الأخبار
(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسطشهيد وثلاثة جرحى بغارة إسرائيلية استهدفت مركبة جنوب بيروتاستشهاد مواطن برصاص الاحتلال قرب مخيم نور شمس شرق طولكرمالشيخ يبحث مع وفد أوروبي وقف العدوان على غزة واعتداءات المستوطنيننحو صفقة ممكنة: قراءة في المقترح الأمريكي ومأزق الخياراتالكشف عن تفاصيل جديدة حول اتفاق غزة المرتقبمسؤولون إسرائيليون: نتنياهو يرغب بشدة في التوصل لصفقة تبادل "بأي ثمن"
2025/7/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مارية بقلم محمد بوعنونو

تاريخ النشر : 2020-08-22
مارية بقلم محمد بوعنونو
مارية                                       
بقلم محمد بوعنونو

إهداء

في ذكرى عيد الميلاد، الذي صادف يوم الفراق، أسكب بين يديك هذه العبرات، التي كان سببا فيها بعض الوشاة، أولئك الذين بحثوا عن ماضي فتى الأحزان كي يشوهوا صورته عندك، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

بعضهم كان يناديه بالمجذوب، والبعض الآخر يسميه الأبله أو الأحمق، بيد أنه لم يكن يشبه الحمقى في شيء، هدوؤه، سكينته، تعفّفه عن سؤال الناس، حرصه على النظافة، صومه عن الكلام، كلها أمور تجبرك على احترامه، وتفرض عليك تقديسه.

كان لا يتحدث مع أحد ولا يتحدث معه أحد، لا يعبأ به أحد، ولا هو يعبأ بأحد، يتخذ من الرصيف مأوى له، ومن حائط مبنى قديم ركنا يستند إليه، يفترش الأرض صيفا وشتاء، ويلتحف السماء ربيعا وخريفا، يتلقى ما يجود به الناس من باقيا الأطعمة والأشربة في صمت رهيب، ولا من اطّلع على قصته أو أدرك حقيقة أمره.

اسم واحد فقط كان يجعله يثور ويضطرب وينفجر بالبكاء : { مارية }، اسم يحمل بين طيّاته أسرارا كثيرة، ويخبّئ بين ثنايا حروفه لغزا محيّرا، ولا من أدرك سرّه!

النساء اعتقدن أنها حليلته، والشباب ظنوا أنها خليلته، والكهول حسبها ابنته أو أمه، والكثير لم يتكلفوا عناء التفكير في الأمر، ففي النهاية هو شخص أحمق، والحمقى يثورون لأبسط الأمور، ويبكون على أتفه الأشياء.

في إحدى ليالي نونبر الباردة، حيث تسكب أجفان السماء دموعها، وتمزجر الريح في الأفق، ويدوّي الرعد في أرجاء السماء، وجده بعض المارة قد فارق الحياة!

كيف مات؟ هل كان يعاني من مرض؟ هل قتله أحد؟ أيكون قد انتحر؟ هي أسئلة لا أعرف أنا أيضا الجواب عنها، كل ما أعرفه أن السماء تلك الليلة لم تتوقف عن البكاء، حتى كاد الناس يغرقون في عبراتها ودموعها، ربما حزنا على المجذوب!

وجد الذين نعوه في أمتعته ورقة مكتوبا عليها ما يلي :

{ بين ثنايا السحب الملونة بحمرة المغيب تبدّت لي صورتها، وقد هفت تتبختر في مشيتها، ونسمات المساء تتلاعب بخصلات شعرها، وكشلال فضي ينبعث النور من حدقتيها، ومثل كوثر عاجي يتدفق الجمال من نحرها، تحسدها النجوم على أنوثتها، ويحدث أن يتغزّل بها القمر متمنيا نظرة منها.

تسألني كيف أحببت مارية؟ إن الحب أشبه ما يكون بالعاصفة، إنه لا يرسل إنذارا بحدوثه، ولا علامات تدل وتنبئ بقدومه، وإنما يتفجر من قلب اللاشيء، في وقت متجرد عن الزمان، فإذا أنت ريشة في مهب الحب، تتهادى بك نفحات العشق.

تسألني هل أحببت مارية؟ ومن ذا قادر على تحمّل نظراتها، لقد كانت دعوات لا تردّ، وأسهما لا تخطئ، لا يمكن للرجل البِكْر أن يتجاهلها طويلا، فإما أن يستجيب، وإما يهرب، وأنا كنت رجلا شهما شجاعا أفضل الإقدام على الهروب كائنا ما يكون! إلا أن شجاعتي كانت موسى حادة وشفرة مسنونة ذبحت بها ذاتي بذاتي، ولم أشعر إلا وأنا ذبيح عند أخمص قدميها، أقدم الولاء لعرشها وأرقص ألما.

لكن للأسف، الحب عند مارية، كما هو عند كثيرات غيرها، أشبه ما يكون بصيد الصبيان، إنهم لا يصطادون فلينتفعوا بما كسبت أيديهم، ولكن المتعة عندهم في إسقاط الطير، ثم تركه مدرجا في دمائه، فريسة سهلة لكواسر الغاب.

فما ضر لو أنك أخلصت يا مارية! }

ويكأن صاحبنا لم يعش تلك المادة متأملا صامتا إلا ليكتب ورقة كهذه، أفرغ فيها مكنونات صدره وحبّات قلبه،  وصاغ فيها تجربة خطها بعروق قلبه، ودماء فؤاده، محذرا غيره من ارتكاب الخطأ نفسه.

لقد مات، لكن كلماته بقيت خالدة تتموج مع الريح، وتنزل مع المطر، وتنساب مع أشعة الشمس وهالات القمر، لتبقى رسما موشوما على جبهة مارية ومثيلاتها، بل وصمة عار كل الماريات شبيهاتها اللواتي يتخذن الحب مطية لتحقيق رغبات زائلة ومآرب دنيوية ويرقصن على جثث الضحايا ويكتحلن برمادهم ويتزين بعبراتهم ودموعهم. لكن الحياة مد وجزر، وشروق وغروب، ومن نواميس الحياة أن يتجرع الساقي بما سقى. لكن متى يا ترى؟
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف