الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الطبقية عند العرب بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2020-07-29
الطبقية عند العرب بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
الطبقية عند العرب

(عادل بن مليح الأنصاري)

هل يحتاج المجتمع العربي لإعادة دراسة لبعض المتغيرات التي طرأت عليه في العصر الحديث من قِبل مراكز البحث ؟
وهل توجد متغيرات أصلا ؟
للمجتمع العربي خصائص ومميزات ربما لم تتوفر لغيره من المجتمعات , والمجتمع العربي الذي نقصده هو ما يقع بين الخليج العربي والمحيط الأطلسي , أو دول جامعة الدول العربية , فرغم نشأة وخروج العرب الأوائل من جزيرة العرب واليمن , إلى أن تلك الهجرات حملت معها الكثير من خصائص العرب الأوائل , وإن كانت تلك الخصائص تختلف كثرة وقلة بين شعب وأخر , ولكن لن يختلف اثنان أن عرب الجزيرة (بكل دولها) , مازالت الأكثر احتفاظا ببعض خصائص العرب الأوائل , فالعرب في جزيرتهم كانوا شبه معزولين عن حضارات الأمم السابقة , فحياتهم بسيطو وشاقة بما يكفي لمحاولة التواصل مع العالم القديم , فصحراؤهم شاسعة وقاسية وحارقة , ومدنهم صغيرة ولم تنعم بالكثير من صور الرفاهية والرقي كبقية عواصم العالم البعيد , فلذلك رسمت تلك البيئة القاسية مميزاتها على حياتهم , فالتنقل والبحث عن الماء والكلأ تتسبب تلقائيا في تصادم المجموعات البشرية المنتشرة في الصحراء , وتلك التصادمات وخاصة الدموية أفرزت صفات لا بد منها , كالقوة والشجاعة وأحيان المروءة , والاعتزاز بالقبيلة والأسرة , ثم الكرم الذ أفرزته حاجة الجائع والملهوف للغني والمقتدر والقوي .
وحتى ولادة القبيلة لم تكن من باب الرفاهية أو التطور الاجتماعي التلقائي , فتكون الأسر والأقارب في محيط واحد , وداخل بيئة صعبة وتحيط بها الأخطار والحاجة للغذاء والماء والأمن , أفرز الحاجة للتكتل ثم الحاجة لوجود زعماء يقودون تلك التكتلات , ثم ولدت القبيلة التي تتشابك أنسابها وجمعها اسم واحد تتغنى به وتفتخر , ومع ظهور الإبداع اللغوي العربي بدأ شعراء تلك القبائل في إشعال روح الحماسة والفخر بالقبيلة ومحاولة تخويف القبائل الأخرى بقوتها وكثرة عددها وشجاعة رجالها , من هذه الخاصية بدأ التنافس على مواطن الفخر والقوة وحتى الأماكن الرعوية الجيدة , فبدأت قصة الحروب المتبادلة بينهم , والتاريخ يخبرنا ببعضها كحرب البسوس وداحس والغبراء وغيرها , تلك الحروب التي كانت لأسباب ربما أحيانا تافهة في نظر أبناء اليوم , إلى أنها كانت قصة مصير ووجود وفخر يشعل ناره أحيانا الشعر والتفاخر بالقبيلة .
بساطة الحياة وفضاء الصحراء وخلوها من أساليب التسلية واللهو كما هو اليوم , تجسد في تلك الخصائص القتالية والشعر والعشق العذري والتفاخر بالقبيلة والكرم , حتى نشوء الثورة الاجتماعية كما نعرف عن الصعاليك كانت لأسباب عديدة , كرفض المجتمع لممارساتهم إما العدائية أو الأخلاقية (المتمثلة في فحش الغزل أو عدم تقبل أهل المحبوبة لهم وغيرها كالثارات ) .
في تلك البيئة المنعزلة عن العالم كانت الطبقية تتمثل في زعيم القبيلة وأسرته , ثم أقربائه وجلسائه الأقربين , ثم طبقة الملاك (ملاك الأبل ) والتجار , ثم الفرسان والشعراء , أما بقية القبيلة فهم طبقة واحدة لا تمييز بينهم , والتواصل مع المدنية القريبة كالشام واليمن ومصر والعراق , لم تكن مؤثرة على يد بعض التجار الذين يتنقلون بين تلك المدن , فالصحراء كانت كالقوقعة التي تحمي ما بداخلها عن الغرباء والمتطفلين , كما أنها تخلو من مغريات التواصل من تلك المدنيات نظرا لقساوة بيئتها والأهم ربما رفض أبناءها أي تواصل مع الغرباء , فالقبيلة منظومة اجتماعية تربطها قيود التقارب والأسرة الواحدة , والغرباء يمثلون خطرا وتلوثا لبيئتهم المحافظة , ومن هنا ربما نعرف لماذا كانت جزيرة العرب بعيدة عن الغزوات والاحتلال الأجنبي , فهي بيئة قاسية وخالية من الثروات والمغريات المادية , ويتمتع سكانها بالقوة والبأس وربما أحيانا جلافة الأخلاق في التعامل مع الغرباء .
إلى هنا وكانت الطبقية لا تخرج عن شيخ القبيلة ومن يدور في فلكه من أسرته وأقربائه ومريديه , ونستطيع أن نسميها طبقية سياسية واجتماعية واقتصادية متداخلة , فشيخ القبيلة هو السلطة وهو المرجع والقائد والأب , وعادة هو الأغنى , وكانت طبقية طبيعية ومقبولة ولا مناص منها للحفاظ على أمن القبيلة وقوتها ومصدر تفاخرها .
ثم تغيرت الأحوال كثيرا بعد ظهور الإسلام , ففي البداية كانت مكة أقرب لروح المدنية من بقية أجزاء الصحراء العربية , ولا نعني اليمن هنا لأنها منطقة لها تاريخ مدني وحضاري منذ القدم , ولكن تأثيرها شبه معدوم على داخل الجزيرة العربية لقلقة أو عدم وجود تواصل ثقافي أو حضاري بين اليمن وداخل الجزيرة العربية , عدا بعض الأحداث التي ليس لها علاقة في طبيعة البيئة الصحراوية العربية كبعض المناوشات الحربية وقصة أبرهة , فبعد ظهور الإسلام وما أحدثه من تغيير على البيئة المكية , كانت الطبقية في مكة انتقلت تلك البيئة من حكم سادات قريش الذين يملكون مفاتح القوة من مال وتجارة وعبيد وسلطة دينية على البيت العتيق , وكانت الطبقية في المجتمع المكي لا تخرج كثيرا عن الطبقية القبلية في باقي صحراء العرب , فطبقة سادات قريش هم أصحاب النفوذ السياسي والديني والاقتصادي والاجتماعي الذي يتحكم في ذلك المجتمع , وبعد استحواذ الدين الجديد على المجتمع المكي , انتقلت القيادة الدينية والروحية والاقتصادية والسياسية لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم , وبقية في مكة الطبقية محصورة في سادات قريش كطبقية اجتماعية , وحتى القيادة الدينية انتقلت للمدينة وصارت مكة متلقية لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده رضوان الله عليهم .
كانت المدينة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم لها مقسمة بين الأوس والخزرج واليهود , وما يذكره التاريخ من أحداث وقعت بينهم , فلما استقبل الأوس والخزرج النبي صلى الله عليه وسلم , أصبحوا يعرفوا بالأنصار واختفت تسمية الأوس والخزرج , ثم يذكر لنا التاريخ الكثير من الأحداث عن تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم لدين الله الجديد وطرد اليهود والعديد من الحروب حتى خرجت من صحراء العرب لكل الحضارات المتاخمة .
ولكن هل نستطيع أن نقول أن هناك طبقية من نوع ما ولدت في المجتمع المدني المسلم الجديد ؟
كان سكان المدينة ومن فيها من مختلف القبائل يكنون احتراما وتقديسا للنبي صلى الله عليه وسلم لهدف جلي , فهو رسول الأمة والذي أمر الله المسلمين بحبه وتعظيمه , ومنها نشأ بطبيعة الحال حب وتعظيم أسرته وذريته كطبيعة إيمانية فطرية , ولكن من باب علم الاجتماع هل يمكن أن نسميها نوعا من الطبقية الاجتماعية , فهناك أشراف وهناك عامة , وهل يمكن أن نقول أن الطبقية الدينية كانت موجودة , متمثلة في الخلفاء والعلماء وكبار الصحابة وهناك عامة , وهل يمكن أن نقول أن هناك طبقية سياسية متمثلة في الخلفاء والقادة , وهل يمكن أن نقول أن هناك طبقية اقتصادية , فهناك فقراء وهناك أغنياء .
هل يقدس العرب الطبقية ؟ أم هل الطبقية أسلوب حياة متوارث ومتأصل فيهم ؟
لو نظرنا اليوم للعالم ربما نجد أن الغرب والشرق يتصف أيضا بنوع من الطبقية , ولكن هل هي مؤثرة اجتماعيا ولها قبول أو وزن , فطبقة الأغنياء وطبقة الفقراء هي فقط التي تكاد تتضح معالمها في العالم الغربي اليوم , ومع ذلك يكاد القانون أن يحفظ حق كل منهم في طبقته , فلا يحق للغني أن يتعدى على الفقير (نظاما وقانونا) , ولا يحق للفقير التعدي على مال الغني , وقد توجد اختلافات من ناحية قدرة كل مجتمع على التحايل على القانون فقط .

أما العالم العربي حديثا , فتكاد تلك السمة أن تشمله أيضا , ولكن (كرأي شخصي) لو تحرينا الدقة سنلاحظ أن بعض المجتمعات العربية مازالت تسيطر عليها العديد من الطبقيات لليوم , فالطبقية الدينية واضحة بين بعض تلك المجتمعات , وكذلك الطبقية السياسية والاجتماعية والاقتصادية , وحتى القبلية .
ولكن هل كل ذلك يعتبر من الناحية الحضارية والاجتماعية سيئا ؟
هل يمكن (لبعض العرب) أن يتخلصوا من بعض تلك الطبقيات ؟ أم أنها تتوالد في جيناتهم الوراثية ولا مفر من الدوران في فلكها ؟
هل يمكن تصور عالم عربي خالٍ تماما من الطبقيات بكل أنواعها ؟
ربما لو كُتب لها الانحسار ذات يوم ( في بعض المجتمعات) , فسيكون انحسارا بطيئا وطويل الأمد لأبعد الخيال .
فتعاليم الدين الإسلامي الحنيف لم تستطع كثيرا ومنذ 1441 سنة من تغير تلك المنظومة الطبقية رغم كل الآيات والأحاديث التي تنادي بأنه لا فرق بين الناس , ولا بين فقير وغني , ولا بين أسود وأبيض , ولا بين عظيم وبسيط , ولا حتى الثقافات العالمية والفلسفة والحكمة , ولا حتى كليلة ودمنة , لم تستطع تغيير النظرة الطبقية لديهم ( إلا من رحم ربي وألهمه الهداية والصواب والخلق القويم ) .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف