الأخبار
2024/5/15
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ثانياً: مفهوم (البغض/ الكراهية/ المقت) عند فحول الشعراء العرب (2 من 2)

تاريخ النشر : 2020-07-16
ثانياً: مفهوم (البغض/ الكراهية/ المقت) عند فحول الشعراء العرب (2 من 2)
ثانيا: مفهوم (البغض/ الكراهية/ المقت) عند فحول الشعراء العرب (2 من 2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل أن نبدأ حوار اليوم حول موضوع (البغض)؛ نشير أولا إلى ما يبديه فحول الشعراء من ارتباط وثيق بين تلك المشاعر (البغيضة) وبين كل صفات الشر: الحقد، الحسد، الغل، العداوة؛ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
الشرُّ كالنّار، شُبّتْ، ليلَها، بَغَضاً، *** يأتي على جمرِها دهرٌ، وما هَمَدا
ـ ويقول الشاعر الشريف المرتضى:
لا خيرَ في مولى ً يعاطيك بِشْرِه *** وفي صدرهِ غِلٌّ تَدِبُّ عقاربُهْ
ـ ويكمل الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
يتلقاك بالطلاقة والبشر *** وفي قلبه قطوب العداء
ـ ويقول الشاعر بدوي الجبل:
يكتّم بغضه حقدا و جمرا *** و يسمعني حنينا و التياحا
ـ ويصور الشاعر ابن حيوس هذا النفاق؛ بقوله:
وَعانقَ فيها مبغضٌ لبغيضهِ *** كما اعتنقتْ يومَ اللقائِ الحبائبُ
ـ ويتهكم الشاعر ابن شهاب على بعض النساء المنافقات؛ فيقول:
وربما تضمر بغض بعلها *** وتظهر الحب له في قولها
ـ فيضيف الشاعر جرير:
يسرُّ لكَ البغضاءَ كلُّ منافقٍ *** كما كلُّ ذي دينٍ عليكَ شفيقُ
ـ فينصح الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني؛ (بأن):
تنائي الدارين خيرٌ وأحرى *** من تدانيهما على البغضاء
ـ فيشير الشاعر بدوي الجبل إلى صعوبة التمييز بين المحب والمبغض في ظل عتمة النفاق:
لم يميّز محبّبا من بغيض *** في الدّجى لا تميّز الألوان
ـ فيضيف الشاعر ابن رشيق القيرواني الأزدي:
رُبَّ تَقَطبٍ مِنْ غَيْرِ بُغْضٍ *** وَبُغْضٍ كامِنٍ تَحْتَ ابتِسامِ
ـ فيرد الشاعر المعتمد بن عباد؛ بقوله:
يُمَيَّزُ البُغض في الأَلفاظِ إِن نَطَقوا *** وَيُعرَفُ الحِقدُ في الأَلحاظ إِن نَظَروا
ـ ويضيف الشاعر أبو نواس:
علامة البغْضِ على وَجهِهِ، *** بيّنَة ٌ مذ حَلّ فـي المهْدِ
ـ ويؤكد المعنى الشاعر ابن الرومي:
لَه وجْهٌ تذوبُ مقْ *** تاً وبغْضَاً له المهجْ
بغض تَراهُ ولا يراه *** ولم يُقَصِّرْ به وُضُوحُه
ـ ويكمل الشاعر ابن عبد ربه:
لا يحتجبْ وجهُه الممقوتُ عنْ أحدٍ *** فَالمَقْتُ يَحْجُبُهُ مِنْ غَيْرِ حُجَّابِ
يظل يُراعيني بعينَيْ شَناءة ٍ *** يدل على بَغْضائها النظر الشَّزر
ـ فيومئ الشاعر بدوي الجبل برأسه إيجابا، مشيرا إلى حقيقة (أن كل ذي نعمة محسود)؛ فيقول:
يلاقي العظيم الحقد في كلّ أمّة *** فلم ينج من حقد الطّغام عظيم
ـ فيوضح الشاعر مروان ابن أبي حفصة:
مَا ضَرَّني حَسَدُ اللِّئامِ وَلَمْ يَزَلْ *** ذُو الفَضْلِ يَحْسُدَهُ ذَوُو التَّقْصِيرِ
ـ فيضيف الشاعر كشاجم:
قد أكسبتني نعمة ُ اللّهِ بغضَهُمْ *** فلا زالتِ النّعمى ولا بَرِحِ البُغْضُ
ـ هنا يتساءل الشاعر الخُبز أَرزي مستنكرا:
ما يريد الحسودُ منّا ولكن *** كلُّ شيءٍ من المَقيت مَقيتُ
ـ فيحذر الشاعر أبو إسحاق الألبيري من معايب الحقد والحسد؛ قائلا:
فَلا تَرضَ المَعايِبَ فَهِيَ عارٌ *** عَظيمٌ يُورِثُ الإِنسانَ مَقتا
ـ فيؤيده الشاعر أبوالعلاء المعري؛ قائلا:
لو أنّ كلَّ نفُوسِ النّاسِ رائيَةٌ *** كرأي نَفسي، تَناءَتْ عن خَزاياها
كأنّ نُفُوسَ النّاسِ، واللَّهُ شاهدٌ، *** نُفوسُ فَراشٍ، ما لهنّ حُلومُ
جانِبِ الناسَ تأمَنْ سوءَ فعلِهمُ، *** وأن تكونَ لدى الجلاّس ممقوتا
ـ فيضيف الشاعر حسان بن ثابت:
قَوْمٌ مِنَ البَغْضَاء زَوْرٍ، كأنّمَا *** بأجْوَافهِمْ، مما تُجِنُّ لنَا، الجَمْرُ
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
أرى مشاهد من قومي مبغضة ً *** يرضى العمى ويود الموت رائيها
أودى بنا بين الشعوب تباغضٌ *** صدع القلوب ومزق الأوصالا
أنظل في الدنيا يفرق بيننا *** بغضٌ ويجمعنا وغى ً وكفاح
أسفي على المتباغضين وقد رأوا *** أن الفلاح تودد ووئام
ـ فيقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
خليلي ما يغني العتاب إذا انطوى *** على البغض قلبٌ كالزمان حؤول
ـ ويضيف الشاعر أبو العتاهية:
قد بينَ الرحمان مقتَ الذي *** يأمر بالحقِّ ولا يفعلُ
ـ ويكمل الشاعر أحمد شوقي:
جاءَها يوماً على غِرارِ *** وقلبُهُ من بُغضِها في نارِ
ـ فيتساءل الشاعر أحمد محرم مستنكرا:
فكيف يرى سبل الهداية مبغضٌ *** لها مستهامٌ بالغواية مغرم
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
فيبعد بالتبغيض كل مقرب *** ويقرب بالتحبيب كل مبعد
ـ فيؤكد المعنى الشاعر دعبل الخزاعي؛ اتساقا مع المثل الشهير (مرآة الحب عمياء):
فإنَّ المُحِبَّ يَكُونُ الْبِغيضَ *** وَإنَّ الْبِغيضَ يَكُونُ الحبيبا
ـ ويضيف الشاعر ذو الرمة:
وتزدادُ في عينِ الحبيبِ ملاحة ً *** وَيَزْدَادُ تَبْغِيَضاَ إِلَيْهَا بَغِيْضُهَا
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
فلا فرقَ فيما لديْك *** بين البغِيض وبين الحبيبِ
تيسٌ تنفَّق بالدلال ليُشتَهى *** فازداد مقتاً بالدلال وما نفقْ
ـ ثم يؤكد أن مشاعر البغض يتم توارثها جيلا بعد جيل؛ فيقول:
مالك في بغضك إن مِتَّ خلف *** إلا بنيك الخَلف من شر سلف
ـ ويتهكم الشاعر البحتري على كل بغيض؛ فيقول:
نلت ما نلت يا بغيض بأم *** هي أعطتك رتبة الوزراء
ـ ويضيف الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
بعض بغضائكم أولى البغضاء *** إنما الشم شيمة السفاء
ـ ويهجو الشاعر عبد الصمد بن المعذل أمثال هؤلاء؛ فيقول:
يا أبغض الناس في عسر وميسرة *** وأقذر الناس في دنيا وفي دينِ
ـ وتبلغ سخرية الشاعر أبو تمام مداها؛ فيقول:
أنتَ الذي يملكُ أضعافَ ما *** حَواهُ قارونُ مِنَ البُغْضِ
ـ فيمسك الشاعر دعبل الخزاعي بمطلع الشطر الثاني؛ ويقول ناصحا:
أَبْغُضُ المَالَ إذا جَمّعتُهُ *** إنَّ بغضَ المالِ من حبَّ العلا
ـ فيكمل الشاعر البرعي:
أعلى العلا في العلا قدراً وأمنعهم *** داراً وجاراً واسمى ً في السماءِ ذرى
ـ فتبدو على الشاعر الأخطل مشاعر السغب؛ فيقول:
ما نَجفو الضّيافَة َ إنْ أقاموا *** ولا الجيرانَ إنْ كرِهوا زوالا
ـ فيقول الشاعر المتنبي:
ما التّيهُ طبّي فيهِمِ غَيرَ أنّني *** بَغيضٌ إليّ الجاهِلُ المُتَعَاقِلُ
ـ فيرد الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
رفقاً بنفسك أنني رجل *** لا بغض في قلبي لمن جهلوا
ـ فيضيف الشاعر ابن حيوس:
حَبِيبٌ إِلَيْهِ الْعَدْلُ وَاللِّينُ وَالنّدى *** بَغِيضٌ إِلَيْهِ الْجَوْرُ وَالبُخْلُ وَالْكِبْرُ
ـ فيكمل الشاعر أحمد شوقي:
متواضعاً لله بينَ عباده *** واللهُ يبغض عبده المتكبرا
ـ فيضيف الشاعر كشاجم:
وتواضُعَ الكُبراءِ في أَخْلاَقِهِمْ *** شرفٌ كما أنَّ الَتكّبرُ لُومُ
ـ فيهون الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني من أمر البغض؛ فيقول:
ليس في البغض ما يعني *** وخطبه ليس بالجسيم
ـ وينصح الشاعر هدبة بن الخشرم بعدم الإفراط في مشاعر الحب أو البغض؛ فيقول :
أَبغَض إِذا أَبغَضتَ بَغضاً مُقارِباً *** فإِنَكَ لا تَدري مَتى أَنتَ راجِعُ
ـ فيرد الشاعر ابن المعتز:
سرتْ عقربُ الشحناءِ والبغضِ بيننا ، *** و لا يملكُ الناسُ المحبة َ والبغضا
ـ ويضيف الشاعر الشريف المرتضى:
كم مصرٍّ على مَقْتٍ وتَقْلِيَة ٍ *** أعطيتُه طَرَفَ البُقْيا فما امْتَسكا
ـ ويشير الشاعر ابن الرومي إلى مقابلة البغيض لحبه بمزيد من البغض؛ فيقول:
أبداً نحنُ في خلاف فمنِّي *** فرطُ حبٍّ ومنه لي فرط بُغضِ
ـ فيعلن الشاعر المتنبي عن موقفه حيال حبيبته؛ فيقول:
إنّي لأُبغِضُ طَيفَ من أحْبَبْتُهُ *** إذْ كانَ يَهجُرُنا زَمانَ وِصَالِهِ
ـ فيكمل الشاعر أحمد شوقي:
فشروقُها الأَملُ الحبيبُ لمن رأَى *** وغروبُها الأَجلُ البغيضُ لمن درى
ـ فيقول الشاعر أبو الفضل بن الأحنف:
وأرى النّساءَ يلمنني في أمرها *** أبغِضْ إليّ بمَن أراهُ يَلُومُ
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:
هيهات ما لوم الكريم سجيّتي *** و لا بغضه عند الجفاء نصيبي
ـ ويعلن الشاعر ابن نباتة المصري عن موقفه النبيل؛ فيقول:
لفظت أذني الملامَ عليكم *** فهو فيها من أكره الملفوظ
ـ فيقول علي بن أبي طالب:
إِنَّ القَليلَ مِنَ الكلامِ بأَهْلِهِ *** حسنٌ وإن كثيره ممقوتُ
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
بني آدمٍ بئسَ المعاشِرُ أنتمُ، *** وما فيكمُ وافٍ لمقتٍ، ولا حبِّ
ـ فيكمل الشاعر أحمد محرم:
عقدوا لنا العهد البغيض وإنهم *** لأضر من عقد العهود فأحكما
ـ وبالتناص مع قول الحق ـ سبحانه وتعالى ـ في الآية 216 من سورة البقرة (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم )؛ يقول الشاعر الحداد القيسي:
فلا تَكْرَهَنْ إنْ خَاسَ قَوْمٌ بِعَهْدِهِمْ *** عسى الخير في الشيء الذي أنت كارهُ
ـ ويضيف الشاعر ابن الرومي:
كم جارعٍ جُرعَ المكاره عالماً *** أنَّ المكارهَ يكتسين مَكارما
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
أمسى بمنزلة البغيض وإنه *** لأحب ما تهوى النفوس وتفتدي
ـ ويضيف الشاعر لسان الدين الخطيب:
قد يخبأُ المحبوبِ في مكروهِها *** من يخبأُ المكروهَ في المحبوب
ـ فيقرر الشاعر بدر شاكر السياب:
سأبقى وراء الجدار البغيض *** وعيناي لا تبرحان الطريق
ـ فيحدد الشاعر جرير موقفه؛ قائلا:
إنَّ البغيضَ لهُ منازلُ عندنا *** ليستْ كمنزلة ِ المحبَّ المكرمِ
ـ فينصح الشاعر جميل بثينة بالإعراض عن البُغضاء؛ فيقول:
أعرضْ إذا لاقيتَ عيناً تخافها، *** وظاهرْ ببغضٍ، إنّ ذلك أسترُ
ـ ويضيف الشاعر بدوي الجبل:
لا تُري الأعداء دمعي جاريا *** إنّني أبغض عطف الشامتين
ـ فيكمل الشاعر بهاء الدين زهير:
فما أبغَضُ للعينِ مِنَ الأقْذاءِ *** وأثْقَلُ مِن شَماتَة ِ الأعْداء
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي عن تلك الشماتة:
إنما هي حقدٌ ، وغشٌّ ، وبغضُ *** وأَذاة ٌ، وغيبة ٌ، وانتحال
ـ فيضيف الشاعر بدوي الجبل واصفا حال هؤلاء الذين اجتمعوا حول الشماتة والبغض؛ قائلا:
فتعانق البغضاء حول قبابه *** يتألّقون شوارد الأحساب
ـ فتظهر سخرية الشاعر الحطيئة لاذعة قارعة؛ في قوله:
و لَمَّا أنْ دَعَوْتُ أخي بغيضاً *** أتاني حيثُ أسمعهُ الدّعاء
ـ فيقول الشاعر المثقب العبدي:
لَيُبغِضُني وأُبغِضُهُ، وأَيضاً *** يراني دونهُ وأراهُ دونى
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
برع المجد فيهمُ فحباهُمْ *** مدحَ ذي وُدّهم وذي الإبغاض
ـ فيوضح المعنى الشاعر شهاب الدين ابن نباتة؛ قائلا:
مناقبٌ شهد العدو بفضلها *** والفضل ما شهدت به الأعداء
ـ فيعترض الشاعر أبوالعلاء المعري على تعميم هذا البيت؛ فيقول:
الناسُ شتّى، فيُعطى المقتَ صادقُهم، *** عن الأمورِ، ويُحبَى الكاذِبُ المَلِق
ـ فيعلن الشاعر علي بن الجهم عن بغضه للحياة إذا فارقه حبيبه؛ فيقول:
سَيِّدي ما أَبغَضَ العَي *** شَ إِذا فارَقتُ قُربَكْ
ـ فيضيف الشاعر الفرزدق:
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ *** كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ
ـ فيقول الشاعر حسان بن ثابت:
ألمْ تعلم أني أرى البخلَ سبة، *** وَأُبْغِضُ ذا اللّوْنينِ والمُتَنقِّلا
ـ فيقرر الشاعر الأحوص:
إنِّي سأمنحكِ الهجرانَ معتزماً *** مِنْ غَيْرِ بُغْضٍ لَعَلَّ الهَجْرَ يُسْلِيني
ـ فيقول الشاعر النابغة الشيباني:
إذا أنا لم أنفع صديقي بوده *** فإنَّ عدوّي لم يضرَّهُمُ بُغضي
ـ فيرد الشاعر جميل بثينة:
كم قد رأينا واجِداً بحبيبة، *** إذا خافَ، يُبدي بُغضَهُ حين يظهر
ـ فيقول الشاعر عنترة بن شداد:
إذا حملتُ على الكريهِة لم أقلْ *** بعد الكريهة ِ ليتني لم أفعل
ـ فيقول الشاعر سبط ابن التعاويذي:
يَكْرَهُ مَنْ يَكْرَهُ فِي *** أعقابِهِ التَّنَدُّما
ـ فيعلن الشاعر كشاجم عن موقفه من أمور الحب والبغض:
قَالوا عليكَ بوَسْطِ الأُمورِ *** فقلتُ لهم أكرهُ الأوسطَا
ـ فيحييه الشاعر ابن نباتة المصري على موقفه الواضح والمحدد؛ ويقول له:
لستُ أكرهُ شيئاً أنت صانعه *** مهما صنعتَ فمشكورٌ ومحمود
ـ غير أنه يعود؛ فيقول ساخرا:
قالوا كرهنا منه مد لسانه *** والله ما كرهوا سوى مدّ اليد
ـ فتقول الشاعرة الخنساء:
كَراهِيَة ٌ والصّبرُ منكَ سَجيّة ٌ *** إذا ما رَحى الحرْبِ العَوَانِ استَدَرّتِ
ـ فيعلن الشاعر ابن نباتة المصري عما آل إليه حاله؛ فيقول:
ووهت قوتي فأعرضت كرهاً *** عن لقاءِ المكروه والمحبوب
ـ فيكمل الشاعر الشريف الرضي:
لئن ابغضت مني شيب راسي *** فإنّي مُبْغِضٌ مِنْكِ الشّبَابَا
ـ ثم يتدارك فيقول متعجبا:
أهْوَى السّوَادَ برَأسِي ثمّ أمْقُتُهُ *** فكَيْفَ يَختَلِفُ اللّوْنَانِ في نظَرِي
ـ فيوضح الشاعر ابن المعتز:
لقد أبغضتُ نفسي في مشيبي، *** فكيفَ تحبني الخودُ الكعابُ
ـ فيؤكد المعنى الشاعر الفرزدق:
رَأيْتُ العَذارَى قَدْ تَكَرّهن مجْلسي، *** وَقُلْنَ: تَوَلّى عَنْكَ كُلّ شَبَابِ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
تحبَّب دهري بالشباب مُلاوة ً *** فلما أحلّ الشيبَ رأسي تبغّضا
ـ فيصف الشاعر سبط ابن التعاويذي الشيب بالوقار، الذي يحتم عليه الالتزام؛ فيقول:
لَمْ أَكْرَهْ بَيَاضَ الشَّيْبِ إلاَّ *** لاِنَّ الْعَيْبَ يَظْهَرُ بِالنَّهَارِ
ـ فيقول الشاعر بشار بن برد:
الشيب كره وكرهٌ أن يفارقني *** أعجب بشيءٍ على البغضاء مودود
ـ فيضيف الشاعر الأخطل:
شيبٍ يسرعونَ إلى المنادي *** بكأسِ المَوْتِ، إذْ كُرِهَ التّساقي
ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:
أكْرَهُ أنْ ألْقَى حِمامي، وَلا *** بُدّ لحَيً مِنْ لِقَاءِ الحِمَامْ
ـ فيكمل الشاعر أبوالعلاء المعري:
تَفادى نفوسُ العالمينَ من الرّدى، *** ولا بُدّ، للنّفسِ المُشيحةِ، من أخذِ
ـ ثم يعلن أنه لا يكره الموت ـ مثلما أعلن الشاعر أبو العتاهية ـ؛ فيقول:
إن يقرب الموتُ مني *** فلستُ أكرهُ قُرْبَهْ
ـ ويزيد الشاعر محيي الدين بن عربي على هذا؛ فيقول:
فتراني عندما خيّرني *** أكره المحيا
ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:
كم صاحبٍ لي كنتُ أكره فقده *** تسلَّمَه منِّي الفَناءُ المعجَّلُ
ـ فيقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
مالي أرى كفي مملوءةً *** من كل ما أكره من دهري
ـ فينصحه علي بن أبي طالب؛ قائلا:
لاَ تَكْرَهِ المَكْرُوْهَ عِنْدَ نُزُولِهِ *** إن المكاره لم تزل متباينه
ـ فيعلن الشاعر ابن الرومي عن موقفه إزاء المكاره:
لا يُبْقِ مكروه عليَّ فإنني *** لكلّ كريهٍ نالني غير كاره
ـ ثم يقول:
لو تُبغْض الدنيا كبغُضكَ عشْرَتي *** أصبحتَ معدوداً من الزهَّاد
ـ فيؤيده الشاعر جبران خليل جبران؛ قائلا:
هل فيها بحق ما *** يساوي الحب والبغضا
ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
نحبّ العيش بُغضاً للمنايا، *** ونحنُ بما هَوِينا الأشقِياءُ
ومن حُبّ دُنياهم رَمَوْا في وغاهُمُ *** بَغيضَ المنايا بالنفوس الحبائب
أمَا رأيتَ صروفَ الدهرِ غاديةً، *** على القلوب، بتبغيضٍ وتحبيب
ـ فيقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
ثوب الحياة بغيضٌ *** يا ليتني ما لبسته
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم متعجبا:
لقد زهدوا الحياة وأبغضوها *** ولم يرحمهم الخصم العنيد
ـ فيتهيأ الشاعر الأخطل للرحيل إلى مثواه الأخير (الجزيرة الفراتية)، مرورا بمسقط رأسه (مدينة الحيرة التاريخية بالعراق)؛ وهو يُنشد:
إن الضغينة َ تلقاها، وإن قدُمتْ *** كالعَرّ، يَكْمُنُ حِيناً، ثمّ يَنْتشِرُ
وما سعى فيهم ساعٍ ليدرِكنا *** إلا تقاصرَ عنا وهوَ منبهرُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف