الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

توظيف المنهج الاجتماعي من خلال رواية اللص والكلاب بقلم: د. الغزيوي بوعلي

تاريخ النشر : 2020-08-05
توظيف المنهج الاجتماعي من خلال رواية اللص والكلاب

لم يستخدم مفهوم "علم الاجتماع الأدب" إلا سنة 1950 حسب روبير اسكاربيت، وقد تطور هذا المصطلح بتطور العلوم الإنسانية، والفلسفية، فاتخذ لنفسه مساحة لا تعتمد الانغلاق، بل هي مفتوحة وقابلة أن تستوعب الشرائط الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية، فاعتبر الأدب شكلا من أشكال ممارسة الحياة، وكان أداة من أدواته[1]، ولكن دراسة هذا الفن التعبيري لم يقفوا عند المحاكاة التي أرسى أسسها أفلاطون وأرسطو، بل اعتبروا أنه جزء من الحياة، والواقع، وليس محاكاة للمثل العليا، لكن انهيار النظام الاقطاعي وانتهاء الهيمنة الكنيسية وظهور الفكر المتحرر الذي يرى أن  كل الأشياء متحررة وغير خاضعة لقوى ميتافيزيقية،  جعل التبسيط لبعض المفاهيم الشعرية والنثرية. وكان المجتمع هو الفضاء الذي يؤثر في الظواهر ولذلك كان من الطبيعي أن يبدأ الأدب، والمفكرون والفلاسفة، والنقاد إلى التلميح الاجتماعي في الأدب، وخاصة منذ القرن 17 وظهر ستاندال في روايته "الأحمر والأسود"، وفيكو الإيطالي في كتابه "العلم الجديد"، وبدأت البحوث تتنوع وتختلف تبعا لسنة التوظيف الاجتماعي، وقانون الممارسة الأدبية، وظهر على خشبة المسرح مدام دي ستايل Mme de Staèl وخاصة في كتابه الأدب في علاقته بالمؤسسات الاجتماعية، عارضة براثنها الفكرية التي تتم عن قوة تنظيرية، وجاعلة الدين والتقاليد ومدى تأثيرها في المجتمع، ومدى تأثر الأدب في المجتمع، باعتبار أن هذه المؤلفات الأدبية هي ظواهر يمكن دراسة أسبابها ونتائجها[2]، وهذا الإسهام التحليلي هو رصد لكل الجوانب النثرية وخصوصا الرواية التي اعتبرتها  كجنس أو نوع أدبي يمكن أن يتطور فقط في المجتمعات التي يكون للمرأة فيها مكانة مرموقة محترمة من جانب الأفراد والجماعات، والتي يكون فيها احترام للحياة الخاصة للناس، وما تتضمنه من علاقات اجتماعية وعاطفية، وهي أمور تتوفر فقط"[3]. فالكاتبة تفتح أفقا جديدا لهذا الجنس الروائي الذي يفصح عن البعد الواقعي والذي يلازم كل التحولات من أجل تشكيل تعبيرا نموذجيا عن المنظور الروائي في حقبة محددة من ممارسة الكتابة، فهي تستمد من الواقع توليفات مؤسساتية  في تواريخ الثقافات، والعادات، ففجر في اللغة طاقتها التشاكلية إلى أقصى مدى في وظائف غير تشاكلية بالمعنى الدلالي للكلمة، ولقد طرحت قضية الكتابة النسائية في الغرب معتبرة أن الإيطاليين لا يكنون للنساء المبدعات قدرا كبيرا من التشجيع والاحترام على عكس في انجلترا، حيث يمدونها بالطاقة الإبداعية لتجنب روايات، ويدفعون بها لتنخرط في المستحيل بالممكن في الرواية، بلغة شعرية تقارب الممكن[4]، فالتفكير في المجتمع هو التفكير في البيئة، والزمن، والعرق، فهذه العناصر كلها من إبداعات هيبوليت تين Hippolyte Taine فجعلت عتبة عليا لا ترحل ببطء، بل جعلها لحظة التألق الاستثنائي، وهي محاولة أكثر جدية واتساعا في أفق الكتابة الإبداعية، ويقول في هذا الصدد "هكذا يعمل العالم، ويتوصل العلم بواسطة القوانين التي يكتشفها إلى الأسباب الواقعية،  هكذا يجب أن ندرك العالم الإنساني سواء كان موضع البحث إنسانا أو عصرا أو أثرا أو أدبيا، فينبغي أن نستخلص العلاقات التي تفض إلى السبب الجوهري لمجموعة وقائع خاصة، وإلى الظروف أي إلى الجواهر الأخرى التي ارتبط بهذا السبب الأساسي، وتتفق هذه المتطلبات النظرية مع المواضيع المعروفة الملكية الرئيسية من جهة، والعرق والبيئة والزمان من جهة أخرى[5].

وانطلاقا من هذه المقولة نستخلص أن "تين" يكشف عن الشعور، والفكر، والبعد السيكولوجي، والظروف، والزمان، فهذا لا يعني أن "تين" قد استوعب مقومات علم الاجتماع، بل سقط في الحقل السيكولوجي (عرق، الزمن) الميكانيكي الذي لا يدرك جدل الظواهر، وهذا ما نراه عند "طه حسين" في كتابه "في ذكرى أبي العلاء وفي الشعر الجاهلي"، ففي هذين الكتابين طرح العلية والاجتماعية والعقلية بذات الدلالات التي طرحها "تين"، و"ديكارت"، وبذلك طور هذه المرجعية الكانطية جعلته يعيد النظر في هذا التراث الشعري، شأنه شأن "محمود أمين العالم"، و"طه بدر محمد مندور"، فهؤلاء الباحثين العرب قد مزجوا بين الفكر الإيديولوجي والأدب، جاعلين منه تفاصيل كبرى في تجربة شعب، فهذه الإيديولوجيا الماركسية التي تحكم حركة المجتمع وتطوره أصبحت صرخة في وجه الواقع، وغدت جسدا مربوطا بأسلاك وأجهزة معرفية، وشعورية، تبشر بالعلاقات بين الأجناس البشرية.

وقد حاول الماركسيون تقسيم هذه البنية الاقتصادية إلى بعدين؛ قوى الإنتاج: أي الوسائل التي يمتلكها المجتمع؛ وتسمى هذه الثنائية بعلاقات الإنتاج، وهي التي تشكل الملامح العامة لنمط الإنتاج في كل مرحلة من مراحله، منذ العبودية والإقطاعية والرأسمالية والإشتراكية.  فهذا التطور هو بناء ثنائي يتأسس على الوعي على المادة أو المادة على الوعي، مع تبادل التأثير والتأثر، ولقد ساهم "جورج لوكاتش" في تعريف الرواية بأنها "ملمحة عالم بدون آلهة"، والرواية بحث عن المعنى، إلا أن المعنى ليس معروفا في الكتابات الروائية، ولكن عن طريق الشخصيات وخاصة البطل يخلق المعنى بالرغم من أن بحثه المثابر عنه ينتهي بالفشل، وهذا ما أعده "هيجل" بأن هذا العصر الحديث الذي نعيشه لم يعد عصر الملحمة.

فتقسيم العمل وجعله كل واحد يحددها بعمله، هذا العمل المحدد: هو سماه الاغتراب أو الاستلاب، حيث أن البشر فقدوا العضوية وبينهم والطبيعة، هذا الفقدان للعلاقات الاجتماعية الحميمة التي تميزت بها الملحمة، كما يقول "هيجل".

من هنا وصل "هيجل" إلى القول بأن عصر الحديث لم يكن عصر الملحمة، وإنما عصر الرواية، فهي التي تعكس تفتت وانشطار العالم، وفقدان الوحدة العضوية، فالبحث عن الوسائط التي تحاول أن تنفي العلاقة الآلية التحتية والفوقية، لأن "لوكاتش" هنا لا يبحث عن صورة الواقع في الأدب كما كان الوضعيون والميكانيكيون يفعلون، وإنما يبحث عن تصور الكاتب للواقع من خلال رؤيته، ورغم أن ثمة جذورا واقعية للرؤية، إلا أنها تظل رؤية خاصة بالكاتب، وإنما دالة على طبقته أو جماعته وموقعها من التاريخ.

أما "لوسيانكولدمان" فهو يرى أن النص الأدبي بنية صغرى تتولد عن بنية كبرى هي البنية الاجتماعية، وهي الصفة أو الجماعة التي ينتمي إليها الأدب، وعلى هذا الأساس أقام "كولدمان" خطوات رئيسية لمنهجيته الذي يعتمد الشرح Explication والفهم Compréhension .

ففي الخطوة الأولى يتم شرح العمل الأدبي وصولا إلى بنية الدلالة (أي تلك البنية التي تشمل عناصر العمل وتدل في الوقت ذاته (على البنية الأكبر أي البنية الاجتماعية).

1- شرح العمل الأدبي: من أجل الوصول إلى بنية الدالة.

أي تلك البنية التي تشمل محمل عناصر العمل، وتدل في ذات الوقت على البنية الكبرى (البنية الاجتماعية)

2- دراسة البنية الدالة في ضوء البنية العميقة أو رؤية العالم للجماعة التي ينتمي إليها الكاتب، مثل الرؤية المأساوية في مسرح "راسين".

Ãرؤية العالم تكون سابقة عن الكاتب يعمل هذا الأخير ببلورتها وتحويلها من وعي قائم لدى الجماعة إلى وعي ممكن في عمل الفنان.

فإن رؤية العالم أو البنية الفعلية

هي وسيط قوي بين

 

القوة الاجتماعية                       والعمل الأدبي

فالوسيط هو أثار البنيوية المرتبط بآثار "هيجل" و"لوكاتش"، لأنه يريد أن يدرس النص الأدبي دراسة بنيوية (الداخل) وتكوينية (المجتمع) لكن غابت عنه البنية التحتية وبقيت آثارها التي انحسرت أساسا في هذه البنية العقلية، باعتبارها بنية ذهنية أو مجردة تتصل بالمضمون أو الفكر، ولا تهتم بتشكيل العمل الأدبي، فحاول أن يستفيد من "جيرار جنيت" في دراسته (تحت عنوان: الحقيقة الروائية والكذب الرومانسي).

فيرى أنها قصة بحث عن  قيم أصيلة في عالم منحدر يقوم به فرد منحدر، فـ"كولدمان" يرى أن التماثل الموجود بين الرواية/ وبنية المجتمع الرأسمالي، وهذا ما دفعه إلى تحديد القيم الاستعمالية التي تحترم الشيء لذاته في المقابل نجد القيم المنحدرة التبادل Exchange لا تقدر الشيء إلا بما يساويه من مال.

وهذه القيم التي يتأسس عليها النظام الرأسمالي (قانون السوق والعرض والطلب، والمال هو الوسيط بين الإنسان والسلع، بين الإنسان ونفسه، مما يؤدي إلى الاغتراب، وهذا أدى بالبطل الإشكالي أن يسقط لأنه لا يستطيع أن ينتصر ومع ذلك يستمر في المقاومة.

فالرأسمالية هي الفردانية تحولت مع التحولات الاقتصادية فأمست رأسمالية احتكارية فأزالت الهوية الفردانية وذابت في البنى الاقتصادية وبدأت الدولة بكل آلياتها تتدخل مما أدى إلى أي مبادرة فردية أو جماعية، وفي هذا المناخ لم يعد للبطل أي دور ولا وجود، فأمسى مستسلما لقيم المجتمع وغير قادر على المواجهة، مما جعله يعيش الاغتراب[6] فالتماثل بين البنى النصية والبنى الاجتماعية يعني ضنيا البعد الانعكاسي، وهذا ما جعل الخصائص المضمونية هي المهيمنة، وغياب التشكيلة الفنية، وانحصاره في عنصر واحد (البطل في الرواية ودون اهتمام بالبنى السردية اللغوية التي هي أساسا التشكيل الفني من خلالها نتعرف على البطل

النقد الواقعي

 

الأربعيني       والخمسيني     والستيني

تواكب مع ظهور احتدام الصراع ضد المستعمر، وانتصار الحركات التحررية فبرزت التيارات التي حملت مشعل المساءلة والمغايرة لهذا الواقع العربي، ومن بين هؤلاء محمود أمين العالم وحسين مروة، ومهدي عامل، الذين أعادوا الأدب إلى جذوره الواقعي المتصارع، كي يكون مفتاحا أساسا في تحقيق شخصية الإنسان العربي، تلك الشخصية التي استلبت بفعل الآخر المستعمر، لذا فالمطلوب أن ننهض على أقدامنا، ونطير بأجنحتنا ونسترد ما غلبنا عليه هؤلاء الناس من علومنا وآدابنا وتاريخنا"[7] وهذا المنهج المادي التاريخي لم يتصور في هذه المرحلة نظرا لالتباسه مع التيار الرومانسي والوضعي، ولم يكن التطور الاجتماعي ولا الفكر قد أذن بموته كما يقول السيد البحراوي ص: 30، فالوضع الأدبي عندما هو وضع مبتذل ومقدس لا نستطيع أن نخضعه للبحث التجريبي.

فالمعادلة الوظيفية للعمل الأدبي هو وعي وحضور اللانهائي، وفكر لهوية غير مؤسلبة ونهاية التي لها علاقة بالبنية الاجتماعية وبالممارسات الاختبارية والتأليفية، فالعلاقة بين الأدب والواقع يرتكز على الوحدة العضوية والمفهومية ليجعله يتوفر على لغة جمالية وفنية، فالكاتب أو المبدع يحدث ثقبا في المقروء لكي يسمع من يتكلم فينا وإلينا، وأن ننسى كل القراءات السطحية وكل النهايات الميلودرامية السعيدة إذن فالخطاب الأدبي لا ينتهي كسلطة استعارية، وكمنطق التوافق الفني، كالترتيب والانسجام فما يجب إذن نهجه هو تكسير كل أفق انتظارات النقدية البسيطة التي ترتبط بالبعد التاريخي، وتنظر إلى النص كمعنى وكحضور جوهري ماهوي وزمني وككوجيطي في ذاتيته[8].

إن الوظيفة الأدبية كما ذكرت هي نفعية لأنها خاضعة للسوق ولقوانينه كما يقول روبير اسكاربيت، بينما تنظر فرانكفورت بالطليعة Avantgarde الأدبية، وبالتغريب، وبالماهية الإيمائية الأدبية، وبتعدد المعاني الضدية للدال البسيط وإيديولوجية، وهذا ما سنراه أيضا عند تيري ايجلتون، وألتوسير حيث كانوا بالمرصاد لهذه المفاهيم الإيديولوجية والوضعية المنبثقة منهيجل، ولوكاتش، وكانط، وقد كشفوا هذه اللعبة الإبداعية التي تحيى في انطولوجية الإيديولوجيا، لذا عمل ألتوسير على تأسيس رؤية داخل المتنوع المرتبط بالذات بالمؤسسة، والدولة. لأن هذا ما تحقيقه لا تتم إلا من خلال محور الاختلاف الذي أصبح جسرا داخل أبنية الهامش، فتعويض الإيديولوجي وإنتاجية الدولة المرتبط بالتماثل والتشابه يعني إعادة النظر في عتبة المتخيل الأدبي الذي تتعايش في داخله أنساق متنوعة (رمزية – أسطورية –فكرية ...) لا تنادي بالوحدة، والهوية، بل بالاختلاف، لأن أصل الأدب يأتين من الإنسان والكون، وحين تطرح السؤال ما علاقة الأدب بالواقع، تستمدها من الإنسان، فهو المحدد، الذي يحدد كينونته كمستوى فني وإبداعي، وكوني، ينبغي إذن أن يندرج هذا المقوم الأدب في عالم الواقع المرجع المفارقاتي، ليصير البعد المقولاتي عودة جديدة إلى الأصل (المضمون والشكل) وإلى المفقود (الذات) لكونه ذاتية الاختلاف حسب جيل دولوز، والمبدع العربي لا يأخذ الأمور النقدية كظواهر بل يأخذها كبواطن التي تجعل مفاهيمه تخرط في البنيوي وما بعد البنيوي، فالباحث يحدد دوما واقعا مهترئان يهيمن فيه الذاتي والتاريخي دون فهم أنواع التشكيلات الخطابية والموضوعاتية، لذا يجعل من الشعر حوار بين القصيدة والقارئ، حوار يضفي على الذات المبدعة معنى يشارك فيه الطرفان، فالشاعر القارئ برؤيته، وبتذوقه، وبإحساسه لكي يبدع لنا نصامستطرفا، لا نصا مألوفا، فليست القصيدة بمعزل على العالم الخارجي، فهي قادرة على استيعاب المسافات، والقرون الماضية.

واستنطاق لمرجعيات إنسانية، فظهرت كما ذكرت في الساحة العربية، تيارات فلسفية كالوجودية، والماركسية، والعبثية، وتيارت مسرحية، كالملحمية (عند بريشت) والروائية عند لوكاتش، وعرفت صراعات بين المادية والمثالية، فبرزت مدرسة فرانكفورت بجانب الشكلانية الروسية وكان هذا الصراع عبارة عن استراتيجية نقدية التي لا تنظر إلى الأدب باعتباره رؤية فلسفية لا تنظر إلى الأدب كمعادلة لفكرة أو رؤية العالم، ولذا يقول أدورنو في هذا المقام "إنه نفي يتسم بمقاومته للإيديولوجية وللفلسفة وللفكر المفهومي"[9].

العنصر الفعال الذي يبني به قاعدة ينشأ منها الخطاب النقدي الاجتماعي، محددا تعييناته ووظائفه، كبعد اختلافي وكتراتب متعدد لا يقف عند أصالة النص ولا شروطها، بل إلى بناء نظرية نقدية عربية، من أجل إضفاء طابع النسبية على كل المقولات التي ذكرناها والمفاهيم الموظفة، وهذا العمل النقدي لن يتأتى له إلا في مجال تاريخ الفكر الاختلافي الذي يرصد الانقطاعات والاتصالات[10] وهذا التصور الفوكاوي هو توازن فكري واجتماعي يعطي للباحث الاجتماعي أن يعيد النظر في طبقية النصوص عن السمات المهيمنة، ووجهة نظر المبدع الإيديولوجية وهذه المباشرة للواقع، هو وعي نظري للنقد الاجتماعي، كما يقول جاك ليناهرت[11] من هنا لا يصبح النقد الاجتماعي للأدب نظاميا إلا مع الناقد فيلمان الذي يسفتح الطريق لرؤية نقدية جديدة، التي تعيد قراءة الإبداع الثقافي كظاهرة اجتماعية بشكل عميق وبدرجة عالية من التماسك، وأنشطة فردية بشكل كبير في الحالة التي تمثل فيها المستوى العالي  منالتماسك والدلالة التي يمكن أن يصل إليها وعي فردي في المجتمع الحديث"[12]فهذه الدراسة الكولدمانية تندرج في سياق الكشف عن خصائص البنية الإبداعية للخطاب الأدبي داخل الاجتماعي، بوصفها عملية واستراتيجية نقدية متميزة من ناحية، وبكونها توليدا منتجا لمقاصد معينة في ظروف مقامية محددة لأن علم الاجتماع الأدب بكل خصوصياته الإبداعية، ومكوناته الأيقونية، واللسانية والأغراض الأساسية التي يحققها الخطاب النقدي باختباره تقنيات، ومبادئ إجرائية معينة، تستهدف النص الإبداعي وتستهوي فكر المبدع من أجل إقبال على اقتناء الكتاب برغبة متعالية.

وفي هذا السياق يمكن تحديد كفاءة الخطاب الإبداعي وقوته الإنجازية من حيث فعل الإبداع المقامي.

وبالرغم من تعدد الدراسات السوسيو تداولية ونصية، ولغوية لمقاربة هذا النص الأدبي مع توزعها على اهتمامات متنوعة، فبعضها يرتبط باللسانيات، وبعضها أدخل في قضايا السيمياءوالسوسيو النصية، وأخرى متصلة بالجوانب الجمالية، ونظريات الاتصال الجماهيري، وهذا يدل على حداثة هذا النوع من الدراسة في أدبنا العربي.

ولهذه الأهمية فإن دراستنا جاءت في سياق البحث والاستقصاء، باحثا في عالم النصوص الأدبية المنجزة عن إمكان الاستفادة من المنهج السوسيولوجيا بمناهجها المتفرعة والمتنوعة، في تمعين الخطاب الأدبي، والثقافي حديثه ومعاصره، في لحظة النشر، مع الدعوة إلى ضرورة إدراج مبحث السوسيولوجيا والأدب في صلب الهموم الإنسانية سواء على مستوى النظري والتطبيقي، على اعتبار حاجتنا إلى تفكيك النصوص الفلسفية والأدبية والعلمية ومدارستها في إطار مدونة النقد السوسيولوجي، ويقول لوسيانكولمدان في هذا المقام، إن إبراز معنىوتكون كل ما هو تاريخي، وضمنيا كل ما هو يتعلق بقطاع الحياة التاريخية التي هي الثقافة والإبداع الثقافي والإنساني"[13] فهذه الرغبة في تحقيق الفعل الإنجازي ليس إلا إنجازا تاريخيا المقنع بكفاية تواصلية متميزة يكون نتاجها تأييد للمبدع الذي يعيد رؤية العالم بوعي ممكن، وبرؤية مهاراتية ومنظمة للأفكار وللضبط الانفعالي، وهذه العملية ستكون عبارة خطابات حجاجية، تبحث في صميم النصوص الإبداعية وأغراضها الفنية، وعلاقة الترابط بينها وبين البنية الذهنية كما يقول كولدمان، ومع التركيز على البعد التداولي الذي ينصب على العلاقات الترابطية بين أجزاء النص والأدوات اللغوية والتاريخية، ومن خصائص الخطاب السوسيو الأدبي الذي يميزه عن الخطابات النقدية الأخرى، مما يجعل من إمكانية التسليم بالأمر كبعد نسبي يتصدر التأويل بوصفه وظيفة لغوية، وفنية، وإيديولوجية قصد التأثير في المتلقي، مستخدما وسائل فنية وجمالية موجهة للنص نحو هدف معين، وبالتالي سيكون من الوجهة التخليلية أن يميز بين النص الأدبي، وتاريخ النص الأدبي فهذا التميز ليس برهانا منطقيا وعقليا، بل هو خطاب ذاتي لغوي وتعبيري يتولد بالتأمل والفكر، والمعرفة، والخيال، وليس مرتبط بمقتضى القول المنطقي الذي ينشغل به النص الفلسفي الاستدلالي[14] فالظاهرة الإبداعية الأدبية تقتضي أساسا استجلاء مفهوم أساسي هو النظرة إلى الوجود، كمجال جمحي يعبر على مستوى التماسك الكبير على مواقف الكلياني للإنسان، فمفهوم التداول النصي، وارتباطه بالتحولات الاجتماعية، يقربنا إلى سلم التقلي، كمبدأ يتدرج في توجيه النص إلى المضمون وكمرجع محدد ينفي عنه الخضوع لمنطق التماثل والتشابه.

إن ماكس فيبر يميز بين المنهج الامبريقي والمنهج الجدلي، معتبرا أن الأول ينحو نحو العلمية، ويلغي كل رؤية قيمية لأي حكم جمالي في حين أن الجدلية ترى أن الجمالية تنبثق من البعد الاجتماعي، وحاول علماء الامبريقي تحويل كل الأجناس الفنية والأدبية إلى علم امبريقي وموضوعي، ويرفض أصحاب هذه النظرية الغييرية أن يكون المنهج الامبريقي نظرية تابعة للأدب والفن، بينما يرى تيودور أدرنو أن من المستحيل إهمال الأحكام القيمية الجمالية في علم اجتماع الأدب، لأن الكمية تشرح الكيفية، ودرس الاستهلاك دون معزل عن الكيف، ولقد عملت مدرسة بوردول روبي اسكاربيت) بإعادة النظر حتى في الأدب الشعبي، بكل أبعاده السياسية المتعددة فإنه يحظى بقراءة كمية من طرف المتلقي على مستوى الجمالي، والفني كما نراه عند أمبرطو إيكو في روايات جيمس بوند لإيان فلمنج Iam Fleming، فالواقع لا يمكن فهمه إلا كنسق كلياني حسب هيجل الانعكاس التجريدي الطبعي

إنتاج أشياء وأفعال وملفوظات منعزلة دون تذكر داخل الذي هو عبارة عن انعكاس جمالي لا يتجاوز الظاهرة ولا يتغلغل في الجوهر ولا يتماشى مع مطالب الجمالية الهيجليةوهذا ما فعله إيميل زولا في إعادة الواقع برؤية تجريدية مثل السريالية والطليعة التعبيرية، أما الواقعي لا يصور تصويرا فوتوغرافيا الواقع لكي يأخذ بعدا تشكيليا الذي سيصيح أساسا أسلوب الواقعي كما يقول لوكاتش في دراسته لجماليات هيدلبرجويقول لوكاتش: إن الشكل الفني القادر على بناء الخاص في النمطي هو وحده الذي يجوز أن يسمي واقعيا" وأن الوظيفة الأدبية ترتبط حكما بوعي الشعب، لأن الفن الواقعي كما يراه ويتمناه يساهم في بناء الديمقراطية والاشتراكية، وهذا التصور المادي الجدلي لا يقف عند جسر هيجل بكل ثنائياته عرض/جوهر مجرد – ملموس، طبيعي/واقعي، بل ينشر الوعي الاجتماعي بكل أبعاده الواقعية، لقد حاول لوكاتش أن يصوغ قواعد كونية من خلال دراسته لأعمال بلزاك، وتوماس مانوسكوت، ولكن هذه القواعد لقيت نقدا من طرف المسرحي الملمحيبريشت الذي أكد مرارا بأن لوكاتش لم يفهم إلا في علاقة مع البنى الكبرى تكون البداية مع كامل النص ويمكن شرح النص ومحتواها في علاقتهما ببنية أعم أو رؤية العالم.

كيف يمكن أن تفهم عملا أدبيا ككل متسق كشمولية متماسكة؟وأنه كل إنتاج أدبي يمكن تعبيره بواسطة معادل مفهومي، البنية الدلالية والتي هي بنية من المدلولات حسب مصطلح بارت يحتوي كل عمل أدبي على نسق تصوري يمكن تعريفه بشكل أحادي ويتجسد هذا النسق من خلال البنية الدلالية.

فالنظام الأدبي له وظيفة مزدوجتين تنظيم وحدة العمل من جانب ويعبر عن رؤية للعالم عن وعي جماعة اجتماعية من جانب آخر.

أما أدورنو فيرى بأن الأدب هو نفي للإيديولوجيا، ومقاومة للذكر المفهومي، وهذا ما أكده في كتابه جدلية العقل، حيث يرى بأن معظم أشكال الفكر الذي وجد قبل عصر التنوير هي أدوات السيطرة ولما يسميه ماركوز مبدأ الكفاءة Performance prmiare إنه يسعى إلى الفعالية التقنية التي تصنف وتقيس للتمكن من حبس الواقع في نسق واحد ووحيد فالفكر الذي تسميه أداتيا يفكر ضد نفسه المسيد ضد الإنسان بوصفه ذاتا مسيطرة ومؤلفا لخطاب عقلاني متنور، وأن النظريات ومفاهيمها لا يمكن الحكم عليها إلا بفائدتها التقنية، ولكن من الممكن أن نهتم بالنظرية ذات التوجه المرتبط بالبعد الإيماني للفن، ويسود التصالح والتهادن مع الطبيعة فالأدب والفن بجوهرهما الإيمائي غير المفهومي يظهران موقفا آخر في مواجهة الواقع، موقف للمفهوم، يتسم بالنقد الذي وجهه جاك ديريدا للعقل في الفكر الأوروبي، وهذه الرؤية النقدية هي رؤية تأملية ترفض الاستلاب، والاستفلال والسيطرة التي تمتص الإنسان بدل أن تمتص اللحظات المفهومية الإيمائية للأدب والفن، فهذه المقاومة التي جسدتها مدرسة فرانكوفور ضد المفاهيمكالقطعية والأداتية، والتسويقية هي رفض لكل وسائل الإيديولوجيا، ورفض لقيمة التبادل، ونجد أيضا بيير ماشيري يرفض أن يكون النص الأدبي كلا متجانسا، ومعبرا عن رؤية العالم، أو عن إيديولوجية، ويعارض طروحات هيجل حول نسقية العمل الفني ووحدة دلالته، مؤكدا على التناقض المادي، وليس التماسك فالتنسيق يرتبط بالبعد البورجوازي وهذا ما يظهر لنا الاستقلال، والهيمنة الشيء الذي يجعل المبدع لا يفكر في التناقض، بل يحصل أدبه عبارة عن أريحية بصياغة فنية وجمالية ولكن ماشيري يخالف هذا الطرح معتبرا أن الأدب ليس تعبيرا عن إيديولوجية بقدر ما هو إخراج لها لتكون ضد نفسها، أي يجب وضع الإيديولوجيا في اللاواعي، وأن المبدع يتقبل بشكل غير واع بعض الافتراضات الإيديولوجية.

إذن ظل النقد السوسيولوجي مهتما بالأديب وعلاقته بالعمل الأدبي، ثم جاءت البنيوية التي نادت بموت هذا المبدع، واهتمت  بالنص ولا شيء غير النص، ملغية كل العوامل الخارجية، فظل المبدع والمتلقي خارج النص، مما سيؤدي إلى بروز مفاهيم تنادي بدراسة النص الأدبي من زاوية لسانية، ونصية، واجتماعية ونفسية، والتلقي، فهذه المناهج حاولت جامدة أن لا تسقط في حمأة الإسقاط التعسفي والتعصب الفكري المذهبي فحظي النص باهتمام كبير داخل النسيج النقد السوسيولوجي رغم اختلاف المصطلحات التي تؤشر له، والتي تتتراوح بين ما هو فلسفي رومانسي، وما هو تجريبي، وما هو مادي جدلي، وهذا ما ستراه في رواية النص والكلاب لنجيب محفوظ.

عرض رواية النص والكلاب

1) بطل الرواية سعيد –لص– شبه مثقف

- أدخل السجن لمدة 4 سنوات (مناسبة

ßخروجه من السجن ßعيد الثورة

ßاتجاهßنحو حارته لتصفية الحساب

ßالانتقام ممن عذبه: نبوية + عليش

ßوسط هذا التفكير، يشع في قلبه

        â

حنان ابنته سناء – توجد كالطيف

وهو خارج وداخل السجن

        â

لم تعد تنكره ßوتقول لعدوهبابا

2) انتقال من الحارة – إلى مكان آخر

ß هو البحث عن صديقه – رؤوف  علوان

- يطلب منه المساعدة من أجل العمل

        â

- لكن الصديق لم يكن كما كان في الماضي

- تصلق الطبقة – يسكن القصر

- ينكر ماضيه، حتى المبادئ التي ينادي بها

ينسي النضال والدعوة إلى تكافؤ الفرص في مجتمع الاشتراكية

- انقطعت صلة رؤوف القديم مع رؤوف الجديد

- لم يعد يعنى بنصرة الفقراء، كما لم يعد يرضي بتحريض الناس الفقراء على الأغنياء

3) ينعت سعيد هؤلاء الناس بالكلاب

- يعزم على تلخيص المجتمع منهم

- يبدأ بمطاردة الخونة، والكلاب

- إذ يطلق الرصاص على من ظنه في الظلمة –عليش/الخادم/أحد ..... الحارة الآن

- تستقر الرصاصة بمجهول بريء، بعد قرار عليش، ونبوية من تلك الشقة

- تستقر الرصاصة بالبواب البريء بدل رؤوف علوان وكأن القدر يكون بجانب الخونة لينفذهم من القصاص

â

هذه الأحداث وتناميها في المجتمع المصري

ß جعلت منه لصا ووعدا مطاردا ß فالكل يطارده فهو الهارب من العدالة

â                               â                     â

 

تتداخل التغييرات الدلالية، وتتناقض المواقف فتخضع لشكلين من حيث هذا التفسير:

ما يراه سعيد مهران                           وما يراه المجتمع

وما يحكم به على الناس                       في قضية سعيد أي البوليس،

من جهة                                        والصحافة والرأي العام

تحول صاحب القضية/وتصفية الحساب ß من متعقب ومطارد ß إلى لص هارب فلا مأوى له، لم يجد إلا صديقه الأمس/ العاهرة/ تملك بيتا بعيدا عن حافة المقبرة أو يلتجئ إلى عش الشيخ الجنيدي:

كمرفأ مؤقت حت يتسع له مجال التفكير والمغامرة.

- نسيان البذلة عند نور، عودته كانت فيها مخاطرة ومطاردة،

انتشار رجال الشرطة في كل مكان، أي طوقوا المكان لا فائدة من المقاومة.

سلم نفسك يا سعيد: أنت محاصر من كل الجهات:

يصرخ يا كلاب، ويبذل كل قوته ليسيطر على شيء ما فيفشل ولم يجد في النهاية من الاستسلام، وليس الموت كما في الفيلم

البناء الفني

أ- مجرى الأحداث

تأثر جريان الحوادث الطبيعة الصراع الإحساسي بين سعيد/والخوان

        â

إنها عمود فقري يربط أجزاء الرواية

        â

ثم نجد الواقع النفسي، وشريط تذكره، ومنطق تسلسل الخواطر

فانتقامالحوادث بمجملها ماثل في ذهنه، غير أن ترجمة هذه الحوادث ظلت خاضعة لرغبته وتذكره، وما يتفق والتيار النفسي الذي يعيشه

        â
هذان المؤثران/ خط الصراع الأساسي بين اللص ß والكلاب من جهة والتيار النفسي من جهة ثانية في انعكاساتها على الحوادث شكلا ومضمونا

* الاعتماد على المونولوج الداخلي

إن الروائي نجيب اختار تيار الشعور كوسيلة تعكس الواقع النفسي وتماسك بجريان الأحداث في ذهن البطل

بدأ منهجية جوهرية في توليد الأحداث وتحريكها، ودفعها باتجاه الحبكة، والخاتمة،

وهذا التوليد يستنتج من التوترات التي تجتاح عالم سعيد ß الرجل التمزق والقلق الوجودي، وهذا الاختبار الذي ذكرته آنفا هو هذا الحلم الذي كان يعيشه وأصبح جزء منه، يشعشع في اللاشعور الوجداني، باعتباره مكونا أساسيا في أحداث التوازن لهذه الشخصية/البطل

حلم أنه غاب على الوجود، يجدد في السجن رغم حسن سلوكه، يصرخ لا مقاومة، ويعد السوط سقوه حليبا، ورأى نساء وتنهال على رؤوف علوان بالسوط في بئر السلم، وسمع قرآنا يتلى فأيقن أن شخصا مات واضطر إلى إطلاق النار في الجهات الأربع، ولكن رؤوف انبثق فجأة من الراديو المركب في السيارة فقبض على معصمه قبل أن يتمكن من قتله ...

عند ذاك هتف سعيد

اقتلني إن شئت ولكن ابنتي بريئة، فأنكره الشيخ وطالبه ببطاقته الشخصية

... إنها تعليمات الحكومة، ورؤوف اقترح ليكون شيخ الشيوخ، فعجب سعيد للمرة الثالثة وفتح عينيه فرأى الدنيا حمراء ولا شيء فيها ولا معنى لها"

       â

هكذا ظل الحلم جزءا من سيرته، وإدراكا لماهيته وانفعالاته
        â

لأنه يلقي الضوء على خبايا نفسيته وعلى الأركان المظلمة في وجدانه.

ß انطلاقا من كل هذا فحياة البطلß عبارة عن فضاء تشكيلي يجسد تيار

ßالشعور والحلم، كانقلاب في المفاهيم، وزرع الاختلاف في الائتلاف، الأبرياء ضحايا، والخونة أبرياء وهذا ما رأيناه في إطلاق الرصاصات، وما زاد في تأزمه هو القدر الذي يعاكسه في كل لحظة.

وكأن القدر ينتصر للخونة

ß وهو ما عمق الشعور بالوحدة والعزلة والعبث، (فقد نجا الأوغاد، وحياتك عبث" هذا التداخل في الأمور أخذ شكل التناقض داخل الذات، وبالتالي دفع بالحداث تدريجيا إلى أزمة لم يعد يجد لها البطل حلا لها، وهذا ما سنراه في الحلقات الأخرى عن السرد في عرض الأحداث، والحبكة وتطورها.

اختيار السرد المباشر في عرض الأحداث من طرف محفوظ يهدف إلى تحديد الزمكان وانظر في مقدمة الرواية بعد خروجه من السجن، مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية ولكن في الجو غبار خانق وحر لا يطاق ...

هكذا يبقى محفوظ ملازما لكل خطوات البطل مازجا طريقة السرد بالمونولوج الداخلي، كما ذكرت حتى نهاية الرواية، رابطا بين الماضي، والحاضر، كرغبة في قبل نبوية وعليش ورؤوف، ورد فعل لحرمانهم إياه من الحياة الهنيئة، وما كان يتمتع به من سطوة

- رئيس عصابة – عدا حرمانه من ابنته التي طفأت النور في عينيه ويقول سعيد: هل يمكن أن أمضي في الحياة بلا ماض فأتناسى نبوية، وعليش ورزف، لو استطعت كنت أخف وزنا وأضمن للراحة وأبعد عن حبل المشنقة، لكن هيهات أن يطيب العيش إلا بتصفية الحساب الذاتي، أنسى الماضي لسبب بسيط هو أنه حاضر – لا ماض في نفسي.

إنجاز:    د: الغزيوي بوعلي

مختبر اللغة والفكر

[1]- آرلوندهاور، "الفن والمجتمع عبر التاريخ"، ترجمة فؤاد زكريا.
[2]- كارلونيوفيللو "النقد الأدبي"، ترجمة كيتي سالمن ط.2، بيروت 1984، ص: 21-22.
[3]- سيد البحراوي "علم اجتماع الأدب"، مكتبة لبنان، ط.1، 1992،  ص: 15.
[4]- Leavis QD, Fiction and reding public, London, 1932, P: 19-20.
[5]- كارلونيوفيللو، "النقد الأدبي"، ص: 50-51.
[6]- زيمابيير، النقد الاجتماعي، ص: 148.
[7]- مجلة الفكر العربي المعاصر، ع 6/7/1980، ص: 148.
[8]- JG …….., De la grammatologie ed minuit, 1961, P : 23 – 24.
[9]- بيير زيما، النقد الاجتماعي، ص: 54 – 55.
[10]- فوكو ميشال، حفريات المعرفة ترجمة سالم ياقوت، ط 1، 1986، ص: 6 – 7.
[11]-  Lucien Golden : Recherche déalictiquegall, 1959, P : 149.
[12]- جاك لينهارت، علم الاجتماع الأدبي، الأقلام العراقية، ع: 12، 1960، ص: 20.
[13]- Goldman, Marxime et sciences humaines, P : 39.
[14]- أبو بكر العزاوي، الحجاج في الفلسفة، مجلة فكر ونقد، ص: 23.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف