الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المكان والزمان في قصيدة "هُنا في المكانِ" كميل أبو حنيش بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-08-11
المكان والزمان في قصيدة  "هُنا في المكانِ" كميل أبو حنيش  بقلم:رائد الحواري
المكان والزمان في قصيدة
"هُنا في المكانِ"
كميل أبو حنيش
الأرض/المكان هو المنطلق لأي عمل، حتى لو كان متخيلا، فلا يمكن أن يكون الإنسان خارج المكان، ولا يمكن أن ينجز/يترك أثرا دون المكان، لهذا هو عنصر اساسي في حياة الناس، وبما أن الشاعر أسير فلسطيني، فإن يتعاطى مع المكان/السجن، بعين المحروم من الآفاق، لهذا نجده يرسم صورة جديدة للسجن، فتتح الشاعر القصيدة:
"هُنا في المكانِ أو اللاَّمكان
سنحفرُ أسماءَنا في الجّدارِ"
أن يفتتح الشاعر القصيدة بظرف الاشارة للمكان "هنا" فأن هذا بحد ذاته مؤشر على أثر المكان عليه/عليهم، كما أننا نجد حالة التيه/الحيرة في "المكان واللأمكان" وهناك (ارتباط) بين اسم الشاعر وهذا المكان/السجن والذي أكده من خلال "سنحفر"، وهو فظ قاسي/مؤلم، وأقرنه بلفظ آخر "الجدار".
من هنا يمكنا القول أن فاتحة القصيدة مستفزة للمتلقي، لما فيها من حيرة "مكان واللأمكان" ولما فها من أفعال قاسية "حفر، الجدار" وجاء تعريف الجدار كتأكيد على المعرفة الشاملة لهذا المكان/السجن.
وقبل أن نغادر فاتحة القصيدة، نشير إلى أن استخدام صيغة الجمع "سنحفرُ أسماءَنا" نحن، تشير إلى أن الشاعر يتحدث عن مجموعة ينتمي إليها، بمعنى أنه يتحدث عن ألم جماعي، وليس شخصي فقط، وهذا يحمل أكثر من سؤال، فهل أراد الشاعر الهروب من التحدث عن همه الشخصي، من خلال حمل هموم جمعية؟، أم أن واقع رفاقه الأسرى جعلهم متوحدين في الوجع، ففضل التحدث نيابة عنهم؟.
الشاعر يعرفنا أكثر على أثر المكان عليه من خلال:
"لكي لا نتوه إذا ما تَلونا من
الآياتِ سِفرَ البدايةِ
و كي نتذكَّرَ ، أنَّ لنا أمَّهاتٍ
حَمَلنَ بنا ، و أنّا ولدنا
كما الآخرينَ...."
هناك علاقة بين المكان/السجن والمعرفة، والشاعر يقرن التيه بعدم تلاوة "سفر البداية"، فالمعرفة ضرورية لتثبيت وجوده، وللافت أنه استخدم "العهد القديم" من خلال "سفر البداية، والذي يتماثل معناه مع سفر التكوين، وايضا نتوه، التي يتماثل مع تيه اليهود في سيناء، فهو هنا يستخدم العهد القديم، بطريقة جديدة، يتحدث عن الأسرى، عن الفلسطينيين في المكان/اللأمكان/سجون، فالتيه/الحيرة متربطة بسفر البداية/بسفر التكوين، وبما أنه/م (اعتمد/استند) على العهد القديم فقد أصابه/م ما أصاب أصحابه، وكأنه يربط حالة التيه/الضياع بكل من يتبع/يعتمد على العهد القديم.
لكنه/م يستعيد ذاته/م الفلسطينية من خلال "الأمهات"، وقد أتبعها بألفاظ عادية وبسيطة وسهلة: "حَمَلنَ بنا، و أنّا ولدنا كما الآخرينَ" وهذا يتماثل مع (بساطة) الأمهات وطبيعتهن، وفي الوقت ذاته يتنافى مع المعرفة الكامنة في "تلونا سفر البداية" وبما أن "الامهات" يعدين "مكاننا قبل الخروج للحياة، فأن ذكرهن جاء تأكيدا على علاقة الشاعر ورفاقه بالمكان وبالآخرين، بالناس/بالمجتمع، وبهذا يستمر تأكيد الشاعر على المكان وأثره وحضوره عليه/م.
إذن المكان الذي يتحدث عنه الشاعر "المكان واللأمكان"/السجن، ورحم الأم، وكلاهما أثر ويؤثر على الشاعر ورفاقه، يبين لنا أكثر علاقته/نظرته للمكانين من خلال:
"ستحبلُ فينا السُّجونُ
و في جوفِها سوف نحيا طويلاً
شهورٌ...سنينٌ...عقودٌ...دهورٌ
و يسطعُ فينا السؤالُ :
و لكن ... متى سوفَ تأتي الولادةُ
من رحمِ هذا المكانِ أو اللامكان .....؟؟
*"
يستوقفنا ذكر الوقت/الزمن في "طويلا، شهور، سنين، عقود، دهور" والتي بدأت بصورة تصاعدية، وهي تتماثل مع الحالة النفسية للأسرى، الذين يبدؤون العد منذ أن تطأ أقدام بوابة السجن
كما أن الشاعر قارن بين وجود الأسرى في "رحم الامهات" وبين جدران السجن، والتي وضحها بالزمن الطويل والممتد "سوف نحيا طويلاً شهورٌ...سنينٌ...عقودٌ...دهورٌ" تؤكد على نفور الأسرى من هذا "المكان واللأمكان"، وبما أنه استخدم رحم الأمهات، كحالة طبيعية وسوية لوجود الحياة البشرية، فإنه يستخدم (رحم) السجن كحالة غير طبيعية/غير سوية للحياة البشرية.
وأيضا نجد الشاعر يستخدم الفاظ وتعابير بسيطة وسهلة، لكن تقديمها بصيغة السؤال، جعل القارئ يتوقف عندها متأملا فيها ومفكرا، فبساطة الالفاظ لازمها بفكرة/بسؤال يحتاج إلى وقفة وتأمل وتفكير.
المقطع الثاني من القصيدة جاء موازيا ومنبثقا عن المكان اللأمكان:

"هنا في الزَّمانِ أو اللازمان
سننسى التآلفَ مع وقتِنا الخارجي
و نألَفُ وقتاً غريباً ، يظلُّ يدورُ بنا
مثلَ قرصِ الرّحى .....
و اللّيالي الرَّتيبةِ"
حالة طبيعية ومنطقية أن يكون الزمن لاحق ومنبثق عن المكان، لأن المكان ثابت، مادة، يمكننا مشاهدته ومسكه، بينما الزمن احساس، نشعر به ونراه ولكن لا يمكننا مسكه، فهو متغير ومتحول
في هذا المقطع نجد مجموعة ألفاظ لها علاقة بالزمن/بالوقت: "الزَّمانِ أو اللازمان، وقتنا، وقتا، ، الليالي" فالمكان أوجد احساس غير مريح: "يظل، يدور، الرتيبة"، ويستوقفنا وصف "قرص الرحى" الذي يشير إلى الحركة (الثابتة)، السير في ذات المكان، بمعنى حركة دون مغادرة المحور، والبقاء ضمن سيطرة المركز، وهذا يخدم فكرة العبث "المكان واللأمكان، والزمان واللازمان"، واليأس من هذا المكان ومن أثره.

"و ندخلُ كهفَ الزَّمانِ العميقِ
و لا شيءَ غيرَ الظَّلامِ ،. و نمضي
طويلاً بلا أيِّ صوتٍ سيأتي
ليتنبّىء عن وحي آياتِ
سِفرِ النّهايةِ....
و يرأب صدعَ الزَّمانِ أو " اللازمان "
اللافت في هذا المقطع عدم وجود أي لفظ له علاقة بالمكان ـ إذا ما استثنينا لفظ "كهف" ـ وكأن الألم الذي يتركه المكان واللأمكان على الشاعر ورفاقه كبير ولا يحتمل، كما أن هناك مجموعة ألفاظ قاسية: "كهف، الظلام، ونمضي، طويلا، بلا، النهاية" وهي بصورتها المجردة تخدم فكرة القسوة التي يتعرض له الشاعر ورفاقه في الأسر.
والجميل في هذا المقطع أنه جاء متكامل ومترابط، فالكهف له علاقة "عميق، ولا شيء، الظلام، طويلا، بلا صوت" وهذا أسهم في إيصال فكرة الألم التي يعانيها الأسرى في "المكان واللأمكان".
إذن أثر المكان واللأمكان شديد الوقع على الأسرى، على الشاعر:
"سنرنوا طويلاً لا سمائنا في الجِّدارِ
و قد أزهرت في الخريفِ ،
نحنُ لها حينَ كانت تغنّي
و تلهجُ في مهدِها و تقولُ :
سينتظرُ اللهُ خلفَ الجِّدارِ
و يعلنُ عن بدءِ سِفرِ القيامةِ
فهزّوا الجِّدارَ، سيسقطُ يوماً
و تغدو الحروفُ كما الياسمينُ
تفوحُ بعيداً
و في كلِّ آنٍ."
سنحاول أن البحث عن حقيقة مشاعر الشاعر ورفاقه من خلال الألفاظ المجردة، فهناك مجموعة ألفاظ بيضاء في هذا المقطع: "سنرنوا، أزهرت، تغني، مهدها، الله، يعلن، بدء، الحروف، الياسمين، تفوح، آن" فهذا الألفاظ تخدم فكرة الأمل والفرح الكامن في الشاعر ورفاقه، وكأنه/م بعد أن أبدو ما فيهم/عندهم من ألم وشدة، شعروا بأنهم أصبحوا أكثرا (اتزانا) فتحدثوا بهذا الفرح والبياض، متجاوزين واقعهم في "المكان واللأمكان".
يستوقفنا استخدام "سفر القيامة" " والذي يحمل ألفاظ بيضاء، بعد أن "سفر البداية" القاسي والمؤلم، كأن الشاعر يقول ان خلف/بعد كل ألم فرح، كحال الأم، التي تتألم في حالة الحمل والمخاض والولادة، لكنها تسعد وتفرح بعد أن تضع حملها، فحال الأسرى كحال الأمهات، من هنا جاءت فكرة الولادة، ولادة المخلص:
"فهزّوا الجِّدارَ، سيسقطُ يوماً
و تغدو الحروفُ كما الياسمينُ"
الذي جاء يحمل كلمة الله، كلمة الخلاص للبشرية.
القصيدة منشورة على صفحة شقيق الأسير كمال أبو حنيش.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف