الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أم بقلم:محمد سليمان الدرقاوي

تاريخ النشر : 2020-08-04
أم بقلم:محمد سليمان الدرقاوي
كل مساء ،وحيدا يجلس في الدور الفوقي الى نافذة تشرف على حديقة عند مدخل البيت ، يمنحه الجلوس متعة النظر الى شجرة ليمون سمقت ومادت تعانقه ظلالها ، بنسمات تهبه نفحة من طمأنينة على أن زوجته المريضة لازالت تقاوم آلام تمزق أربطة ركبتها ..
حين يتناهى اليه صوت المذياع من المطبخ يدرك انها تتحامل على نفسها رغم داء الركبة الاليم فتعيد ترتيب المطبخ وأوانيه بعد تنظيف وإعداد الطعام ،فهي عاشقة لتغيير يومي لأدوات المطبخ حتى ان سوء تفاهمهما اليومي غالبا ما يكون من اجل هذه التغييرات المفاجئة والتي تجعله يدوخ حين ينهض صباحا محاولا إعداد الفطور كما تعود ريثما تلحق به من نومها ...او يبحث عن شيء يخصه ولو كان دواء او ورقا ..... فما ان يألف مكانا حتى تغيره، وهي تغييرات قد تمتد الى كل ما في البيت ،عادة لا تعكس الا قلقا داخليا وسوء استقرار نفسي موروث ..
في السنوات الاولى كان يقيم قيامة على هذا الموروث الذي لم يستطع له علاجا فهو راسخ كجذور شجرة تمتد عروقها الى حيث لا يعلم الا مكون الجذور ،ثم ما لبث ان شرع يستكين ويغير الاختيار الا ان تحضر بنفسها وتستخرج مخبوءها ...
يهتز ، كلما تناهى اليه أنينها ، تعصره أكثر من رؤية ،وينفجر صدره بخوف ، يحول النظر عن شجرة الليمون الى هاتفه وهو يعلن عن أكثر من رسالة بومضات ،أو رنات كأن عيونه هي التي تزفرها ، يتفجر منها أكثر من احتمال لغده :لو ...
تدمع عيناه ، لما تخلفه" لو" من آلام في صدره ، ايحاءات تعكس مكنونات هذا الصدر ،اتجاه ماض لم يكن قصيرا فيتيسر لنسيان ..يدرك نفسها القوية ، وانها لن تحتمل قلة الحركة ، أو ممارسة هوايتها المشي والتجوال ، أو أن تغض الطرف عن شيء غير مرتب تراه عيونها، او تترك شيئا ألف له مكان حيث رَآه من قبل ..تلك عيوبها تريد ان تعرف كل شيء وتتابع كل شيء ،وتجدد كل شيء ،وكما يقول لها :الحمد لله ان هواية التغيير لا تطول الزوج وإلا وجدت في البيت كل يوم زوجا جديدا ..
ينهض ، ثم ينزل اليها ، لا تغادر نفس المكان ، تتركن في زاوية تراقب مدخل البيت كما تراقب النازل من الدور الثاني ، هناك حيث تقتل الزمن ، وتكنس آلام ركبتها انشغالا بمصحفها متدبرة ، أو بهاتفها متابعة ، يعرف انها مغرمة بالدراما السورية ،تتابعها ، وحين تكون على هذا الوضع "فشَـبِيهٌ صَـوْتُ الـنّعيّ إذا قِيسَ بِـصَوْتِ الـبَشيرِ في كلّ نادِ،" لا تحاول أن تستقيم في جلستها الاحين ترى الرنين من أحد الأبناء يريد أن يكلمها..وهنا تنسلخ عن الزمن وان عداد الوقت يتوقف قبل ان يعلن حده الأقصى ،فلاهم يتوقفون عن حكي ،ولا هي تشبع من كلام واستماع ،
وعوضه الله في طبيخ على النار ،او اذا عصره جوع فعليه ان يدخل المطبخ ليحل محلها في أكلة قد ترضى عنها وإلا عليه ان يقفل أذنيه ..
في حديثها عن الطبيخ تكون اهون وألين بكثير مما كانت عليه قبل ان يشغلها الأبناء بهاتف ذكي ولوحة الكترونية تقضي عليها الساعات لا تفوتها صحافة اليوم ولا اخبار العالم او فيديوهات اليوتيوب وقد اكتسبت خبرة ودراية في التمييز بين خبر صادق وكلام استهلاكي ،كان شغلهاالزوج قبل ان تركب الشجرة الالكترونية تتابعه مع من تكلم ولمن يكتب وماذا يقصد بهذه العبارة ،فالشك كان في ركابها سلمالخصومات يومية، وقد استطاع الأبناء ان يريحوا أباهم من هذه المتابعة الدقيقة فشغلوها بهاتف ولوحة ..فصار وقتها مقسما بين عشقها للدراما السورية وبين ابنائها ...
فهي بالنسبة للأولاد مركز استشاري ، ومستودع جميع الاسرار التي لايرتاحون الا اذا تقاسموها معها ، لها يحكون عن أبنائهم ، عن أصهارهم ،عن عملهم، عن ترقياتهم، عن نزاعاتهم الزوجية والمهنية ، عن كل ما يهم بيوتهم من المطبخ الى سرير النوم ....
علاقة وطيدة هي من ربتها فيهم ،ايمانا انها تفضل ان يجد أبناؤها صدرا ينفتح لفرحهم وقرحهم ودقائق أمورهم ، بدل ان يثرثروها مع دساس نمام قد يعمل من الحبة قبة وقد يشتت شملهم ..
كثيرة هي المشاكل التي تصدت لها بلامحاباة او تحيز ، فهي لن تتواني في كبح جماح أحدهم اذا وجدت ان ذلك هو الحل الذي يعيد المياه الأسرية او المهنية الى الطريق السليم الصحيح ،فهي في مثل هذه المواقف والحق يقال لا تتحيز لبنت ضد زوجها ، او لابن ضد زوجته ، فما يهمهما هو أن تكون العرى متينة داخل كل أسرة من أسر أبنائها .. حرصها على قتل كل غرور او تجاوز يمارسونه في مسؤولياتهم المهنية ..
كان لا يغيب عنه شيء مما يقع بين أبنائه صغيرا كان أو كبيرا ،تشاركه فرحها بهم كما تشاركه قلقها او مزاجيتها التي كثيرا ما تتبدل كما يتبدل طقس الخريف بلا اعلان ،او كما هي تبدل اثاث البيت وأدواته من مكان الى آخر ، لكن وكأنه جاهل لكل شيء ، قد يقترح بعض الحلول أو يعدل أخرى سبق وقدمتها، او يلومها على سلوك بدر منها في لحظة قلق ،وعليها أن تتداركه في المكالمات الآتية ،فلاهي تقول قال أبوكم ، ولا هو يلمح ولو بإشارة الى أي نبس أو همس قد وصله او شارك في حله ..
أحيانا كان يحس وكأنه بعيد عن أبنائه فقد يتكلمون معها المرة بعد الاخرى ولا كأنه موجود باستثناء ابنه الأكبر الذي يصر على ان تمرر لأبيه الهاتف او يقول : "لا عليك سأكلمه على هاتفه "
وحين يحدثها عن ذلك تقول:
ـ هم يعرفون ان خاطرك ضيق لا تقبل كثير كلام "شخبارك ،لاباس عليك ، الله يعونكم ويرضي عليكم " لهذا فهم يتعاملون معك بما لا يقلقك ويسألون عنك حين يكلمونني..
عند ابنائه هو الملوم الذي يتثاقل عن زيارتهم ،مشغول بحاسوبه وكتاباته لكن ينسون انها عاشقة لحريتها داخل بيتها، تتضايق من كل مكان قد يُحد من احدى عاداتها ،لهذا فهي تتحجج دائما به ،حتى عند السفر اليهم فهي تتوانى وتستعظم الطريق والحرارة صيفا والبرد شتاء،لا تخف لها رجل الا اذا كانت الزيارة ستحقق لها سفرة خارج الوطن فهي بالسياحة مغرمة .
لكن ان يأتي اليها الأبناء فذلك رغبة عندها أقوى من الرحيل اليهم شريطة ان يصحب كل زائر منهم خادمته لتساعدها في غسل اواني المطبخ وإعادة ترتيبه كما وجدته لان ركبتها قد جعلتها تحس بنقص في عاداتها وهي لذلك كارهة ..
اما الطبيخ فمنطقة محرمة لا يمكن ان يقربها غيرها لانها تدرك ان ابناءها يعشقون طبيخها ،مهارة واتقان وأنها ستخرج لهم من المجمد ما خزنته من مدة، كل ابن وما يشتهي ويريد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف