الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ذكري فراق شاعر لم يزل حياً.. محمود درويش بقلم:ابن الشاطئ

تاريخ النشر : 2020-08-11
ذكرى فراق شاعر لم يزل حيا يرزق " محمود درويش" ..!؟
9 آب.. 2008 بقلم " ابن الشاطيء "

.. ايها الدرويش الراحل على حين غرة ! .. ايها الفارس التي تناثرت صهواته كزوابع ثورة تباعدت في ذاك المدى الممتد الى اقصى ما يكون الافق ، و ما زالت تقف على نواصي المشهد البنفسجي و الكحلي ..!

.. درويشنا.. يا سبحة العقيق الملضومة بكل حروف التسابيح الشجية اللاهثة في انبعاث انفاس رضى ياتي من بعد انبلاج صبح مستنير..!

.. يا ايها الحصان الراكض في براري الوجد القصية.. و نفخة الروح في سرها المكنون، خلف شفق المغيب.. يا ايها الشاعر الحقل المتناثر قمحا و فيرا في غلة حصاد لكل الطاعمين، شبعا في كل المواسم ..! ايا ايها شاعر الذي لم تزل رائحته تتضوع عطرا من رائحة ارض بكر.. تشبعت بامطار مزجاة بتراب الكرمل..! فشربت حتى الثمالة.!

.. يا ايها السنديانة الباسقة التي تاوي اليها عصافير الحب في غناء طروب في صور كل الحالمين بوطن و هوية ..!
.. مرت سنين عديدة على فراقك.. كانك الامس.. كانك الغائب والحاضر معا .. و دعتنا و اشرت لنا بكف العاشق المتيم.. في تحية وداع جد حزينة. و عين دامعة .!
.. نعم، بالامس كنت بيننا و فينا .. تتحفنا بعطاءك و رؤاك و ابتسامتك الشجية كقطرات ماء ترشح من سقاء ابريق غدق.. .! و طلتك الرجولية..! في ابهى صورة لشاعر ما انفك ترجمان صدق لسانه القويم في الضغط على صاعق الكلمات النافذة في ضجر المستحيل الملتهب.!

.. كانت مشيئة القدر ان يتوقف نبع عطائك و انت في سخاء ضجرك و مقتك و انفعالك و غضبك .. و انت في خضم عنفوان زعيقك و هديلك و صهيلك و صليل قصائدك الجارية في اوردة الدماء الساخنة.. علها تفك زرد السلاسل من جناحي حمامة بيضاء كنت في غاية الاصرار ان تربط في جناحها رسالة سلام عابرة للقارات لعالم فقد حاسة السمع و البصر ..!

.. لقد حزمت حقائبك و رحلت تحت جنح الدهشة و القرار المستحيل …. رحلت و معك قلبك الكبير المدنف ..رحلت و معك كل الناس الذين احبوك.! و احبوك..! و احبوك.. و سالت مآقيهم على فراقك وجعا على رحيل مستعجل .. رحلت و في قلبك تحمل كل قلوب العاشقين و المعذبين و المتعبين و الحالمين ..!

. سوف نذكرك في كل وقت و حين و انت تعد فنجال قهوتك الساخنة عند كل مساء من وراء شرفات الزمن الكسيح.. بدون البنفسج الضاحك في نشوة فرح متشهى .. و تجلس خلف مقعدك الحميم .. تشد نواصي الحروف و ترقق عجين الكلمات المخبوزة في تنور مشتعل الحواس .. تطارد الكلمات الملتقطة من ذياك المدى البعيد في اقصى هروب لها.. تجمعها و كانها فراشات ملونة غاية في الجمال على قرطاس من ورق دالية عتيقة .. و تمد يدك في احواض الخيال المتفلت من قبضة الحقيقة، لالتقاط ما تسنى لك من الاسماك الملونة في زخرفها و نقوشها البديعة .. كي تنظم قصيدة تشبه امراة في سن الاربعين .. ! ثم تحاول فتق جيوب الغيب .. تغوص في احلام لا متناهية و تدخل في غيبوبة الكتابة محلقا في ملكوت الكلمة و اثيرية النظم الجميل .. كي تدفع الينا برغيف شعر ساخن طعاما للثائرين السائرين على دروب الحرية الجائعة .. و هم ينضحون كرامتهم و كبريائهم من بئر حرمان عميق .. !؟"

ايها الدرويش .. حقا ! لقد علمتنا القراءة و الكتابة و ابجديات التعبير .. سيكون فراقك عسيرا و قاهرا و حزينا .. و سيظل ناقوس حبنا لك يدق ابد الدهر في القلوب العاشقة لرسمك الجميل .. ستظل اشعارك المنتفضة مبثوثة في خياشيم الذاكرة ، نشوق زعفران لمزيد انتباه و عطاس يتبعه يقظة... سيظل صوتك الرخيم الزاعق يمتد في سمعنا و انت تنثر حروف قصائدك الجذلى في مواقد صقيعنا كجمر لا يخبو له اوار ..

فهل ترانا ايها الدرويش ذات يوم سيتوقف عندنا مطر الدموع و تبرد في ذاتنا لوعة الفراق .. هل ترى وشم الذكرى سيذوب في ملح الايام القادمة .. ؟؟

ياه .. يا ايها الدوريش الكبير ! عشرات من السنين و انت تصرخ فينا و تزعق علينا .. عشرات السنين و انت تصب فينا الماء صبا فملئت بمطرك الدافق كل سدود جفافنا الشاحب و غرست في كل واحد منا نخلة عطاء باسقة و شددت على رؤسنا شجرة زيتون شرقية يكاد زيتها يضيء .. ! لقد تعودت ان تمشي امامنا .. تتقدمنا كفارس يخترق الصفوف الاولى الى قصائد مؤزرة بالتحدي و الانتفاض ..!

ياه .. أي غفلة تلك التي امتدت اليك .. كيف تجرأت يد المنون ان تسكت نشيج قلبك المتدفق .. بماذا اجيب و ماذا نقول لاصدقائك و احبابك و طفلك العاشر الذي سيجيء بعد صيف ؟؟ قل لي بالله عليك .. هل قدر العشاق ان تتوقف قلوبهم في فجآة العطاء و الرخاء و السخاء..! . هل قصد المنون قلبك الفوار دون قلوب من ماتوا وهم احياء .. ام كانت نواياه تقصدك باستراحة ابدية على وسائد حلم سعيت اليه كان على وشك بلوغ جوهر الحقيقة .!
فاشرب من قنوات دموعنا و امطار محبتنا الخالصة ما شئت ..

درويشنا الكبير..! نعم فارقتنا و فنجال قهوتك على طرف الاريكة ساخنا .. و دخان سيجارتك اللحوحة يتصاعد ..اراه لم ينقشع بعد ، يحوم في اروقة المكان يفتش عن صاحبه .. رحلت و لم تزل دواتك معبأة بحبر العطاء .. و فيها المزيد .. كانت ريانة .. و لعابها في غاية الرطوبة.. و قلمك الجميل الحزين يطأطيء راسه بلا حراك .. لا نبض فيه و لا رعش .. كل شيء صامت و مجلل بوقار الدهشة و الذهول ..!! انه الغياب اللامقصود ذات امر مستعجل..!

رحلت يا ايها الكبير .. و لم تزل قصاصات الخواطر الجميلة التي كنت تلتقطها مخبؤة في جيب قميصك الرمادي .. من سيعيد تشكيلها ..؟ من سيكمل نضوجها و رسمها على الجباه المصابة بحمى الوجع .. من يا ترى سيجلس في مكانك بعد الغياب ..
من ؟؟ من.. ؟ من .. ؟

.. لقد غادرتنا فجأة.. الى "هيوستن" لعلك تصلح ما افسده تبغ الكلمات المنفوث من شرايين قلبك المدنف.. بعد زفير مشتعل نفخا في العيون النائمة..! غادرتنا الى هناك من غير مناديل و داع مبللة بدمع الاشتياق و لهفة الفراق المر .. و لم يزل مفتاح شقتك الجميلة في جيب بنطالك الكحلي يا احمد العربي ..! و على امل الرجوع على اقرب جناح حمامة سلام.!

فاذهب درويشنا.. في رعاية الله و رحمته.. ايها العاشق الذي ترجل و ما ترجل ! ..
.. رحلت و تركت في سمائنا اسرابا من الحمام في سجع الصباح و المساء و نوارس تصيء في فضاء اللازورد.. و عصافير تزقزق على شبابيك العاشقين المشرعة في اقاصي الوجد المشتعل اشتياقا لمزيد صبابة جذلى.!

..نعم رحلت و تركت لنا حنين خبز امك و قهوتها و طفولة تكبر على صدرها.. رحلت و تركت لنا امراة في الاربعين من مشمشها .. رحلت و ما زال حبر قلمك السيال يسجل في راس الصفحة الاولى بانك عربي.. و بان رقم بطاقتك خمسون الف .. .. و.. و..

.. فارقد في لحدك الهادىء.. قرير العين مطمئنا.. و خذ منا ما شئت من شآبيب الرحمة ما يتسنى لك من الدعاء و الذكرى الخالدة في فردس سماء الله العالية و معك فاتحك الكتاب ..؛!!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف