الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

(بالمؤمنين رءوف رحيم) بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2020-08-10
(بالمؤمنين رءوف رحيم) بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
(بالمؤمنين رءوف رحيم)

(عادل بن مليح الأنصاري)

يقول تعالى يصف نبيه الخاتم صلى الله عليه وسلم (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) .
وتفسيرها واضح لا لبس فيه , فهذا النبي الذي أرسل إليكم هو منكم ومن أنفسكم , تعرفونه ويعرفكم , ويعز عليه عنتكم وإلحاق المشقة بكم , وحريص على هداية الضال منكم , ورفيق رحيم بكم , وكل المسلمين ليس لديهم شك في ذلك , وسيرته صلى الله عليه وسلم مليئة بالقصص والمواقف الدالة والمؤكدة لهذه الحقيقة الناصعة , والله سبحانه وتعالى يخبرنا أن ما يأمرنا به النبي صلى الله عليه وسلم وما ينقله عن ربه هو : (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) , وكذلك (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) , وليس هنا مقام سرد تلك العطايا الربانية والتوجيهات السماوية التي نزلت على العرب في بداية احتضانهم للرسالة السماوية الأخيرة , ثم نشرها لأصقاع الأرض , ولا ذكر الصفات المحمدية الكريمة التي لا يجهلها مسلم , فالثقافة الإنسانية تكاد تتقجر بتلك الحقائق , وتسيل لها أنهار المداد لو قُدر لها الحديث عن ذلك , فالقرآن ختم الكتب السماوية وقدم للبشرية أخر وصايا الله للبشر , يقول الله تعالى في ذلك : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) .
وقد ذكر لنا القرآن الكريم أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو بشر رغم كونه مرسلا من رب العالمين : (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا) , وكان النبي صلى الله عليه وسلم , يستشير أصحابه في كثير من الأمور الدنيوية , أما الدينية وما يحتاج لتشريع رباني فهو يستقبله من الوحي ثم يُعلم به الناس إما عن طريق آيات القرآن الكريم أو عبر الأحاديث الربانية والنبوية التي يوجه بها المجتمع المسلم وقتها , وهذه الكرامات الربانية لم تمنع صفة البشرية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فهو يُصاب كما يُصاب الناس ويمرض ويتألم وحتى يُسحر , وقد مورس الاضطهاد عليه كثيرا , وكان يستطيع بدعاء بسيط يناجي به ربه لينتقم له الله الانتقام الكافي , وكلنا يعرف ذلك عبر سيرته صلى الله عليه وسلم .
فعن عائشة رضي الله عنها قالتْ لرسولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - : هل أتَى عليكَ يومٌ كانَ أشدَّ مِن يومِ أحدٍ ؟ فقالَ : لقد لقيتُ مِن قومِكِ ، وَكانَ أشدَّ ما لقيتُ منهُم يومَ العقبةِ إذ عرضتُ نفسي على ابنِ عبدِ يا ليلَ بنِ عبدِ كلالٍ ، فلَم يجبْني إلى ما أردتُ ، فانطلقتُ وأَنا مَهْمومٌ علَى وجهي ، فلَم أستفِقْ إلَّا وأَنا بقرنِ الثَّعالبِ ، فرفعتُ رأسي ، فإذا بسحابةٍ قد أظلَّتني ، فنظرتُ فإذا فيها جبريلُ عليهِ السَّلامُ ، فَناداني فقالَ : يا محمَّدُ ، إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ، قد سمِعَ قولَ قومِكَ لَكَ ، وما ردُّوا عليكَ ، وقد بعثَ اللَّهُ ملَكَ الجبالِ لتأمرَهُ بما شئتَ فيهِم قالَ : فَناداني ملَكُ الجبالِ : فسلَّمَ عليَّ ، ثمَّ قالَ : يا محمَّدُ : إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قد سمِعَ قولَ قومِكَ لَكَ ، وأَنا ملَكُ الجبالِ ، وقد بعثَني ربُّكَ إليكَ لتأمرَني أمرَكَ ، وبما شئتَ ، إن شئتَ أن أُطْبِقَ عليهِمُ الأخشبَينِ فعلتُ ، فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : بل أرجو أن يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصلابِهِم مَن يعبدُ اللَّهَ ، لا يشرِكُ بِهِ شيئًا .

وكذلك قصة تأبير النخل : عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال : " قَدِمَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ ، يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ ، فَقَالَ : ( مَا تَصْنَعُونَ ؟ ) قَالُوا : كُنَّا نَصْنَعُهُ ، قَالَ : ( لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا ) ، فَتَرَكُوهُ ، فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ ، قَالَ : فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ) .
كما ورد في حديث لعائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام سُحر على يد رجل يهودي يُدعى لبيد بن الأعصم، حينما عمل سحراً للنبي في مشط، ومشاطة، وجف طلع ذكر النّخيل، وقد أثّر هذا السحر في النبي الكريم، حينما كان يُخيّل إليه أنّه يعمل شيئا مع أهله، وهو لم يعمل كذلك، وقد أعلمه الله جلّ وعلا عن طريق جبريل بمكان هذا السحر، فاستخرجه من بئر لرجل من الأنصار، ثمّ أتلفه، فأذهب الله عنه أثر السحر .
خلاصة القول أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وحتى قبل البعثة كانت سيرة رجل أمين وكريم ومُحب لمجتمعه ورحيم بهم , وليس هناك نعمة أكبر من نعمة انتشالهم من الشرك لرقي الإسلام ونعمة التوحيد .
وقد كان صلى الله عليه وسلم أعلم بالغايات ومقاصد الأمور , وبعيد النظر لما هو خير في المستقبل لأمته بتوفيق وهداية من الله تعالى , فعند توقيع صلح الحديبية بدت تلك الشروط مجحفة بحق المسلمين , وفيها تتضح صورة ظلم قريش للمسلمين , مما دعا قريش للظن أنها انتصرت على المسلمين , كما ظن المسلمين أنهم الطرف الخاسر في هذا الصلح , ولكن الأحداث لاحقا اثبتت أنه صلى الله عليه وسلم بعيد النظر وكبير الثقة بربه , ورغم الهرج والمرج الذي صاحب تلك الواقعة إلا أنها انقلبت لفتح عظيم ودخول قريش في الإسلام أفواجا .

ربما ليس جديدا كل ما سبق , وتزخر به كتب السّيَر , ولكن سؤالا ظل بعقلي منذ المرحلة المتوسطة , ولم أجرؤ على طرحه يوما لما نشأنا عليه من الخوف من الخوض في الأمور الغيبية التي تفوق مستوى تفكيرنا ولإدراكنا العقلي المحدود , ولكن عاودت تلك الفكرة للمثول أمام خاطري عندما قرأتها في نقاش بين شخصين في موقع ما , وكان أحدهما يشكك في تلك الفكرة كونها غير معقولة , وغير منطقية , وكان النقاش أقل عمقا من المأمول , فعاودت التفكير فيها مرة أخرى , وربما تفتحت أمام ذهني بعض الأفكار الخاصة التي قنعت نفسي لها , فما هي تلك الفكرة ؟
فمما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : «ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِمَا أُمِرْتَ ؟
قَالَ : أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ ، قَالَ : إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَإِنِّي وَاللهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : مِثْلَهُ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا .

فالله تعالى فرض على الأمة الإسلامية خمس صلوات في اليوم والليلة خلال رحلة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم - في الإسراء والمعراج ، وكانت في أول الأمر خمسين صلاة في اليوم والليلة ولكن نبينا الكريم سأل الله تعالى التخفيف عن أمته في أمر الفريضة حتى أصبحت خمس صلوات بأجر خمسين صلاة .
عودا لعنوان الموضوع (بالمؤمنين رءوف رحيم) , هنا لو تحدث المنطق البحت والواقع المعقول , سيتبادر سؤال منطقي لعقولنا وحتى عقول المشككين والباحثين عن ثغرات في ديننا الحنيف , فهل رب السموات والأرض وخالق البشر , ومقدر الليل والنهار (ب24ساعة) لا يعلم أن خمسين صلاة ستكون عبادة مرهقة ولن تتحملها النفس البشرية ؟ فلو فُرضت كما هي خمسين صلاة , يعني تقريبا صلاتين كل ساعة , فمن البديهي أن نتساءل متى يمارس الناس حياتهم الطبيعية من عمل وسعي للرزق والكثير من الممارسات اليومية , والله تعالى يقول : (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ) .
فأين نصيبنا من الدنيا إذا كنا سنصلي صلاتين كل ساعة , والأهم متى ينام الإنسان إذا وجب عليه أن يصحو كل ساعة ليصلي ؟
ولو فرضنا جدلا أن الصلاة كانت كما فُرضت (خمسون) صلاة بالوضوء المعروف , فكيف يمكن تأمين المياه في بيئة صحراوية جافة ليتوضأ مئات الآلاف وربما الملايين كل ساعة مرتين ؟
وهل يمكن أن نقول أن هناك رأفة بالمؤمنين في ظل هذه العبادة المرهقة ؟
لا شك أن هناك من الدروس والعبر الكثير مما يغفل عنه الإنسان العادي , فالله تعالى رب البشر وهو أعلم بإمكانياتهم الجسدية والمعيشية والبيئية , ورسوله الكريم ذو عقل سليم وفطرة ربانية ناصعة , ويدرك طبيعة المكان والزمان الذي يعيش فيه , وأن خمسين صلاة لا يمكن أن تتماشى مع طبيعة البشر وطبيعة الزمان والمكان , وربما بل حتما ستكون منفرة للأجيال ما بعد جيل النبوة , والتي قد تتحمل المشقة لوجود نبيهم بين ظهرانيهم , فما بالنا بالوقت الحاضر وما بعده , نحن نلاحظ اليوم أن خمس صلوات ربما القليل من يصليها كاملة وبحقها في عصرنا الحالي , فماذا لو كانت خمسين صلاة ؟
ولكن ما الحكمة في فرضها من البداية خمسين صلاة ؟
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الله كعبد ورسول لا يملك إلا الطاعة الكاملة لأوامر الله حتى لو كانت لا طاقة له بها من وجهة نظره كإنسان , وهنا تظهر عظمته صلى الله عليه وسلم في الامتثال والقبول رغم كل المحاذير الغير منطقية , فهو هنا عبد لله فقط يؤمر فيطيع , ولا مجال للنقاش وطرح وجهات النظر ورد الأوامر الإلهية , وهل يعقل أن يكون في حضرة رب الكون ثم يناقشه في أمر أمره به ؟
ولكنه عندما عاد ليسلك طريق العودة , قابله موسى عليه السلام وعرف ما أمر به , وهنا موسى كلمه كإنسان له طاقة محدودة وله احتياجات يومية لابد من تحقيقها , وله أوقات للنوم وللعيش وللأهل , فطلب منه رأفة به وبأمته أن يعود لربه ولكن ليس معترضا هذه المرة , بل طالبا الرحمة والرأفة بأمته من هذه العبادة الشاقة , فعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة مرات , وفي كل مرة عاد كنبي يطلب الرحمة والرأفة لأمته وليس نبيا يعارض أمر ربه , ولما صارت خمس صلوات طلب منه موسى العودة وطلب التخفيف لما رأى من بني إسرائيل من نفور وتمرد , ولكن نبينا صلى الله عليه وسلم استحى من ربه هذه المرة , ولم يقم بمراجعته بل رضي وقبل بتلك النتيجة , فكافأه الله تعالى بأن يكتب لأمته أجر خمسين صلاة , وهنا نرى رأفته صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته عندما راجع ربه ليخفف عن أمته ولكنه احتفظ بأجر الخمسين صلاة كاملة .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف