المسارات الفنية
في زجليّات
الشّاعر علي ياسين عبيد
بقلم الكاتب الفنّان التّشكيلي اللبناني حسين أحمد سليم
في هدأة السّكون , المنفلتة من قيود المكان , من فعل حركة الزّمان , تولد لحظة الخلق و الإبداع ... و في تلك الفضاءات الخياليّة , الموغلة في الإتّساع , هناك , على ذمّة القدر , تبتدئ اللحظة اللامحدودة , التي تحمل السّر الدّفين , سمة الإستمرار في كنه الحياة ... من ذلك المغمور , تنطلق الخيوط الفضّية , بالاهتزازات الأثيريّة , لتتولّد الأحاسيس , و تتكاثر المشاعر , و تقترن ببعضها , فعل مودّة و رحمة , فتنهمر من السّحب الفكريّة اللامتناهية , معالم البوح , انهمار المطر فوق الأرض العطشى ... فعل حب و عشق عند الشّاعر الزّجلي اللبناني علي ياسين عبيد.
الكتابة الشّعريّة … سرّ الله , أودعه في قلوب بعض النّاس , من ذكر و أنثى , أكبر من أن يعرّف بحروف أو كلمات أو أقوال أو قصائد أو خواطر , و أوسع من أن يحدّ بكتاب , أو موسوعة ... أو حتّى بترجمة مادّية , أو يحصر بمشاعر شعريّة رقيقة ... و نبقى عاجزين عن أيفاء الشّعر بنبضه العارم , و الإخلاص لنبضات العقول العاشقة , و الدّخول إلى حنايا الأفكار , و الإبحار في شفافيّة الرّوح , و التّحليق في طورها و سحرها اللانهائي , خارج حدود الزّمان , و أبعد من محدوديّة المكان , و من الصّعب إعطاء الشّعر حقّه من الجمال , العذوبة , التّسامي , اللوعة , الحقّ , الخلق و الجنون الشّعري... لأنّه هو الإبداع و هو الخلق و هو الجنون و هو الكتابة الشعريّة...
من هنا ... من هذا المنطلق الرّوحي ... الإنساني ... ينهمر الإبداع , و بانهماره تتجلّى لوحة الفن في شعر علي ياسين عبيد واضحة المعالم , ترسم الوجه الآخر , في حروفية كتابية شعريّة, كما اللوحة الفنّية التّشكيليّة , قطعة موسومة في نقاط و خطوط و ألوان و أشكال كلمات و قصائد , تعكس المعاناة بكلّ شفافيّتها و عذوبتها , في تلك اللحظة الخاطفة , حيث يرتسم البوح , فعل انهمار الوحي من كنه البعد الآخر , مبتدئا من عمق الخيال , ماضيا في تدفّقه , عبر موجات الأثير الفكري في حركة تأجّج , تشق طريقها في ثنايا الضّوء الفضّي للمعرفة , نحو حدود تلمس الإشتياق من وحي الأحاسيس , وصولا حتّى مصبّ المشاعر في حنايا النّفس , لتحرّك خلجات الفؤاد , فإذا النّقاط و الألوان و الخطوط حروف ومضات بارقة تتمازج لتؤلّف اللوحة الكتابية الفنية الشّعريّة, في رحلة تحوّل عبر مراحل الخلق و الإبداع , لتصنع العبارات الموسيقية بالرّؤى المتموّجة بين ذبذبات الحروف و توزيعها في اللوحة الكتابية الشّعريّة...
و هكذا مقولة السّمفونية المتفاعلة , تومض في أرجاء فضاءات الذّاكرة الإنسانيّة , تحرّض البوح الفنّي للحروف في تدفّق غزير , يندفع بقوّة السّحر , نحو ملامس الفراغ المطلق , عند حدود الاشتياق الأقصى , ليجتاح كلّ المظاهر المعلومة , حتّى تصل الوحدات الوامضة بالأسرار ,إلى حنايا النّفس , و تذوب في شغاف القلب , فتحرّك الخلجات الهائمة , في مطاوي الفؤاد , لتولد اللوحة النّصيّة الفنّية قصيدة سمفونيّة , من رحم الأحاسيس , من رحم الحبّ , عند الشّاعر علي ياسين عبيد ...
فالشّعر عند علي ياسين عبيد نبضات كونيّة , و خيوط فضيّة , و ذبذبات ماورائيّة موغلة في اللانهائي , مشدودة من نبض الفصول , مخضرّة الأوراق من تفتّح الزّهور , و تفتّق الورود , لترسم ماهية الحياة , سرّ الوجود ...
الشّعر سرّ الله الدّافق , الجارف , المتأجّج دوما في حنايانا , القوّة الخارقة , التي تحوّل قلوبنا , إلى جمر ... السّلطة القاهرة التي تحوّل عيوننا إلى قناديل , و السّحر المميّز الذي ينقل بسماتنا إلى أقمار , و وجودنا المادّي إلى طاقة معطاء دون قيد أو شرط ... فتولد اللوحة الكتابية الفنّية قصيدة شعرية زجليّة أو قصيدة نثرية حالمة...
تلك اللوحة الكتابيّة الفنيّة الشّعريّة بكلّ معالمها , و رغم الألم اللذيذ الذي يعانيه الشّاعر علي ياسين عبيد , ينثر من عناصرها وجع الشّجوّ العالق في أوتار الأحاسيس , الذي يضمّخ حركة اهتزاز المشاعر , بعبق اللون , لتنهل قريحة الشّاعر عبيد من مكامن الذّكريات , خواطر الماضي , في أفق الحاضر لرسم معالم المستقبل ... فإذا الكون بإمداداته المتّسعة و فضاءاته اللامتناهية في متناول الشّاعر عبيد ليقدّم لوحة أعماقها على صفحة من ضوء مرسومة بالحروف و الكلمات و المقاطع و البحور و العروض ... و بقدرة عجيبة تجترح فعل التّماس البعد الفنّي لبناء هرميّة النص في قصيدة شعريّة في مكانها و زمانها المناسبين ... هذا الوحي العجيب الذي يخلقه الافتتان بالأشياء , له القدرة على تحويل الأحاسيس إلى صور لها خصوصيّة تعكس فعل التّفرّد في منهجيّة التّعبير , عما يجول في النّفس , من انفعالات شتّى تفتح النّوافذ على مساحات الرّؤى الفكريّة الفنّية , أمام ناظري الشّاعر ... و كلّما ازدادت تلك الأحاسيس ... بفعل حركة الشّعر الرّحويّة , كلّما كانت الولادة الشّعريّة الفنية ...
نعم , هي حركة الكتابة الشّعريّة , نرشف من معينها , و نرتوي بلقاء الحروف و الكلمات مع الفكرة , و نجن بالكتابة الشّعريّة الزّجليّة كلّما سمونا بها صعدا ... هو التّأليف الشّعري بكافة أشكاله و ألوانه و فنونه قصائد حب , دائما و أبدا اللعبة الفكريّة الكتابيّة تقضّ مضاجعنا , تسرقنا من أنفسنا , من ذواتنا , من هدأتنا , من سكوننا , تفتح جروحنا , تفلج أنيننا , تضمّخ حياتنا بالآهات الحرّى , فتبارحنا قوانا , و تجافينا كينونتنا , و تغيب عنّا كلّ اللغات لتسود لغة الكتابة الشعريّة الشّعبيّة بكافّة فنونها, فنحبوا أمام النّص الشّعري, كما الأطفال , ننحني للحروف و الكلمات بخشوع , و نستسلم لرحلة الفنّ الشّعري دون مقاومة , و ننقاد في دروب الرّسم الشّعري, نغني الجمال طوعا , نعزف على شعيرات الرّيشة الزّجليّة هياما , في المدى , حيث لا زمان , و حيث لا مكان , و حيث لا أحد , و حيث لا ألم , و لا ضيق , و لا قسوة , بل عالم آخر ... عالم الفنّ الشّعري الرّحب , المتضمّخ بالجمال , بالسّحر بالحبّ , بالحنان , بالمودّة , بالرّحمة ...
في هذا الجو الآخر من العطاء , كلّما سمت النّفس , كلّما ارتقت و زادت لديها , زادت الإمكانيّة المعطاءة لدى الشّاعر علي ياسين عبيد , و ازدادت قدرته على الانتقال من فعل التّصوير إلى فعل الرّسم إلى فعل النّحت على جدران القلب بالحروف العاشقة و الكلمات الحالمة و النّصوص الهائمة و الأشعار المموسقة...
في رحاب عالم الفنون الشّعريّة الزّجليّة , تتبرعم من نسغ الخلق و الإبداع , معالم فن تشكيلي شعري شعبي زجلي آخر , فنّ يخرج بوشاح الكتابة و النّظم , و يجوس بلوحته الشعريّة متاهات الحلم , ليرسم الغد المأمول , في اندفاع من جوهر معين , يحمل كل أشكال الخصوصيّة الشعريّة , في حروف و كلمات و لوحات و مشاهد أناشيد و قصائد و منظومات للشّعر علي ياسين عبيد في ومضات فكرية تشكيليّة تحاكي الخواطر الموسيقية العذبة , اللطيفة في مجموعته مريا الخيال...
في تلك الحالة , من ماورائيات مرايا الخيال , تتجسّد معالم الخلق , و ترتسم حالات الإبداع عند الشّاعر عبيد , من فعل حركة الإلهام , و يتشكّل الوحي , لتتحوّل أثيريّة المشاعر و الأحاسيس , إلى حروف و كلمات و خواطر عاشقة , تتحوّل بحكم الحبّ , الحبّ المطلق , إلى ورود مختلفة الألوان , متعدّدة الأشكال , تغدو في المكان و الزّمان , فعل مزارات مقدّسة , لفراشات الفرح الزّاهية , اللاتي ولدن من ألوان الطّيف ... فإذا الكلمات الفنّية الشّعريّة اللونيّة الولهة , تتزاوج في العبارات العاشقة , الهائمة في فراغات الرّوح , و ثنايا النّفس , لتصطبغ بحركة الرّؤى , المتموّجة بحكم الجاذبيّة البشريّة , بين الفضاءات الفكريّة , و المعالم المعرفيّة , المتوالدة من كنه الأحاسيس و المشاعر ... تلك الهائمة طوعا , بين ثنايا الأثير , لتفصل بين مظاهر النّور و الظّلام , و تفرّق بين معالم الحقّ و الباطل , و تميّز بين فعل الواقع و حركة مرايا الخيال ... في عالم الفن الشّعري , الذي هو عالم الحب الأسمى , في رؤى الشّاعر علي ياسين عبيد...
الخواطر و القصص و مختلف المواضيع و الحكم و الإهداءات الخاصّة و فنون القرّادي و العتابا و فنون الغزل و المعنّى و الوطنيّات و المناسبات و الموشّحات و قصائد الشّروقي و الرّثائيّات... و سيمفونيّة صراخ القبور الشّعريّة... هذا الفن الشّعري الزّجلي , سمفونيّة أبديّة صادحة , خالدة , و أغنية جميلة مملوءة بالأشواق , عميقة الحنان , بعيدة المودّة , تنضح بالسّحر و الجمال ... و هذا الفن الأدبي الشّعري الشّعبي , هو الرّغبة الصّادقة في امتلاك السّعادة , و هو سلامة النّفس في أعماق الأبديّة , و هو العلم الوحيد الذي كلّما أبحرنا فيه نزداد جهلا ... حيث الفنّ الشّعري أقدس حقوق النّفس البشريّة , و أقرب الأشياء إلى الرّوح الإنسانيّة , و هو الحلقة الذّهبيّة التي تربطنا بالحقّ , بالله , و بالحياة , و بالأيمان , و بالوجود , و بالجمال , وبالواجب عند الشّاعر علي ياسين عبيد...
والشّاعر عبيد , لا يختلف عن غيره من الشّعراء , إلاّ بكيفيّة مشاهدة الحدث , و كيفية مشاركته فيه , و كيفية تحليله له , بطريقة خاصّة , و صياغته بشاعريته الخاصّة و أسلوبه الخاصّ , و بالتّالي نقل الصّور المتعدّدة , إنّما بأسلوب فنّي شعري زجلي شعبي خاصّ , و إحساس شعري مرهف , مع ما يضفي عليه من واقع موهبته الفنية الشّعريّة , و خبرته الحياتية , و ثقافته الشّاملة , و سرعة خاطره , ليزيد على النّص بعضا من روحه , فإذا عناصر القطعة الشّعريّة , تعكس صدق النّفس , و صدق الرّأي و الموقف , بإرادة واعية , و جرأة واضحة للوجود و الحياة و الحب و الإنسان و الأنسنة...
فالفن الشّعري ذلك القوّة الخلاّقة , هو القادر على أن يشكّل لوحة الكينونة , و هو الفاعل على أن يرسم لوحة الصّيرورة , على مدى اتّساع مساحة الحبّ , و فضاءات الزّمن الإبداعي ... و انّ الفنّ الشّعري الذي يرسمه و يشكله و يطرّزه الشّاعر عبيد , لا بد مغامرة خطرة , إنما فيه المتعة كونه من نمط أدبي شعري فني شعبي زجلي تشكيلي آخر ... حيث معالم الأحاسيس و المشاعر , تسمو في حنايا الشّاعر عبيد , فتتجلّى الشّفافيّة الفكريّة , في ومضات الكتابة الفنّية , و تتجسّد المعاني الشّاعرية , في صور تزدهي بكلّ وضوحها , و تتألّق بكلّ نبلها ...
الشّاعر علي ياسين عبيد , علم من بلادي , يلجّ عالم الفكر و الكتابة بقوّة , لتكتحل العين بالجمال الشّعري الشّعبي , و ينقر على أوتار الفؤاد بألوان شعريّة فلكلوريّة صارخة أشبه بالجمرات , و يسكب أنفاسه في لوحات أدبيّة فنّية شاعريّة , و يلد تأوّهاته إبداعا , و يسجّل نبراته ونبضاته فعل مشهد ساحر , و يرتّل بعضا ممّا يكتب و يرسم و يشكّل , و يغنّي خواطره و أشعاره و قصائده الملتهبة في كلّ متناغم ...
الشّاعر علي ياسين عبيد , يشرب من معين العذوبة الفكريّة , و يعزف من منابع الخلق و الإبداع , حيث تستغني القلوب النّقية , يبتغي حقّ الوجود , يروم إثبات الذّات , يطمح لتأكيد المناقب , يرنو لمساحة واسعة من الأمل المرتجى , من خلال التّطلّع و الطّموح الفكري الشّاعري الفنّي , و الذي يتعاطى مع عوالمه كنسغ الحياة , يصنع منه انتفاضة الفكرة في رحم التّكوين العقلي لوحة خواطر فنّية ساحرة ...
الشّاعر علي ياسين عبيد, شاء في مجموعة مرايا الخيال , أن يرود خيمة الفنون الشّعريّة المتعدّدة , من مضارب الفعل الحر , ليرتدي عباءة الخلق و الإبداع و التّمييز , و هو يجوس الفكرة تلو الفكرة ,في سرادقات الأحلام للغد المأمول ... ليصل في محاكاته الأثيريّة , إلى أبعد ممّا تحمل الصّور الشّعريّة الفنّية في مضامينها , و ما تحوي في طيّات عناصرها الحالمة ... المبحرة في فضاءات الرّؤى ...
الشّاعر علي ياسين عبيد, يحملنا في خواطره و أفكاره إلى عالم الفنون الشّعريّة السّاحرة , بقلم فنّي نابض , فيه قوّة التّصوير , و منطق السّحر ... بحيث يؤرّخ للفنّ الشّعري الشّعبي الزّجلي , ويبادر في سجاله ونضاله و وصاله , و يحدّق من خلال لوحاته و خواطره الشّعريّة في الأقاصي لأجل رؤية جديدة , و لأجل أمل مرتجى , يحاكيه و يحاكيها من وحي الحروف و الكلمات و الخواطر ... فإذا به يسجّل خلجات النّفس في معالم البوح الحالمة , و يرصّع الأيّام بنغمات الكلمات , في أغنيات شعريّة جماليّة عابقات بالحبّ و الحياة , و يعزف على أوتار القلب خواطره و جنونه الإبداعي الشّعري , فإذا الذّات الإنسانيّة في حالة اهتزاز طربا , لمشهدية الخواطر التي تجسّد شفافيّة الروح عند الشّاعر عبيد , و يؤكّد صدق الذّات في عبقها , راسما حقيقة النّفس في رومانسيّة معيّنة , تأتلق مع عمق المشاعر الكامنة في خفايا الحنايا , الممزوجة بخلجات الفؤاد , الرّاقصة بزهوّ على إيقاعات الحروف و الكلمات و الخواطر , التي يغنّي فيها للحبّ و العشق و الحياة , يترجم صور الأحلام إلى واقع ملموس , و يحقّق الرّؤى و الآمال في حقيقة تحاكي الآفاق البعيدة ...
أجل ... ففي رحاب هدأة الأشياء , و فضاءات سكينة الصّمت , تتولّد في كنه الرّؤى معالم الإبداع , و تتشكّل في رحم المشاعر و الأحاسيس لوحات التّجلّي ... فيستفيق الشّاعر من ثباته العميق , و يسترجع ذاته من شروده البعيد , و يستعيد إبحاره من انسيابه الأثيري , خلف الأحلام المتهادية على جناح النّسيم , المسافرة في شفافيّتها و عذريتها , بين حدوديّة الحقيقة في واقع المكان , و آفاق الخيال في طيّات الزّمان ... ليكتشف في ومضة من روح , بأنّه غرف من عمق أغوار حناياه , خلاصة الأحاسيس و صفوة المشاعر , و أفرغ من وجدانه أجمل لحظات العمر , و أعذب معاني الحياة , و أمتع مظاهر العيش ... و هو يمارس فعل الارتحال الدّائم , و حركة الرّحيل المستمر , سعيا حثيثا وراء أمل يحاكيه أثيريّا , ليرسم في فضاءات الذّاكرة أوّليّات الاعتقاد بأنّه تمكّن من رؤياه , و استحوذ على أمله ...
فمن تلك الرّحاب الإبداعيّة الأخرى ... في عوالم فنون التّجّليات الشّعريّة , للشّاعر عبيد , تتجاذبنا حروفياته و خواطره , بحكم الحبّ بينها , في منظومة التّعبير , و تتناهى إلينا , حركة الفتنة , من فعل الاقتران بين الخواطر و الذّات على ذمّة العشق الفنّي , لتتولّد اللوحات الشّعريّة , على وقع اللحن الأثيري , و سمفونية الأصوات الصّامتة في البعد , فيتجسّد الفنّ الشّعري , و ينتقل من فضاءات الخيال الفكري , ليرتسم في تشكيلة , فوق مساحة من الأمل المرتجى , و تتألق معالم القطعة , في بدايات التّجريب ... و التّعوّد على معايشة العناصر الفكرية ... ذات المدلول الإبداعي المميّز ...
ففي تلك المرحلة الزّمنية , و في تلك الحالة الهائمة الحالمة , أتحسّس الشّاعر عبيد , يسكن الحروف و الكلمات و الخواطر , بحكم محاكاته الرّوحيّة , في ذلك العمر الكاعب , للأبجديّة الفنّية المعشوقة من ذاتها , المبحرة في نفسها ... تراوده تشكيلة الفنون الشّعريّة الزّجليّة , و تحاكيه صور التّشكيلات الخواطريّة , على فعل جماليّة المعنى , ليتوافق مع الجوهر ... و هو بحكم ائتلافه مع المنظومة الفنية الشّعريّة , و محاكاته رنين المنظومة الحروفيّة , في آفاق فضاءات الخلق و الإبداع ... و بحكم التآلف مع لغة التّعبير , تسكنه القطعة الشّعريّة , في مكنون معانيها , و تجعل من نفسه , و أحاسيسه الدّفينة , في غياهب وجودها , سرادقا خاصّا لها , و تجعل من أثيريّة روحه , الهائمة في ملكوت الله , مأوى لها ...
نعم فإنّ الشّاعر عبيد , في تلك الومضات الشّعريّة و التي كأنّها لوحات تشكيليّة فنّية ... تبدو محكومة بالتّفاصيل و العناصر , محكومة للنّصوص ... بحيث أنّها تجري معالمها في ذاكرته , مجرى الدّم في عروقه , لا تبرحه , و لا تغادره , أو تفارقه , و تحرّضه عناصرها الفنّية على نفسه , فيصبر و يصطبر ...
العناصر الفنية الإبداعيّة, تمتلك الشّاعر عبيد , و يمتلكها , و يعيش التّوجّد و التّوجّس ... و حالات الحبّ و العشق و الهيام ... و هي ترى في خلفية عيونه , الأشياء من حوله مختلفة , و يشاهد العالم , و كأنّه مختلف تماما ... ففي غمار الصّحوة الفكرية عند الشّاعر عبيد , ترتسم معالم لوحة الإبداع , لتؤكّد له أنّ الحقيقة غير ذلك الإبحار في متاهات رؤى الأحلام , و أنّ الواقع في المكان غير ذلك التّجديف في عباب الخيالات السّراب , فكلّ حركات الأنغام المتولّدة من الأوتار الأحلام , المرسومة على القسمات الظّاهريّة و الباطنيّة ... اختفت في الأعماق فعل انكفاء , و تبدّدت معالمها في حركة تراجع , و غامت صورتها الجميلة , مبتعدة من واجهة الصّدارة إلى زوايا أخرى من بنك الذّاكرة ...
وفي مجموعته الشّعريّة المختلفة الإبداعات, يبحر الشّاعر عبيد في فضاءات الوجود , يشقّ عباب الحياة , يحاكي موج العيش , شراعه الخواطر للوجود و الحياة و الحب ... حيث من خلال أشعاره المتعددة , يحملنا على صهوة أجنحة الخيال , نمتطي معه السّحر البهيّ , الموصل بنا إلى عوالم , تمتزج فيها الأحاسيس و المشاعر , مع الكلمات و الخواطر السّاحرة , النّابعة من صميمه الإبداعيّ , المتمرّس بالكتابة الشّعريّة الشّعبيّة و التأليف , لينتقل بنا في معالم خواطره , إلى معالم الإنبهار أمام أجمل الأشعار , يشكلها , و كأنّها قطع قدّت من عالم آخر في لوحات فنّية مشهديّه , رسمت بأنامل سحريّة ... تأخذنا إلى أبعد من الإطار و الشّكل , في محاكاة روحيّة , تحملنا إلى عالم السّحر و الجمال ...
المنظومات الشّعريّة عند الشّاعر عبيد. .. التي تمتزج فيها أحاسيس الوجدان , بعبق النّفس , لتعزف على أوتار القلب , ألحان الحياة , في حركة جموح و ثورة , تعكس فعل المعاناة , عند شاعر فنان يتنفس الفن الشّعري, و يتحدّث إليك بالفنّ الشّعري , و يتعامل في يومياته مع النّاس بالفنّ الشّعري ... بحيث ذاكرته الفنّية , تهيم في عالم آخر , لتستجلي سرّ الحياة , و تجتلي معنى الوجود , فيبحث , و ينقّب , و يفتّش , متلهفا للون شعري مميّز , متشوقا لفكرة ما ,يقطف من الأبجديّة الفنّية حروفها , يستكشف العقل الباطني , يتقلّب في عالم الأثير , يستلهم الخيال , يتحدّى الزّمان , يستقرئ المكان , ينقش في تاج الأيام , خلجات نفسه الحالمة , يرصّع صولجان العيش , نغمات الحروف , و ترانيم الخواطر , في مشهديّات ساحرة الجمال , عابقات و الهات , يعزف بها على أوتار الرّوح ... فتهتز الذّات الإنسانيّة , من ومضة نفسيّة , و ترتعش النّفس البشريّة , من بارقة شكليّة , تروي أمتع البوح , في روايات و قصص شعريّة , ليرسم أبدع الحكايات , و يرسم أسمى الأمنيات , في رومانسيّة الحياة , متضمّخة بأطيب الأنفاس , و أحرّ الهمسات ...
في المسارات التّحليلية الأخرى ... لمسارات الشّاعر علي ياسين عبيد , ترتسم فيها صورة تجديد الحياة , و انبعاث الحركة في كنه الأشياء , و بالرّ غم من الإحساس الإنساني , والشعور الوجداني ... يعود الشّاعر عبيد في لعبته الشّعريّة إلى الإلتفاف على بنات الأفكار , و يعمل على استقطاب الحلم من كنه الرّؤى على أمل اللقاء , راسما لوحته الشّعريّة المفضلّة بالحروف و الكلمات و الخواطر , مصورا معاناته في متاهات الحياة , طامحا في جموح دفين , يدفع به إلى التّطلّعات المستقبليّة , التي يجسّد لها إمكانية التّواجد الفعلي , و التي تخلق له إمكانية اللقاء مع عذراء خيالاته , فعل انسكاب الألوان الفكرية في بوتقة عناصر اللوحة الشّعريّة , و فعل انسياب الخواطر في مجرى الأفكار , يرسم لذّة الإبداع في اللوحة الشّعريّة على مساحة ما , في مكان ما , و في زمان ما , فعل ديمومة و كينونة لاقتران الأشياء و استمراريّة الحياة ...
ذلك هو البعد الفني في مجموعة إبداعات الشّاعر علي ياسين عبيد , الشّاعر المبحر في عوالم الفنون الشّعريّة , ففي البعد الممتد , عبر ثنايا الخيالات , تتجلّى جماليّة الإبداع , في فضاءات المعرفة , لتسبك معالم الجمال , في كنه اللوحة الشّعريّة , بكلّ حالات الوضوح , و كل مزايا النّبل , في معالم الإباء , التي تسم الشّاعر , في لوحاته الشّعريّة الفنّية .. في تلك الرّؤيا التي ترسم الإبداع , بكلّ عناصر الجمال , لا مجال للمساومة , و لا مناص للتّنازل , في تلك المقوّمات , التي تشكل معالم الشّاعر عبيد ... ما دام هناك , فعل الإباء , يملأ الحنايا , و ما دام هناك , فعل العنفوان , يروي الأعماق , فكلّ الأشياء الواردة , إلى دواخل النّفس , مرفوضة , إذا ما خالفت , حركة الشّعور , التي تنتاب الشّاعر عبيد ... و هكذا الحالة الإبداعية عنده...
ففي العمليّة الإنتاجيّة , على مستوى الإبداع , و بالرّغم من الوجع الذي يلمّ بالشّاعر , و الألم الذي يعانيه , ففنّه في محاكاته الأثيريّة , يقدّم النّص في لوحة إبداعه , كجزء من أعماقه , مجسّدة على صفحة , من شفافيّة روحيّة , موقّعة بالحروف , مرسومة بالكلمات , مشكّلة بالخواطر , و بقدرة متمايزة , و قوّة عجيبة , تؤكّد على فعل التّماس الفكرة السّحريّة , في موقعها الملائم , و تحديد البعد الأخر , للوجه الأخر , في محوريّة بؤريّة , تركز عموديّة السّمت الرّأسي , في المكان و الزّمان المناسبين , المتطابقين بين الرّؤيا و الواقع ... و هي الشّفافية الرّوحيّة التي يتمتع بها الشّاعر عبيد ...
ففي حركة الإبحار المعرفية , عبر ثنايا فعل الإبداع عند الشّاعر عبيد, تتكّون لدينا , الصّورة الواضحة في جماليّة معيّنة , لنلتمس من خلالها , القناعة بأنّه , كلّما ازدادت , الطّاقة التي تولّد الإمكانيّات اللازمة , لدى الشّاعر , ازدادت بالتّالي , حركة الرّسم بالحروف و الكلمات و الخواطر , إلى حالة النّحت الموضوعي , بأزميل الكينونة , في هدأة السّكينة , لتشكّل لوحة الحياة الفكريّة , من شغاف الرّوح , على جدران القلب ...
في تلك اللحظة , حيث تبرز كل التّناقضات , فعل ازدحام و تنافس , لتنفذ من زاوية انسياب البوح , مع همس الرّوح , بحقيقة ما يعتلج من مشاعر , تحرّض الرّؤى , على الانهمار فيضا , من توهّج بنات الأفكار الشّعريّة , لاكتمال التجربة الإبداعيّة ...
ذالكم هو الشّاعر المبدع علي ياسين عبيد , المتواضع , الرقيق , الهاديء , الإنساني , المبحر في عالم الفنون الشّعريّة الزّجليّة , العابد في محراب الكلمة الشّعريّة , يقيم صلواته الشّعريّة في محراب الإبداع و التّجلّي , يترنم في سيمفونياته الشّعريّة العابقة بالطّيب و الحبّ و الجمال , يهديها للوجود و الحياة و الحب و النّاس ... يجسّد شفافيّة روحه في لوحات كتابية شعريّة فنية, في وجدانيات , من الفنون الأدبية , ليؤكّد صدق الذّات في خلاصة الكلمات و الخواطر , و يرسم حقيقة النّفس في رومانسيّة أثيريّة , تأتلق من عمق الأحاسيس , و حقيقة المشاعر , الكامنة في خفايا الحنايا , الممزوجة بضربات الفؤاد , على إيقاع الحبّ , و العشق و الهيام و الحياة ,لترجمة صور الأحلام , إلى واقع ملموس , و تحقيق الرّؤى و الآمال , في واقع يحاكي الآفاق و الطموح ...
هكذا الإبداعات المختلفة في مرايا الخيال و صراخ القبور للشّاعر علي ياسين عبيد , تجسيد ديمومة , و توكيد قدرة , في حياة الشّاعر الشفاف كالماء , النّاصع كالثّلج , المتألّق كالضّوء ... اللطيف كالأثير , العابق كالياسمين , النضر كالبهاء ... ذلك هو الشّاعر علي ياسين عبيد، الملهم ,المبحر في رؤى الوجود و الحياة , من أجل الوجود و الحياة ... يكتب الوجود في وجدانياته ... و يشكّل الحياة في خواطره ... فتأتي ملوّنة , بألوان الوجود و الحياة و الحبّ الذي يحيا فيه , و يعيش دقائقه الشّاعر علي ياسين عبيد، المتعملق بفنونه الشّعريّة عبر مرايا الخيال و صراخ القبور من بعلبك مدينة الشمس...
في زجليّات
الشّاعر علي ياسين عبيد
بقلم الكاتب الفنّان التّشكيلي اللبناني حسين أحمد سليم
في هدأة السّكون , المنفلتة من قيود المكان , من فعل حركة الزّمان , تولد لحظة الخلق و الإبداع ... و في تلك الفضاءات الخياليّة , الموغلة في الإتّساع , هناك , على ذمّة القدر , تبتدئ اللحظة اللامحدودة , التي تحمل السّر الدّفين , سمة الإستمرار في كنه الحياة ... من ذلك المغمور , تنطلق الخيوط الفضّية , بالاهتزازات الأثيريّة , لتتولّد الأحاسيس , و تتكاثر المشاعر , و تقترن ببعضها , فعل مودّة و رحمة , فتنهمر من السّحب الفكريّة اللامتناهية , معالم البوح , انهمار المطر فوق الأرض العطشى ... فعل حب و عشق عند الشّاعر الزّجلي اللبناني علي ياسين عبيد.
الكتابة الشّعريّة … سرّ الله , أودعه في قلوب بعض النّاس , من ذكر و أنثى , أكبر من أن يعرّف بحروف أو كلمات أو أقوال أو قصائد أو خواطر , و أوسع من أن يحدّ بكتاب , أو موسوعة ... أو حتّى بترجمة مادّية , أو يحصر بمشاعر شعريّة رقيقة ... و نبقى عاجزين عن أيفاء الشّعر بنبضه العارم , و الإخلاص لنبضات العقول العاشقة , و الدّخول إلى حنايا الأفكار , و الإبحار في شفافيّة الرّوح , و التّحليق في طورها و سحرها اللانهائي , خارج حدود الزّمان , و أبعد من محدوديّة المكان , و من الصّعب إعطاء الشّعر حقّه من الجمال , العذوبة , التّسامي , اللوعة , الحقّ , الخلق و الجنون الشّعري... لأنّه هو الإبداع و هو الخلق و هو الجنون و هو الكتابة الشعريّة...
من هنا ... من هذا المنطلق الرّوحي ... الإنساني ... ينهمر الإبداع , و بانهماره تتجلّى لوحة الفن في شعر علي ياسين عبيد واضحة المعالم , ترسم الوجه الآخر , في حروفية كتابية شعريّة, كما اللوحة الفنّية التّشكيليّة , قطعة موسومة في نقاط و خطوط و ألوان و أشكال كلمات و قصائد , تعكس المعاناة بكلّ شفافيّتها و عذوبتها , في تلك اللحظة الخاطفة , حيث يرتسم البوح , فعل انهمار الوحي من كنه البعد الآخر , مبتدئا من عمق الخيال , ماضيا في تدفّقه , عبر موجات الأثير الفكري في حركة تأجّج , تشق طريقها في ثنايا الضّوء الفضّي للمعرفة , نحو حدود تلمس الإشتياق من وحي الأحاسيس , وصولا حتّى مصبّ المشاعر في حنايا النّفس , لتحرّك خلجات الفؤاد , فإذا النّقاط و الألوان و الخطوط حروف ومضات بارقة تتمازج لتؤلّف اللوحة الكتابية الفنية الشّعريّة, في رحلة تحوّل عبر مراحل الخلق و الإبداع , لتصنع العبارات الموسيقية بالرّؤى المتموّجة بين ذبذبات الحروف و توزيعها في اللوحة الكتابية الشّعريّة...
و هكذا مقولة السّمفونية المتفاعلة , تومض في أرجاء فضاءات الذّاكرة الإنسانيّة , تحرّض البوح الفنّي للحروف في تدفّق غزير , يندفع بقوّة السّحر , نحو ملامس الفراغ المطلق , عند حدود الاشتياق الأقصى , ليجتاح كلّ المظاهر المعلومة , حتّى تصل الوحدات الوامضة بالأسرار ,إلى حنايا النّفس , و تذوب في شغاف القلب , فتحرّك الخلجات الهائمة , في مطاوي الفؤاد , لتولد اللوحة النّصيّة الفنّية قصيدة سمفونيّة , من رحم الأحاسيس , من رحم الحبّ , عند الشّاعر علي ياسين عبيد ...
فالشّعر عند علي ياسين عبيد نبضات كونيّة , و خيوط فضيّة , و ذبذبات ماورائيّة موغلة في اللانهائي , مشدودة من نبض الفصول , مخضرّة الأوراق من تفتّح الزّهور , و تفتّق الورود , لترسم ماهية الحياة , سرّ الوجود ...
الشّعر سرّ الله الدّافق , الجارف , المتأجّج دوما في حنايانا , القوّة الخارقة , التي تحوّل قلوبنا , إلى جمر ... السّلطة القاهرة التي تحوّل عيوننا إلى قناديل , و السّحر المميّز الذي ينقل بسماتنا إلى أقمار , و وجودنا المادّي إلى طاقة معطاء دون قيد أو شرط ... فتولد اللوحة الكتابية الفنّية قصيدة شعرية زجليّة أو قصيدة نثرية حالمة...
تلك اللوحة الكتابيّة الفنيّة الشّعريّة بكلّ معالمها , و رغم الألم اللذيذ الذي يعانيه الشّاعر علي ياسين عبيد , ينثر من عناصرها وجع الشّجوّ العالق في أوتار الأحاسيس , الذي يضمّخ حركة اهتزاز المشاعر , بعبق اللون , لتنهل قريحة الشّاعر عبيد من مكامن الذّكريات , خواطر الماضي , في أفق الحاضر لرسم معالم المستقبل ... فإذا الكون بإمداداته المتّسعة و فضاءاته اللامتناهية في متناول الشّاعر عبيد ليقدّم لوحة أعماقها على صفحة من ضوء مرسومة بالحروف و الكلمات و المقاطع و البحور و العروض ... و بقدرة عجيبة تجترح فعل التّماس البعد الفنّي لبناء هرميّة النص في قصيدة شعريّة في مكانها و زمانها المناسبين ... هذا الوحي العجيب الذي يخلقه الافتتان بالأشياء , له القدرة على تحويل الأحاسيس إلى صور لها خصوصيّة تعكس فعل التّفرّد في منهجيّة التّعبير , عما يجول في النّفس , من انفعالات شتّى تفتح النّوافذ على مساحات الرّؤى الفكريّة الفنّية , أمام ناظري الشّاعر ... و كلّما ازدادت تلك الأحاسيس ... بفعل حركة الشّعر الرّحويّة , كلّما كانت الولادة الشّعريّة الفنية ...
نعم , هي حركة الكتابة الشّعريّة , نرشف من معينها , و نرتوي بلقاء الحروف و الكلمات مع الفكرة , و نجن بالكتابة الشّعريّة الزّجليّة كلّما سمونا بها صعدا ... هو التّأليف الشّعري بكافة أشكاله و ألوانه و فنونه قصائد حب , دائما و أبدا اللعبة الفكريّة الكتابيّة تقضّ مضاجعنا , تسرقنا من أنفسنا , من ذواتنا , من هدأتنا , من سكوننا , تفتح جروحنا , تفلج أنيننا , تضمّخ حياتنا بالآهات الحرّى , فتبارحنا قوانا , و تجافينا كينونتنا , و تغيب عنّا كلّ اللغات لتسود لغة الكتابة الشعريّة الشّعبيّة بكافّة فنونها, فنحبوا أمام النّص الشّعري, كما الأطفال , ننحني للحروف و الكلمات بخشوع , و نستسلم لرحلة الفنّ الشّعري دون مقاومة , و ننقاد في دروب الرّسم الشّعري, نغني الجمال طوعا , نعزف على شعيرات الرّيشة الزّجليّة هياما , في المدى , حيث لا زمان , و حيث لا مكان , و حيث لا أحد , و حيث لا ألم , و لا ضيق , و لا قسوة , بل عالم آخر ... عالم الفنّ الشّعري الرّحب , المتضمّخ بالجمال , بالسّحر بالحبّ , بالحنان , بالمودّة , بالرّحمة ...
في هذا الجو الآخر من العطاء , كلّما سمت النّفس , كلّما ارتقت و زادت لديها , زادت الإمكانيّة المعطاءة لدى الشّاعر علي ياسين عبيد , و ازدادت قدرته على الانتقال من فعل التّصوير إلى فعل الرّسم إلى فعل النّحت على جدران القلب بالحروف العاشقة و الكلمات الحالمة و النّصوص الهائمة و الأشعار المموسقة...
في رحاب عالم الفنون الشّعريّة الزّجليّة , تتبرعم من نسغ الخلق و الإبداع , معالم فن تشكيلي شعري شعبي زجلي آخر , فنّ يخرج بوشاح الكتابة و النّظم , و يجوس بلوحته الشعريّة متاهات الحلم , ليرسم الغد المأمول , في اندفاع من جوهر معين , يحمل كل أشكال الخصوصيّة الشعريّة , في حروف و كلمات و لوحات و مشاهد أناشيد و قصائد و منظومات للشّعر علي ياسين عبيد في ومضات فكرية تشكيليّة تحاكي الخواطر الموسيقية العذبة , اللطيفة في مجموعته مريا الخيال...
في تلك الحالة , من ماورائيات مرايا الخيال , تتجسّد معالم الخلق , و ترتسم حالات الإبداع عند الشّاعر عبيد , من فعل حركة الإلهام , و يتشكّل الوحي , لتتحوّل أثيريّة المشاعر و الأحاسيس , إلى حروف و كلمات و خواطر عاشقة , تتحوّل بحكم الحبّ , الحبّ المطلق , إلى ورود مختلفة الألوان , متعدّدة الأشكال , تغدو في المكان و الزّمان , فعل مزارات مقدّسة , لفراشات الفرح الزّاهية , اللاتي ولدن من ألوان الطّيف ... فإذا الكلمات الفنّية الشّعريّة اللونيّة الولهة , تتزاوج في العبارات العاشقة , الهائمة في فراغات الرّوح , و ثنايا النّفس , لتصطبغ بحركة الرّؤى , المتموّجة بحكم الجاذبيّة البشريّة , بين الفضاءات الفكريّة , و المعالم المعرفيّة , المتوالدة من كنه الأحاسيس و المشاعر ... تلك الهائمة طوعا , بين ثنايا الأثير , لتفصل بين مظاهر النّور و الظّلام , و تفرّق بين معالم الحقّ و الباطل , و تميّز بين فعل الواقع و حركة مرايا الخيال ... في عالم الفن الشّعري , الذي هو عالم الحب الأسمى , في رؤى الشّاعر علي ياسين عبيد...
الخواطر و القصص و مختلف المواضيع و الحكم و الإهداءات الخاصّة و فنون القرّادي و العتابا و فنون الغزل و المعنّى و الوطنيّات و المناسبات و الموشّحات و قصائد الشّروقي و الرّثائيّات... و سيمفونيّة صراخ القبور الشّعريّة... هذا الفن الشّعري الزّجلي , سمفونيّة أبديّة صادحة , خالدة , و أغنية جميلة مملوءة بالأشواق , عميقة الحنان , بعيدة المودّة , تنضح بالسّحر و الجمال ... و هذا الفن الأدبي الشّعري الشّعبي , هو الرّغبة الصّادقة في امتلاك السّعادة , و هو سلامة النّفس في أعماق الأبديّة , و هو العلم الوحيد الذي كلّما أبحرنا فيه نزداد جهلا ... حيث الفنّ الشّعري أقدس حقوق النّفس البشريّة , و أقرب الأشياء إلى الرّوح الإنسانيّة , و هو الحلقة الذّهبيّة التي تربطنا بالحقّ , بالله , و بالحياة , و بالأيمان , و بالوجود , و بالجمال , وبالواجب عند الشّاعر علي ياسين عبيد...
والشّاعر عبيد , لا يختلف عن غيره من الشّعراء , إلاّ بكيفيّة مشاهدة الحدث , و كيفية مشاركته فيه , و كيفية تحليله له , بطريقة خاصّة , و صياغته بشاعريته الخاصّة و أسلوبه الخاصّ , و بالتّالي نقل الصّور المتعدّدة , إنّما بأسلوب فنّي شعري زجلي شعبي خاصّ , و إحساس شعري مرهف , مع ما يضفي عليه من واقع موهبته الفنية الشّعريّة , و خبرته الحياتية , و ثقافته الشّاملة , و سرعة خاطره , ليزيد على النّص بعضا من روحه , فإذا عناصر القطعة الشّعريّة , تعكس صدق النّفس , و صدق الرّأي و الموقف , بإرادة واعية , و جرأة واضحة للوجود و الحياة و الحب و الإنسان و الأنسنة...
فالفن الشّعري ذلك القوّة الخلاّقة , هو القادر على أن يشكّل لوحة الكينونة , و هو الفاعل على أن يرسم لوحة الصّيرورة , على مدى اتّساع مساحة الحبّ , و فضاءات الزّمن الإبداعي ... و انّ الفنّ الشّعري الذي يرسمه و يشكله و يطرّزه الشّاعر عبيد , لا بد مغامرة خطرة , إنما فيه المتعة كونه من نمط أدبي شعري فني شعبي زجلي تشكيلي آخر ... حيث معالم الأحاسيس و المشاعر , تسمو في حنايا الشّاعر عبيد , فتتجلّى الشّفافيّة الفكريّة , في ومضات الكتابة الفنّية , و تتجسّد المعاني الشّاعرية , في صور تزدهي بكلّ وضوحها , و تتألّق بكلّ نبلها ...
الشّاعر علي ياسين عبيد , علم من بلادي , يلجّ عالم الفكر و الكتابة بقوّة , لتكتحل العين بالجمال الشّعري الشّعبي , و ينقر على أوتار الفؤاد بألوان شعريّة فلكلوريّة صارخة أشبه بالجمرات , و يسكب أنفاسه في لوحات أدبيّة فنّية شاعريّة , و يلد تأوّهاته إبداعا , و يسجّل نبراته ونبضاته فعل مشهد ساحر , و يرتّل بعضا ممّا يكتب و يرسم و يشكّل , و يغنّي خواطره و أشعاره و قصائده الملتهبة في كلّ متناغم ...
الشّاعر علي ياسين عبيد , يشرب من معين العذوبة الفكريّة , و يعزف من منابع الخلق و الإبداع , حيث تستغني القلوب النّقية , يبتغي حقّ الوجود , يروم إثبات الذّات , يطمح لتأكيد المناقب , يرنو لمساحة واسعة من الأمل المرتجى , من خلال التّطلّع و الطّموح الفكري الشّاعري الفنّي , و الذي يتعاطى مع عوالمه كنسغ الحياة , يصنع منه انتفاضة الفكرة في رحم التّكوين العقلي لوحة خواطر فنّية ساحرة ...
الشّاعر علي ياسين عبيد, شاء في مجموعة مرايا الخيال , أن يرود خيمة الفنون الشّعريّة المتعدّدة , من مضارب الفعل الحر , ليرتدي عباءة الخلق و الإبداع و التّمييز , و هو يجوس الفكرة تلو الفكرة ,في سرادقات الأحلام للغد المأمول ... ليصل في محاكاته الأثيريّة , إلى أبعد ممّا تحمل الصّور الشّعريّة الفنّية في مضامينها , و ما تحوي في طيّات عناصرها الحالمة ... المبحرة في فضاءات الرّؤى ...
الشّاعر علي ياسين عبيد, يحملنا في خواطره و أفكاره إلى عالم الفنون الشّعريّة السّاحرة , بقلم فنّي نابض , فيه قوّة التّصوير , و منطق السّحر ... بحيث يؤرّخ للفنّ الشّعري الشّعبي الزّجلي , ويبادر في سجاله ونضاله و وصاله , و يحدّق من خلال لوحاته و خواطره الشّعريّة في الأقاصي لأجل رؤية جديدة , و لأجل أمل مرتجى , يحاكيه و يحاكيها من وحي الحروف و الكلمات و الخواطر ... فإذا به يسجّل خلجات النّفس في معالم البوح الحالمة , و يرصّع الأيّام بنغمات الكلمات , في أغنيات شعريّة جماليّة عابقات بالحبّ و الحياة , و يعزف على أوتار القلب خواطره و جنونه الإبداعي الشّعري , فإذا الذّات الإنسانيّة في حالة اهتزاز طربا , لمشهدية الخواطر التي تجسّد شفافيّة الروح عند الشّاعر عبيد , و يؤكّد صدق الذّات في عبقها , راسما حقيقة النّفس في رومانسيّة معيّنة , تأتلق مع عمق المشاعر الكامنة في خفايا الحنايا , الممزوجة بخلجات الفؤاد , الرّاقصة بزهوّ على إيقاعات الحروف و الكلمات و الخواطر , التي يغنّي فيها للحبّ و العشق و الحياة , يترجم صور الأحلام إلى واقع ملموس , و يحقّق الرّؤى و الآمال في حقيقة تحاكي الآفاق البعيدة ...
أجل ... ففي رحاب هدأة الأشياء , و فضاءات سكينة الصّمت , تتولّد في كنه الرّؤى معالم الإبداع , و تتشكّل في رحم المشاعر و الأحاسيس لوحات التّجلّي ... فيستفيق الشّاعر من ثباته العميق , و يسترجع ذاته من شروده البعيد , و يستعيد إبحاره من انسيابه الأثيري , خلف الأحلام المتهادية على جناح النّسيم , المسافرة في شفافيّتها و عذريتها , بين حدوديّة الحقيقة في واقع المكان , و آفاق الخيال في طيّات الزّمان ... ليكتشف في ومضة من روح , بأنّه غرف من عمق أغوار حناياه , خلاصة الأحاسيس و صفوة المشاعر , و أفرغ من وجدانه أجمل لحظات العمر , و أعذب معاني الحياة , و أمتع مظاهر العيش ... و هو يمارس فعل الارتحال الدّائم , و حركة الرّحيل المستمر , سعيا حثيثا وراء أمل يحاكيه أثيريّا , ليرسم في فضاءات الذّاكرة أوّليّات الاعتقاد بأنّه تمكّن من رؤياه , و استحوذ على أمله ...
فمن تلك الرّحاب الإبداعيّة الأخرى ... في عوالم فنون التّجّليات الشّعريّة , للشّاعر عبيد , تتجاذبنا حروفياته و خواطره , بحكم الحبّ بينها , في منظومة التّعبير , و تتناهى إلينا , حركة الفتنة , من فعل الاقتران بين الخواطر و الذّات على ذمّة العشق الفنّي , لتتولّد اللوحات الشّعريّة , على وقع اللحن الأثيري , و سمفونية الأصوات الصّامتة في البعد , فيتجسّد الفنّ الشّعري , و ينتقل من فضاءات الخيال الفكري , ليرتسم في تشكيلة , فوق مساحة من الأمل المرتجى , و تتألق معالم القطعة , في بدايات التّجريب ... و التّعوّد على معايشة العناصر الفكرية ... ذات المدلول الإبداعي المميّز ...
ففي تلك المرحلة الزّمنية , و في تلك الحالة الهائمة الحالمة , أتحسّس الشّاعر عبيد , يسكن الحروف و الكلمات و الخواطر , بحكم محاكاته الرّوحيّة , في ذلك العمر الكاعب , للأبجديّة الفنّية المعشوقة من ذاتها , المبحرة في نفسها ... تراوده تشكيلة الفنون الشّعريّة الزّجليّة , و تحاكيه صور التّشكيلات الخواطريّة , على فعل جماليّة المعنى , ليتوافق مع الجوهر ... و هو بحكم ائتلافه مع المنظومة الفنية الشّعريّة , و محاكاته رنين المنظومة الحروفيّة , في آفاق فضاءات الخلق و الإبداع ... و بحكم التآلف مع لغة التّعبير , تسكنه القطعة الشّعريّة , في مكنون معانيها , و تجعل من نفسه , و أحاسيسه الدّفينة , في غياهب وجودها , سرادقا خاصّا لها , و تجعل من أثيريّة روحه , الهائمة في ملكوت الله , مأوى لها ...
نعم فإنّ الشّاعر عبيد , في تلك الومضات الشّعريّة و التي كأنّها لوحات تشكيليّة فنّية ... تبدو محكومة بالتّفاصيل و العناصر , محكومة للنّصوص ... بحيث أنّها تجري معالمها في ذاكرته , مجرى الدّم في عروقه , لا تبرحه , و لا تغادره , أو تفارقه , و تحرّضه عناصرها الفنّية على نفسه , فيصبر و يصطبر ...
العناصر الفنية الإبداعيّة, تمتلك الشّاعر عبيد , و يمتلكها , و يعيش التّوجّد و التّوجّس ... و حالات الحبّ و العشق و الهيام ... و هي ترى في خلفية عيونه , الأشياء من حوله مختلفة , و يشاهد العالم , و كأنّه مختلف تماما ... ففي غمار الصّحوة الفكرية عند الشّاعر عبيد , ترتسم معالم لوحة الإبداع , لتؤكّد له أنّ الحقيقة غير ذلك الإبحار في متاهات رؤى الأحلام , و أنّ الواقع في المكان غير ذلك التّجديف في عباب الخيالات السّراب , فكلّ حركات الأنغام المتولّدة من الأوتار الأحلام , المرسومة على القسمات الظّاهريّة و الباطنيّة ... اختفت في الأعماق فعل انكفاء , و تبدّدت معالمها في حركة تراجع , و غامت صورتها الجميلة , مبتعدة من واجهة الصّدارة إلى زوايا أخرى من بنك الذّاكرة ...
وفي مجموعته الشّعريّة المختلفة الإبداعات, يبحر الشّاعر عبيد في فضاءات الوجود , يشقّ عباب الحياة , يحاكي موج العيش , شراعه الخواطر للوجود و الحياة و الحب ... حيث من خلال أشعاره المتعددة , يحملنا على صهوة أجنحة الخيال , نمتطي معه السّحر البهيّ , الموصل بنا إلى عوالم , تمتزج فيها الأحاسيس و المشاعر , مع الكلمات و الخواطر السّاحرة , النّابعة من صميمه الإبداعيّ , المتمرّس بالكتابة الشّعريّة الشّعبيّة و التأليف , لينتقل بنا في معالم خواطره , إلى معالم الإنبهار أمام أجمل الأشعار , يشكلها , و كأنّها قطع قدّت من عالم آخر في لوحات فنّية مشهديّه , رسمت بأنامل سحريّة ... تأخذنا إلى أبعد من الإطار و الشّكل , في محاكاة روحيّة , تحملنا إلى عالم السّحر و الجمال ...
المنظومات الشّعريّة عند الشّاعر عبيد. .. التي تمتزج فيها أحاسيس الوجدان , بعبق النّفس , لتعزف على أوتار القلب , ألحان الحياة , في حركة جموح و ثورة , تعكس فعل المعاناة , عند شاعر فنان يتنفس الفن الشّعري, و يتحدّث إليك بالفنّ الشّعري , و يتعامل في يومياته مع النّاس بالفنّ الشّعري ... بحيث ذاكرته الفنّية , تهيم في عالم آخر , لتستجلي سرّ الحياة , و تجتلي معنى الوجود , فيبحث , و ينقّب , و يفتّش , متلهفا للون شعري مميّز , متشوقا لفكرة ما ,يقطف من الأبجديّة الفنّية حروفها , يستكشف العقل الباطني , يتقلّب في عالم الأثير , يستلهم الخيال , يتحدّى الزّمان , يستقرئ المكان , ينقش في تاج الأيام , خلجات نفسه الحالمة , يرصّع صولجان العيش , نغمات الحروف , و ترانيم الخواطر , في مشهديّات ساحرة الجمال , عابقات و الهات , يعزف بها على أوتار الرّوح ... فتهتز الذّات الإنسانيّة , من ومضة نفسيّة , و ترتعش النّفس البشريّة , من بارقة شكليّة , تروي أمتع البوح , في روايات و قصص شعريّة , ليرسم أبدع الحكايات , و يرسم أسمى الأمنيات , في رومانسيّة الحياة , متضمّخة بأطيب الأنفاس , و أحرّ الهمسات ...
في المسارات التّحليلية الأخرى ... لمسارات الشّاعر علي ياسين عبيد , ترتسم فيها صورة تجديد الحياة , و انبعاث الحركة في كنه الأشياء , و بالرّ غم من الإحساس الإنساني , والشعور الوجداني ... يعود الشّاعر عبيد في لعبته الشّعريّة إلى الإلتفاف على بنات الأفكار , و يعمل على استقطاب الحلم من كنه الرّؤى على أمل اللقاء , راسما لوحته الشّعريّة المفضلّة بالحروف و الكلمات و الخواطر , مصورا معاناته في متاهات الحياة , طامحا في جموح دفين , يدفع به إلى التّطلّعات المستقبليّة , التي يجسّد لها إمكانية التّواجد الفعلي , و التي تخلق له إمكانية اللقاء مع عذراء خيالاته , فعل انسكاب الألوان الفكرية في بوتقة عناصر اللوحة الشّعريّة , و فعل انسياب الخواطر في مجرى الأفكار , يرسم لذّة الإبداع في اللوحة الشّعريّة على مساحة ما , في مكان ما , و في زمان ما , فعل ديمومة و كينونة لاقتران الأشياء و استمراريّة الحياة ...
ذلك هو البعد الفني في مجموعة إبداعات الشّاعر علي ياسين عبيد , الشّاعر المبحر في عوالم الفنون الشّعريّة , ففي البعد الممتد , عبر ثنايا الخيالات , تتجلّى جماليّة الإبداع , في فضاءات المعرفة , لتسبك معالم الجمال , في كنه اللوحة الشّعريّة , بكلّ حالات الوضوح , و كل مزايا النّبل , في معالم الإباء , التي تسم الشّاعر , في لوحاته الشّعريّة الفنّية .. في تلك الرّؤيا التي ترسم الإبداع , بكلّ عناصر الجمال , لا مجال للمساومة , و لا مناص للتّنازل , في تلك المقوّمات , التي تشكل معالم الشّاعر عبيد ... ما دام هناك , فعل الإباء , يملأ الحنايا , و ما دام هناك , فعل العنفوان , يروي الأعماق , فكلّ الأشياء الواردة , إلى دواخل النّفس , مرفوضة , إذا ما خالفت , حركة الشّعور , التي تنتاب الشّاعر عبيد ... و هكذا الحالة الإبداعية عنده...
ففي العمليّة الإنتاجيّة , على مستوى الإبداع , و بالرّغم من الوجع الذي يلمّ بالشّاعر , و الألم الذي يعانيه , ففنّه في محاكاته الأثيريّة , يقدّم النّص في لوحة إبداعه , كجزء من أعماقه , مجسّدة على صفحة , من شفافيّة روحيّة , موقّعة بالحروف , مرسومة بالكلمات , مشكّلة بالخواطر , و بقدرة متمايزة , و قوّة عجيبة , تؤكّد على فعل التّماس الفكرة السّحريّة , في موقعها الملائم , و تحديد البعد الأخر , للوجه الأخر , في محوريّة بؤريّة , تركز عموديّة السّمت الرّأسي , في المكان و الزّمان المناسبين , المتطابقين بين الرّؤيا و الواقع ... و هي الشّفافية الرّوحيّة التي يتمتع بها الشّاعر عبيد ...
ففي حركة الإبحار المعرفية , عبر ثنايا فعل الإبداع عند الشّاعر عبيد, تتكّون لدينا , الصّورة الواضحة في جماليّة معيّنة , لنلتمس من خلالها , القناعة بأنّه , كلّما ازدادت , الطّاقة التي تولّد الإمكانيّات اللازمة , لدى الشّاعر , ازدادت بالتّالي , حركة الرّسم بالحروف و الكلمات و الخواطر , إلى حالة النّحت الموضوعي , بأزميل الكينونة , في هدأة السّكينة , لتشكّل لوحة الحياة الفكريّة , من شغاف الرّوح , على جدران القلب ...
في تلك اللحظة , حيث تبرز كل التّناقضات , فعل ازدحام و تنافس , لتنفذ من زاوية انسياب البوح , مع همس الرّوح , بحقيقة ما يعتلج من مشاعر , تحرّض الرّؤى , على الانهمار فيضا , من توهّج بنات الأفكار الشّعريّة , لاكتمال التجربة الإبداعيّة ...
ذالكم هو الشّاعر المبدع علي ياسين عبيد , المتواضع , الرقيق , الهاديء , الإنساني , المبحر في عالم الفنون الشّعريّة الزّجليّة , العابد في محراب الكلمة الشّعريّة , يقيم صلواته الشّعريّة في محراب الإبداع و التّجلّي , يترنم في سيمفونياته الشّعريّة العابقة بالطّيب و الحبّ و الجمال , يهديها للوجود و الحياة و الحب و النّاس ... يجسّد شفافيّة روحه في لوحات كتابية شعريّة فنية, في وجدانيات , من الفنون الأدبية , ليؤكّد صدق الذّات في خلاصة الكلمات و الخواطر , و يرسم حقيقة النّفس في رومانسيّة أثيريّة , تأتلق من عمق الأحاسيس , و حقيقة المشاعر , الكامنة في خفايا الحنايا , الممزوجة بضربات الفؤاد , على إيقاع الحبّ , و العشق و الهيام و الحياة ,لترجمة صور الأحلام , إلى واقع ملموس , و تحقيق الرّؤى و الآمال , في واقع يحاكي الآفاق و الطموح ...
هكذا الإبداعات المختلفة في مرايا الخيال و صراخ القبور للشّاعر علي ياسين عبيد , تجسيد ديمومة , و توكيد قدرة , في حياة الشّاعر الشفاف كالماء , النّاصع كالثّلج , المتألّق كالضّوء ... اللطيف كالأثير , العابق كالياسمين , النضر كالبهاء ... ذلك هو الشّاعر علي ياسين عبيد، الملهم ,المبحر في رؤى الوجود و الحياة , من أجل الوجود و الحياة ... يكتب الوجود في وجدانياته ... و يشكّل الحياة في خواطره ... فتأتي ملوّنة , بألوان الوجود و الحياة و الحبّ الذي يحيا فيه , و يعيش دقائقه الشّاعر علي ياسين عبيد، المتعملق بفنونه الشّعريّة عبر مرايا الخيال و صراخ القبور من بعلبك مدينة الشمس...