الأخبار
غالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليمي
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حَيّاتٌ بقلم محمود فودة

تاريخ النشر : 2020-07-13
عاد مع الثالثةو النصف إلى بيته، يسير في الشارع متثاقلا تحت وطأة ما يحمله من متطلبات البيت التي أرسلت بها زوجته عبر الواتساب، بجانب ذلك يحمل فوق عاتقية أطنانا من الهموم التي تتسلل إلى ساعديه وقبضتيه فتتراخيان، فيسقط- رغما عنه - بعض مما يحمله، يحتمي من حرور الشمس بظل البيوت وسرعان ما يفر منه الظل فتلفح الشمس قفاه، ينساب عرقه على وجنتيه وقراطيس الفاكهة التي يحملها، تجبره السيارات التي تمرق عبر الشارع يقودها بعض الصبية أن يحيد عن الظل لتلفحه الشمس مرات أخرى، دقائق مرت بعدد الساعات الطوال، يضرب بقدميه الدرج فيصدر أزيزا ممزوجا بصرير أسنانه، صدره وبطنه يتباريان صعودا وهبوطا وهو ينفث زفيرا به بعض من ريقه،
يخترق أذنيه صراخ قادم من شقة بالدور الثاني يعرف جيدا صوت جارته تتشاجر مع ابنها تستحثه أن يذهب إلى الدرس في موعده وهو يأبى الذهاب إلا أن تعطيه أجرة المعلم منعا للإحراج هذه المرة بعد أن ألمح له أمام زملائه من الطلاب والطالبات، قائلا: وهو يعقد ما بين حاجبيه ويزوي ما بين عينيه: لما الناس اللي في الخليج بتتأخر في الدفع يبقى الغلابة هنا يعملوا أيه؟ كانت تلك الجارة تستكثر أجرة الدرس على المعلمين وكثيرا ما تقف في شباك بيتها عند رأس كل ساعة تحصي الطلاب الواقفين ينتظرون درسهم، ثم تحصي من يخرج من باب العمارة وهي على هذه الحال لا تخلف موعدها أبدا،
يركل باب بيته بقدمه، وقد صار ما يحمله تحت سرته، وكادت أنفاسه تنقطع، يسمع صراخا يأتي من داخل بيته، صراخا اعتاد عليه وهو لا يجهله أبدا بل أدمن سماعه
زوجته... حاضر هو مفيش صبر؟ ثم تمد يدها في جيوبه تحصد ما به من غلة الدروس الصباحية التي قام بإعطائها بعد أن تسلل خلسة من المدرسة، تحمل الأموال بيد وبالأخرى تحمل عنه بعض الأكياس، على عجل يزدرد طعامه، وبجانبه زجاجة الماء يتجرع منها لتساعده على ابتلاع الطعام فالوقت يداهمه و يدفعه إلى العجلة ثرثرة زوجته وشكواها التي لا تنقطع و مشاجراتها المعتادة المفتعلة مع جاراتها عبر البلكونات بسبب الغسيل وخلافات الأطفال، وقد اعتادت أن تتراشق معهن بالكلمات، سلاحها لسانها السليط وصوتها الجهوري، كانت تشعر بنشوة النصر حينما تنسحب غريماتها إلى الداخل تلاشيا لألفاظها النابية.
يأتي منتصف الليل وقد احتل التعب كل شبر في جسده وخيم الإرهاق على ملامح وجهه، تتساقط رأسه على صدره وهو يجلس يشاهد التلفاز، تميل رأسه على مخدع أريكة الصالون فيطلق لشخيره العنان، يغفو لدقائق معدودة وزوجته في آخر الصالة الواسعة تثرثر مع أمها ثم لا تلبث أن تتواصل مع أخواتها يتفاخرن بغزواتهن النهارية و انتصاراتهن في معاركهن النسائية و الرجالية على الباعة الجائلين و محصلي الكهرباء والماء والغاز..
يقوم مغمضا عينيه يخشى أن يتفلت النوم من بين جفنيه، يجتهد في اصطياد النوم لكن هيهات..
يبتسم ابتسامة شاحبة عندما يتذكر تلك المرأة التي يعطي ابنها درسا خصوصيا فهي امرأة جميلة ذات جسد ممشوق، تتفن في الاهتمام بنفسها، تتعهد وقت الدرس فتزداد افتنانا... تستقبله بغنج، تتعمد أن تمر أمامه مرات كثيرة، تفتعل الحجج لتقاطعه وتتغابى لتمكث أكتر الوقت بجانبه وتتعمد أن تلتصق به أحيانا، راودته في خياله، أغفى للحظات ثم انتفض كأنما لدغته حية رقطاء، صوت زوجة أبيه يصم أذنيه، اعتدل مرتجفا، تذكر أن عليه دينا واجب القضاء بعد أيام ولم يفته أن زوجة أبيه لن تدع له وسيلة يتوسل بها إليها ليؤخر أجل السداد عاد بشريط خياله إلى عامين مضيا حينما أجبر أن يوقع على شيكات ربع سنوية مقابل حقها في ميراث أبيه و أنها لن تتورع أن تبيع هذه الشيكات لأحد سماسرة المحاماة.
مازال الأرق يأكل عينيه و ووقت نومه يتلاشى أمام عينيه كما يتلاشى الثلج في الماء،
غفا للمرة الثالثة إغفاءة طويلة، انتفض من نومه وقد لدغته عقارب الساعة متعوذا محوقلا، لا يعرف كيف ارتدى ملابسه، ولا كيف وجد جسده في المدرسة، أسرع ليوقع في دفتر الحضور، رفعت وكيلة شئون العاملين رأسها من فوق الدفتر ورمقته بابتسامة صفراء، كانت تدور بكرسيها يمنة و يسرة يملؤها شعور الانتصار عليه، فجعلها لا تتحكم في حركة جسدها و رأسها، فللحبر الأحمر في دفتر الحضور بريق لا تقاومه نفسها، ثم أخرجت من درج مكتبها تعميما طالبته بالتوقيع عليه،
‌بعد مشادات وصراخ خرج من المكتب وهو يتمتم وقطرات الماء تندفع مع كلماته الغاضبة،... قرار وزاري بمنع الدروس... قرار بوقف الدراسة بسبب كورونا.....والله كملت... الله يحرق ال ..........
٢٠٢٠/٧/١٢
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف