الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

شعرية المرأة وأنوثة القصيدة..قراءة في قصيدة "أنثى الماء" بقلم:محمد المحسن

تاريخ النشر : 2020-08-23
شعرية المرأة وأنوثة القصيدة..قراءة في قصيدة "أنثى الماء" بقلم:محمد المحسن
شعرية المرأة وأنوثة القصيدة..قراءة في قصيدة: أنثى الماء..تحمل قبسا من التحديات للشاعرة التونسية هادية آمنة "

"إن العمل الفني مهما بدا منتهيا، فهو ليس كذلك، بل يحتاج دوما إلى من يكمله، وهو في أثناء هذه العملية لا يمل من الاستزادة " .

ليس بالإمكان تسمية تلك القراءات التي تمسح بحنوٍ، على السمات السائدة والمبثوثة في ثنايا النص أي نص على أنها تنتمي للنقدِ أو الكشف لأنها لا تضيف للمتلقي أي معلومةٍ تدلهُ على الجوانيات الجمالية التي تعجز عينهُ عن الإمساك بها ولذا، على الناقد أن يكون واسطةُ ربطٍ بين الجملة ومتداوليها وذلك بقيامه، بهتك الظلال التي يحاول الشاعر الإختفاء وراءها، ليبدو لقارئهِ، أشبهُ ما يكون بالطلسم. ان إستخدام الخلخلة والتشكيك في قصيدة النثر،عملاً ليس جديداً على الشعر،بل إستخدمهُ الشعراء منذُ ظهور بواكير الشعر الأولى . لكنَ الجديد الذي طرأ عليهما في قصيدة النثر،هو إدخالهما مدخلاً نفسياً وبيئوياً وذهنياً، بعد أن كانا جزءً من دلالةٍ أو إشارةٍ يقصد من وراءهما الحصول على الابهار ومحاولة لإعطاء القاريء إنطباعاً عن قدرة الشاعر المهارية في الإبتكار والتعبير ولذا نجد أن قصيدة النثر، إتخذت من الخراب قناعاً للوصول لجماليات الروح، بإعتقاد، ان لا جمال إلا بعد تخريبٍ، ولا ضوءَ إلا بعد تخريم جدار العتمة،هذا الخرابُ بمعناه التقني يعطي لقصيدة النثر خصوصيتها،وهي تلعب على مبدأ التناقضات،والتضادات،سواء في اللغة أو معناها . أردتُ من خلال هذا الإيجاز،أن أبينَ انهُ في الشعر عموماً،وفي قصيدة النثر بشكل خاص،ليس هناك حقائق ثابتة،وإنما،هناك إحتمالاتٌ متعددة . الكشف عن شخص القصيدة في النص الشعري، كشف عن آليات الخطاب الشعري، ومدى انفتاحه على تجليات اللحظة الإبداعية التي تشكل بؤرة البوح، وبؤرة الانبثاق الإبداعي،وفي تقصينا لقصيدة الشاعرة التونسية هادية آمنة:أنثى الماء..تحمل قبسا من التحديات وجدنا ثمة إشارات كثيرة يمكن لها أن تكشف عن شخص القصيدة لديها،سواء في المعنى أو في المبنى،وسوف نتوقف عند إشارتين مثلتا إيقاعا يمكن أن ينسحب على التجربة الشعرية فيما يخص هذه القصيدة،وهاتان الإشارتان أو الظاهرتان،هما بحث القصيدة عن ظل المعنى، وظاهرة التماهي بين الأنثى والقصيدة،التي مثلت ظلا يكتنه فعل التخصيب،وفعل التحدي،الفتنة والغواية في النص الشعري. إنه الصراع الجواني المعتمل والذي يمور في صدر الشاعرة حيث الإعلان والكشفُ عنهُ تورطاً،والسكوت عليهِ تكميماً،ولذلكَ نراها تتوغل في جلد الذات،غير أنها تلمحُ ولا تعلن من أن العملة واحدة،وإن إختلفت إستخداماتها هذا الصراع النفسي المستمر،هو عملٌ مقصود،وليس بريئاً كما سيبدو للقاريء . ان الشاعرة تخطط نحو إلغاء الفواصل،محاولة منهُا،لدمج كلمات الجملة بمعناها المشترك .لقد أكدت الشاعرة -هادية آمنة-في -قصيدتها هذه-،على أهمية إستخدام الشعر،كأداةِ تغيير ومحو . أنثى الماء تحمل.. قبساً من التحديات هو يُمارسُ على الأنثى الرجولة ويستأثرُ لنفسه بدوْرِ البُطولة يستبيحُ البقاع باسم الحبّ والغريرة الحلوة في شراكه تَطُب بعدها يبحثُ عن غشاء الطّهارة سُحقاً لكَ فتلك حقارة كلّ الخداع واللّؤم فيك إناث اليوم متى نستفيق؟ هو يُدجّنُها برجع السنين تَنساقُ إليه وعقلها مستكين يا حُرْمَة أنتِ عورة وإن انبثقت من الثورة ألف ثورة عِقَالُكِ على جيدِك لفِّيه ووقع خُطاكِ على أديم الأرض إلغيه ما أنتِ إلا مطيّةٌ قَبل حَورَاءِ العيون ضاعت الأسماء لتبقى فُتُون نجلاء.. هيفاء …حواء كلّ الوسائل مباحة الحربُ سِجالٌ ما بعدها راحة إستنزفي قواه البليدة إنتصري عليه وكوني عتيدة حواء من جنّة الخلد أخرجيه وإلى جحيم الجسد أعيده عبدا يكون وتلك علامة سحقا لبعض رجال اليوم وللأنثى السلامة الفتنة والغواية في النص الشعري.
تشتغل القصيدة لدى الشاعرة التونسية أمنة هادية على مقامين للاستجابة إلى ظل المعنى في القصيدة، مقام الكشف عن خصوصية المفهوم حيث يتجلى الفهم للخطاب الشعري، عبر خصوصية البحث عن الرؤية الشعرية التي تنبثق من ظل المعنى لديها،أي أن الشاعرة تستدرج مقامات تشكل المعنى في القصيدة عبر القصيدة ذاتها،والمقام الثاني هو الكشف عن التجليات المختلفة التي ينهض من خلالها شخص القصيدة،وهذه التجليات تتصل بمدى خصوصية الخطاب الشعري،أي الفلسفة التي ينهض من خلالها فهم الشاعرة في تعاطيها مع القصيدة، سواء على مستوى الدفع في اتجاه فرض الذات في مجتمع ذكوري كحالة من تجليات المعنى،أو بالكشف عن آلية السؤال التي تعد من آليات البوح الشعري والكشف عن خصوصيته في صدع الثابت،وصدع المألوف. ومن هنا كان لابد من البحث عن ظل المعنى وعن تجليات ذلك الظل الذي يحمل النص إلى رؤاه، مما يكشف عن خاصية شخص القصيدة في فهم العالم والذات. وقبل أن نستكشف هذا الجانب في قصائد الشاعرة لابد من الإشارة إلى عنوان القصيدة التي تنجلي بإزاحة عميقة الرؤى في الكشف عن المعنى من خلال التجاور بين حقلين دلالين لا يستويان في الواقع الدلالي، وإنما يتجليان في المعنى المجازي،الذي يزيح الدلالتين إلى دلالة مخصبة طافحة بالمعنى الجديد، حيث تتوجه الشاعرة بخطابها إلى ذاتها وهي تتجه إلى القصيدة التي تخطو على الماء،والماء في المعنى والتأويل أصل تشكيل الأشياء والخلق والحياة وبالتالي هو خافية المعنى الذي تسعى إليه الشاعرة، لذلك لا تريد أن تجرح الماء أو تجرح المعنى، الكامن في ماء القصيدة، ومن جهة أخرى إن المشي على الماء دون إرباكه هو أحد تجليات الإعجاز الصوفي مما يحيل القصيدة لدى الشاعرة إلى هذا المقام الذي يسحبها إلى دلالاتها الغائبة: وبهذا الوجد الخفي بين الماء والقصيدة،وبين الشاعرة والماء،تنكشف الرؤيا للشاعرة في تلقي معانيها وفي تشكل رؤياها لأنها في لحظة الخطف التي تشبه لحظة البرق، حيث القصيدة تتجه إلى غواياتها وغوايات القصيدة تأويل لغوايات الوجود، وتأويل لغوايات الأنثى وغوايات المعنى فتتجلى النبوءة للشاعرة في الكشف عن غيب المعنى الذي تسعى إليه، وكأن هذا التوحد بين القصيدة والشاعرة هو الذي فتح المعنى، ووسع المسافة بين الدال والمدلول، مما أيقظ حالة من الخصوبة التي تنهض بها القصيدة، وتنهض بها الشاعر في تقصي معانيها.. ما أرادت الشاعرة قوله عبر التكثيف،الإيحاء والترميز..؟ أرادت شاعرتنا المتميزة هادية أمنة القول أن قضية المرأة قضية تاريخية تضرب جذورها عميقاً في حياة الجماعة البشرية إلى الزمن الذي ظهرت فيه الملكية الخاصة، على الأرجح،وظهر معها الاستلاب واستغلال الإنسان للإنسان. وما يجعلنا نميل إلى ترجيح ذلك أن المرأة لا تزال تعامل على أنها ملكية خاصة للرجل، شأنها شأن ما كان يملكه الرجل من عبيد وإماء. بل نكاد نقول إنها الأثر المتبقي من النظام العبودي القديم، والمتخفي في ثنايا النظام العبودي الجديد الذي رفع الملكية الخاصة إلى مصاف المقدسات، بل جعلها المقدس الوحيد في الواقع الفعلي، وفصلها عن المجتمع، ثم عن العائلة. ويتجلى ذلك الجذر العبودي في الثقافة السائدة على الصعيد العالمي، ولا سيما في المجتمعات المتأخرة كمجتمعاتنا، حيث ما تزال وضعية المرأة في هذه المجتمعات أقرب إلى ما كانت عليه في الماضي البعيد. ومن الصعب أن يجد المرء تفسيراً آخر لاستمرار دونية المرأة وتبعيتها للرجل غير نتوج العلاقات والقيم الاجتماعية عن شكل الملكية، بل عن نمط الإنتاج الاجتماعي الذي يتحدد بها، أعني إنتاج الثروات المادية والروحية على السواء؛ لأن كل إنتاج هو تملك، بالمعنى ذاته لقولنا: كل إنتاج هو استهلاك. ومن ثم فإن الإنتاج هو شكل تملك الإنسان للعالم مادياً وروحياً. ويندرج في هذا السياق إنتاج البشر لوجودهم الاجتماعي وعلاقاتهم الاجتماعية،وفي مركزها العلاقات الجنسية،ولنسمها العلاقات النوعية،لاستبعاد الإيحاء الشائع والمبتذل غالباً لـ "الجنس". أليست المرأة المالكة وسيلة إنتاج عيشها،أو وسيلة إنتاج بوجه عام أكثر تحرراً،ولا أقول حرية،من غير المالكة؟ والتحرر هو السبيل إلى الحرية. على سبيل الخاتمة: حين سألت الشاعرة هادية آمنة هذا السؤال-المربك-:أين الرجل داخل سطور قلم هادية ؟ أجابتني بإبتسامة عذبة لكنها تراءت لي مخاتلة حيث قالت: "الرجل،معي،داخل النص وخارجه،كذلك في لوحاتي، له حضورا واضحا. متضمن في لاشعور النص أحيانا و له في نصوصي كيفية خاصة ينفلت بها بشفافية حين يكون (بارقاً) فيكون حاضرا ناصرا أو خاذلا وعلى القارئ أن يفك رموز المعاني والدلالات التي تمنحها ثقافة النص حين يستتر،فانا أكتبه مرموزا خفي أحيانا وواضح المعالم تارة أخرى وعلى القارئ أن لا ينقاد إلى التصورات السائدة فان ما يخفى يكون أجمل.عدم تكراره لا يلغي ولا يهمش وجوده قط. . تجده -الرجل- أما بين السطور أو خلفها أو في القلب معنى." وإذن؟ هناكَ الكثير إذا في قصيدة الشاعرة التونسية هادية آمنة: "أنثى الماء تحمل قبسا من الذكريات"،من الإحالات،الإيحاءات والدلالات المهمة التي تستحق وبجدية الوقوف عندها وتأملها،وخضوعها للتشريح والقراءة،غير أننا لا نريد الإطالة، بغية فسح المجال الى الشاعرة، لتريّنا،كيف علّمت حمامات جملهِا على الطيران .؟!
محمد المحسن(شاعر وناقد تونسي)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف