الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تداعيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وأثره على مسار القضية الفلسطينية بقلم :محمد القدرة

تاريخ النشر : 2020-08-19
تداعيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وأثره على مسار القضية الفلسطينية بقلم :محمد القدرة
تداعيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وأثره على مسار القضية الفلسطينية  (دراسة تحليلية)

بقلم المستشار: أ محمد حمدان القدرة

ما زال الاحتلال الإسرائيلي يمارس احتلاله للأراضي الفلسطينية ،هذا الاحتلال المبني على جرائم القتل والتدمير والتشريد وهدم  بيوت المدنيين الفلسطينيين ،وضم الأراضي ونزع ملكياتها الخاصة والعامة من أصحابها ،وفي ظل تنكر الاحتلال الإسرائيلي للحقوق الفلسطينية التاريخية التي تم إقرارها في كافة القوانيين الدولية والقرارات الأممية وفي ظل استمرار دولة الاحتلال بضربها عرض الحائط لكافة المساعي الدولية والإقليمية والعربية التي تقود الى إحلال مبدأ السلم والأمن الدوليين وكذلك في ظل انكارها وتنصلها من الاتفاقيات الثنائية الموقعة مع السلطة الفلسطينية وخطتها لضم الضفة الغربية وغور الأردن وازاحة قضية اللاجئين عن أي مفاوضات مستقبلية متماشياً مع بنود صفقة القرن المشؤمة.

بعد كل ذلك من الملاحظ في الآونة الأخيرة الحديث عن التطبيع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وكان أخرها الاتفاق الموقع بين دولة الامارات العربية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، الذي باتت سياسته تدفع الى نقل الاستراتيجية من الحل مع الفلسطينيين بما يخص القضية الفلسطينية الى استراتيجية الحل الإقليمي والعربي بدلاً عن الحل مع الفلسطينيين، وعليه بدأ واضحاً توطيد علاقة دولة الاحتلال الإسرائيلي مع الكثير من الدول العربية وعلى كثير من المستويات منها السياسية والأمنية والثقافية والرياضية.

وعليه سنحاول من خلال هذه الراسة تناول تداعيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وأثره على مسار القضية الفلسطينية:

تعريف التطبيع:

 التطبيع لغة: يُقصد بكلمة "طبّع"، في معجم اللغة العربية المعاصرة، جعل الأمور طبيعية. ويعرّف قاموس أكسفورد التطبيع، على أنّه جعل الشيء مناسبًا للظروف وأنماط الفعل الطبيعية، ويطبّع الشيء تعني أن تجعله طبيعيًا، عاديًا، وذلك من خلال تكييفه مع الشروط الطبيعية. بعباراتٍ أخرى، إن التطبيع هو عملية تبديل حالة ما هو شاذ، غير مألوف، أو غير طبيعي، حتى يصبح طبيعيًا ومألوفًا وعاديًا.

والتطبيع بمفهومه هو بناء علاقة رسمية أو غير رسمية، سياسية كانت أو اقتصادية أو ثقافية أو علمية أو رياضية أو غيرها من العلاقات الأمنية والاستخبارية والذي من خلال هذه العلاقة يعني جعل ما هو غير طبيعي طبيعياً، ولا يعني بالضرورة إعادة الأمور إلى طبيعتها كما يذهب البعض فقد يكون قد سبقت ذلك علاقة طبيعية أو قد لا يكون هناك أي علاقة سابقة.

وكذلك قد يكون التطبيع عملاً فردياً أو جماعياً، ماديًّا كان أو معنويًّا، ويعتبر التطبيع هو كسر حاجز العداء للاحتلال الإسرائيلي والتسليم بانتهاكاته وجرائمه من خلال بناء علاقة رسمية أو غير رسمية تعبر عن الرضا التام بعمليات الإبادة والتهجير التي طالت ومازالت مستمرة بحق الشعب الفلسطيني والقتل للمدنيين والعزل خارج القانون ويعتبر التطبيع مع الاحتلال من أبشع صور الهوان والتنازل عن الحقوق الإسلامية والعربية في أرض فلسطين واعتبار وجود الاحتلال الإسرائيلي أمراً طبيعياً.

التطبيع مع دولة الاحتلال بهذا المعنى، يعني الدخول  معها في اتصالات وعلاقات مخططة تهدف إلى جعل العلاقة معها طبيعية مناقضة للمقاطعة تمامًا، ويحمل التطبيع دلالة القبول بوجود إسرائيل بشكلها ونظامها وصيغتها الحالية وقبولها بصفتها الاستيطانية العرقية، وكذلك القبول بدورها، وأيديولوجيتها، ومشروعها الاستيطاني الإحلالي، وكذلك الحال القبول بواقع الفلسطينيين وحالتهم الشاذة تحت الاحتلال، وقد تفترض بعض الدول أن هذه العلاقات تهدف إلى إحداث حالة يمكن من خلالها التأثير في الدولة الأخرى، والضغط عليها لإجبارها على القبول بتقديم تنازلات معيّنة، كما تدعي بعض الأطراف التي تدافع عن التطبيع مع إسرائيل، مع أن التجربة التاريخية أثبتت خلاف ذلك.

  موقف وقرارات جامعة الدول العربية منذ نشأتها من التطبيع:

بداية كانت مقاطعة الاحتلال هو شكلاً من أشكال العمل النضالي العربي والفلسطيني، فنجد في المؤتمر العربي الفلسطيني الخامس والذي عقد في مدينة نابلس عام 1922م، حيث نصت قراراته بوضوح على مقاطعة الاحتلال في شراء وبيع الأموال غير المنقولة، وكذلك ما جاء في قرارات لجنة تشجيع الصناعات الوطنية عام 1931م والتي أكدت على ضرورة مقاطعة البضائع الإسرائيلية.

وبعد احتلال فلسطين عام 1984م أصبحت المقاطعة شعار ثابت للموقف السياسي العربي، منذ نشأة جامعة الدول العربية، حيث أنشأت عام 1951م جهاز رئيسي من مهامه تنظيم مقاطعة دولة الاحتلال الإسرائيلي وعليه أسست وحدات فرعية لهذا الجهاز في جميع العواصم العربية.

والملاحظ أن تأكيد مسألة مقاطعة إسرائيل كان بندأً أساسياً ودائم في كافة اجتماعات جامعة الدول العربية وكافة قراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية أو غيرها من القضايا العربية، حيث كان موقف جامعة الدول العربية ثابت في آلية التعامل الحازم مع أي شكل من أشكال نسج العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي سواء من شركات تجارية أو سفن نقل أو حتى في صناعة السينما والتبادل الثقافي والرياضي.

بتاريخ 3 أغسطس 1981م تم التوقيع على بروتوكول معاهدة السلام في واشنطن بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي برعاية أمريكية، وذلك بشأن الانسحاب من أراضي سيناء المصرية التي تم احتلالها عام 1967م ، وانهاء حالة الحرب والتوجه لتطبيع العلاقة بين مصر وإسرائيل، والذي توج هذا الاتفاق بزيارة الرئيس المصري محمد السادات الى الكنيست الإسرائيلي، كانت نتيجة التوقيع على المعاهدة هو اجماع عربي بتعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية من عام 1979م الى عام 1989م ومقاطعتها عربياً.

 عقدت قمة جامعة الدول العربية عام 2002م، في هذه القمة قدمت المملكة العربية السعودية مبادرتها بما يخص القضية الفلسطينية، والتي أطلق عليها اسم “مبادرة السلام” التي وقع عليها كل العرب دون استثناء وجاء في المبادرة “ان تنسحب اسرائيل من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967 بما فيها القدس وتقبل بقيام دولة فلسطينية مستقلة على هذه الارض وتحل قضية اللاجئين الفلسطينيين على اساس قرارات الشرعية الدولية واهمها 194 واعتبار الصراع منتهيا وعندها يستطيع العرب اقامة علاقات مع اسرائيل”.

رفض شارون المبادرة في حيناها واعتبر الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران 1967 سيؤدي الى تدمير إسرائيل حسب قوله ورحبت الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية بها دون ان تبادر ادارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في حينها بأجراء مباحثات سلام على اساس هذه المبادرة منذ ذلك الوقت والمبادرة في الادراج ولم تفلح أي محاولات عربية بوضعها على طاولة البيت الابيض الراعي الوحيد للعملية السلمية بل ولم تحاول السعودية استخدام ما تتمتع به من علاقات ومصالح مع كافة الادارات الأمريكية منذ 2002 حتى يومنا هذا.

 في العام 2016 خلال اجتماع لليكود اعلن نتنياهو بانه لن يقبل ابدا بمبادرة السلام العربية بشكلها الحالي كمرجع للتفاوض مع الفلسطينيين واكدت المصادر الاعلامية بعدها ان عواصم غربية تسعي لقلب المبادرة العربية أي قبول العرب بالتطبيع مع اسرائيل واقامة علاقات دبلوماسية ومن ثم فرض الحل على الفلسطينيين باعتبار ان حل الصراع يأتي بعد التطبيع ,اليوم يتبجح نتنياهو بعد زيارته لعمان بان علاقات اسرائيل بكثير من الدول العربية آخذة بالتنامي، مشيرا إلى “أن هذه العلاقات مبنية على التصدي لتهديدات مشتركة، وهذا ما يفسر اصطحابه كل من رئيس الموساد ومستشار الامن القومي والسكرتير العسكري للحكومة.

التطبيع منهج إسرائيلي خطير:

في البداية كان المدخل الإسرائيلي لعملية التطبيع مع الدول العربية من خلال العلاقات الأمنية ،وتسويق التقدم الاستخباراتي الإسرائيلي وقدراتها الأمنية في سياق محاربة الإرهاب وكذلك وضع عدو مشترك كإيران من أجل وجود نقطة التقاء بين الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية ،وهذا ما صنع بداية الزيارات المتبادلة للوفود والشخصيات الأمنية بين الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية ،ولقد سعت دولة الاحتلال الإسرائيلي الى إقامة علاقات على اعتبار اعتيادي مع العرب وذلك من أجل القبول بها كجزء من المنطقة في الشرق الأوسط ذات قبول شعبي ورسمي.

في السابق كان يتم فرض عقوبات من قبل الدول العربية على كل من يقوم بعمل أي علاقات  مع الاحتلال الاسرائيلي مهما كانت طبيعتها ومهما كانت الفائدة العائدة علي الدولة صاحبة العلاقة من عملية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي،  نجحت دولة الاحتلال بفرض متغيرات على أرض الواقع تلك المتغيرات طرأت علي الخارطة السياسية العربية جعلتها تفتح أبوابها والهرولة لبناء علاقات مختلفة و بكافة الاشكال وعلي مختلف الأصعدة بعد ما كانت مغلقة لعدد من السنين ،قيادات الاحتلال الإسرائيلي بذلوا جهود مضنية وكثيفة علي مدي سنين نجحوا  من خلالها في بناء علاقات قوية وعقد صفقات تجارية مع العديد من الشخصيات العربية والاقليمية مستخدمين بذلك ذكائهم السياسي مستفيدين من الحالة الفلسطينية وخاصة الانقسام بين شقي الوطن متخذين من ذلك وسيلة ناجحة في بناء علاقات مع الدول العربية.

 دولة الاحتلال عملت بجهد على بناء تفاهمات سياسية واقتصادية خارجية في سبيل تسخيرها في تنفيذ مخططاتها الاستعمارية داخل الاراض الفلسطينية ولكن بشكل قانوني ومن دون أي معارضة خارجية او أي انتقادات سياسية من قبل الدول العربية، كما انهم يعملون علي زيادة العلاقات مع العالم العربي في سبيل ان يساعد ذلك في دفع عملية السلام بينهم وبين الفلسطينيين، سلام يكوم بشروط إسرائيلية وبصبغة عربية.

النتائج:

1- يعتبر التطبيع صياغة إسرائيلية صرفه، تم فرضه على الواقع العربي، وذلك بعد توقيعها لاتفاقياتها مع مصر، فهو على النقيض تمامًا من المقاطعة العربية التي بيّنا بعض صورها ومساراتها التاريخية، فكلّ ما ناقض المقاطعة هو تطبيع، والمقاطعة هي الموقف العربي الأصلي تجاه "إسرائيل.

2- لقد كانت المقاطعة للاحتلال الاسرائيلي هي عنوان الموقف العربي الرسمي الثابت، وهو مسبوق بموقف شعبي فلسطيني منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي.

3- بدأ ظهور مصطلح التطبيع مكان المقاطعة العربية بعد توقيع مصر اتفاقية سلام بشكل منفرد عن الاجماع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي حيث كانت مسألة الاعتراف الضمني بـالاحتلال قد سبقت ذلك.

4-  الاحتلال الاسرائيل يكثف الجهود لإدخال التطبيع ضمن الأدبيات العربية انطلاقًا من الدوائر الإسرائيلية التي كشفت عن إرادة محمومة لفرض التطبيع في علاقاتها العالم العربي كاملاً.

5-  مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي ورفض التطبيع هو موقف فلسطيني أصيل وموقف كافة الشعوب العربية، وتطبيع أي دولة أو منظمة أو شخص عربي لعلاقاته مع الاحتلال الإسرائيلي هو قبول واضح وصريح بجرائمه وقبول بسياسة القتل والتشريد التي ينتهجها الاحتلال بحق الفلسطينيين.

6-  ان التواصل أو الاتصال بأي شكل من الأشكال مع دولة الاحتلال بهدف التعاون هو اضرار خطير بمسار القضية الفلسطينية وانتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني التي كفلتها له كافة المواثيق الدولية في الحق بالعيش الأمن والسلمي على أرضه وانهاء تواجد الاحتلال الإسرائيلي.

7-  هناك وعي شعبي عربي وفلسطيني لما يحاك من مخططات تصفية للقضية الفلسطينية بمساعدة بعض الأنظمة العربية التي قبلت الاصطفاف بجانب دولة الاحتلال ومعاداة الاجماع العربي.

التوصيات:

1-  العمل على انجاز ملف المصالحة الفلسطينية، لتكوين موقف فلسطيني موحد لمواجهة مخاطر التطبيع العربي مع دولة الاحتلال.

2-  يجب على السلطة الفلسطينية مخاطبة جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، لإصدار قرار تجريم أي شكل من أشكال التطبيع ومقاطعة أي دولة لها علاقات تطبيعيه مع الاحتلال.

3-  اصدار موقف سياسي موحد وواضح من قبل السلطة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني لمقاطعة واضحة وجادة لأي دولة تقدم على سياسة التطبيع مع الاحتلال.

4-  القيام بإعداد برنامج توعوي يستهدف الشعوب العربية يوضح خطر التطبيع مع الاحتلال وألية محاربة التطبيع.

5-  القيام بورشات عمل ولقاءات مع النخب الفلسطينية ومناقشة دور النخب الفلسطينية في مواجهة سياسة التطبيع ومسؤولياتهم تجاه تثقيف والنهوض بالوعي العربي الشعبي.
مركز الإنسان للديمقراطية والحقوق.

18أغسطس/آب2020
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف