الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ورقة موقف في ضوء انتشار فيديو لجنود الاحتلال الاسرائيليي يعذبون عمالاً فلسطينيين عُزل

تاريخ النشر : 2020-08-19
ورقة موقف صادرة عن مركز "شمس" في ضوء انتشار فيديو لجنود الاحتلال الاسرائيليي يعذبون عمالاً فلسطينيين عُزل


العضو الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة

العضو المراقب لدى اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية

18/8/2020

 
رام الله. فلسطين. 18/8/2020

 
   
مقدمة

يصدر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" ورقة الموقف الخاصة هذه في ضوء انتشار واسع لمقطع فيديو يظهر مجموعة من جنود الاحتلال الإسرائيلي يعتدون بشكل وحشي على عمال فلسطينيين في منطقة بالقرب من مدينة الخليل. أثار الفيديو حالة من الصدمة والغضب بالرغم من معرفتنا في مركز "شمس" أنه ليس الأول ولن يكون الأخير، وأن هذا الانتهاك الفارق فيه فقط هو أنه تم توثيقه وأن العمال فيه بعضهم على الأقل من العمالة الفلسطينية المنظمة، بالإضافة إلى هوية المعتدين باعتبارهم خمسة جنود أنشئوا تشكيل عصابي ضمن حرس الحدود في الشرطة الإسرائيلية واعتادوا نصب حواجز سرية واعتراض الفلسطينيين قرب ثغرة في جدار الفصل العنصري لضربهم وسرقتهم وابتزازهم .

حاول مركز "شمس" في هذه الورقة الإجابة على جملة من الأسئلة المهمة التي أثارتها الحادثة: هل تعتبر واقعة ضرب العمال الفلسطينيين وسرقتهم فردية؟ لماذا تتمسك "إسرائيل" بالعمالة الفلسطينية ولماذا يعمل الفلسطينيين فيها؟ كيف شكلت حادثة الاعتداء على العمال انتهاك ضمن انتهاكات ممنهجة أوسع ضد العمالة الفلسطينية المنظمة وغير المنظمة؟ هل من تحقيق ومساءلة جدية مأمولة من القضاء الإسرائيلي؟ وبروتوكول باريس الاقتصادي، انفصام النص عن الواقع التطبيقي. 

كما ختمت الورقة بجملة من التوصيات أبرزها: دعوة النظام السياسي الفلسطيني إلى إعادة النظر في بروتوكول باريس الاقتصادي بجدية، ومطالبة السلطة الفلسطينية بإعطاء الأهمية لتطوير قطاعي الزراعة والصناعة لما لهما من دور كبير في المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وفي استيعاب العمالة المتزايدة، وتخصيص مشاريع صغيرة ومدرة للدخل للعاطلين عن العمل، وإنشاء صندوق وطني للتشغيل يهدف لدعم العمال الفلسطينيين، ومطالبة لجنة تقصي الحقائق الدولية التابعة لمنظمة العمل والمختصة في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحق العمال الفلسطينيين بنشر نتائجها على أوسع نطاق والبناء عليها، والمسارعة إلى إصلاح الأطر النقابية الفلسطينية بتجديد هياكلها وعقد انتخابات نزيهة فيها بعيدة عن المحاصصة، ورفع مستوى الوعي العام الفلسطيني الداخلي في النظرة تجاه العمال، وتوسيع منظمات المجتمع المدني لدورها في تقديم المساعدة والاستشارة القانونية، وتكثيف عملها على رصد الانتهاكات و الاستعانة في ذلك بمراقبين مدنيين فلسطينيين من الداخل، وتوثيق الملفات بشكل دقيق بما يسمح بالبناء عليها والتوجه بها للقضاء الدولي، ومراسلة المقررين الأمميين الخاصين، والاستفادة من التحالفات والشبكات في فضح الممارسات الإسرائيلية تجاه العمال والضغط على الشبكات الدولية والشركاء لقطع علاقتهم بالمؤسسات الإسرائيلية التي تبرر الممارسات الاستعمارية تجاه العمل، وأخيراً دعوة الإعلام الفلسطيني لتسليط الضوء على الانتهاكات لحقوق العمال وفق منهج قائم على الديمومة والاستمرار وإنتاج تحقيقات استقصائية ذات صلة. 

تفاصيل واقعة الاعتداء على العمال الفلسطينيين

بتاريخ 17/8/2020 انتشر على نطاق واسع مقطع فيديو ([1])يظهر مجموعة من الجنود الإسرائيليين  يعتدون بشكل وحشي وإجرامي على عمال فلسطينيين في منطقة جنوب الضفة الغربية وتحديداً بالقرب من مدينة الخليل، الفيديو الذي وصل إلى الإعلام بدون علم مصدر تسريبه على نحو دقيق والذي يرجح أنه نتيجة لتوزيع الجنود المعتدين الفيديو وتداوله مع زملاءهم للتفاخر، أظهر قيام الجنود بضرب العمال، وإجبارهم على خلع ملابسهم، ومن ثم سرقة أموالهم. بعد الانتهاء من جولة التعذيب، يظهر في الفيديو جندي من المعتدين يوجه حديثه لأحد لعامل تسيل منه الدماء وبصيغة تهديدية يأمره: "معك دقيقة بس، دقيقة تكون واصل الحاجز"، مقابل هذه الممارسات الإجرامية أجبر العمال على الصمت أثناء الاعتداء والذين كانوا يعاقَبون بوحشية في كل مرة يرددون فيها نحن عمال ومن حملة التصاريح.

وفق التحليل الأولي للفيديو المنتشر من قبل طاقم مركز "شمس"، يُظهر المقطع انهيال خمسة جنود من جناح "حرس الحدود" ([2]) الذي يتبع الشرطة الإسرائيلية، وهو جناح سيء السمعة والصيت مختص بملاحقة ومطاردة العمال الفلسطينيين. في حالات كثيرة ضمن ذات السياق يتم إطلاق النار على العمال وإصابتهم بشكل مباشر أثناء الملاحقة.  ما أثار الدهشة أن هؤلاء العمال هم حملة تصاريح تسمح لهم بالعمل داخل "إسرائيل" وبالرغم من ذلك تم تعنيفهم بشكل وحشي وأظهر الفيديو نزيف الدماء من العمال. 

في التفاصيل أيضاً، العمال الفلسطينيين الذين تم الاعتداء عليهم بالضرب المبرح بالأيدي والركل بالأرجل في الرأس والضرب بالعصي وإجبارهم على خلع ملابسهم وإهانتهم بألفاظ نابية جرى الاعتداء عليهم قرب الأسلاك الشائكة غربي الخليل. يظهر الفيديو تباهي أحد الجنود بسرقة أموال العمال. بعد أن يدوس بحذائه على رأس العامل الفلسطيني. وهو انتهاك ليس أول ولن يكون أخير، لكن قيمته في أنه جرى توثيقه.

هوية المعتدون: تشكيل عصابي ضمن "حرس الحدود" التابع للشرطة الإسرائيلية

بتاريخ 13/8/2020 أي قبل 4 أيام من انتشار فيديو الاعتداء على العمال الفلسطينيين، كشفت مواقع إخبارية إسرائيلية ([3]) النقاب عن أن المحكمة المركزية في بئر السبع حاكمت عصابة لصوص مكونة من جنود في "حرس الحدود" بالشرطة الإسرائيلية وتعمل في الضفة الغربية، تخصصت باعتراض المواطنين الفلسطينيين والاعتداء عليهم ومن ثم نهب نقودهم.

وفقاً للائحة الاتهام المقدمة من النيابة الإسرائيلية: "اعتاد المجرمين على نصب حواجز طيارة في المناطق الفلسطينية، واعتراض مارة فلسطينيين وافتعال صدام معهم يقود للاعتداء بالضرب، ومن ثم سرقة آلاف الشواقل منهم بعد أن يدخلوا إلى إسرائيل. درج أفراد هذه العصابة على اصطياد ضحاياهم من الفلسطينيين، بنصب كمائن بالقرب من ثغرة في جدار الفصل العنصري في جنوب الضفة الغربية، وتنفيذ الاعتداءات عليهم وسرقة أموالهم، كون هذه المنطقة نائية. نفذ الجنود جرائمهم في بعض الحالات وهم ملثمون. وفي حالات أخرى لم يخجلوا من توثيق الجرائم بالصوت والصورة وتوزيعها على عدد من زملائهم. هؤلاء الجنود، مع قائدهم، تصرفوا كعصابة بكل معنى الكلمة".

جاء في أقوال المحامية "عادي فولنرمان": "المتهمين عملوا بذكاء وطوروا أسلوباً منهجياً بهدف إخفاء عملية السرقة عن المنهوبين. وقسم من المخالفات ارتكبت بوحشية وبعنف خطير، ومن خلال استخدام السلاح الناري من أجل تنفيذ الجريمة. ويتبين من الأدلة أن المتهمين اتفقوا على الاستمرار في نشاطهم الإجرامي ونهب الفلسطينيين، وزيادة حجم المبالغ المسروقة، وتشديد العنف الممارس ضدهم. من الأمثلة على التنكيل: شهر يوليو (تموز) الماضي، دخل فلسطينيون عبر الثغرة، فتوجه إدري وشرطي آخر ملثميْن نحوهم، وأمراهم تحت تهديد السلاح بالاستلقاء على الأرض وإفراغ جيوبهم. وبهذه الطريقة سرقا آلاف الشواقل، ثم إنهالا عليهم بالضرب. وفي حالة أخرى، وثقها المتهمون (بصور أو مقطع فيديو)، ركل إدري وشرطي آخر فلسطينياً في وجهه حتى نزف دماً. وعندما خلع الفلسطيني قميصه بسبب النزيف، أمره أحد أفراد الشرطة بخلع سرواله؛ لكن قبل أن يفعل الفلسطيني ذلك، صرخ عليه الشرطي بأن يسير نحو حاجز عسكري قريب. وفي إحدى الحالات حاول فلسطيني الهرب، فأمسكه أحد المتهمين وصفعه وشتمه، ثم سرق منه 1400 شيقل، بينما واصل زميله الشرطي الآخر ركله وصفعه. ووثق الاتهام أيضاً إيقاف ثلاثة أفراد من الشرطة لفلسطينيين دخلوا من معبر، واتجه إدري وهو ملثم إلى أحدهم، ووضع مسدسه على رأسه وأمره بإفراغ جيوبه. وسرق أفراد الشرطة الثلاثة 900 شيقل من الفلسطينيين، وأمروهم بالعودة إلى الجدار من دون النظر إلى الخلف. وفي حالة وثقها أحد أفراد الشرطة بهاتفه المحمول، أوقف المعتدي "مزراحي" فلسطينياً، وضربه بعصا على ظهره وكتفيه عشرين مرة تقريباً، بينما كان الشرطي يغني "آن دان دينو".

هل تعتبر واقعة ضرب العمال الفلسطينيين وسرقتهم فردية؟

يكمن في جوهر الاستعمار الإسرائيلي ومنظومتيه البنيوية والتشريعية انتهاك عنيف ممنهج لحقوق الإنسان الفلسطيني، يُمؤسس ذاته عبر المؤسسات بما فيها التنفيذية والبرلمانية - التشريعية والقضائية والإعلامية، ويتمركز في العقل الجمعي الإسرائيلي مُخلّقاً لذاته بنى راسخة من الصعب تحديها تدفع بالفضاء العام نحو مزيداً من اليمينية على نحو مستمر، تمتد إفرازات هذه الحالة وتتجلى على شكل انتهاكات في كل القطاعات والحقول تتقاطع في أنها موجهة ضد الإنسان الفلسطيني أياً كانت صفته. بما في ذلك العمال الفلسطينيون داخل إسرائيل. مما يثبت هذا الافتراض صراخ أحد العمال الفلسطينيين خلال الفيديو بينما كان وجهه مضرج بالدماء بكونه من حملة التصاريح دون جدوى بل ومكافئته على ذلك بركلة، وهو جانب آخر يؤكده الاعتداء يقود لنتيجة مفادها: المشكلة تكمن في كونك فلسطيني.

الفلسطينيون الذين يعيشون في الأرض المحتلة يدركون أن هذه الانتهاكات ليست فردية أو عابرة، وإنما هي جزء من المنظومة الاستعمارية العنيفة وما تنتجه من ممارسات فوقية تعامل الفلسطيني بازدراء وامتهان لكرامته الإنسانية. خلال عمله رصد مركز "شمس" العديد من الشكاوى المشابهة لعمال فلسطينيين والذين كانوا يتراجعوا عن الإبلاغ وتقديم الشكاوى خشية من فقدانهم تصريح العمل الذي يخولهم الدخول إلى "إسرائيل".

في حالات مشابهة، تتكرر حوادث سرقة منازل الفلسطينيين أثناء تنفيذ جيش الاحتلال الإسرائيلي لمداهمات "أمنية" ليلية تهدف لاعتقال فلسطينيين، وهو ما يعكس حالة الفلتان وغياب الانضباط داخل جيش الاحتلال وغياب الرقابة الفاعلة والجدية والمساءلة، وهي ثقافة تنطلق من استسهال ارتكاب الجريمة ضد الفلسطيني والنظرة الفوقية له.
 

لماذا تتمسك "إسرائيل" بالعمالة الفلسطينية؟ ولماذا يعمل فيها الفلسطينيين ؟

بالرغم من تصاعد حدة الصراع، لم تستغني "إسرائيل" في أي مرحلة عن العمالة الفلسطينية، والسبب في ذلك هو رخص هذه العمالة، وغياب السند القوي لهؤلاء المواطنين، وكونهم يتلقون أجورهم بالعملة الإسرائيلية "شيقل" وعليه هم أقل تكلفة، كما أن هؤلاء العمال الذين بغالبيتهم الساحقة من الضفة الغربية سيقومون بصرف أموالهم في السوق الفلسطيني سواء على بضاعة فلسطينية أو إسرائيلية وعليه في الحالتين أمام حالة التداخل الاقتصادي تصب هذه الأجور مجدداً في جيب الاقتصاد الإسرائيلي بشكل أو بأخر، بالإضافة إلى أنهم لا يبيتون في أماكن عملهم، ويتقنون بشكل سريع اللغة العبرية، ويمكن اعتقالهم دون أي حدود أو عقبات وتغيب الهياكل المؤسساتية المدافعة عنهم.

على العكس من ذلك، العمال الأجانب من جنسيات أخرى، يقومون بتحويل أجورهم للخارج، وعليه يخسر السوق الإسرائيلي هذه العملة، ويبيتون في أماكن عملهم، وهو ما يتعارض مع المفاهيم الكامنة في الذهن الاستعماري الإسرائيلي من أنها دولة لليهود، وقد يخلق معه أزمات اجتماعية، وهم مواطنين من دول ذات مؤسسات أكثر قوة من الفلسطينيين مما يعني أنه لن يكون من السهل انتهاك حقوقهم.

مقابل ذلك، يضطر الفلسطينيون للعمل رغم هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر، نتيجة ارتفاع نسبة البطالة وضعف الاقتصاد الفلسطيني من الناحية البنيوية وغياب الفرص البديلة وارتفاع الأجور في "إسرائيل" قياساً مع تدنيها في المناطق الفلسطينية.

الاعتداء على العمال: انتهاك ضمن انتهاكات ممنهجة أوسع ضد العمالة الفلسطينية المنظمة وغير المنظمة

لا يمكن عزل فيديو الاعتداء على العمال عن سياق أوسع يتم فيه انتهاك مختلف حقوق العمال الفلسطينيين. يمكن تكثيف مروحة الانتهاكات التي يتعرض لها العمال والتي تمركزت وتضاعفت بعد تفشي جائحة فيروس كورونا إلى:

·        صعوبة الوصول إلى أماكن العمل على نحو طبيعي لائق مقترن بسوء المعاملة في النقاط والحواجز: يتضمن ذلك المرور عبر (11) معبراً وحواجز طيارة ودائمة يمارس فيها أشكال واضحة من التمييز العنصري ضد الفلسطينيين العمال، بدءاً من الطوابير الطويلة والتفتيش – العاري أو باستخدام الكلاب البوليسية في بعض الحالات والمعاملة المهينة والإذلال، وصولاً إلى الحشر الذي يسبب تدافع وتزاحم، وغياب الحمامات وأماكن الاستراحة، والانتظار لساعات طويلة حتى الدخول بالرغم من الظروف الجوية السيئة الحارة أو الباردة. كمعدل عام يقضي العامل الفلسطيني يومياً حوالي (5) ساعات في الانتظار والتفتيش وإجراءات المرور ويبدأ رحلته لمكان العمل في وقت مبكر يتراوح بين (3-5) فجراً، كما يعاني من صعوبات أثناء العودة لمنزله، نتيجة الحواجز والاضطرار لقطع طرق ومسالك خاصة فقط بالفلسطينيين ضمن نظام "الأبارتهايد" الذي تطوره "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال. هذا الوقت يكون على حساب تواجده العامل مع أسرته وساعات نومه واندماجه ونجاحه الاجتماعي.

·        التمييز في الأجر والحقوق الاجتماعية: يتلقى العامل الفلسطيني وبالذات العمال بدون "ترخيص" أو بدون عقود عمل أجراً أقل من العامل الإسرائيلي، بالرغم من عملهم في نفس المنشأة، يمتد هذا التمييز إلى التعويض في حالات إصابات العمل والعجز. يضاف إليه عمل الفلسطيني ساعات أطول دون تقاضي أجر بدل العمل الإضافي. والتلاعب في أيام العمل بحيث يجري تسجيلها من المشغل الإسرائيلي بأقل مما هي عليه فعلياً.

·        السماسرة: في الكثير من الحالات، يتعرض العمال الفلسطينيين لاستغلال من قبل سماسرة التصاريح أو السائقين الذين يعملون على نقلهم من وإلى الحواجز وأماكن العمل، فضلاً عن التصاريح التي يتم شرائها بكلفة عالية. والاحتيال من قبل أصحاب العمل والمشغلين، إذ في كثير من الحالات يقوم المشغل الإسرائيلي بالإبلاغ عن العامل بادعاء أمني زائف وإيقاف تصريحه نتيجة مطالبته بحقوقه العمالية.

·        بيئة عمل خطرة وإجراءات سلامة منعدمة: الغالبية العظمى من العاملين الفلسطينيين يعملون في القطاعات الخطرة والشاقة مثل قطاع البناء والإنشاءات، لا يجري توفير مقومات الأمن والسلامة لهم حتى بالحد الادنى، في نفس بيئة العمل تتوفر هذه المعدات الوقائية للعامل الإسرائيلي، وهو ما يفرز إصابات عمل مرتفعة العديد منها قاتلة سنوياً في صفوف العمال الفلسطينيين. يتم رفض علاجهم أو تعويضهم وكثيراً ما يتم إلقائهم على الحواجز مع الضفة الغربية وتركهم يواجهون مصيرهم وهم مصابون.

تتضاعف الانتهاكات السابقة ضد العمالة الفلسطينية في إسرائيل عندما يتعلق الأمر بالعمالة غير المنظمة، هذه الفئة من العمال حقوقها غير معترف بها بالكامل، لا تتلقى العلاجات في حال إصابة العمل وأقصى ما يمكن تقديمه لهم في حال حدوث ذلك إلقائهم على الحواجز بطريقة عنصرية مهينة وهم ما تم أيضاً نتيجة الاشتباه بالإصابة بكورونا.

يجري ملاحقة هؤلاء العمال ومطاردتهم بشكل عنيف بدءاً من لحظة الدخول، في الكثير من الحالات يتم استغلالهم من السائقين والسماسرة بالاستفادة من وضعهم "غير القانوني" ويتعرضون لإطلاق النار المباشر أثناء تسللهم إلى أماكن عملهم من الشرطة الإسرائيلية والوحدات الخاصة، وتستمر مطاردتهم "كمجرمين" واستخدام العنف والتنكيل والإهانات ومداهمة أماكن عملهم بحثاً عنهم، هؤلاء العمال يتم ترحيلهم أو سجنهم أو تقديمهم للمحاكمة وتغريمهم غرامات مرتفعة وتوقيعهم على تعهدات عند إلقاء القبض عليهم، أما من حيث المبيت عادة ما يضطرون للنوم في العراء أو المباني قيد الإنشاء أو المزارع أو عبارات المياه والتي بجميعها غير صالحة للاستخدام الآدمي، فضلاً عن تناول الطعام المصنع (المعلبات) وبكميات قليلة ما يؤدي على المدى البعيد إلى إصابتهم بأمراض صحية تراكمية خطيرة.

كان لافتاً في فيديو الاعتداء أنه لم يراعي وجود تصاريح مع العمال المعتدى عليه، في تطور خطير يستحق التوقف عنده والتفكير به بشكل مطول، إذ تكلف تصاريح العمل الفلسطينيين الكثير من الوقت والإجراءات ويكون من الصعب الحصول عليه، ويستغل السماسرة ذلك لجني الأموال الطائلة من العمال مقابل تسهيل حصولهم عليها، ومع هذا هذه هي المرة الأولى على هذا النحو الصادم التي يتساوى فيها العامل الفلسطيني "الشرعي" و "غير الشرعي" في الغياب الكلي لأي شكل حماية ممكن، في منطقة رمادية لا ينطبق فيها قوانين العمل الفلسطينية ومنظومة قانونية إسرائيلية لا تسري باستجابة وفعالية إلا على المواطنين اليهود.


القضاء "الإسرائيلي" هل من تحقيق ومساءلة جدية مأمولة؟

منذ إعلان دولة "الاحتلال" استخدمت المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية القضاء كأحد الأدوات والأيدي الضاربة الطويلة لقمع الفلسطينيين. على مدار سنوات بُني جهاز قضائي عنصري تمييزي يحافظ على المصالح العليا لدولة الاحتلال وينتهك بشكل ممنهج القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. يمكن الاستشهاد على صحة هذه الفرضية بتكثيف مجموعة من الأدلة الرئيسية:

1.      المحاكم الإسرائيلية تصادق على قرارات هدم بيوت ومنشآت الفلسطينيين والتي تشكل جريمة حرب وعقوبة جماعية. وعلى إخلاء الفلسطينيين من منازلهم وتمليكها للمستوطنين. ([4])

2.      يصدر القضاء العسكري الإسرائيلي أحكام عالية جداً  ضد الأطفال والفتيات الفلسطينيين دون توفير ضمانات محاكمة عادلة حقيقية ودون تناسب بين الفعل والعقوبة، مقابل ذلك يفلت المجرمين الإسرائيليين من العقاب في كل مرة بالحصول على أحكام مخففة أو أحكام بالتبرئة. ([5]) يحاكم القضاء الإسرائيلي بشكل ممنهج الأطفال الفلسطينيين ولا يوجد سواه في العالم يحاكم الأطفال على هذا النحو المنظم. مقابل ذلك، يستذكر الفلسطينيون بمرارة قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الإفراج عن أحد المتهمين قتل عائلة دوابشة بعد إحراق منزلهم الكائن في قرية دوما صيف العام 2015 بالادعاء أنه كان قاصر خلال الحادثة ولا مسؤولية قانونية تقع عليه. ([6]) مقابل رفضه الإفراج عن أي طفل فلسطيني مهما كانت تهمته بسيطة حتى في ظل تفشي جائحة كورونا وإصابة أطفال أسرى بها.

3.      شرعن القضاء الإسرائيلي ممارسات التعذيب، وهو الوحيد في العالم الذي تجرأ بهذه القوة على منظومة حقوق الإنسان السامية والراسخة. في الثامن من نوفمبر 1987 صادق الكنيست الإسرائيلي على التوصيات الواردة في تقرير لجنة لنداو المشكلة من قبل الحكومة الإسرائيلية لإيجاد مخرجاً ومهرباً من الانتقادات المتزايدة لأساليب التحقيق المتبعة من جهاز الأمن العام "الشين بيت" تجاه المعتقلين الفلسطينيين، اللجنة التي عرفت باسم من ترأسها، قاضي محكمة العدل العليا الإسرائيلية( "موشي لنداو" نشرت في 30 أكتوبر من العام نفسه جزءاً من تقريرها وبقي الآخر سرياً، والجزء الذي جرى نشره أوجد الغطاء "القانوني" للمعضلة التي عانى منها جهاز "الشين بيت" في ممارسة "الضغط" الجسدي والنفسي بحق المعتقلين المتهمين بارتكاب نشاطات "إرهابية"). 

على ذلك الأساس أجازت اللجنة للضباط والمحققين الإسرائيليين استخدام التعذيب وشرعنته، في تأكيد بالغ الوضوح على منظومة استعمارية متكاملة. جاء في الفقرة الأولى من تقرير اللجنة: " لن يكون التحقيق مع أفراد متهمين بارتكاب نشاطات إرهابية ناجحاً دون استخدام الضغط، من أجل كسر إرادتهم وتصريحهم بالمعلومات، وكذلك تخوفهم من المنظمة التي ينتمون إليها في حال تصريحهم بالمعلومات". ([7])

4.      تمارس المحاكم الإسرائيلية سياسية تمييزية واضحة في الأحكام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إحصائياً بلغ معدّل الإدانة في نظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية 99.74%، بينما يؤخذ بـ 7.4% فقط من الشكاوى التي يقدّمها الفلسطينيون ضد المستوطنين الإسرائيليين، وحتى في حالة الإدانة الجزئية أو الكلية، فإن المستوطنين وجنود الاحتلال يفلتون من العقاب. ([8])

5.      عضوية المنظمات السياسية الفلسطينية غير قانونية في نظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، ويعتبر رفع العلم الفلسطيني أيضاً جريمة لديه. ويقوم هذا النظام كذلك بإصدار أحكام بالسجن على المعتقلين الفلسطينيين لتعليقاتهم والكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي. 

6.      صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية في أيلول 2019 على مواصلة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين بغية استخدامهم كورقة مساومة خلال أي مفاوضات مع الفصائل الفلسطينية، ملغية بذلك قراراً سابقاً لها، في القرار الجديد اعتبر قضاة المحكمة العليا أن قانون الطوارئ الإسرائيلي يسمح للحاكم العسكري بدفن جثامين "الأعداء".

([9])المصادقة على هذه السياسة من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا يشكل جزء من التماهي مع المنظومة الاستعمارية التي تشكل المحاكم بيدق متقدم فيها.

تلصق هذه الممارسات بالقضاء الإسرائيلي صفة أنه تمييزي وسياسي، بما ينتهك المادة (66) من جنيف الرابعة التي تتطلب أن تكون المحاكم العسكرية ذات طبيعة غير سياسية، وتحظر استخدام الجهاز القضائي كأداة للاضطهاد السياسي أو العنصري.

يشير تاريخ القضاء الإسرائيلي الحافل بالممارسات التمييزية ضد الفلسطينيين إلى أن قضية محاكمة الجنود المعتدين على العمال الفلسطينيين سينتج عنها أحكام مخففة لن ترتقي لمستوى الجرائم وتكرارها وخطورتها، وهو جانب من مبررات فهم القضاء الإسرائيلي كجزء وذارع من منظومة استعمارية عنيفة، على سبيل المثال في قضايا على درجة أعلى من الخطورة، دون أن يقلل ذلك من خطورة قضية العمال المعتدى عليهم، يمكن القياس على قضية الجندي القاتل "أليئور ازاريا" للشاب الفلسطيني الجريح عبد الفتاح الشريف في منطقة تل ارميدة وسط مدينة الخليل. ([10])

واقعة الشريف تشير بوضوح إلى أن الممارسات العنيفة ضد كل الفلسطينيين بما فيهم العمال تجري استناداً على اعتقاد أيدلوجي فوقي وعنصري ضد الإنسان الفلسطيني، وعلى غطاء شعبي يميني يدعم المجرمين ويصفق لهم كأبطال، وعلى قضاء هزلي وشكلي وجبان، لا يريد أو لا يجرؤ على إدانتهم بعقوبة رادعة.  بتراكم الوقائع تتشكل قناعة تتعزز دلائلها وتتوسع بمرور الوقت، أن التحقيقات والمحاكمات الإسرائيلية على ضعفها وفي كل الانتهاكات لم تكن لتعقد دون تحول الانتهاك إلى قضية رأي عام وتسببه بضجة وحرج نتيجة انتشار فيديو تصويري له رفعاً للحرج ولإيصال رسالة مفادها وجود دولة قانون. باقي الحالات تبقى طي الكتمان ولا أي نوع من المساءلة حتى الشكلية عليها وهي أكثر خطورة وبشاعة.


بروتوكول باريس الاقتصادي: انفصام النص عن الواقع التطبيقي

في 29 أبريل 1994 وقع ممثلين عن منظمة التحرير الفلسطينية وعن "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال اتفاق باريس الاقتصادي الملحق باتفاقية غزة – أريحا والذي تحول لاحقاً لجزء من اتفاقية أوسلو 2. نصت المادة (37) من البروتوكول على: " سيحاول الجانبان الحفاظ على اعتيادية حركة العمال بينهما، وخضوعاً لحق كل جانب في تحديد من وقت لآخر حجم وشروط حركة العمال إلى منطقته، وإذا علقت الحركة الاعتيادية مؤقتاً من أي طرف، يجب إشعار الجانب الآخر فوراً، ويمكن للجانب الآخر أن يطلب مناقشة الموضوع في اللجنة الاقتصادية المشتركة. سيكون وضع وتشغيل عمال من أحد الجانبين في منطقة الجانب الآخر من خلال جهاز الاستخدام في الجانب الآخر وطبقاً لتشريعاته، وللجانب الفلسطيني الحق في تنظيم توظيف العمال الفلسطينيين في إسرائيل من خلال جهاز الاستخدام الفلسطيني، وسوف يتعاون جهاز الاستخدام الإسرائيلي وينسق بهذا الصدد ". فيما أتت المادة (48) لتنص على: " للفلسطينيين العاملين في إسرائيل الحق في طرح النزاعات الناجمة عن العلاقات بين العمال وأصحاب العمل وقضايا أخرى أمام محاكم العمل الإسرائيلية ضمن الصلاحيات القانونية لهذه المحاكم ". ولتؤكد المادة (49) على أن: " هذه المادة مستقبل العلاقات العمالية بين الجانبين".

في الواقع التطبيقي، وبالرغم من أن بروتوكول باريس وفقاً للفلسطينيين مصلحة إسرائيلية أولى جعلت اقتصادهم خاضع كلياً للاقتصاد الإسرائيلي وغير قادر على الانعتاق والانفكاك عنه بجعله تابع ومتكئ كلياً على الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال تنتهكه بشكل ممنهج. من هذه الخروقات التفاوت ما بين العامل الفلسطيني داخل الأخضر والعامل الأجنبي أو الإسرائيلي من ناحية المعاملة والأجر، كما أن المشغل الإسرائيلي لا يمنح العامل الفلسطيني عقد عمل لحفظ حقوقه من تأمين وغيره، ولا يحصل على مستحقات، حيث يسرقها المشغل الإسرائيلي، في تحدٍ واضح لما تم التوقيع والاتفاق عليه في بروتوكول باريس الاقتصادي. كما أن ظاهرة سماسرة التصاريح يتم غض النظر عنها بهدف عدم التواصل مباشرة مع السلطة الفلسطينية ووزارة العمل وإلغاء أي دور لها في عملية الإشراف والتنسيق لتشغيل العمال داخل الخط الأخضر وفق اتفاق باريس الاقتصادي ([11]) .

قراءة في الحلول – رؤية مركز "شمس"

في هذا السياق وتعقيداته، ندرك صعوبة إيجاد حلول بسيطة، بالرغم من ذلك نضع جملة من التوصيات على أكثر من مستوى والتي من شأنها آن تساهم في علاج هذه الأزمة المتشعبة:

·        المجتمع الدولي

1.      توفير الحماية الدولية الفورية للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة. 

2.      تفعيل الاتحاد الأوروبي للبند الثاني في اتفاقية الشراكة الأوروبية - الإسرائيلية، والتي تشترط احترام إسرائيل لحقوق الإنسان للتمتع بالامتيازات الاقتصادية التي تنص عليها الاتفاقية. 

3.       منظمة العمل الدولية التي عليها واجب الضغط على دولة الاحتلال لوقف الاعتداءات على العمال الفلسطينيين . 

·        السلطة الفلسطينية

1.     إنشاء السلطة الفلسطينية لصندوق وطني للتشغيل يهدف لدعم العمال المتضررين ويساهم في التخفيف من الفقر. 

2.     دعوة النظام السياسي الفلسطيني إلى الوقوف عند الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة لبروتوكول باريس الاقتصادي بما في ذلك في التعامل مع العمال الفلسطينيين، والتفكير في آليات تلزمها باحترام الاتفاق، وإلا فإعادة النظر فيه فلسطينياً والتوقف عن الالتزام به من جانب واحد.

3.     إ عطاء الأهمية لتطوير قطاع الزراعة والصناعة الفلسطيني لما لهما من دور كبير في المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وفي استيعاب العمالة المتزايدة. 

4.     تخصيص مشاريع صغيرة ومدرة للدخل للعاطلين عن العمل.

5.     قيام الدبلوماسية الفلسطينية بدور أكبر في نقل الانتهاكات الإسرائيلية بحق العمال إلى المنصات الدولية، خاصة في الحالات التي لا يجري فيها توثيق الانتهاكات والتي هي أخطر وأوسع انتشاراً. ومراسلة السفراء والقناصل في فلسطين ووضعهم في صورة هذه الحادثة وبقية الاعتداءات الإسرائيلية على حقوق العمال الفلسطينيين.

6.     مطالبة لجنة تقصي الحقائق الدولية التابعة لمنظمة العمل والتي باشرت عملها بتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحق العمال الفلسطينيين مطلع العام المنصرم، بنشر نتائج التحقيقات على أوسع نطاق ممكن، والبناء عليه في اتخاذ خطوات عقابية دولية بحق دولة الاحتلال.

7.     العمل رفع مستوى الوعي العام الفلسطيني الداخلي في النظرة السلبية للعمال الفلسطينيين في الداخل، والتركيز على التكافل المجتمعي بغية تحقيق سند لهم يحول دون اضطراهم للاستمرار في العمل في المستوطنات والمدن الإسرائيلية.


·        النقابات العمالية الفلسطينية

1.     قيام الاتحادات النقابية العمالية الفلسطينية، بالضغط داخل اتحاد نقابات العمال الدولي وبالتعاون مع الاتحادات النقابية العربية والدولية الصديقة  من أجل طرد "الهستدروت" باعتباره شريكاً في الجريمة وجزءاً من منظومة الاستعمار التي تنتهك حقوق الفلسطينيين.

2.     المسارعة إلى إصلاح الأطر النقابية الفلسطينية، بتجديد هياكلها الداخلية والعمل على عقد انتخابات داخلية نزيهة فيها تبتعد عن مفهوم المحاصصة وتمنح الفرص للوجوه النقابية الشابة في القيادة، وهو ما سينعكس إيجاباً على كل العمال الفلسطينيين ويفعل دور النقابات.

·        المجتمع المدني

1.     مراسلة المقررين الأمميين الخاصين، وفي مقدمتهم المقرر الأممي المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة ووضعهم في صورة الانتهاكات الإسرائيلية ضد العمال وحثهم على نقلها للمنظمات الدولية.

2.     قيام منظمات المجتمع المدني وبالذات منها المختصة في القضايا العمالية بتوسيع دورها في تقديم المساعدة والاستشارة والدعم القانوني للعمال ليشمل العمال الفلسطينيين في الداخل المحتل، بما يشكل إرشاداً لهم في هذه ويحول دون مزيداً من الانتهاك لحقوقهم.

3.     تكثيف العمل المدني على رصد الانتهاكات العمالية، عبر التواصل مع العمال الفلسطينيين في الداخل وحثهم على تعبئة استمارات رصدية عند تعرضهم لانتهاكات، والتعاقد مع مراقبين فلسطينيين من الداخل لرصد الانتهاكات على نحو دقيق، وإطلاقها في تقارير رصدية دورية، وهو ما من شانه أن يسمح بالمراكمة على هذه الملفات والتوجه بها نحو القضاء الدولي.

4.     استفادة المؤسسات المدنية من التحالفات والشبكات والائتلافات التي هي جزءاً منها، ومراسلتها بهدف فضح ممارسات الاحتلال من جهة، وممارسة الضغط عليها لقطع علاقتها بالمؤسسات  الإسرائيلية التي تبرر الممارسات الاستعمارية من جهة ثانية.

·        الإعلام الفلسطيني

1.     دعوة الإعلام الفلسطيني إلى تسليط الضوء على الانتهاكات لحقوق العمال بشكل مستمر ودائم، وان لا تأخذ التغطية الإعلامية الصفة اللحظية أو ردة الفعل.

2.     العمل على إنتاج تحقيقات استقصائية حول العمال الفلسطينيين في الداخل وما يتعرضون له.

[1]  تحذير: يحتوي الفيديو على مشاهد صادمة: .

[2]  تم تمييز ذلك وفقاً لزيهم وللمنطقة التي يتواجدون بها بالقرب من حاجز عسكري وكون مهام مطاردة العمال الفلسطينيين هي من اختصاص هذا الجناح. يطلق على هذا الجناح "مشمار هِجفول" والذي أنشئ عام 1949 ضمن إطار جيش الاحتلال ومن ثم تم إلحاقه بجهاز الشرطة. بناءً على القرار تم إنشاء ثلاث كتائب لشرطة الحدود تم تقسيمها وفقاً للأقليات في كل لواء: وحدة الدروز، وحدة البدو، وحدة الشركس. بدأت الألوية العمل على طول الحدود وفي أبريل 1953، قرر يحزقيل ساهار مفوض الشرطة تسميتها بشرطة الحدود واعتبارها استمرارًا لمنظمة “هاشومير” الصهيونية، أول ميليشيا يهودية مسلحة عملت للدفاع عن حدود المستعمرات وحراستها والتي تأسست عام 1909 وحلت نفسها بداية العشرين واندمجت في عصابة "هاغناه". مترجم عن بتصرف موقع "همخلول" على الرابط: 

[3]  الخير على: 
[4]  لوحظ خلال العام 2020 صدور العديد من قرارات الهدم أو المصادرة أو الإخلاء عن المحاكم الإسرائيلية، على سبيل المثال: قرار محكمة الصلح في 19/1/2020 بإخلاء بناية يعيش فيها (16) فرداً بما فيهم أطفال في بلدة سلوان في القدس لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم". وقرار المحكمة العليا في 21/1/2020 بهدم 3 منازل في قرية صور باهر في مدينة القدس. وقرار محكمة الصلح بإخلاء منزل في حي بطن الهوى في بلدة سلوان مكون من 5 طوابق ويعيش فيهم 25 فرد بما فيهم نساء وأطفال في 26/1/2020، وقرار محكمة الصلح بإخلاء عائلة فلسطينية من منزلها في حي وادي حلوة في بلدة سلوان. وجميعها جرت في الشهر الأول من العام الحالي. المعلومات الواردة جزء من تقرير رصد عمليات الهدم والإخلاء والمصادرة المرتكبة ضد منازل ومنشآت الفلسطينيين نصف السنوي عن الفترة 1/1/2020 – 31/6/2020 الذي يصدر عن مركز "شمس".

[5]  أنظر: بيان صادر عن مركز "شمس"، في يوم الطفل الفلسطيني، الأسرى الأطفال عرضة لخطر كورونا ولعنف الاستعمار، على الرابط: 
[6]  بدأت الجريمة بإشعال مستوطنين إرهابيين النار في منزل عائلة الدوابشة الفلسطينية في قرية دوما في محافظة نابلس في الضفة الغربية، مما تسبب في وفاة الرضيع على دوابشة (18) شهراً ووفاة والد الطفل سعد الدوابشة والأم ريهام دوابشة، ليبقى من العائلة حياً الطفل أحمد فقط الذي كان عمره 4 سنوات عند وقوع الجريمة.

[7]  أنظر: تقرير خاص أصدره مركز "شمس" في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، حول التعذيب الممنهج للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. بتاريخ 

[8]  موقع دائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينيين، تقرير بعنوان: الأسرى السياسيون والمفقودون ورفات الشهداء، .

[9]  جانب من تقرير رصد انتهاكات الحق في الحياة للمدنيين الفلسطينيين من قبل "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال الصادر عن مركز "شمس" : إن واحداً من أكثر المشاهد مأساوية، هو إتباع "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال سياسة حقيرة ودنيئة تقوم على فكرة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين واستخدامها في إطار ابتزاز ومساومة للعائلات وعقاب نفسي لهم.  في يناير 2007 رسخت "إسرائيل" عبر قرار صادر عن المجلس الوزاري المصغر "كابينت" هذه الممارسة الدنيئة بقرار حمل اسم "سياسة موحدة في شأن التعامل مع الجثامين"، وهي سياسة ينجم عنها معاناة مهولة لعائلات الضحايا الفلسطينيين، إذ أن الغريزة الإنسانية وأبجدية الأخلاق الأساسية قبل القانون والشرائع الدولية، تفترض وجود قبر ومزار لكل إنسان يوارى فيه الثرى ويعلمه أهله وذويه ومحبيه ويرقد فيه بسلام، كأقل ما يمكن من الحقوق.

بقراءة خارطة المقابر، توزع "إسرائيل" جثامين الشهداء الفلسطينيين على أربعة مقابر، هي: مقبرة جسر "بنات يعقوب" في منطقة عسكرية على الحدود مع لبنان وسوريا، ويتواجد فيها بشكل أساسي رفات قتلى حرب العام 1982. ومقبرة "بير المكسور" والمعروفة أيضا"جسر دامية" بين أريحا وغور الأردن. والتي يحيط بها جدار وبوابة حديدية معلق عليها لافتة "مقبرة ضحايا العدو". ومقبرة "رفيديم" في غور الأردن. ومقبرة "شيحطة" في قرية وادي الحمام شمال طبرية. بالإضافة إلى الاحتجاز في ثلاجات الموتى. منذ تشرين الأول 2015 احتجزت "إسرائيل" أكثر من 250 فلسطينياً جرى قتلهم أو إعدامهم ميدانياً بما فيهم أطفال وفتيات. 62 منهم ما زالو محتجزين حتى مايو 2020. سابقاً لذلك يقبع 253 شهيد/ة في مقابر الأرقام بعضهم فيها منذ عقود ولا يعلم عنهم أي معلومات.

في إطار القانون الدولي تخالف هذه السياسة الاستعمارية الإسرائيلية قواعد التعامل مع جثامين قتلى الحروب التي نص عليها القانون الدولي الإنساني العرفي. كما تنتهك هذه السياسة المادة 12/2 من الإعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية والتي نصت: "على الدول أن تسعى إلى إتاحة الوصول إلى ما في حوزتها من الأشياء الخاصة بالطقوس ورفات الموتى و/أو استعادتها من خلال آليات منصفة وشفافة وفعالة توضع بالاتفاق مع الشعوب الأصلية المعنية". وتمتد لتنتهك حقوق أخرى مرتبطة مثل الحرية الدينية والثقافية وحظر كافة أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة أو اللاإنسانية وفقاً للمادة 50 من اتفاقية لاهاي و 27 من جنيف الثالثة و 33 من جنيف الرابعة لعام 1949. كما أن هذه السياسة برمتها ذات شبهة جريمة إخفاء قسري وفقاً لما نصت عليه الاتفاقية العالمية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

[10]  أطلق "أليئور ازاريا" النار على الشريف بعد أن كان مطروحاً أرضاً مصاباً بجروح شلت قدرته على الحركة ولا يشكل أي تهديد، تقدم الجندي ازاريا نحو المصاب الشريف وأطلق عليه رصاصة على رأسه أنهت حياته، وفق التحقيقات اللاحقة كان بالإمكان بقاء الشريف حياً لولا رصاصة أزاريا، في الفيديوهات التي وثقت حالة الإعدام الميداني والتصفية يسمع صوت المستوطن عوفر يوحنا الذي يعمل سائق إسعاف وكان يصور الحادثة يقول للجندي: "لم يمت أطلق الرصاص على الرأس .." ليشاهد الجندي أزاريا بعدها يطلق الرصاص على رأس الشريف، بعد أن اتفق مع سائق سيارة للمستوطنين للتقدم إلى الأمام من أجل التغطية على الكاميرات والمواطنين الذين يراقبون المشهد. تسجيل صادم وقد أظهر قيام أحد الجنود بتقريب "سكين بعيد ملقى على الأرض" من الشريف لنقل صورة زائفة عن خطورة استدعت إطلاق الرصاص على جريح مشلول الحركة وإعدامه.

وكما هو متوقع من محكمة شكلية انعقدت تحت ضغط الرأي العام الدولي، قضت المحكمة العسكرية الإسرائيلية بالسجن 18 عشر شهراً فقط بحق الجندي القاتل أزاريا، وخفضْ رتبته العسكرية إلى عريف، بعد إدانته بالقتل غير العمد، بالرغم من خطورة التهمة التي أدين فيها الجندي القاتل وهزالة الحكم، قامت لجنة الإفراجات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي لاحقاً بتخفيض الثلث من فترة اعتقال الجندي القاتل أزاريا ! علماً أن أيا من الظروف الاستثنائية أو الأسباب الصحية التي تستدعي التخفيض لا تنطبق على أزاريا. خلال فترة محاكمة أزاريا أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بيبي نتنياهو تعاطفه مع عائلة القاتل، ولم يستنكر تظاهر نشطاء اليمين المتطرف خارج المحكمة العسكرية تأييداً للجندي القاتل ! بل اعتبر تصريحه مشجعاً لهم.

[11]  تصريحات لوزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش، خلال لقاءه مع بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة العمل الدولية، في أذار 2020. منشورة على موقع وزارة العمل: 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف