المرجع السابق ص 343


8
وفيما يخص الرواية فقد دارت أحداثها مبتدئة من حيفا غير أنه ذكر أسماء أخرى ومنها وادي النسناس، شارع الملك فيصل، ساحة الحناطير، الحليصة والهادار."1
لعلنا لاحظنا أن غسان تعمق كثيرًا في وصف حيفا ولا سيما الشوارع والمستشفيات والفنادق هذا الأمر الذي جعل غسان لا ينسى شيء من بلاده.
بالإضافة إلى أهميتها فالكاتب جمع الشخصيات بعد عشرين سنة من الرحيل فالمكان المفتوح هنا مرتبط بالمدينة من مرحلة الطفولة إلى الشباب حين أرجعنا إلى الماضي ومن ثم إلى المستقبل.
..........................
1.غسان كنفاني ،عائد إلى حيفا،دار الوطن ،2016،صفحة 12


9



2.الشارع
وهي من الأماكن التي ركز عليها الكاتب،فهي تعتبر كأنها شريط لذكرياته التي تكاد لا تفارقه فذكر شارع الملك فيصل في عدة مواقف .كان ينعطف سيارته عند نهايه شارع الملك فيصل"1"
وهي من الأماكن الصناعية ذات التوظيف المكاني المباشر "2"
يوحي للكاتب ذكريات ولوحة فنية جميلة والتي تتمتع فيها بلاده فهي غاية الجمال ولكن عند الكاتب تبينت له الوجوه قاسية ووحشية مستفزة وغامضة من ناحية الحروب التي كانت سببا في خروجه من فلسطين .
يعد الشارع في لفظه الذي يلامس مضمون الرواية كما أنها تشعر الحياة الماضي والحاضرة يبدو الشارع كأنه أي شارع ولكن عندما نلامس كتابات غسان نجدها تعبر عن الألم ،الذي عاش فيه طيلة حياته، المتمثلة في الغربة والهجرة
..............................
1.غسان كنفاني صفحة 12
2.حمادة تركي زعيتر ، جماليات المكان في العصر العباسي،دار الرضوان النسر والتوزيع


10
3.البحر
يحمل البحر دلالات عديدة فهو رمز للنقاء والصفاء وزرقة البحر تطرد الألم وتبعث الراحة و البحر يمثل لدى سعيد بوابة للحياة وولادة جديدة حيث حملته شاحنة صغيرة مع أشيائه القليلة عبر السيناء الصاخب الملئ بالجنود البريطانين والعمال العرب والبضائع. "1"
فيعتبر البحر من الأمور العربية على غسان فقد كان بوابة للبعد والإغتراب عن وطنه فلسطين، فتجده يقارن بين فلسطين القديمة قبل الإحتلال وفلسطين الحالية التي أصبحت تحت احتلال اليهود
وأما الآن فقد بات واضحا أنهم يدفعونه نحو الميناء ،فقد كانت الأزقة المتفرعة من الشارع الرئيسي مغلقة تماما "2"
فالغموض الذي يعيشه سعيد بل الشعب الفلسطيني جميعه لا يقابله سوى البحر بأمواجه الغامضة واتساعه العميق
الأماكن المغلقة:.
1.البيت:.
يعد البيت أحد أهم اماكن المغلقة فهو حيز مكاني يعبر فيه الشارع عن اشتياقه له بالإضافة أن البيت أحد أهم الأماكن التي صنعها الإنسان فمنه تثبت مشاعره ، فهو المكان الذي يلجأ إليه انسان مع أسرته للعيش فيه كما أنه يستخدم المكان لقضاء حاجاته اليومية" أستأجر بيته الصغير في تلك المنطقة التي حسب أنها أوفر أمنا" فقد أشارالكاتب أن البيت هو أكثر أمانا "1"
"إن رحاب المسكن تجلب إلى النفس الأنس والسرور والرضا""2"
ومن خلال دراستنا لمكان البيت في رواية عائد إلى حيفا توصلنا مركز الأحداث أن البيت هو الذي جمع سعيد وزوجته صفية ب إبنهما دوف (خلدون) وأنه حينما دخل سعيد إلى بيته بدا له المدخل أصغر مما تصوره وأكثر رطوبة وما نلاحظه أن غسان كنفاني أضفى على المكان صفة إنسانية وهي الانكار فكان البيت بمثابة إنسان ينكر أصحابه الذين رحلوا عنه
............................................
1.غسان كنفاني ،عائد إلى حيفا،دار الوطن،2016،صفحة 15
2.حماده تركي زعيتر ،جماليات المكان في الشعر العباسي ،دار الرضوان للنشر والتوزيع 2013،صفحة 85. 11


بالإضافة أنه ذكر البيت بتفصيله حين قال:حين صار في غرفة الجلوس استطاع أن يرى مقعدين من أصل خمسة مقاعد هما من الطقم الذي كان له .أما المقاعد الثلاثة الأخرى فقد كانت جديدة وبدت هنالك فضة وغير مستقلة مع الأثاث"1"
لم يتوقف سعيد عن تأمل الأمكنة خلال رحلته من رام الله إلى حيفا وحين دخل منزله الذي أبعد عنه لم يتوقف هو وزوجته صفية عن تأمل أثاثه وتفاصيله.
غير أنه حين خرج من المنزل بدت الأشياء كما وأنها أفل أهمية مما كانت عليه فتجلى هذه التغير بالنظرة للمكان بالنسبة له بصورة كلية الوطن.
وقد وجدنا الكاتب يعرض وصفًا دقيقا للبيت وذكرياته التي لا تكاد تغادر عقل الإنسان ما عاش وعمر ، ولعل المنزل الذي نشأ فيه وترعرع في زواياه ، هو أكثر ما يملك ذكريات حزينة.
" إن المكان يساهم في خلق المعنى داخل الرواية"
وفي البدء كانت تطل من الشباك . ومن الشرفة "2"
نجد الكاتب عمق وصف الغرفة الجلوس في ذلك المنزل
...............................................
حميد الحمداني ، بنية النص السردي ، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر 2000، صفحة 20
غسان كنفاني، عائد إلى حيفا، ص 20


12
2.السيارة
استعرض لنا الكاتب السيارة ، وهي أحد الأماكن المغلقة إذ أنه جاءت به من رام الله إلى حيفا.
"كانت الحقول تسرب تحت نظر عبر الزجاج سيارته" "1"
"حيث أنها وصفها وصفًا دقيقا حين قال "كانت سيارة "الغيات" الرمادية التي تحمل رقما أردنيًا أبيض تشق طريقها نحو الشمال ""2"
فالسيارة تشارك سعيد وصفية في كل مكان فهي كانت وسيلة لهما ، وصف لنا الكاتب حالته النفسية إذ أنه ربط لسانه وما عاد قادرا على الكلام حين قال"قالها لنفسه وهو يرتجف ، ولكنه تحكم بأعصابه" "3"فالكاتب غسان كنفاني جعل المكان المغلق السيارة مكان سرد فيه سعيد ما حدث فيه عام 1948 وكيف أن سعيد أجبر على مغادرة حيفا برفقة زوجته وتركهما ابنهما في البيت فقد كانت السيارة عنصرًا فعالاً في العمل الروائي أعطى له خصوصية إبداعية فكان سعيد يسوق سيارته في حيفا دون أن يشعر بأن شيئا في الشوارع قد تغير وقد وظف كنفاني ما عاشه عام 1948 فهو لا يستطيع أن يستنطق ذاكرته في مكان لا يعرف الهدوء فكانت السيارة هي المكان الهادئ الذي يساعده على تذكر ما عاشه ......................................
1.غسان كنفاني،عائد إلى حيفا، صفحة 7
2.المرجع السابق ، صفحة 25
3.المرجع السابق ، صفحة 10


13
الفصل الثاني :. العلاقة بين الإنسان والمكان
تتمحور هذه الرواية حول قضية الأرض وعلاقة الإنسان الفلسطيني بها حيث ظهر المكان في رواية عائد إلى حيفا بصورة جلية تعبر بوضوح عن تفاصيل ترتبط بإمتداد إنساني واضح ، حين يتوقف الراوي على تفاصيل المكان وموجوداته "وبعد قليل اكتشف أنه يسوق سيارته في حيفا دون أن يشعر بأن شيئًا من الشوارع قد تغير، كان يعرفها حجرا حجر ومفرقا وراء مرفق"1" هنا ظهر توقف الرواية على تفاصيل المكان وموجوداته" وكانت أشجار السرو الثلاث تنحني قليلا فوق الشارع قد مرت أغصان جديدة ، ورغب أن يتوقف لحظة كي يقرأ على جذوعها أسماء محفورة منذ زمن."2"
تبدو ثنائية المكان والزمان، عبر ذكر الدلالة المكانية تقابلها الشكوى "3"الفلسطينية الإرتباط بين المكان وهو المكان فلسطيني وكأنه امتداد لا ينفصل عن الشخصية الفلسطينية
إن غربة سعيد مركبة تحتوي على فقدان الوطن والبيت والإبن والأبوة وليس هذا فحسب بل أصبح ابنه خلدون ( دوف) في الخط القتالي ضد أخيه خالد حيث يعد المكان أهم المحاور الروائية المؤثرة في تحليل شخصية الكاتب النفسية وصراعه لتأكيد ذاته وتأصيل لهويته
.....................................
1.غسان كنفاني، عائد إلى حيفا صفحة 9
2.المرجع السابق صفحة 26
3.حمادة تركي زعيتر، جماليات المكان في الشعر العباسي، صفحة 23الأخر

14
الفصل الثالث :. المكان والرمز في الرواية
ظهر المكان في رواية عائد إلى حيفا مبرزا وراصدا لتحولات الحياة وصيرورتها فتجلت الرواية في رمزيتها كمغامرة فنية تتضمن الغوص في النفس البشرية ومما دعم هذه المغامرة الفنية عدم الوقوف عند الملامح الفنية عند الأفراد والجماعات واستخلاص العناصر الروائية كالحياة والحب والألم والكره،والموت والجنس.
تعد رواية عائد إلى حيفا من الروايات التي تستند إلى السيرة الذاتية ، مما جعلها ترتكز على الرمز في بعض الحالات لإخفاء بعض الوقائع والشخصيات فروايتنا تستند على الذاكرة فيجعلها تحتاج إلى الإبهام للتخلص من الحقيقة الواقعية المؤلمة .
إن الترميز يحول اللغة الروائية إلى لغة شعرية مما يؤثر على المكان وصورته في الرواية.
وحين صار في غرفة اظهرت رمزية غرفة الجلوس "1"في المقاعد الثلاث الجديدة كما لو أنها تعكس صورة عدم تقبل سعيد للوضع الراهن ومحاولة الهروب من الواقع المحتم المتمثل في إخراجه من بيته وأن أحدا قد استقله وذلك عندما قال "أما المقاعد الثلاثة الأخرى""2"
حاول الهروب من تلك الفكرة بوصفه للمنظر الجمالي لذلك الطقم في غرفة الجلوس وفي هذا فلسفة عميقة تتبع من مدى الحزن والأسف على بيته وهنا تتجلى صورة المكان المغلق في الرواية.
......................................
غسان كنفاني ، عائد إلى حيفا،صفحة 31
المرجع السابق ، صفحة 31
15



الخاتمة
يبقى المكان عالقا في العقل الفلسطيني وفي ذاكرته سواء كان هذا الفلسطيني يعيش في الداخل المحتل حيث المكان المنغلق لا يتنفس إلا من خلال حلقات الاحتلال والفلسطيني المغرب في دول الجوار أو في العالم بأسره فيوجه بصره من تلك الأماكن المفتوحة إلى دولته فلسطين المحتلة والإثنان سواء فغربة الداخل ليست أقل مرارة من غربة الخارج الذي يعد مقيد الحركة وحتى مقيد المشاعر وطني سلمت على مر العصور عائد ليس إلى حيفا فقط بل إلى جميع المدن وإلى الأزقة وإلى كل حبة تراب فيك يا وطني أهمس إليها بشوقي وحنيني .
ومن أبرز ما توصلت إليه من مضامين البحث:
--لا يعتبر المكان مجرد خلفية تقع عليها الأحداث فتفاعل العناصر المكانية وتضادها يشكلان عنصراً إبداعيا النص
-تمثل رواية عائد إلى حيفا التنديد بالعودة
-تمثل الرواية واقع الفلسطيني فعكست حال الإنسان على كافة الأصعدة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا
-بدأ صراع كنفاني من الأرض وانتهى إليها آملا بذلك تأكيد ذاته وهويته المفقودة.

16

قائمة المصادر والمراجع
1.حسن الجداوي :بنية الشكل الروائي ، الدار البيضاء ، المغرب ،2009
2.حمادة تركي زعيتر ، جماليات المكان في الشعر العباسي ، دار الرضوان النسر والتوزيع 2013
3.حميد الحمداني، بنية النص السردي ، الدار البيضاء مركز الثقافة العربي 2000.
4.الشريف جبيلة ، بنية الخطاب الروائي.
5.غسان كنفاني،عائد إلى حيفا، دار الوطن 2016.
6. لسان العرب ، مجلد 13، دار صادر لبنان ، ط1، مادة كون ، ص 414
7. غالب هلسة ، مقدمة كتاب باشلار جماليات المكان، دار الجاحظ ، بغداد، ط1، 1950، ص5
8. هداية الرزوق ، المكان في رواية عائد إلى حيفا ، جريدة الرأي، ط2016
9. شفيق طه النوباني ، المكان في رواية عائد إلى حيفا، جريدة الرأي ، ط2016
10.أسماء شاهين ، جماليات المكان في رواية جبرا إبراهيم جبرا، المؤسسة العربية للدراسات، بيروت ، ط1، 2001، ص 17


17
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف