الشيخ بطاطا
_______
حامد لا يتجاوز العشر سنوات أما أنا فقد تخطيته بقليل ..
دائما ما كنّا نراه ذاهباً إلى فرن أبي ناجي ومعه صينية البطاطا الحلوة لذلك أطلقنا عليه لقب " الشيخ بطاطا"
يتجوّل في المخيم ومعه حبّة البطاطا الحلوة , يقضمها بإنتعاش ويسحقها بشراسة
أي محاولة مني للحصول على قطعة ستبوء بالفشل لكنني لا أستسلم ..
أقول له بشغف
_ أعطيني
_ لا أمي قالت ما أعطيش اللي أكبر مني .
_ ولك أنا أكبر منك بشهرين بس .
_ والله لو انولدنا بنفس اليوم مش حعطيك .
_ إنشالله تموت .
.
طلبت منه ذات يوم أن يوّصل رسالة حب إلى " سماح " تلك الطفلة المشاكسة التي تصّغرني بعام ، أتذكر ملامحها حتى الآن , لو ضربوا ليلى طاهر مع أمال فريد في الخلاط ستكون هي على الأرجح ولكن بشكل مصّغر ..
هل كان ذلك حباً أم شيئاً أشبه بالتعلّق بدمية جميلة ؟
.
كانت تلعب الحجلة في الحارة عندما سلّمها الشيخ بطاطا الرسالة فإذا بها تلف ورقة الرسالة بساندوتش الفلفل الأحمر ، غضبت منها فنهرتها بشدّة
_ ولي يا ودفه.
_ ولا يابو رجل مسلوخة.
تأملتني قليلا .. ابتسمت لها ابتسامة العاطل عن العمل بعد أن حصل على وظيفة محترمة ، اقتربت مني ، انسكب القليل من البراد الذي في يدي ، تخيلت أنها ستعترف بحبها لي ، تراجعت خطوة للوراء عندما قالت
-- خذ ساندوتش الفلفل وأعطيني كاسة البراد .. أمانة .
_ خذيها بس ما تشفطيهاش كلها , سبيلي شوية .
اتجه نحوي الشيخ بطاطا وخطف من يدي كاسة البراد وهرب قائلا بتحدي _ مش حتوخذيها يا ودفه .
تعالى صوتها _ إنشالله تموت .
.
فتحت السنين أفواهها وابتلعت الأيام ، صارت المنازل أجمل, ارتفع البنيان ولكن ردم ما في القلب وتهدّم على ساكنيه ، كل الوجوه أمامي ومع ذلك لا أشعر بوجود أحد ، كبرنا وعند أول صراع مع الحياة تعثرت خطاي ، سيارتي تنعطف شمالا إلى مستشفى الحلو الدولي بينما تتجه سيارة سماح الفارهة نحو الجنوب حيث هاجرت إلى النرويج لكن ثمة واحد فقط كان محمولا فوق الأعناق ، حامد "الشيخ بطاطا " .
________________
_______
حامد لا يتجاوز العشر سنوات أما أنا فقد تخطيته بقليل ..
دائما ما كنّا نراه ذاهباً إلى فرن أبي ناجي ومعه صينية البطاطا الحلوة لذلك أطلقنا عليه لقب " الشيخ بطاطا"
يتجوّل في المخيم ومعه حبّة البطاطا الحلوة , يقضمها بإنتعاش ويسحقها بشراسة
أي محاولة مني للحصول على قطعة ستبوء بالفشل لكنني لا أستسلم ..
أقول له بشغف
_ أعطيني
_ لا أمي قالت ما أعطيش اللي أكبر مني .
_ ولك أنا أكبر منك بشهرين بس .
_ والله لو انولدنا بنفس اليوم مش حعطيك .
_ إنشالله تموت .
.
طلبت منه ذات يوم أن يوّصل رسالة حب إلى " سماح " تلك الطفلة المشاكسة التي تصّغرني بعام ، أتذكر ملامحها حتى الآن , لو ضربوا ليلى طاهر مع أمال فريد في الخلاط ستكون هي على الأرجح ولكن بشكل مصّغر ..
هل كان ذلك حباً أم شيئاً أشبه بالتعلّق بدمية جميلة ؟
.
كانت تلعب الحجلة في الحارة عندما سلّمها الشيخ بطاطا الرسالة فإذا بها تلف ورقة الرسالة بساندوتش الفلفل الأحمر ، غضبت منها فنهرتها بشدّة
_ ولي يا ودفه.
_ ولا يابو رجل مسلوخة.
تأملتني قليلا .. ابتسمت لها ابتسامة العاطل عن العمل بعد أن حصل على وظيفة محترمة ، اقتربت مني ، انسكب القليل من البراد الذي في يدي ، تخيلت أنها ستعترف بحبها لي ، تراجعت خطوة للوراء عندما قالت
-- خذ ساندوتش الفلفل وأعطيني كاسة البراد .. أمانة .
_ خذيها بس ما تشفطيهاش كلها , سبيلي شوية .
اتجه نحوي الشيخ بطاطا وخطف من يدي كاسة البراد وهرب قائلا بتحدي _ مش حتوخذيها يا ودفه .
تعالى صوتها _ إنشالله تموت .
.
فتحت السنين أفواهها وابتلعت الأيام ، صارت المنازل أجمل, ارتفع البنيان ولكن ردم ما في القلب وتهدّم على ساكنيه ، كل الوجوه أمامي ومع ذلك لا أشعر بوجود أحد ، كبرنا وعند أول صراع مع الحياة تعثرت خطاي ، سيارتي تنعطف شمالا إلى مستشفى الحلو الدولي بينما تتجه سيارة سماح الفارهة نحو الجنوب حيث هاجرت إلى النرويج لكن ثمة واحد فقط كان محمولا فوق الأعناق ، حامد "الشيخ بطاطا " .
________________