الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مُهْرَتَانِ بقلم محمود فودة

تاريخ النشر : 2020-07-15
مُهْرَتَانِ بقلم محمود فودة
اِحْتَشَدَ الْمُشَاهِدُونَ، يَمْلَؤُهُم الشَّغَفُ لِبَدءِ السِّبَاقِ، وكُلٌّ يُمَنِّي نَفْسَهُ بِالْفَوْزِ بِالْجَائِزَةِ الْكُبْرَىٰ الْمُعْلَنِ عَنهَا عَبْرَ تَذَاكِرِ الْسِّبَاقِ، في المقصورةِ الرئيسيةِ يجلسُ عِلْيةُ القومِ، بينما استعدتِ المقصورةُ الخاصةُ لاستقبالِ السَّادَةِ الّّذِينَ بَدَءُوا يَتَوَاتَرُونَ قٌبَيْلَ ضَرْبَةِ الْبِدَايَةِ، يَحْدُوهُمُ الْأَمَلُ بِأَنْ يَفُوزَ فَرَسُهُ بِالسِّبَاقِ؛ لَا رَغْبَةً فِي حِيَازةِ سَيْفٍ ذَهَبِيٍّ أَوْ سَيَّارَةٍ عَلَىٰ أَحْدَثِ طِرَازٍ، بَلْ يُرِيدُونَ لِيَحُوزُوا نَصْرًا تَتِيهُ بِهِ أَنْفُسُهُمْ وَيَزْدَادُونَ بِهِ اسْتِعْلَاءً.
فِي كُرْسِيٍّ عَرِيضٍ مُمَيَّزٍ يَتَوَسَطُ الصَّفَ الْأَوَّلَ جَلَسَ الْأَمِيرُ، وَقَدِ امْتَلَأَ بِهِ الْكُرْسِيُّ الَّذِي نَاءَ بِحَمْلِ جَسَدِهِ،
تَبْرُزُ خَاصرَتاهُ المُكَوَّرَتانِ مِنَ الجانبينِ المفتوحينِ للكرسيِّ، يَتَدلَّىٰ كرشُهُ فيفترشُ أَعْلَى فَخْذَيهِ ... كانتْ رَأْسُهُ ثابتةً بَيْنَما عَيْنَاهُ تَدُورانِ في جَنَبَاتِ المِضْمَارِ غيرَ آَبِهٍ بِمَنْ حَوْلَهُ حتَّى زَوْجَتُهُ الفَاتنة، وَلَا بِهَمْهَمَاتِ غُرَمَائِهِ وَلَا بِأَحادِيثِهمُ الجانبيةِ، دَخلَ الفُرسانُ المِضْمَارَ يَتَفَحَصُونَهُ في حِصَّةٍ تَدْرِيبيَّةٍ خَفِيفَةٍ قَبْلَ أَنْ يَقُودَ السُّوُاسُ الخُيُولَ لِيَقِفَ كُلُّ فَرَسٍ خَلْفَ بَابٍ مِنَ الْأَبْوَابِ الْمُؤَدِيَةِ إِلْى المِضْمَارِ، كانِ نَظَرُهُ مُعَلَّقاً بِتِلْكَ المُهْرَةِ الّتِي كَدَّ فِي الْحُصُولِ عَلَيْهَا، وجَابَ إِسْطَبْلَاتِ الخُيُولِ بَحْثًا عَنْهَا فَلَمَّا عَثَرَ عَلَيْها ارْتَضاها لِنَفْسِهِ، وَبَذَلَ فِي سَبِيلِهَا النَّفِيسَ... كانتْ فَرَسَةً بَيْضَاءَ، ضَامِرَةَ البَطْنِ، طَوِيلَةَ الجِسْمِ مَمْشُوقَةَ القَوَامِ، كَحْلَاءَ الْعَيْنَيْنِ، عَرِيضَةَ الصَّدْرِ، مُكْتَنِزَةَ الكَفَلَينِ، بَذَلَ الْمَسْئُوُلُونَ عَنْ إِسْطَبْلِهِ جُهْدًا خَارِقًا فِي تَدْرِيبِها وَإِعْدَادِهَا لِمِثْلِ هَذَا السِّبَاقِ، فَجْأَةً تَظْهَرُ عَلَى شَاشَةِ الإِسْتادِ صُورَةُ الْأَمِيرِ، كَانَتْ لَقْطَةً تَبْعَثُ عَلَىٰ الضَّحِكِ الْمَكْتُومِ؛ فَزَوْجَتُهُ الْعِشْرِينِيَّةِ النَّحِيلَةِ تُشْبِهُ فِي قَوَامِهَا وَلَوْنِهَا وَرَشَاقَتِهَا فَرَسَتَهُ الَّتِي تَأْخُذُ أٌهْبَتَهَا الْحِينَ لِلِسِبَاقِ، بَدَتْ بِجَانِبِهِ ضَئِيلَةَ الْحَجْمِ كَطِفْلَةٍ مُرَاهِقَةٍ تَجْلِسُ بِجِوَارِ أَبِيهَا.
بَدَأَ السِّبَاقُ وَانْطَلَقَتِ الْخُيُولُ كَسِهَامٍ مَرَقَتْ عَنْ قَوْسِهَا، تَتَقَدَّمُ فَرَسَتُهُ السِّبَاقَ، فَأَخَذَ يُصَفِّقُ بِحَرَارَةٍ، فَيَرْتَجُّ جَسَدُهُ كُلُّهُ كَقِطْعَةٍ مُتَمَاسِكَةٍ مِنَ (الْچِيلِي الْمُرْتَعِشِ) وَيَئِزُّ الْكُرْسِيُّ مِنْ تَحْتِهِ، أَمَا هِيَ فَبَدَتْ جَامِدَةً زَائِغَةَ الْعَيْنَيْنِ، شَارِدَةَ الْخَاطِرِ كِاسِفَةَ الْبَالِ، تُتَابِعُ السِّبَاقَ بِعَيْنَيْهَا لَكِنَّهَا تَمُوجُ بِخَوَاطِرِهَا فِي عَالَمٍ ثَانٍ لَا تَشْعُرُ فِيهِ بِالْغُرْبَةِ، مَعَ أَنْهَا جَلَسَتْ فِي ذَاتِ الْمَكَانِ مَرَّاتٍ عَدِيدَةٍ، لَكِنَّهَا لَا تَنْسَى هَؤُلَاءِ اللَّائِي سَبَقْنَهَا فِي الْجُلُوسِ بِجِوَارِ زَوْجِهَا الْأَمِيرِ، تَجْتَهِدُ فِي إِحْصَاءِ أَسْمَائِهِنَ، وَجَدَتْ نَفْسَهَا ثَامِنَتَهُنَّ
رَكَلَ فَارِسَهُ الْأَجْنَبِيَّةِ مَلَامِحُهُ خَصْرَيْ فَرَسَتِةِ بِالْمِهْمَازِ يَشُدُّ عِنَانَهَا وَيُرْخِيهِ فِي مَهَارَة ٍيُحْسَدُ عَلَيْهَا وَيَسُوسُهَا بِحِكْمَةٍ وَحَزْمٍ كَبِيرَيْنِ... مَازَالَتْ تَتَقَدَّمُ السِّبَاقَ، اِحْمَرَّتْ كَفَّاهُ مِنَ التَّصْفِيقِ، ومَازَالتْ كُتَلُ اللَّحْمِ الَّتِي تَعْلُو كَتِفَيْهِ تَهْتَزُّ مُتَنَاغِمَةً مَعَ حَرَكَةِ لُغْدَيْهِ وَكِرْشِهِ.
اِحْتَدَمَ السَّبَاقُ ... تَنْهَبُ الْخُيُولُ الْأَرَضَ بِحَوَافِرِهَا، تَنْطَلِقُ الصَّيْحَاتُ مِنْ حَنَاجِرِ الْفُرْسَانِ، يَهْمِزُونَهَا بِأَقْدَامِهِمْ وَ يَضْرِبُونَهَا بِسِيَاطِهِمْ إِنْ تَطَلَّبَ الْأَمْرُ، تَلْحَقُ الْخُيُولُ بِفَرَسَتِهِ فَتَغِيضُ اِبْتِسَامَتُةُ ، وَتَتَبَاطَأُ حَرَكَةُ كَفَّيْهِ، يَخْتَلِسُ النَّظَرَاتِ إِلَىٰ زَوْجَتِهِ وَكَأَنَّهُ يَشْكُو إِلَيْهَا، فَتَتَّسِعُ اِبْتِسَامَتُهَا مِلْءَ وَجْهِهَا وَتَرْتَدُّ آَلَامًا عَلَىٰ نَفْسِهِ وَكَأَنَّهَا سِيَاطُ الْفَارِسِ تُلْهِبُ بِهَا ظَهْرَهُ هُوَ، يُعَاوِدُ النَّظَرَ إِلَيْهَا شَذَرًا فَتَنْظُرُ إِلْيهِ نَظْرَةَ الشَّامِتِ الْمُتَحّدِّي.
مَعَ ضَعْفِ خِبْرَةِ اِلْفَرَسَةِ بِمَضَمَارِ السِّبَاقِ بَدَأَتْ تَتَقَهْقَرُ شَيْئًا، عَلَاهَا الْفَارِسُ بِسَوْطِهِ واشْتَدَّ عَلَيْهَا بِصَوْتِهِ ورَكَلَهَا بِالْمِهْمَازِ، فَهَبَّتْ إِلَى عَلٍ لِيَسْقُطَ فَارِسُهَا عَنْهَا تَحْتَ سَنَابِكِ الْخُيُولِ، أَخَذَ الْأَمِيرُ يَقْضُمُ أَظَافِرَهُ وَيَعُضُّ عَلَىٰ شَفَتَيْهِ وَيَرْتَجُّ جَسَدُهُ هَٰذِهِ الْمَرَّةَ تَحْتَ وَطْأَةِ الْغَضَبِ الْمَكْتُومِ فِي دَاخِلِهِ، أَمَّا هِيَ فَتَزِيدُ نُفُورًا عَنْهُ بِجَسَدِهَا.
تَذْرَعُ الْفَرَسَةُ الْمِضْمَارَ مَجِيئًا وَذِهَابًا عَلَىٰ غَيْرِ هُدَىً ، تَرْفَعُ أُذُنَيْهَا وَذَيْلَهَا وَتَصْهَلُ صَهِيلًا غَاضِبًا، وَلَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُسَيْطِرَ عَلَيْهَا، اِنْتَهَىٰ السِّبَاقُ، وَحُمِلَ الْفَارِسُ بَعِيدًا عَنِ الْمِضْمَارِ وَقَدِ انْسَلَخَ ظَهْرُهُ بِفِعْلِ الْأَرْضِ وَيَدَاهُ مِنْ أَثَرِ الْعِنَانِ، يَدْخُلُ السَّائِسُ الْمِضْمَارَ وَيُنَادِي عَلَىٰ مُهْرَتِهِ وَهُوَ يَجْرِي نضحْوَهَا فَتُبْطِئُ خُطُوَاتِهَا وَ تُقْبِلُ عَلَيْهِ فَيَمْسَحُ عَلَىٰ رَقَبَتِهَا وَ ظَهْرِهَا بِيَدَيْهِ فَتُخْضِعُ لَهُ رَأْسَهَا وَيَخْرُجُ بِهَا إِلَىٰ الِإٍسَطَبْلِ.
حَاوَلَ النُّهُوضَ فَلَا تَحْمِلُهُ قَدَمَاهُ وَلَا تُسْعِفُهُ قُوَّتُهُ وَلَا تَمُدُّ لَه زَوْجَتُهُ يَدًا، حَتَّىٰ عَادَ إِلَىٰ قَصْرِهِ أَخَذَ يَبْحَثُ عَنْ مُهْرَةٍ جَدِيدَةٍ جَدِيرَةٍ بِهِ، وَ أَمَرَ بِبَيْعِ الْفَرَسَةِ وَطَرَدَ السَّائِسَ وَطَلَقَ مُهْرَتَهُ.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف