الأخبار
غالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيرانيالجيش الإسرائيلي: صفارات الانذار دوت 720 مرة جراء الهجوم الإيرانيالحرس الثوري الإيراني يحذر الولايات المتحدةإسرائيل: سنرد بقوة على الهجوم الإيرانيطهران: العمل العسكري كان ردا على استهداف بعثتنا في دمشقإيران تشن هجوماً جوياً على إسرائيل بمئات المسيرات والصواريخالاحتلال يعثر على المستوطن المفقود مقتولاً.. والمستوطنون يكثفون عدوانهم على قرى فلسطينيةبايدن يحذر طهران من مهاجمة إسرائيل
2024/4/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دموع هادرة..في هدأة الليل..بقلم:محمد المحسن

تاريخ النشر : 2020-07-06
دموع هادرة..في هدأة الليل..بقلم:محمد المحسن
دموع هادرة..في هدأة الليل..

ّمذ-عضّني الدّهر بنابه الأزرق المتوحّش- ونالت المواجع مني..لم يعد يذكرني أحد..غير الطريق..ووحده صار يكفي.." أنا لا أمدّ يدي لغير الله..فلست شحاذا ولا متسولا..رغم المصاعب،المتاعب والمواجع التي تنخر-دون رحمة-جسدي..سيما بعد رحيل نجلي إلى الماوراء..حيث نهر الآبدية ودموع بني البشر أجمعين.. لكن.. ما يحزّ شغاف القلب ويزيدني إيلاما،ظلم ذوي القربى و-نفاق-بعض الأصدقاء، فضلا عن-نكران فضل-لكتاب كثر ومبدعين أكثر كتبت عنهم بحبر الروح ودم القصيدة..لمعت أسماؤهم-بحبري-لكنهم تركوني وحيدا في عين العاصفة..ومضَوا دون تحايا وداع..ولا عناق وجيع يترك القلبَ أعمى..ولا مواساة ترتق فتقي..وترسل إلى تضاعيف النفس رسائل تشحذ العزائم..وتشدّ آزري في مثل زمن لئيم كهذا.. واليوم.. صرت وحدي..لا رفيق ولا صديق،غير الطريق،ووحده صار يكفي..ولارغبة لي في الدّموع.. واليوم أيضا.. تشهد كائناتي وأشيائي أنّي اليتيم.. "كهل" تجاوز الخمسين بعشر عجاف..ولكنّي أحتاجك-يا إبني-بكل ما في النّفس من شجن وحيرة وغضب عاصف.. أحتاجك لألعن في حضرة عينيك المفعمتين بالآسى الأزمنة المفروشة بالرحيل..وغدر رفاق الدروب القصيّة..الذين إستظلوا بظلي..حين داهمهم السقوط في وهاد الهجير..وانتشلتهم-بكل نكران للذات-من وهاد الضياع حين غدَوا منها على الشفي.. لم أبخل عليهم بشيء وعلّمتهم الرماية والغواية والشدو البهي.. واليوم ثانية..وثالثة.. تحلّقوا في كل بؤرة وحضيض..لينهشوا لحمي وحروف إسمي .. آه -غسان-أيا مهجة الرّوح.. كيف سمحت لنفسي بتسليمك إلى التراب..؟! حنيني إليك..شائك ومتشعّب مثل حزني تماما،وكياني مكتظّ بالوجوه والذوات.. وها أنّي أسمعك في هدأة الليل توصيني قائلا:" كن- يا أبتي- جسورا مثل جدّي تماما..ولا تخشى سهاما تصيب من الخلف..من ألف خلف..تخدش روحَك البهيّة..تطيح بأضلعك في منعطف للثنايا..وترسلك (بعد عمر مديد) إلى الموت مثلي..في موعد غامض.. لكن.. يا-فلذة كبدي-أحتاجك بكل ما في النّفس من شجن وحيرة وغضب عاصف..أحتاجك لألعنَ في حضرة عينيك المفعمتين بالآسى..حفاة الضمير،شذّاذ الآفاق..وطوافي اللّيل..وكل الأرصفة المتحوّلة بي صوب المجهول.. والدك"أبدع ذات يوم"..حين عنون إحدى دواوينه الشعرية ب" وحيد أنا..والكلمات إرثي.." واليوم..هذا ما تبقّى لي بعد رحيلك القَدَري..كلمات عاصفات تنبجس من خلف الشغاف..تؤثّث صمتي..تبلّل حزني..ترتّب لي "لحنا" حزينا..يزَّف بلا موعد للأمسيات.. وحيد أنا-يا غسّان-والكلمات التي قد ورثت..أرنو إلى المدى،وأريق المدام الذي قد شربت..وأهفوا إلى وجهك في ثنايا الدروب التي قد عرفت..فيلوح لي طيفك راسما في جبهة العمر..وشمَ الشوق والذكريات.. لكن.. لك عليَّ عهد..سأظلّ وفيا لعهدي..ووحدي أظلّ أطلّ من شرفة الشوق إليك..أتابع طيرَ البرق ينزف جرحه في ثنايا السراب..ويرنو إلى الشاهقات.. سلاما لروحك الطاهرة يا مهجة الروح..يامن تسكن خلف شغاف القلب..ذاك القلب الذي تحوّل إلى مزق ونفايات..وتشظت معه الرّوح إربا في الأقاصي.. نَم هانئا..فأمنا الدنيا تزدحم بالدموع..
ماذا بقي لي إذن في مثل زمن كهذا مفروش بالرحيل سوى قصيدة،أراها -تليق بسكينتك في قبرك الرحيم-أهديها لروحك الطاهرة..في نومها الأبدي..
غسان
كنت أجمل الفتيان في تاريخ بلادي
كنت أطول الباسقات في أرض أجدادي
كنت إذا تمشي..
ترافقك السنابل وزهرة اللوز وكل الفصول..
وتتبعك غزلان و أيائل ..
غسان..
يا مهجة الروح .. يا وجعي ..
ويا وجع القصيدة..حين تلمسها الأنامل
ترى؟ هل ترى..ما أرى..؟
نجم هوى..فبكته الحقول
وأدمعت كل السنابل..
* * *
بيديّ سلّمت -غسان-للترابْ
ونثرت بعض الدمع بين مشيّعيه
كي أبرّر للحياة خيانتي
بيديّ أطعمت الترابَ -كبدي–
باكيا.نادبا..لكني متمسكا بديانتي.
يا هول ماحدث..
انتهيت من التعازي
والتهاني بالنجاة من الغيابْ
وتركته في حبسه الطينيّ مفردا ومطفئا
كأنّي لست والده الرحيم وزنده
أربعة وعشرون عاما وهو يشدو لي
ويخفيني عن الأحزان تحت جناحه
وأنا أجاهد منذ كانت خصومه الأيام اللئيمة..والغربة والإغتراب..والحظّ الغرابْ
معذرة-غسان-إن واريتك قسر الإرادة..طينا رحيما..وركاما من التراب..
* * *
لم يملأ الطين عيونك الجميلة-يا غسان–
من عشقها ملأته
بك تكتحل الأرض
ينبت زيتونهـــــــا
لن يضغط الطين
إلا كما رحم الأمّ
طين رحيم..كربّ رحيم
لا صرفا كوجهك
كل الحدائق المزهرة..وكل حنان القمر
من أين هذي الرشاقة للقدر الضخم
أم أنتَ مما صَبَرتَ
نحتّ القدر
ثب من سباتك
كأنّك تذلّل ظهر الزمان
بعيونك الجميلة الأرض عشقا
تدور بها مشرقا في غياهب الكون
ولا صبر لوالدك أكثر مما صبر..
* * *
مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات..
ومقصوصة ،كجناح أبيك،هي المفردات
فكيف يغني المغني؟
وقد ملأ الدمع كل الدواه..
وماذا سأكتب يا بني؟
وموتك ألغى جميع اللغات..
أحملك، يا ولدي ،فوق ظهري
كمئذنة كسرت قطعتين..
وشعرك حقل من القمح تحت المطر..
ورأسك في راحتي وردة تونسية .. وبقايا قمر
أواجه موتك وحدي..
وأجمع كل ثيابك وحدي
وألثم قمصانك العاطرات..
ورسمك فوق جواز السفر
وأصرخ مثل المجانين وحدي
وكل الوجوه أمامي نحاس
وكل العيون أمامي حجر
فكيف أقاوم سيف الزمان؟
وسيفي انكسر..
* * *.
أيا غسان..
لو كان للموت طفل، لأدرك ما هو موت البنين
ولو كان للموت عقل..
سألناه كيف يفسر موت البلابل والياسمين
ولو كان للموت قلب ..تردد في قتل أولادنا الطيبين.
فيا قرة العين .. كيف وجدت الحياة هناك؟
فهل ستفكر فينا قليلا؟
وترجع في آخر الصيف حتى نراك..؟
* * *
إنّها الريح إذن ..
ولا لوم علي حين أبكي إبني..أو أحنّ إلى مهجة الليل فيه
أنا أُبكي بصمت في هدأة الليل..حين يهدهدني الشوق إليه..
أنا أبكي بصمت عينين عسليتين يغمرهما التراب
ولا عتاب..ولا عقاب لمن يبكي مثلي في مثل ليل كهذا
لكم تكرهني الحياة ولم أفعل لها شيئا
سوى ما يفعل بمن تاه في غياهب الصحراء السراب
وأحيانا أنا أبكي على أمي التي أنجبتني.. ذات شتاء يصهل في ليله الخراب
أو أبحث في جيبي عن الدنيا..التي عذبتني..
أصرخ في هدأة الصمت: أماه..أستغيث..ولا جواب
ولا أبرز كفّي للدنيا
كي لا تراني..أجن
خائن مثلي تماما.. من لم يجنّْ
* * *
“سيّدي
هل بوسعي الجلوس إليك قليلا
سأنثر حولك بعض النصوص على عجل
وأعود إلى معهدي
ابتسمتُ لها وبكى جسدي
قدمتْ من أقاصي الخرافةِ، من شهوتي
من مخابر آلهة الفنّ
واقتحمت وحدتي
وأنا لست حبلا تعلّق فيّ البلاد مفاتنها في النهار
وتتركني ذاهلا في المساءْ
وأنا لست ربّا غبيّا
لكي أطرد امرأة من غيومي
ولستُ مدرّس شعر ولستُ طبيب نساءْ
إنّما هذه الطفلة المتلعثمة الخائفةْ
هذه الوردة النازفةْ
هذه العاصفةْ
لا تعي ما أصاب المغنّي
وكرّاسها المدرسيّ على ركبتيها يصلّي
ويدفعني للصلاةْ
لكنها..بكَت..ثم بكيت..
حين قلت لها: غسان مات

محمد المحسن-ذات زمن سافر وكافر-(كاتب تونسي وناقد)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف