الثلاثاء الحزين
في الرابع من أغسطس , وفي نفس اليوم لحدوث الكارثة في ميناء بيروت نُشر مقال لي هنا بعنوان ( العرب البائسة ) , وقد كتبت هذا المقال قبل الحادثة بيومين , ربما كانت مصادفة أن أكتب عن تأثير الفساد في العالم العربي , وكيف حول حياة الملايين لبؤس حقيقي بطريقة مباشرة وغير مباشرة , ومن المصادفة أيضا أن تتضح صورة من صور الفساد في أبشع صورها , بل وبصورة إجرامية وكارثية لا شك فيها , فهنا لا مجال للتأويلات , فتلك المواد الخطيرة مخزنة في منطقة تجارية وسكنية ملاصقة لمئات المنشآت السكنية والتجارية , وهل هناك دليل أكثر وضوحا من معرفة المسؤولين عن وجود تلك المواد الخطيرة منذ العام 2017, ظهور تلك الوثيقة للعالم هي إثبات صارخ على الجرم المتعمد بحق اللبنانيين , فهناك قاضي أمور مستعجلة وصلته رسالة من مدير الجمارك تطالبه بتحديد مصير كمية من نترات الأمونيوم موجودة في أحد عنابر المرفأ , وهناك باخرة معروفة بالاسم , وهناك مراسلات من العام 2014 بذات الشأن , مع التحذير من خطورة وجودها في ذلك المكان , فتلك القنبلة الموقوتة كانت تحت نظر ومعرفة مدير الجمارك ومن يدور في فلكه من الموظفين , وكذلك بمعرفة القاضي ومن يدور في فلكه من الموظفين , فهي ليست سرا أو عملية خضعت للظروف الطارئة أو الصدفة , وليس سرا أن نقول أن رائحة الفساد تلاحق أسماعنا عبر وسائل الأخبار المختلفة , عن لبنان وعن غيرها من بعض الأنظمة العربية وخاصة تلك التي تركت ساحتها مفتوحة لعبث العابثين , ربما تكون قصص الفساد في لبنان وغيرها كريهة ومعروفة كمسلسلات رديئة لا مناص منها , ولكنها في لبنان توشحت بالدماء والدمار , وغالبا ما يدفع ثمنها الكثير من الأبرياء وحتى من الدولة برمتها , فمنذ اغتيال الحريري في 2005 بتفجير أيضا راح ضحيته أكثر من 20 شخصا , ثم اغتيال سمير القصير بتفجير كذلك , ثم جورج حاوي وبتفجير أيضا , ثم جبران تويني بسيارة مفخخة , ثم محمود المجذوب بتفجير قنبلة , ثم وليد عيدو ومعه 10 أشخاص بسيارة مفخخة أيضا , ثم أنطوان غانم , ثم العميد فرنسوا الحاج بتفجير كذلك , ثم النقيب المشارك في تحقيقات مقتل الحريري وسام عيد بعبوة ناسفة , ثم انفجار قنبلة في حافلة يسفر عن مقتل 16 شخصا بينهم 7 جنود , ثم السياسي صالح العريضي بسيارة مفخخة , والقائمة تطول حتى انفجار مرفأ بيروت .
يكاد الموت يترصد اللبنانيين بطريقة واحدة وبصورة بشعة , فالتفجيرات والعبوات المفخخة والسيارات المتفجرة هي القاسم الأعظم لطرق الموت , وكلها تداعيات لطرق فساد مختلفة , من يقف خلف قصة فساد مرفأ بيروت هو قاتل وعدو لكل اللبنانيين , وقد أطلق الصوت الأعلى للفساد والذي لم تتجرأ السنوات الطويلة بما فيها اغتيال الحريري على بلوغه , وهي مأساة كما يقول من عاينها وعايشها لم تبلغ لخيالاتهم يوما , سيخرج اللبنانيين من هذه المحنة كما خرجوا من محن قبلها , ولكن هذه المرة يجب أن يأخذ الشعب اللبناني زمام المبادرة في وضع حد للمفسدين مهما كانوا وأينما كانوا , وذلك ببقاء تلك الصورة المأساوية حاضرة , وعدم نسيانها حتى يقع مسببوها في قبضة العدالة , لا شك أن التكهن بالأسباب سابق لأوانه , لأن جريمة بهذه الفداحة تتطلب عقابا صارما وشافيا , فلا مجال للتكهنات ولا للنظريات العبثية , يجب أن يُعرف المسؤولون عن وقوعها بالطرق القانونية وتحت طائلة العدالة والوثوق بنتائج التحقيقات , ثم تكون العقوبات الرادعة والتي لا رحمة فيها ولا رأفة , وليضع اللبنانيون وربما لأول مرة عبر تاريخ مآسيهم حدا لعبث المفسدين , وأن يجعلوا تلك العقوبات دستورا ورادعا لكل من تسول له نفسه وبعيدا عن الطائفية والمكانة السياسية والانتماءات , أما لو مرت هذه العاصفة المأساوية مرور الكرام , مع وجود عفن الفساد حولها , ومع نتائجها الكارثية المريعة , فلن يتوانى المفسدون عن ما هو أفدح مستقبلا , ولن يدفع ثمن ذلك الفساد إلا الشعب اللبناني البائس .
لم يكد اللبنانيون يبرءون من جراح الطعنات الاقتصادية وتدهور العملة الوطنية , وأحلام الهجرة , حتى جاءت هذه الكارثة لتزلزل أركانهم وأحلامهم بغد أفضل , هي فرصة تاريخية للانتقام من تلك الأيادي الآثمة التي ضيعت مستقبلهم وأحلام صغارهم نحو العيش الكريم , يجب استغلال هذه الجريمة لقطع رقاب طالما كان يجب قطعها سابقا , وليخرج الشعب اللبناني كالعنقاء من رماد مرفأ بيروت نحو دولة القانون والنظام والعدالة .
هل سيكون مرفأ بيروت ناقوس تحذير لكل مفسد ساهم في بؤس العرب ؟
في الرابع من أغسطس , وفي نفس اليوم لحدوث الكارثة في ميناء بيروت نُشر مقال لي هنا بعنوان ( العرب البائسة ) , وقد كتبت هذا المقال قبل الحادثة بيومين , ربما كانت مصادفة أن أكتب عن تأثير الفساد في العالم العربي , وكيف حول حياة الملايين لبؤس حقيقي بطريقة مباشرة وغير مباشرة , ومن المصادفة أيضا أن تتضح صورة من صور الفساد في أبشع صورها , بل وبصورة إجرامية وكارثية لا شك فيها , فهنا لا مجال للتأويلات , فتلك المواد الخطيرة مخزنة في منطقة تجارية وسكنية ملاصقة لمئات المنشآت السكنية والتجارية , وهل هناك دليل أكثر وضوحا من معرفة المسؤولين عن وجود تلك المواد الخطيرة منذ العام 2017, ظهور تلك الوثيقة للعالم هي إثبات صارخ على الجرم المتعمد بحق اللبنانيين , فهناك قاضي أمور مستعجلة وصلته رسالة من مدير الجمارك تطالبه بتحديد مصير كمية من نترات الأمونيوم موجودة في أحد عنابر المرفأ , وهناك باخرة معروفة بالاسم , وهناك مراسلات من العام 2014 بذات الشأن , مع التحذير من خطورة وجودها في ذلك المكان , فتلك القنبلة الموقوتة كانت تحت نظر ومعرفة مدير الجمارك ومن يدور في فلكه من الموظفين , وكذلك بمعرفة القاضي ومن يدور في فلكه من الموظفين , فهي ليست سرا أو عملية خضعت للظروف الطارئة أو الصدفة , وليس سرا أن نقول أن رائحة الفساد تلاحق أسماعنا عبر وسائل الأخبار المختلفة , عن لبنان وعن غيرها من بعض الأنظمة العربية وخاصة تلك التي تركت ساحتها مفتوحة لعبث العابثين , ربما تكون قصص الفساد في لبنان وغيرها كريهة ومعروفة كمسلسلات رديئة لا مناص منها , ولكنها في لبنان توشحت بالدماء والدمار , وغالبا ما يدفع ثمنها الكثير من الأبرياء وحتى من الدولة برمتها , فمنذ اغتيال الحريري في 2005 بتفجير أيضا راح ضحيته أكثر من 20 شخصا , ثم اغتيال سمير القصير بتفجير كذلك , ثم جورج حاوي وبتفجير أيضا , ثم جبران تويني بسيارة مفخخة , ثم محمود المجذوب بتفجير قنبلة , ثم وليد عيدو ومعه 10 أشخاص بسيارة مفخخة أيضا , ثم أنطوان غانم , ثم العميد فرنسوا الحاج بتفجير كذلك , ثم النقيب المشارك في تحقيقات مقتل الحريري وسام عيد بعبوة ناسفة , ثم انفجار قنبلة في حافلة يسفر عن مقتل 16 شخصا بينهم 7 جنود , ثم السياسي صالح العريضي بسيارة مفخخة , والقائمة تطول حتى انفجار مرفأ بيروت .
يكاد الموت يترصد اللبنانيين بطريقة واحدة وبصورة بشعة , فالتفجيرات والعبوات المفخخة والسيارات المتفجرة هي القاسم الأعظم لطرق الموت , وكلها تداعيات لطرق فساد مختلفة , من يقف خلف قصة فساد مرفأ بيروت هو قاتل وعدو لكل اللبنانيين , وقد أطلق الصوت الأعلى للفساد والذي لم تتجرأ السنوات الطويلة بما فيها اغتيال الحريري على بلوغه , وهي مأساة كما يقول من عاينها وعايشها لم تبلغ لخيالاتهم يوما , سيخرج اللبنانيين من هذه المحنة كما خرجوا من محن قبلها , ولكن هذه المرة يجب أن يأخذ الشعب اللبناني زمام المبادرة في وضع حد للمفسدين مهما كانوا وأينما كانوا , وذلك ببقاء تلك الصورة المأساوية حاضرة , وعدم نسيانها حتى يقع مسببوها في قبضة العدالة , لا شك أن التكهن بالأسباب سابق لأوانه , لأن جريمة بهذه الفداحة تتطلب عقابا صارما وشافيا , فلا مجال للتكهنات ولا للنظريات العبثية , يجب أن يُعرف المسؤولون عن وقوعها بالطرق القانونية وتحت طائلة العدالة والوثوق بنتائج التحقيقات , ثم تكون العقوبات الرادعة والتي لا رحمة فيها ولا رأفة , وليضع اللبنانيون وربما لأول مرة عبر تاريخ مآسيهم حدا لعبث المفسدين , وأن يجعلوا تلك العقوبات دستورا ورادعا لكل من تسول له نفسه وبعيدا عن الطائفية والمكانة السياسية والانتماءات , أما لو مرت هذه العاصفة المأساوية مرور الكرام , مع وجود عفن الفساد حولها , ومع نتائجها الكارثية المريعة , فلن يتوانى المفسدون عن ما هو أفدح مستقبلا , ولن يدفع ثمن ذلك الفساد إلا الشعب اللبناني البائس .
لم يكد اللبنانيون يبرءون من جراح الطعنات الاقتصادية وتدهور العملة الوطنية , وأحلام الهجرة , حتى جاءت هذه الكارثة لتزلزل أركانهم وأحلامهم بغد أفضل , هي فرصة تاريخية للانتقام من تلك الأيادي الآثمة التي ضيعت مستقبلهم وأحلام صغارهم نحو العيش الكريم , يجب استغلال هذه الجريمة لقطع رقاب طالما كان يجب قطعها سابقا , وليخرج الشعب اللبناني كالعنقاء من رماد مرفأ بيروت نحو دولة القانون والنظام والعدالة .
هل سيكون مرفأ بيروت ناقوس تحذير لكل مفسد ساهم في بؤس العرب ؟