الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أدب الطفل العربي.. بعيداً عن الفوضى!!بقلم:د.يسري عبد الغني

تاريخ النشر : 2020-08-19
أدب الطفل العربي.. بعيداً عن الفوضى!!بقلم:د.يسري عبد الغني
أدب الطفل العربي..بعيدا عن الفوضى!!!!!
بقلم/د.يسري عبد الغني
الكتابة للطفل معضلة شاقة، وأقصد بذلك أن لها أدواتها وشروطها وتقنياتها، فإذا لم يكن المتصدي للكتابة للطفل واعيًا بذلك قبل أن يشرع في الكتابة أتى أدبه جافًا وبعيدًا كل البعد عن الطفل، بل يكون ضارًا به.
نعم، نحن في حاجة ماسة إلى هذا الأدب، ولكن الحاجة لا تعني أن يدلي كل من هبّ ودبّ بدلوه في الكتابة للطفل، فالعملية ليست سبوبة أو سد فراغ، بل هي سده بأدب ناضج نافع يعود على أولادنا بالنفع والفائدة تربويًا وأخلاقيًا في آن واحد.
هناك العديد من الأمور التي يجب أن يدركها المتصدي للكتابة للطفل، أهمها أن يفهم معنى هذا النوع من الكتابة ومحتواه، إذ أنه كما يعلم الجميع هو علم قائم بذاته يشمل العديد من الجوانب منها النفسية والتربوية والاجتماعية والفنية.
فالكتابة للطفل بحر واسع صعب العوم فيه إلا لمن كان صاحب دربة وخبرة وعلم ومعرفة، أدب الطفل يجب أن يستند على خبرة لغوية في شكل فني، يبدعه الفنان خاصة للأطفال فيما بين الثانية والثانية عشرة، بحيث يعيشونه ويتفاعلون معه، فيمنحهم المتعة والتسلية ويدخل على قلوبهم البهجة والمرح، وينمّي داخلهم الإحساس بالجمال وتذوقه، ويقوي تقديرهم للخير والمحبة والحق والتسامح، ويطلق العنان لخيالاتهم وطاقاتهم الإبداعية، ويبني فيهم الإنسان والإنسانية وهذا هو المهم والأهم.
إن أدب الأطفال شكل من أشكال التعبير الأدبي له قواعده ومناهجه، سواء منها ما يتصل بلغته وتوافقها مع قاموس الطفل، ومع الحصيلة اللغوية والأسلوبية للسنّ التي يوجه لها الكتاب، أو ما يتصل بمضمونه ومناسبته لكل مرحلة عمرية، أو ما يتصل بمسائل الذوق وطرائق التقنية في صوغ القصة، أو في الحكاية للقصة المسموعة.
أدب الطفل دوره أن يطوّر الوعي وطريقة فهم الحياة، ويعوّد الناشئة على المعايشة السليمة مع الآخر، والتوافق مع الواقع المعيش، في نفس الوقت الذي يجب أن ينمّي فيه الإدراك الروحي والمحبة لكل ما هو جميل، وروح التفاؤل والأمل، ويؤصل القيم دينيًا واجتماعيًا وإنسانيًا ووطنيًا، ويعرف الصواب من الخطأ عن طريق الخبرات، كما يعلم التفرقة بين الخير والشر في الحياة، التي يجب أن نفهمه كيف يقف عليها بأبعادها الماضية والحاضرة والمستقبلة، ويشبع الحاسة الفنية، ويروي التطلع للنظام والتناسق والجمال، ويقوّي نواحي التفكير وروح المعرفة، ويحدّد المثل العليا للسلوك الإنساني، ويبني في داخل الطفل الإنسان بكل رقيه وسموه.
في عصر كعصرنا نجد أن أطفالنا يتعرّضون يوميًا للخطر والتشويه في عالم التكنولوجيا العجائبي الغر ائبي بوسائله الخارجة عن السيطرة، فأطفالنا مهدّدون دومًا، لذلك تأتي ضرورة الكتابة لهم بطريقة صحيحة، فهم بحاجة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى إلى كاتب حقيقي يفهم معنى الكتابة للطفل، كاتب مبدع يخرج ما يكتبه من مادة الحياة نفسها، ومن مخزونها بعد أن يتفاعل بروحه وعواطفه معها، ولكن الموهبة وحدها لا تكفي!، بل تحتاج إلى رصيد زاخر من التجارب والخبرات والمعارف التي تصقلها وتدرّبها، وعليه فإن نجاح كاتب الأطفال مرهون بمقومات عديدة، يمكن لنا أن نلخصها فيما يلي:
1 ـ الإفادة من تراث البشرية ورصيدها الضخم من الخبرات والتجارب الإنسانية.
2 ـ ذكريات الطفولة البريئة الجميلة النافعة المفيدة.
3 ـ سهولة اللغة والصدق في التعبير والأمانة في كل كلمة تكتب.
4 ـ ضرورة التزوّد بالدراسات العلمية والأدبية والإنسانية، وجميع ألوان الثقافة والفنون قدر الطاقة والمستطاع.
5 ـ الاهتمام بما نكتب للطفل كما لو كنا نكتب للكبار، فأطفالنا على وعي ودراية قد نتجاهلها نحن الكبار في بعض الأحيان.
بناء على ما ذكرناه آنفًا تصبح غاية أدب الأطفال ليس مجرد إذكاء الخيال فقط لا غير، ولكنها تتعداه إلى تزويدهم بالمعلومات العلمية والنظم السياسية والعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية والقيم الأخلاقية والعواطف الدينية والوطنية، والأهم تثبيت دعائم الهوية في نفوس الناشئة، لنرسخ داخلهم قيم الولاء والانتماء والحب الحقيقي لبلادهم وأوطانهم.
أدب الطفل يجب أن يعلم أولادنا آداب وأخلاقيات التعامل مع الآخر واحترامه، وتعليمهم العمل بروح الفريق بعيدًا عن الفردية والأنانية، وفي الوقت الذي يجب أن نوسّع فيه قاموس اللغة لديهم علينا أن نمدهم بعادة التفكير العلمي السليم المنظم، ونوصلهم بركب الثقافة والحضارة والتمدين من حولهم بما يتّفق مع قيمنا وأخلاقنا وثوابتنا، في إطار مشوّق ممتع وأسلوب سهل واضح راق جميل، وهكذا يصبح أدب الأطفال وسيلة من وسائل التعليم والمشاركة والتسلية، وطريقًا إلى التعايش الإنساني عن طريق معرفة السلوك المحمود الذي أداته تكوين العواطف السليمة لأطفالنا، وأسلوبًا يكشف به الطفل عن مواطن الصواب والخطأ في مجتمعه الذي يعيش فيه.
إن مهمة من يتصدّى للكتابة للطفل مهمة صعبة شاقة كما أكدنا ونؤكد على ذلك، فليس دوره أن يقف عند العرض والكشف، بل مهمته تقوية إيمان أولادنا بكل الإيجابيات التي يجب أن نعظمها بداخله، وحتى لا يخدع الطفل فعلى الكاتب أن يصوّر الخير والشر والظلم والاستغلال كما هي في المجتمع، وكل ما ذكر يؤدي إلى مقولة أقولها دائمًا إن أدب الطفل ليس عرضًا للأخبار، وليس للتسلية وقتل الوقت، بل إن مهمة هذا الأدب هي تقديم تجارب البشرية من خلال المتعة والسرور وتنمية الإحساس بجمال الكلمة وقوة تأثيرها وفهم التطور الإنساني بطريقة أفضل والكشف عن سر الجمال والحقيقة وتهيئة الطفل للمستقبل الأفضل، على أن نعوّده أن يقبل الحياة كما هي ويعيشها إلى أبعد أعماقها دون يأس أو خوف.
أقول لكم إن أدب الطفل أدب صعب المجال وكم هي عسيرة الكتابة فيه، وذلك لأنه يتطلب الكثير من المعارف والدراسات والأبحاث المعمقة في مجالات الدراسات الإنسانية والأدبية والعلمية، وهنا يؤلمنا أن نقول إن المحتوى المرجعي العربي في هذا المجال ليس بكثير، ومن هنا تزداد المشكلة تعقيدًا وصعوبة.
نخاطب أدباءنا الذين يتصدون للكتابة في أدب الطفل، من فضلكم وإحسانكم عليكم بالثقافة الشاملة الواسعة العميقة، عليكم بتدريب أنفسكم على المعارف والمهارات التي يجب أن يتسلح بها كل من أراد أن يكتب لأطفالنا، ولا يصح بحال من الأحوال أن نزجّ بأنفسنا عشوائيًا في هذا الحقل الشائك والشائق في آن واحد، واعلموا أن طفل اليوم أصبح من الذكاء والفطنة والألمعية بحيث لن نستطيع خداعه أو إقناعه بأمور كان جيلنا يقتنع بها ويقبلها راضيًا قرير العين.
نعم الإنتاج الغزير الموجود حاليًا في عالم الكتابة للطفل، يكشف بكلّ أسف عن الكثير من العشوائية، فمن يقرأ متفحصًا يشعر بأن أغلبيته يسوده القصور في العديد من الجوانب، إما فنيًا أو تربويًا أو نفسيًا أو أسلوبيًا، وهكذا بحيث يصبح من الصعوبة بمكان أن نعثر على عمل نقول معه لقد استجاب هذا العمل لكل المتطلبات التي نريدها أو نتمناها في أدب الطفل.
وأشير أيضًا إلى عمليات النقل والتلخيص التي تجري عن لغات أخرى أو عن كتب صدرت بالعربية في العالم العربي، كما يرى بعض المطلعين والمتابعين لحركة أدب الطفل لدينا.
وختامًا نحن في حاجة ماسة إلى أدب أطفال يعبر عنا بصدق وأمانة، فالمحفزات موجودة بكل أنواعها ولكن يبقى أن يتدرب كتّابنا الأفاضل على الكتابة للأطفال، ويبقى أيضًا أن نمنعهم عن الكتابة العشوائية السريعة، فعليهم أن يفهموا أن مثل هذه الكتابة حتى تؤتي أكلها وتكون بحق ناضجة نافعة عليها أن توضع على نار هادئة بعد المعرفة الواعية بأصولها والوقوف على شروطها وإتقان أدواتها.
تحية لكل كتّاب الأطفال في بلادنا، ولكن نطلب منهم المزيد والمزيد، حتى يقوموا بدورهم وبرسالتهم المنوطة بهم تجاه أجيالنا الصاعدة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف