
شاعر فلسطين الكبير هارون هاشم رشيد
1927م-2020م
بقلم : الأستاذ الباحث :فؤاد عيسى سعد
مؤسسة عيون على التراث – غزة
ولد في غزة بحي الزيتون في بيت العائلة العتيق المجاور لباب الداروم .ما كاد نسيم غزة يلفح جسده الدافئ ويملأ رئتيه لأول مرة ، ويوضع في اللفافة حتى حدثت هزة خفيفة ، فاختطفته شقيقته الكبرى وانطلقت به خارجة ، وصاحت الأم : لا تخافوا ؛الطور (الثور ) يغير قرنه .
والده هاشم بن علي عرفات رشيد (عمدة حي الزيتون )، مشهود له بالتقوى والصلاح ، وهو تقي عدول .
اهتم بتعليم أبنائه الذكور والإناث على السواء ،كما كان يحث أهل حارته بتعليم أبنائهم .
كان أبو على يحب الشعر وأسعفته حافظته القوية على حفظ الكثير منه ، وكان مولعاً بالسير الشعبية وحفظ منها الهلالية عن ظهر قلب .
في هذا المناخ نشأ وترعرع هارون في كنف والديه ، في بيت جده علي العتيق المطل على باب الداروم المفتوح على أعماق التاريخ .
تلقى هارون تعليمه في مدارس غزة ، بدأ بكتّاب الشيخ زمّو ثم التحق بالمدرسة الأميرية ، وأنهي دراسته الثانوية في كلية غزة التي أسسها الأستاذان شفيق ووديع ترزي ، وفيما بعد حصل على شهادة المعلمين العليا .
عمل مدرساً في مدارس جباليا وغزة وحمامة وخان يونس فيما بين 1946-1954م، وفي عام 1954م عين رئيساً لإدارة الشؤون العامة بغزة ، كما أسند إليه رئاسة مكتب إذاعة صوت العرب في غزة، واصل عمله
الإعلامي بهمة ونشاط منقطعي النظير، ويرجع إليه الفضل الكبير في تهيئة الترتيبات لاستيعاب الأنشطة الإعلامية المختلفة من مهرجانات ولقاءات ومؤتمرات ، وزيارات ، ورحلات مما فتح غزة على العالم ، وقدم للقضية الفلسطينية من خلال عمله في هذا المجال مكاسب جليلة .
في عام 1965م التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية مسئولها الإعلامي في قطاع غزة ،فوجد ضالته في هذا العمل ، وتفجرت طاقاته ، وجاد بكل ملكاته .
وإثر احتلال إسرائيل لقطاع غزة عام 1967م اضطر لمغادرة القطاع إلى القاهرة ، وتولى فيها مسئولية مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بجانب تمثيله لفلسطين في اللجان الدائمة بجامعة الدول العربية بصفته المندوب المناوب لدى الجامعة .
مثّل فلسطين منذ 1958م في مهرجانات الشعر ، ومؤتمرات الكتّاب العرب ، وكان عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين .
تناوله بالبحث والدراسة زهير العيناني ونال عن رسالته ( هارون هاشم رشيد ، حياته وشعره ) رسالة الماجستير من كلية الآداب بجامعة الإسكندرية .
وتناوله بالبحث والدراسة أيضاً الدكتور صالح الأشتر، والدكتور ناصر الدين الأسد، والدكتور عبد الرحمن الكيالي، والدكتور كامل السوافيري .
والدكتور واصف أبو شباب ، والدكتور صالح أبو أصبع وغيرهم من الدراسين الذين بحثوا في الأدب الفلسطيني .
فاز عام 1977م بالجائزة الأولي للمسرح الشعري في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( الألكسو ) عن مسرحيته الشعرية (السؤال ) التي مثلت في مسرح الجمهورية بالقاهرة ، وصدرت في سلسلة الكتاب الذهبي عن دار روز اليوسف .
وفي سنة 1979م . انتقل مع جامعة الدول العربية إلى تونس ، وعمل مندوباً مناوباً لفلسطين لدى جامعة الدول العربية في تونس ،ومديراً لتحرير مجلة (شؤون عربية ) التي تصدرها جامعة الدول العربية .
فاز في عام 1988م بالجائزة الأولى للقصيدة العربية بمناسبة اليوبيل الفضي للقسم العربي بإذاعة لندن .
منح عام 1990م وسام القدس للثقافة والآداب والفنون تقديراً لإسهاماته في الثقافة الفلسطينية .
عاد سنة 1991م إلى القاهرة يعمل مندوباً مناوباً لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية ، ولا يزال يمارس عمله فيها بهمة ونشاط .
أعماله :
يقع إبداعه الشعري في ثمانية عشر ديواناً ، صدر منها خمسة عشر ديواناً ، وثلاثة دواوين لم تطبع .
ونتاجه من المسرحيات الشعرية خمس ، لم ينشر منها اثنتان . وبلغت مؤلفاته النثرية خمسة كتب .وهي :-
-الدواوين الشعرية :-
1-مع الغرباء –دار النشر /رابطة الأدباء –القاهرة سنة 1954م .
2-عودة الغرباء-دار النشر/المكتب التجاري-بيروت سنة1956م .
3-غزة في خط النار-دار النشر/المكتب التجاري-بيروت سنة 1957م .
4-أرض الثورات- دار النشر/المكتب التجاري –بيروت سنة 1958م .
5-حتى يعود شعبنا-دار النشر/دار الآداب-بيروت سنة 1965م .
6- سفينة الغضب-دار النشر/ مكتبة الأمل –الكويت سنة 1968م .
7- رسالتان-دار النشر/ اتحاد طلاب فلسطين-القاهرة 1968م .
8-رحلة العاصفة-دار النشر/اتحاد طلاب فلسطين- القاهرة 1970م .
9-فدائيون-دار النشر/مكتبة عمان - عمان 1970م .
10- مزامير الأرض والدم-دار النشر/ المكتبة العصرية –بيروت 1971م .
11-الرجوع-دار النشر/ دار الكرمل –بيروت 1977م.
12- مفكرة عاشق/دار النشر/ دار سيراس-تونس 1980م .
13- يوميات الصمود والحزن-دار النشر/دار سيراس-تونس 1983م .
14- غزة ... غزة –التربية والثقافة والعلوم – تونس 1988م .
15- ثورة الحجارة –دار العهد الجديد- تونس 1988م.
16- رياح الخماسين – مخطوط.
17-مبحرون إلى يافا- مخطوط .
18- غزة لا يغرقها البحر- مخطوط .
المسرحيات الشعرية :-
1-السؤال-الكتاب الذهبي/ روز اليوسف/القاهرة 1973م .
2-سقوط بارليف- قدمت على المسرح القومي سنة 1974بالقاهرة /لم تطبع .
3-عصافير الشوك- دار المستقبل العربي / القاهرة 1989م .
4- مسرحية القصر- مخطوطة .
5-مسرحية جسور العودة- مخطوطة.
الكتب :-
1-الشعر المقاتل (دراسة أدبية ) –المكتبة العربية/ بيروت 1971م .
2-الكلمة المقاتلة( دراسة أدبية )-وزارة الثقافة- مصر 1973م .
3- مدينة وشاعر (دراسة أدبية )-دار الحياة – دمشق 1975م .
4- سنوات العذاب(قصة )-دار عالم الكتب –القاهرة 1970م .
هذه هي مجموعة آثاره القلمية المطبوعة والمخطوطة حتى سنة 1995م :-
بدأ هارون يقرض الشعر في سن مكبرة ، ولشد ما كانت دهشة وإعجاب معلميه وزملائه ووالده حين فاجأهم بقصيدة رثا فيها غازي بن فيصل الأول .
ألقاها في مسابقة مدرسية أقيمت في سينما السامر، وكان أصغر المتسابقين فلم يبلغ الرابعة عشر من العمر .ونال عليها الجائزة الأولي .
بواكير قصائده في النصف الثاني من الأربعينات كانت تدور حول القضية الوطنية كوحدة الصف، ومجابهة الخطر الصهيوني المتزايد في فلسطين ، والاستعمار البريطاني الذي كان يحنو على اليهود ويشد من أزرهم ويثبت أقدامهم .
وما إن وقعت كارثة فلسطين 1948م .وحلّت النكبة ، وشاهد هارون بأم عينيه المهاجرين يلجئون لقطاع غزة حتى انتفض واندفع يساهم بكل قدراته الذاتية بتيسير الإيواء والتغذية والتعليم .
خشي هارون من تفشي روح الاستكانة والقبول بالأمر الواقع ، فاشتد تمرده على الواقع ، وحمل رسالة غرسها في صدر وعقل كل فلسطيني لجأ لقطاع غزة ، ووصلت صيحاته المتمردة إلى خارج القطاع فوصلت مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ودول الطوق ، وإشعاره في هذه المرحلة كانت تخايلنا بانبعاث الخصب من الجدب ، تبعث الروح من حالة نزع الموت إلى حالة انبثاق الحياة، كانت قصائده تزرع بذور الخصب في تربة متلهفة فحين يحدث اللقاء اللاهب بين أشعاره وبين المتلقين تتحول في لقائها بهم وتتفتح عطاياها لهم ويتحولون بلقائهم بهم إلى فعل تغيير الواقع المرّ .
فكان الثبات ،وكان الحفاظ على الهوية وتعميق الجذور ، وظهور البراعم الجديدة .
فإن تضمن موضوعه التمرد على الواقع ، فقد صاغ حاضره جمالياً بأسلوب أيضاً تمرد فيه على شوراد الألفاظ الغريبة وأساليب التعمية والغموض ، فأفصح بالألفاظ في انساق قريبة رقيقة متجاوبة مع القلب والسمع والذوق، بأسلوب ينساب رقراقاً كالماء الصافي القريب من العطشى، فأسس هارون أسلوباً عذباً رائقاً وصل للقلوب فارتعشت وإلى الإسماع فوّخذت وتلقاها الملحنون فانسابت في أفواه المغنين تطرب وتبكي، تحفذ وتبعث الأمل من جديد .
ولنتأمل هذه المقتطفات من دواوينه :-
قصيدة صرخة لاجئ ( من ديوان عودة الغرباء ).
أنا لن أعيش مشرداً أنا لن أظلّ مقيداً
أنا لي غد .... وغداً سأزحف ثائراً متمرداً
أنا لن أخاف من العواصف وهي تجتاح المدى
ومن الأعاصير التي ترمي دماراً أسوداً
ومن القنابل والمدافع والخناجر ...والمدى
أنا صاحب الحق الكبير وصانع منه الغدا
أنا ثورة كبرى ...تزمجر بالعواصف ... والردى
أنا لاجئ ..وطني استبيح وداسه غدر العدى
أنا نازح داري هناك وكرمتي ... والمنتدى
وطني هناك .. ولم أظلّ بغيره ... متشرداً
سأعيده .. وأعيده وطناً عزيزاً سيداً
سأزلزل الدنيا غداً وأسيراً جيشاً أوحداً
إلى موعد .. في موطني هيهات أنس الموعدا
وفي ديوان مع الغرباء تطالعنا قصيدة ( أتت ليلي ) التي تفيض بالحزن والألم يوجهها إلى جميع لاجئ فلسطين ، وقد أطلقها من معسكر البريج بغزة :-
منها :-
أتت ليلي ، لوالدها
وفي أحداقها ألم ٌ
وفي أحشائها نار
من الأشواق تضطرم
وقد غامت بعينيها
طيوفٌ هزها السقم
وقد أنام
البريج
أسيً
فلا صوت ، ولا نغم
أتت ليلى ، لوالدها
وقد أهوى به الهرم
وقالت وهي من لهف
بها الآلام تحتدم
لماذا ... ؟
نحن يا ابني
لماذا نحن أغراب .؟
أبي
قل لي بحق الله
هل نأتي إلى يافا ؟
فإن خيالها المحبوب
في عيني قد طافا
أندخلها أعزاء
برغم الدهر. أشرافا
أأدخل غرفتي ، قل لي
أأدخلها بأحلامي ؟
وألقاها وتلقاني
وتسمع وقع أقدامي
أأدخلها بهذا القلب
هذا المدنف الظامي
فيصرخ سوف نرجعه
سنرجع ذلك الوطنا
فلن نرضى له بدلاً
ولن نرضى له ثمناً
قال في مطلع قصيدة النسر الجريح :-
قم انشر جناحيك .. أطلقهما وهاك الوجود وعرض السما
إلام تظل مهيض الجناح تخبط في اليأس مستسلماً
إن تركيز شاعرنا في مرحلته الأولى على التمرد واستنهاض الهمة .
هو بلا شك أثر للوعي بضرورة تغيير الإنسان ، وهو نابع عن إحساس بضرورة المساهمة في إحداث هذا التغيير الإنساني .
ومن خلال إبداعاته من هذا المنطلق ، كانت هناك استجابة من قبل المتلقي، واطمأن الشاعر حين انطلقت الثورة الفلسطينية بعد حزيران 1967م . متخلصة من سطوة القبضات التي كانت تأخذ بالمخانق .
ومن هنا بدأ شاعرنا يقدم خلقاً جديداً ، وهذا لم يتم إلاّ بادراك متجدد ، نعم نجد التوازي في الأسلوب ، نفس اتجاه سهولة اللفظ الذي يفضي مباشرة إلى المعنى ، وإن اشتد صفاء المنبع ، فقد أصبح نموذجاً لأسلوب مألوف لديه لا تضطرب عناصره أو مكوناته ، ولا تتعقد طرائق صياغته ولم يجنح إلى الغموض ، ولكن هناك تعارض في المضمون ، فشاعرنا متجدد يواكب المرحلة الجديدة .
والآن بعد ما اطمئن إلى انبثاق الثورة التي طالما دعا إليها نجده يقدم إبداعا أكثر عمقاً وأبعد رؤية .
ولنتأمل قوله من قصيدة اللا منتمي :-
عيناه أغمضتا على اليوم الأقر
ويداه أطبقتا على لهب وجمر
متمرد الآمال ،مشبوب الرؤى حرّ أبر
وخطا على شوك الطريق وفوقها عدّا ومرّ
وأشاح عن كل الوجوه ، بها جميعاً قد كفر
ألقى إلى النار القصاصات السخيفة والفكر
وبرامج التأليه والتمويه والقصص الأخر
ألقى بها للنار أتبعها جوازات السفر
ستدق أحرف اسمي المجهول أبواب الخطر
وتقول للدنيا التى عجزت وأعياها الخور
اللاجئ المحروم هدّ جدار ذلته كفر
اللاجئ المحروم دقّ خطاه زمجر واقتدر
في هذه المرحلة زاوج بين كتابة القصيدة وكتابة المسرحية الشعرية التي قدم من خلالها تجربة أوسع وأعمق.
سجل شاعرنا كل شاردة وواردة ، لم يترك واقعة أو حدثاً إلا صاغه خلقاً جمالياً ، فقدم للذاكرة الفلسطينية بأحرف من نور .
وقبل ما أنهي ترجمتي لهذا الشاعر الفارس الذي أحب وطنه وأفنى عمره فيه ،أحب أن أسجل أنه لو أطلق لنفسه العنان وطرق مواضيع الشعر المعهودة لبلغ عنان السماء، فإنني لم أسمع له قصيدة في الغزل ، وإن كنت على يقين أنه لو شبب في النسيب وأطلق عنان جواده في الغزل لخشى على عذاري غزة، ولعل تربيته الدينية لها في ذلك أثر كما أن القضية الفلسطينية احتوته فاحتواها.
-الأعمال الشعرية الكاملة
-الأعمال النثرية
-سيرته الذاتية
-رسائل الدراسات العليا التي تناولت حياته وشعره
1927م-2020م
بقلم : الأستاذ الباحث :فؤاد عيسى سعد
مؤسسة عيون على التراث – غزة
ولد في غزة بحي الزيتون في بيت العائلة العتيق المجاور لباب الداروم .ما كاد نسيم غزة يلفح جسده الدافئ ويملأ رئتيه لأول مرة ، ويوضع في اللفافة حتى حدثت هزة خفيفة ، فاختطفته شقيقته الكبرى وانطلقت به خارجة ، وصاحت الأم : لا تخافوا ؛الطور (الثور ) يغير قرنه .
والده هاشم بن علي عرفات رشيد (عمدة حي الزيتون )، مشهود له بالتقوى والصلاح ، وهو تقي عدول .
اهتم بتعليم أبنائه الذكور والإناث على السواء ،كما كان يحث أهل حارته بتعليم أبنائهم .
كان أبو على يحب الشعر وأسعفته حافظته القوية على حفظ الكثير منه ، وكان مولعاً بالسير الشعبية وحفظ منها الهلالية عن ظهر قلب .
في هذا المناخ نشأ وترعرع هارون في كنف والديه ، في بيت جده علي العتيق المطل على باب الداروم المفتوح على أعماق التاريخ .
تلقى هارون تعليمه في مدارس غزة ، بدأ بكتّاب الشيخ زمّو ثم التحق بالمدرسة الأميرية ، وأنهي دراسته الثانوية في كلية غزة التي أسسها الأستاذان شفيق ووديع ترزي ، وفيما بعد حصل على شهادة المعلمين العليا .
عمل مدرساً في مدارس جباليا وغزة وحمامة وخان يونس فيما بين 1946-1954م، وفي عام 1954م عين رئيساً لإدارة الشؤون العامة بغزة ، كما أسند إليه رئاسة مكتب إذاعة صوت العرب في غزة، واصل عمله
الإعلامي بهمة ونشاط منقطعي النظير، ويرجع إليه الفضل الكبير في تهيئة الترتيبات لاستيعاب الأنشطة الإعلامية المختلفة من مهرجانات ولقاءات ومؤتمرات ، وزيارات ، ورحلات مما فتح غزة على العالم ، وقدم للقضية الفلسطينية من خلال عمله في هذا المجال مكاسب جليلة .
في عام 1965م التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية مسئولها الإعلامي في قطاع غزة ،فوجد ضالته في هذا العمل ، وتفجرت طاقاته ، وجاد بكل ملكاته .
وإثر احتلال إسرائيل لقطاع غزة عام 1967م اضطر لمغادرة القطاع إلى القاهرة ، وتولى فيها مسئولية مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بجانب تمثيله لفلسطين في اللجان الدائمة بجامعة الدول العربية بصفته المندوب المناوب لدى الجامعة .
مثّل فلسطين منذ 1958م في مهرجانات الشعر ، ومؤتمرات الكتّاب العرب ، وكان عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين .
تناوله بالبحث والدراسة زهير العيناني ونال عن رسالته ( هارون هاشم رشيد ، حياته وشعره ) رسالة الماجستير من كلية الآداب بجامعة الإسكندرية .
وتناوله بالبحث والدراسة أيضاً الدكتور صالح الأشتر، والدكتور ناصر الدين الأسد، والدكتور عبد الرحمن الكيالي، والدكتور كامل السوافيري .
والدكتور واصف أبو شباب ، والدكتور صالح أبو أصبع وغيرهم من الدراسين الذين بحثوا في الأدب الفلسطيني .
فاز عام 1977م بالجائزة الأولي للمسرح الشعري في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( الألكسو ) عن مسرحيته الشعرية (السؤال ) التي مثلت في مسرح الجمهورية بالقاهرة ، وصدرت في سلسلة الكتاب الذهبي عن دار روز اليوسف .
وفي سنة 1979م . انتقل مع جامعة الدول العربية إلى تونس ، وعمل مندوباً مناوباً لفلسطين لدى جامعة الدول العربية في تونس ،ومديراً لتحرير مجلة (شؤون عربية ) التي تصدرها جامعة الدول العربية .
فاز في عام 1988م بالجائزة الأولى للقصيدة العربية بمناسبة اليوبيل الفضي للقسم العربي بإذاعة لندن .
منح عام 1990م وسام القدس للثقافة والآداب والفنون تقديراً لإسهاماته في الثقافة الفلسطينية .
عاد سنة 1991م إلى القاهرة يعمل مندوباً مناوباً لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية ، ولا يزال يمارس عمله فيها بهمة ونشاط .
أعماله :
يقع إبداعه الشعري في ثمانية عشر ديواناً ، صدر منها خمسة عشر ديواناً ، وثلاثة دواوين لم تطبع .
ونتاجه من المسرحيات الشعرية خمس ، لم ينشر منها اثنتان . وبلغت مؤلفاته النثرية خمسة كتب .وهي :-
-الدواوين الشعرية :-
1-مع الغرباء –دار النشر /رابطة الأدباء –القاهرة سنة 1954م .
2-عودة الغرباء-دار النشر/المكتب التجاري-بيروت سنة1956م .
3-غزة في خط النار-دار النشر/المكتب التجاري-بيروت سنة 1957م .
4-أرض الثورات- دار النشر/المكتب التجاري –بيروت سنة 1958م .
5-حتى يعود شعبنا-دار النشر/دار الآداب-بيروت سنة 1965م .
6- سفينة الغضب-دار النشر/ مكتبة الأمل –الكويت سنة 1968م .
7- رسالتان-دار النشر/ اتحاد طلاب فلسطين-القاهرة 1968م .
8-رحلة العاصفة-دار النشر/اتحاد طلاب فلسطين- القاهرة 1970م .
9-فدائيون-دار النشر/مكتبة عمان - عمان 1970م .
10- مزامير الأرض والدم-دار النشر/ المكتبة العصرية –بيروت 1971م .
11-الرجوع-دار النشر/ دار الكرمل –بيروت 1977م.
12- مفكرة عاشق/دار النشر/ دار سيراس-تونس 1980م .
13- يوميات الصمود والحزن-دار النشر/دار سيراس-تونس 1983م .
14- غزة ... غزة –التربية والثقافة والعلوم – تونس 1988م .
15- ثورة الحجارة –دار العهد الجديد- تونس 1988م.
16- رياح الخماسين – مخطوط.
17-مبحرون إلى يافا- مخطوط .
18- غزة لا يغرقها البحر- مخطوط .
المسرحيات الشعرية :-
1-السؤال-الكتاب الذهبي/ روز اليوسف/القاهرة 1973م .
2-سقوط بارليف- قدمت على المسرح القومي سنة 1974بالقاهرة /لم تطبع .
3-عصافير الشوك- دار المستقبل العربي / القاهرة 1989م .
4- مسرحية القصر- مخطوطة .
5-مسرحية جسور العودة- مخطوطة.
الكتب :-
1-الشعر المقاتل (دراسة أدبية ) –المكتبة العربية/ بيروت 1971م .
2-الكلمة المقاتلة( دراسة أدبية )-وزارة الثقافة- مصر 1973م .
3- مدينة وشاعر (دراسة أدبية )-دار الحياة – دمشق 1975م .
4- سنوات العذاب(قصة )-دار عالم الكتب –القاهرة 1970م .
هذه هي مجموعة آثاره القلمية المطبوعة والمخطوطة حتى سنة 1995م :-
بدأ هارون يقرض الشعر في سن مكبرة ، ولشد ما كانت دهشة وإعجاب معلميه وزملائه ووالده حين فاجأهم بقصيدة رثا فيها غازي بن فيصل الأول .
ألقاها في مسابقة مدرسية أقيمت في سينما السامر، وكان أصغر المتسابقين فلم يبلغ الرابعة عشر من العمر .ونال عليها الجائزة الأولي .
بواكير قصائده في النصف الثاني من الأربعينات كانت تدور حول القضية الوطنية كوحدة الصف، ومجابهة الخطر الصهيوني المتزايد في فلسطين ، والاستعمار البريطاني الذي كان يحنو على اليهود ويشد من أزرهم ويثبت أقدامهم .
وما إن وقعت كارثة فلسطين 1948م .وحلّت النكبة ، وشاهد هارون بأم عينيه المهاجرين يلجئون لقطاع غزة حتى انتفض واندفع يساهم بكل قدراته الذاتية بتيسير الإيواء والتغذية والتعليم .
خشي هارون من تفشي روح الاستكانة والقبول بالأمر الواقع ، فاشتد تمرده على الواقع ، وحمل رسالة غرسها في صدر وعقل كل فلسطيني لجأ لقطاع غزة ، ووصلت صيحاته المتمردة إلى خارج القطاع فوصلت مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ودول الطوق ، وإشعاره في هذه المرحلة كانت تخايلنا بانبعاث الخصب من الجدب ، تبعث الروح من حالة نزع الموت إلى حالة انبثاق الحياة، كانت قصائده تزرع بذور الخصب في تربة متلهفة فحين يحدث اللقاء اللاهب بين أشعاره وبين المتلقين تتحول في لقائها بهم وتتفتح عطاياها لهم ويتحولون بلقائهم بهم إلى فعل تغيير الواقع المرّ .
فكان الثبات ،وكان الحفاظ على الهوية وتعميق الجذور ، وظهور البراعم الجديدة .
فإن تضمن موضوعه التمرد على الواقع ، فقد صاغ حاضره جمالياً بأسلوب أيضاً تمرد فيه على شوراد الألفاظ الغريبة وأساليب التعمية والغموض ، فأفصح بالألفاظ في انساق قريبة رقيقة متجاوبة مع القلب والسمع والذوق، بأسلوب ينساب رقراقاً كالماء الصافي القريب من العطشى، فأسس هارون أسلوباً عذباً رائقاً وصل للقلوب فارتعشت وإلى الإسماع فوّخذت وتلقاها الملحنون فانسابت في أفواه المغنين تطرب وتبكي، تحفذ وتبعث الأمل من جديد .
ولنتأمل هذه المقتطفات من دواوينه :-
قصيدة صرخة لاجئ ( من ديوان عودة الغرباء ).
أنا لن أعيش مشرداً أنا لن أظلّ مقيداً
أنا لي غد .... وغداً سأزحف ثائراً متمرداً
أنا لن أخاف من العواصف وهي تجتاح المدى
ومن الأعاصير التي ترمي دماراً أسوداً
ومن القنابل والمدافع والخناجر ...والمدى
أنا صاحب الحق الكبير وصانع منه الغدا
أنا ثورة كبرى ...تزمجر بالعواصف ... والردى
أنا لاجئ ..وطني استبيح وداسه غدر العدى
أنا نازح داري هناك وكرمتي ... والمنتدى
وطني هناك .. ولم أظلّ بغيره ... متشرداً
سأعيده .. وأعيده وطناً عزيزاً سيداً
سأزلزل الدنيا غداً وأسيراً جيشاً أوحداً
إلى موعد .. في موطني هيهات أنس الموعدا
وفي ديوان مع الغرباء تطالعنا قصيدة ( أتت ليلي ) التي تفيض بالحزن والألم يوجهها إلى جميع لاجئ فلسطين ، وقد أطلقها من معسكر البريج بغزة :-
منها :-
أتت ليلي ، لوالدها
وفي أحداقها ألم ٌ
وفي أحشائها نار
من الأشواق تضطرم
وقد غامت بعينيها
طيوفٌ هزها السقم
وقد أنام
البريج
أسيً
فلا صوت ، ولا نغم
أتت ليلى ، لوالدها
وقد أهوى به الهرم
وقالت وهي من لهف
بها الآلام تحتدم
لماذا ... ؟
نحن يا ابني
لماذا نحن أغراب .؟
أبي
قل لي بحق الله
هل نأتي إلى يافا ؟
فإن خيالها المحبوب
في عيني قد طافا
أندخلها أعزاء
برغم الدهر. أشرافا
أأدخل غرفتي ، قل لي
أأدخلها بأحلامي ؟
وألقاها وتلقاني
وتسمع وقع أقدامي
أأدخلها بهذا القلب
هذا المدنف الظامي
فيصرخ سوف نرجعه
سنرجع ذلك الوطنا
فلن نرضى له بدلاً
ولن نرضى له ثمناً
قال في مطلع قصيدة النسر الجريح :-
قم انشر جناحيك .. أطلقهما وهاك الوجود وعرض السما
إلام تظل مهيض الجناح تخبط في اليأس مستسلماً
إن تركيز شاعرنا في مرحلته الأولى على التمرد واستنهاض الهمة .
هو بلا شك أثر للوعي بضرورة تغيير الإنسان ، وهو نابع عن إحساس بضرورة المساهمة في إحداث هذا التغيير الإنساني .
ومن خلال إبداعاته من هذا المنطلق ، كانت هناك استجابة من قبل المتلقي، واطمأن الشاعر حين انطلقت الثورة الفلسطينية بعد حزيران 1967م . متخلصة من سطوة القبضات التي كانت تأخذ بالمخانق .
ومن هنا بدأ شاعرنا يقدم خلقاً جديداً ، وهذا لم يتم إلاّ بادراك متجدد ، نعم نجد التوازي في الأسلوب ، نفس اتجاه سهولة اللفظ الذي يفضي مباشرة إلى المعنى ، وإن اشتد صفاء المنبع ، فقد أصبح نموذجاً لأسلوب مألوف لديه لا تضطرب عناصره أو مكوناته ، ولا تتعقد طرائق صياغته ولم يجنح إلى الغموض ، ولكن هناك تعارض في المضمون ، فشاعرنا متجدد يواكب المرحلة الجديدة .
والآن بعد ما اطمئن إلى انبثاق الثورة التي طالما دعا إليها نجده يقدم إبداعا أكثر عمقاً وأبعد رؤية .
ولنتأمل قوله من قصيدة اللا منتمي :-
عيناه أغمضتا على اليوم الأقر
ويداه أطبقتا على لهب وجمر
متمرد الآمال ،مشبوب الرؤى حرّ أبر
وخطا على شوك الطريق وفوقها عدّا ومرّ
وأشاح عن كل الوجوه ، بها جميعاً قد كفر
ألقى إلى النار القصاصات السخيفة والفكر
وبرامج التأليه والتمويه والقصص الأخر
ألقى بها للنار أتبعها جوازات السفر
ستدق أحرف اسمي المجهول أبواب الخطر
وتقول للدنيا التى عجزت وأعياها الخور
اللاجئ المحروم هدّ جدار ذلته كفر
اللاجئ المحروم دقّ خطاه زمجر واقتدر
في هذه المرحلة زاوج بين كتابة القصيدة وكتابة المسرحية الشعرية التي قدم من خلالها تجربة أوسع وأعمق.
سجل شاعرنا كل شاردة وواردة ، لم يترك واقعة أو حدثاً إلا صاغه خلقاً جمالياً ، فقدم للذاكرة الفلسطينية بأحرف من نور .
وقبل ما أنهي ترجمتي لهذا الشاعر الفارس الذي أحب وطنه وأفنى عمره فيه ،أحب أن أسجل أنه لو أطلق لنفسه العنان وطرق مواضيع الشعر المعهودة لبلغ عنان السماء، فإنني لم أسمع له قصيدة في الغزل ، وإن كنت على يقين أنه لو شبب في النسيب وأطلق عنان جواده في الغزل لخشى على عذاري غزة، ولعل تربيته الدينية لها في ذلك أثر كما أن القضية الفلسطينية احتوته فاحتواها.
-الأعمال الشعرية الكاملة
-الأعمال النثرية
-سيرته الذاتية
-رسائل الدراسات العليا التي تناولت حياته وشعره
