الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فلسفة صوفيّ بقلم: حسين أحمد سيم

تاريخ النشر : 2020-08-13
فلسفة صوفيّ بقلم: حسين أحمد سيم
فلسفة صوفيّ
بقلم: حسين أحمد سيم
كاتب و فنّان تشكيلي عربي من لبنان
منذ وعيت بواطن ذاتي الصّوفيّة، ولدت قدرا في كينونتي الإنسانيّة حالة الرّفض، فاذددت رفضا مضاعفا على بنى رفضي التّاريخي و الجغرافي، و نبتت في نفسيّتي كلمة لام ألف "لا" أنطق بها جرأة بوح و قوّة ثورة على ضحالة المادّة و دناءتها...
مع الأيّام تفاعل في حناياي جهاد من نوع آخر و بشكل دائم ضدّ شيطنة النّفس امّارة بالسّوءات و ضدّ ميولها اللاإنسانيّة و نزواتها الجسديّة، و نشأت في عقلي اللباطني حركة قمع الرّغبة الجامحة في الرّضوخ للمادّة العمياء التي تعمل عللى أن تسقط العاقل المتصوف في دركات الإنحلال و الإنحدار في مهاوي الجحيم، من هنا تجاوبت قناعة مع ثورة الأعماق على السّطوح...
في البعد الآخر لفلسفة الصّوفيّة، تتجلّى في رؤى الفكر الحرّ، أنّ الصّوفيّة هي صنف نوعيّ من أصناف الهجرة، من مستنقعات المادّة إلى بحار الوعي بجواهر الحقائق... فالمتصّوف العاقل هو من يجيد فنّ النّزوح إبحارا رأسيا نحوى الذّرى و هياما عاموديّا صوب المتعاليات، حركة محوريّة روحيّة من دركات الأسفل إلى درجات الأعلى و من تراب الأرض نحو أبعاد السّماء... إنّها وفق رؤاي غريزة الأصالة في حركة الوعي و الإستعلاء الرّوحي لدى المتصوّف، إنّها الهجرة الطّوعيّة و الإنفلات من ربقات المكان السّيّء إلى شفافيّة المكان الجيّد وفق اعتقاد الإنسان الصّوفي...
الفكر المتصوّف يتأمّل الأشياء من منظوره الفلسفي، و لا يترك مجالاً لحركة التّمنطق، لأنّه يكتفي في لعبة الإبحار على أجنحة التّخيّل، و لهذا فإنّ وعيه العقلي خيالي بشكل قاطع، شديد القرب من الوعي الأسطوري، الذي يقوم على مبدأ الخيال الفلسفي، و ترجمة الخيال إلى تجلّيات الرّؤى ... و همّ الصّوفيّ أن يصبح زاكيا، يطبّق حرفيّاً قول الله في الآية المباركة:《قد أفلح من زكّاهآ》و يعتقد في رؤاه إن صارت النّفس زاكية، فهذا يعني أنّها حازت أعلى درجات مناقب مكارم الأخلاق...
من هذا المنطق أرى بعين الوعي الباطني أنّ الصّوفيّة جاءت كردّ فعل على انحطاط المجتمع، و سوء العلاقات بين النّاس، حيث إستشرى فساد الأخلاق و تكالب جشع النّاس على تكديس الثّروات و ممارسة الشهوات بغير وجه حقّ، و قصص التّاريخ جليّة لمن شاء الغوص في مطاويها... هنا و أمام هذا الواقع المستشري و المؤلم يمارس الصّوفيّ الإنسحاب بسيّالات روحه المتعاليّة على صلصال المادّة ليرود آفاق عالم علويّ آخر له مجالاته الواسعة و الكبيرة، العالم الإفتراضيّ الذي يختصّ بالحرّيّة المرتجاة و الخيال الأوسع و لذّة البحث و التّنقيب و السّؤال الباحث عن المجهول، و الهدف الأمثل هو العمل الجادّ على إعداد النّفس البشريّة للبلوغ المرتجى إلى عوالم الحضرة العالية، حيث هناك يتجلّى الأمن و يرفل الجمال و تتوكّد نزعة الحبّ الإلهي.
الإنسان الصّوفي تتفاعل في بواطن نواته ذبذبات الشّوق و الحنين، حيث لا مرام يحاكيه في البعد الآخر سوى الغرام... ذلك أنّ الإنسان بطبيعته التي فطره الله عليها متيّم برؤى و جوهر الجمال و حقيقته أيّنما وجده عشقه و إنغرم به.. فالتّصوّف كما يتراءى لي هو ربيب الفنّ فلا وجود للفن من دون مشاعر و أحاسيس جيّاشة و عاطفة جامحة...
من هنا أرى بفلسفة خاصّة أنّ ثمّة شبها كبيراً بين الحركة الصّوفيّة و الحركة الرّومانسيّة، فيما يخصّ فلسفة تمجيدهما كلتاهما رؤى الوجدان على حساب منطق العقل و تمجيد معالم الطبيعة على حساب وجوديّة المجتمع... و هكذا تكون الحركة الصّوفيّة قد ركّزت و رسخّت فعل أحاسيس و مشاعر الوجد، الذي هو في عالم الحبّ الدّرجة الأعلى في درجات الحبّ، هذا الوجد الأطهر يعتبر شرط أساسي للمعرفة اللمكوكبة، و من هنا فقد جعلت الحركة الصّوفيّة من المعرفة حركة عشق جوهريّ و حبّ إلهيّ، و فعل عشق و هيام عند المتصوّف... حيث العشق حياة خالدة، و الحياة بلا عشق لا قيمة لها، و الأهمّ أنّ العشق الصّوفيّ لا يتوجّه إلى الجزئيّات، بل إلى الحقيقة المتعالية التي تشمل الحقّ و الخلق...و الإنسان الكامل هو الذي يتّصنف ضمن أعلى مراتب الإرتقاء الصّوفي و هذه المرتبة لا تتحقّق إلاّ بالوجد أو بالحبّ أو بالعشق الرّوحي الصّوفيّ...
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف