الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

والدي.. وثيران الحراثة.. ومعركة العلمين بقلم: عامر خالد

تاريخ النشر : 2020-07-06
والدي... وثيران الحراثة.... ومعركة العلمين.... 

في نهاية شهر أكتوبر من عام ١٩٤٢....كانت الحرب العالمية الثانية... في أوجها...وكانت تدور في الصحراء الغربية المصرية... معركة( العلمين) الشهيرة... بين قوات الحلفاء بقيادة (مونتغمري) ...  وقوات المحور... بقيادة ثعلب الصحراء... (رومل) ..

كان هتلر... من خلال هذه المعركة... يسعى لاحتلال مصر... ومنها إلى فلسطين... وبعد ذلك السيطرة على منابع النفط العربية... في العراق... والجزيرة العربية.. 

أفاق والدي صباحا... كعادته... ودخل إلى حظيرة المنزل... وساق أمامه ثوري الحراثة الذكيين... أبو ميل... وعبيد.. (من عادة الفلاحين أن يطلقوا اسماء على حيواناتهم العزيزة..)... 

 ليحرث قطعة من أرضنا في قرية عين غزال الفلسطينية... وتقع هذه القطعة على مقربه... من مستعمرةٍ يهودية... كانت تسمى... (أم الجمال) ...

إنه  دور والدي في حراثة الأرض... لأن جدي.. كان قد وزع الأدوار على ولديه... فمهمة والدي في تلك السنة الحراثة.. بينما تولى عمي  رعي الغنم... والاهتمام بها... وتتغير المهام كل عام....ويتم تبادل الأدوار... بين الشابين آنذاك...ما بين حراثة... ورعي غنم... 

عند الظهيرة... توقف والدي عن الحرث... وجلس في ظل شجرة...ليريح الثورين أولا... وليتناول ما تيسر لديه من طعام للغداء... والذي لم يكن سوى حبات من الزيتون... والبندورة... والخبز...

كان مختار قرية أم الجمال...ذلك العجوز اليهودي.. يذرع الأرض ذهابا وإيابا... ساهما... شاردا... مهموما... على مقربة من والدي بينما كان والدي منهمكا...في حراثة تلك القطعة القاسية من الأرض...والمليئة بالحجارة...

خبرت الثيران هذه القطعة من  الأرض... أكثر من والدي... حتى انها كانت تتوقف فور اقتراب سكة  المحراث من حجر مدفون.. وقبل ان ترتطم السكة به... تاركة لوالدي الفرصة لنقل سكة المحراث... لموضع آخر..... كانت تسمى تلك القطعة من الأرض.. (بمقبرة المحاريث)... 

عندما لاحظ هذا العجوز. أن ابي قد توقف عن الحراثة..وبدأ بتناول طعامه... اقترب منه... وجلس إلى جواره..

رحب والدي به... فهما جيران في الأرض... ودعاه إلى مشاركته ما توفر من طعام الغداء.. فاعتذر...

كان المختار اليهودي صامتا... ساهما....على غير عادته.. كأن هماً كبيرا يثقل كاهله...

أخرج العجوز كيس تبغه... ولف سيكارة... واشعلها.... وأخذ منها نفسا عميقا.... ثم نفث... دخانه... متأففا.... 

وقد لفت ذلك انتباه... ابي... فسأله..

أراك مهموما.!! .... مالذي يثقل كاهلك..؟؟ 

أجاب المختار.... نعم... (خبيبي.) ... إنه هم كبير..

قال له والدي مستهزئا....(( شو همك( خبيبي)...)) ...؟؟ 

قال المختار لوالدي... تكلم بصورة طبيعية... ولا تغير لكنتك...فأنا أفهم عليك...

ابتسم والدي.... وكرر سؤاله... عما يثقل كاهل المختار العجوز..

قال المختار....

هناك معركة تجري الآن بين جيوش الحلفاء... وجيوش المحور... في الصحراء الغربية... في مصر... ألم تسمع بها...!! ؟؟ 

قال والدي... لا لم أسمع بها.!!.. ربما سمع بها ثوراي الذكيان.. أبو ميل وعبيد...(وأشار اليهما)...أنا في قطعة الأرض هذه اترك التفكير لثيراني الذكية ... وعلى كل حال لن تكون الا كغيرها من المعارك الكثيرة... في هذه الحرب...التي طالت... 

قل لي... لماذا انت مهتم بها..!! ... ومشغول البال...فمصر بعيدة عنَّا... ولن تصل إلينا قذائف تلك المعركة اللعينة التي تقول...

قال المختار اليهودي.... لا خبيبي.... نعم هي معركة... بعيدة عنا.... ولكن أثارها.. سوف تنالنا... أنتم العرب... ونحن اليهود..هنا في فلسطين... وتقرر مصير كل منا.. 

ضحك والدي... وقال... كيف ذلك..!! ؟؟ 

قال المختار....

اسمع كلامي (خبيبي) ...

اذا انتصر رومل... قائد قوات المحور.... ما في يهود هون..(خبيبي) ... 

أما إذا انتصر مونتغمري... قائد قوات الحلفاء... ما في عرب هون..(خبيبي) ... 

ضحك والدي... مستغربا من تخريف هذا العجوز...فهو لم يسمع قط... لا برومل... ولا بمونتغمري... وقال له... (روخ خبيبي... روخ من هون...مش ناقصني مجانين.. خليني أكمل شغلي... والله اذا فهم عليك... أبو ميل... وعبيد... ربما أكون قد فهمت قصدك....) 

أمسك والدي بقبضتي المحراث... ونخس الثورين بمنساسه الطويل... وأخذ يكرر قول العجوز اليهودي.... محدثا ثوريه.... مستهزئا...  

إذا انتصر رومل... ما في يهود هون...خبيبي سمعت يا أبا ميل..!! ؟؟ 

واذا انتصر مونتغمري.... ما في عرب هون..خبيبي... سمعت يا عبيد...!! ؟؟.

أما الثيران... فقد بدأت بالخوار... كأنها فهمت... ما ينتظرها... 

انتصر الحلفاء في العلمين..وبعد ست سنوات من انتصارهم.... تحققت نبوءة... العجوز اليهودي... وغادر العرب فلسطين....وهمت العائلة  بالرحيل.. عن القرية...

ساق والدي الأغنام والابقار أمامه... لكنه لم يجد بينها... ثوريه الذكيين.. بحث عنهما في أرجاء المنزل وحوله... فلم يعثر عليهما... قادته أقدامه... نحو تلك القطعة القاسية من الأرض... فشاهد من بعيد ثوريه العزيزين... وقد تقابلا برأسيهما... ومدا عنقيهما.. نحو الأرض... وقد أخذا يخوران.. ولكن هذه المرة بلحن غريب... ملأ صداه... وديان الكرمل وهضابها.... بينما أخذ والدي يردد مقولة العجوز القديمة... .. إذا انتصر... مونتغمري... ما في عرب هون...!!!! 
عامر خالد

               *****************************

*- برنارد مونتغمري... مشير بريطاني... قاد قوات الحلفاء... في معركة العلمين الشهيرة... في الصحراء الغربية المصرية... وانتصر بها على قوات دول المحور..

*- إرفين رومل... مشير ألماني... قاد قوات المحور في معركة العلمين الشهيرة... وخسرها... انتحر في ١٤ أكتوبر عام ١٩٤٤
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف