الأخبار
كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهالإعلان عن مقتل جندي إسرائيلي وأحداث أمنية جديدة في القطاع20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسطشهيد وثلاثة جرحى بغارة إسرائيلية استهدفت مركبة جنوب بيروتاستشهاد مواطن برصاص الاحتلال قرب مخيم نور شمس شرق طولكرمالشيخ يبحث مع وفد أوروبي وقف العدوان على غزة واعتداءات المستوطنيننحو صفقة ممكنة: قراءة في المقترح الأمريكي ومأزق الخياراتالكشف عن تفاصيل جديدة حول اتفاق غزة المرتقبمسؤولون إسرائيليون: نتنياهو يرغب بشدة في التوصل لصفقة تبادل "بأي ثمن"أخطاء شائعة خلال فصل الصيف تسبب التسمم الغذائي
2025/7/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

متسولون بقلم: نبيل محجز

تاريخ النشر : 2020-08-15
متسولون بقلم: نبيل محجز
متسولون*

كانت الساعة تقترب من السادسة و النصف مساءً ، حيث بدأ الناس يتوافدون إلى الاستراحة المطلة على البحر من علٍ ، فارين من قيظ آب ، و نزوحاً عن البيوت التي تصير بهذا الوقت من السنة أشبه بالدفيئات ، إلى حيث نسيم البحر المحمل بالرطوبة و الملح ، و لكنه على أية حال أفضل من التصبب عرقاً داخل البيوت.

و لكن رؤوف لم يهرب من كل هذا فحسب ، فالمسألة عنده أكبر من التعرق في بيت الصفيح الذي يسكن فيه هو و مديحة و سبعة قرود كما يسميهم!

فالحر و الرطوبة و التعرق بالنسبة لرؤوف هي أمور يمكن للمرء احتمالها و التعايش معها ، أما مديحة وشكواها المكررة و صراخها عليه و على عيالها ، و شعرها المنكوش كمكنسة قديمة ، و روائح الطبخ التي تنبعث في كل مكان في البيت ، و هذا الصغير المزعج الذي يحبو على حين غرة ليضع أصبعه في عين رؤوف أو في فمه و أحياناً في أنفه.

كل هذا يدفع رؤوف كل يوم لمغادرة البيت متجهاً إلى هذه الاستراحة ، حيث يختار لنفسه مكاناً بعيداً عن الناس و ضجيجهم ، و يجلس يتأمل البحر في خشوع غير تام، فلا زالت مديحة تطارده حتى بينه و بين نفسه ، في صمته ، في خياله ، و لا زال
صراخها و عويلها يقتحمان عليه أفكاره و تأملاته اقتحاماً.

و بينما هو على هذه الحال ، إذ بادره صوت عليه مسحة من الحزن و المسكنة المفتعلة:

- كيس (بزر) بشيكل

فالتفت رؤوف إلى يمينه ، فإذا بطفل لا يتجاوز العاشرة من عمره ، حافي القدمين، تبدو على وجهه السمرة المحدثة ، يحمل بين يديه الصغيرتين النحيلتين كأعواد الثقاب صندوقاً فيه أصنافاً مختلفة من المسكرات القديمة.

فألقى إليه رؤوف نظرة خاطفة، و قال له دون اهتمام واضح:

- شكراً ، لا أحبه.

ألح الطفل عليه بمزيد من التوسل و الاستجداء المفتعلين:

- أمانة تشتري مني.

- يا حبيبي شكراً ، لا أحبه.

- أمانة تشتري مني ، الله يخليلك أولادك.

لقد بدا في عيني رؤوف في هذه اللحظة الانزعاج و الغضب ، و زجر الطفل بنظرة حادة و صوت مرتفع:

- اذهب عني يا أخي، لا أريد!

و بعد أن يئس الطفل من رؤوف ، حمل بضاعته و مضى إلى طريقه بين الناس...

، و لم يكد رؤوف أن يعدل من جلسته عائداً إلى سكونه و تأملاته بعد أن أفسدها غضبه من الطفل حتى حتى بادره صوت طفولي آخر:

- الصحنين بشيكل

فالتفت إلى مصدر الصوت ، و إذا بطفلة تحمل مجموعة من صحون البلاستيك رديئة الجودة، يبدو في عينيها الذابلتين التعب و الإرهاق ...

مسح رؤوف وجهه بشيء من الغضب ، متأففاً ، ثم تمتم :

- ماذا عساي أن أفعل بهذه الصحون أيضاً؟!

و التفت إلى الطفلة ، و نظر إليها نظرة الملول اليائس ، و أردف:

- شكراً لا أريد.

- أمانة تشتري

- يا حبيبتي لا أريد ، ماذا سأفعل هنا بالصحون؟!

و تلح عليه الطفلة بشيء من التمسكن و التباكي:

- أمانة تشتري.

في هذه اللحظة لم يتمالك رؤوف نفسه ، فنظر إلى هاتفه على عجل كمن تذكر موعداً قد أدركه الوقت ، فانتفض من مكانه كما ينتفض الإنسان الذي يباغته خطر داهم يوشك أن يوقع به ، قائلاً:

- سأترك لكم المكان كله!
و حمل نفسه و مضى إلى حيث تقوده خطاه المترددة ، حتى غاب في الزحام...
------
الكاتب : نبيل محجز
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف