الأخبار
الدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزة
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

صوت المرأة في مجموعة "ذاك الرجل وتلك الشجرة" مها أبو هلال بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-07-05
صوت المرأة في مجموعة "ذاك الرجل وتلك الشجرة" مها أبو هلال بقلم:رائد الحواري
صوت المرأة في مجموعة
"ذاك الرجل وتلك الشجرة"
مها أبو هلال
مجموعة قصة تضم أربع وعشرون قصة، غالبيتها تتحدث عن المرأة وهمومها، والسرد يغلب عليه ضمير الغائب/القاصة، رغم التباين في حجم القصص إلا أن اللغة والإيحاء والفكرة وحد المجموعة وعطاها سمة تجمعها.
بما أن القاصة تعيش في مجتمع شرقي قامع للمرأة ولأي محاولة تمرد يمكن أن تحدث، فإنها اعتمدت على الإيحاء لطرح فكرة التمرد، وهذا الشكل ميزة فنية وجمالية، حيث يجعل القارئ يبحر في عالم من التخليل، ويأخذ بالقصة إلى عوالمه هو، إلى ما يعانيه من حرمان وجوع.
في قصة "الشطرنج" تتحدث عن المرأة التي تعمل بجهد وتفان لتربية ولدها وتأمين تعليمه، بعد أن حرمت نفسها من متع الحياة المادية والجسدية في سبيل تربيته، لكن بعد أن كبر وأخذ أصحابه يأتي للسمر والدراسة عنده، تستيقظ حاجتها الجسدية والعاطفية، فتميل إلى أحد أصدقاء ولدها الخجولين، فكانت هذه العلاقة جسدية بينهما والتي قدمت بشكل إيحائي: "...لذا تخلى الملك عن هيبته وبدأ يصرخ والوزير صار خجلا والخيل تصهل والقلاع تتكسر، والجند تهرول هاربة من جنون المكان، حتى أنياب الفيلة أخذت تلين، تذوب، تتحول شموعا تضيء عتمة سنوات الليل.
وعلى الرغم مما حدث يلتفت الشاب إليها، وقبل خروجه محمر الوجنتين والعينين، لكن دون خجل، همس: "لقد غلبتني يا سيدتي" ص19، بهذا الشكل الأدبي الناعم تم تناول فكرة الإقدام على فعل (محرم)، وهنا يمكن ابداع القاصة، فهي تؤكد على ضرورة أن يأخذ الجسد حاجته من الآخر/الرجل، كما يأخذ حاجته من الطعام، وإلا سيكون هناك فعل غير سوي، كحال الأم التي أخذت حاجتها ممن هو في عمر ابنها، وممن هو غير مسوح لها تقيم معه علاقة جسدية.
ومن جمالية القصة أنها تأخذنا إلى الفكرة الاجتماعية الي (تمنع/تحرم) على الأرملة أو المطلقة التي أنجبت، من أن تزوج بعد ترملها أو طلاقها، فعلى المرأة الأرملة/المطلقة أن تبقى لتربة أولادها، لكن الرجل من حقه أن يتزوج!!، فالقصة تعتبر عن صرخة المرأة المحرومة والممنوعة اجتماعيا من أن تعيش حياتها كمرأة.
تأكيدا على (هروب) القاصة من التصريح عن واقع ومكان الأحداث، نجدها في قصة "فطام" تتحدث عن الصعيدي، الذي يقدم على اغتصاب فتاة، "رجل صعيدي مقصي عن زوجته وأولاده... فجأة ظهر الحارس بعينيه الذئبتين... أنقض على شفتيها بجوع الذئب وأسال دم شفتيها السفلى" ص47، فهنا تعمدت القاصة أن لا تحدد المكان، وشارة إليه في مكان غير فلسطين، من خلال الحارس الصعيدي، وأيضا أشارت إلى أن جوع الجسد ـ بالنسبة للرجل أو بالنسبة للمرأة ـ لا يمكن أن (يحبس/ينام)، وهذه صرخة أخرى من القاصة على ضرورة أن يأخذ الجسد حاجته وكفايته من الآخر.
تأكيد على أن للجسد حاجات ورغبات لا يمكن أن تحبس أو تمنع، جاء في قصة "جرة قلم" والتي أخذت شكل قصص الومضة:
"كلهم ذهبوا... عادوا للغابة
لم يبقى سوى هيكل فزاعة
الروح نقرها الغربان
والجسد لم يعد يغري الطيور
بالحط في المكان" ص54، الجميل في الومضة أنها تجعل القارئ يهيم في عوالمها، فالقاصة تضع اشارات/كلمات، لكنها تعطي معنى أبعد وأوسع بكثير مما تبدو، واعتقد أن هذه الومضات الست في "جرة قلم" أرادت بها الاشارة إلى قدرتها الفنية على الكتابة بهذا الشكل الأدبي، وأيضا على إيصال فكرتها بأقل عدد ممكن من الكلمات.
وتتحدث في قصة "ندى" إلى المجتمع الذكور الذي لا يرحم المرأة المتمردة، فيمكن أن الفرد/المجتمع أن يقبلها ويعجب بتمردها قبل أن تكون له، قبل الزوج: "أحب الجموح المتواري خلف أهداب الخجل، وهذا التمرد الأصيل، فتحت له براعمها المغلقة ليرى حزنها الجميل، فوعد أن يعيد إليها بهجة الربيع، وهي تصورت أنه بحاجة إلى الألق فقده في مكان ما" ص51، لكن بعد الزواج أرادها كمرأة شرقية، يمارس عليها سطوة الرجل الشرقي: "قيدها، حبسها، حاول أن ينتزع أهدابها لتخرج كل أرواح المتمردة والجموح فيها" ص51 ورغم الفارق الطبقي الذي كان لصالح "ندى": "مدت له يدها، رفعته إلى صهوتها، ولكي يشكر تلك اليد، وضع فيها خاتم الزواج" ص51، إلا أنه بقى (محافظا) على شرقيته الذكورية، وكانت النهاية حزينة وبائسة لندى، التي قتلت بحادث دهس: "لم تر تلك السيارة المسرعة المرفوفة بأجنحة الراحة الأبدية حملتها، حلقت في الهواء أمتارا ثم هوت على الأرض" ص52.
وفي قصة "احتمالات" تكشف هشاشة الذكر الشرقي، فالقصة تتحدث عن شقيق وشقيقة، فالشقيق: "يخرج ككل نهار يجرجر نفسه عند صديقته الاجنبية التي تزرعه كالكلب تمرنه على حاجتها تروض فيه بعضا من شرقيته" ص59، ورغم هذا الضعف والوهن أمام المرأة الأجنبية، إلا أنه كان سادي مع شقيقته: "يريد امرأة غير اخته ليضربها ويصرخ في وجهها كما فعل هذا الصباح" ص59، وهذه السادية لم تقتصر على المعاملة السيئة، بل تعدها إلى أن يظهر أمام شقيقته بوضع غير لبق وغير محتشم: "هي تكره أن تراه عاري الصدر يتمخطر أمامها ويستفز داخلها كل الحرمان الذي فرضه عليها باحتجازه لها رهينة خدمته ورفضه تزويجها" ص60، وهنا تصل القصة إلى (الحضيض)، القاصة تقدم لنا إيحاء بالإقدام على جريمة متعددة الأوجه: " ...لأول مرة في حياتها تراه يبكي، ولأول مرة يرى في عينيها إصرار ولوما وحزنا، كما لم تتوقع فعل ضمها إليه بقوة، اختلطت الدموع واختلطت المشاعر.
ويبدو أنهما نسيا في تلك اللحظة أنهما إخوة" ص60، وإذا أردنا التوقف عند هذه القصة يمكن الاستنتاج بأن المجتمع/الرجل الشرقي، يعاني نفسيا عندما لا يمارس ساديته، كما أنه متناقض، مع الأجنبية طيع وخاضع، ومع شقيقته قاس وعنيف، كما أن أفكاره وقناعته تنهار بسرعة، وليس هذا فحسب، بل أنها تنهار وبقوة، وأمام ممن يجب أن تكون بحضورهم قوية ومتماسكة، واجزم أن مثل هذه القصص لا تعري المجتمع الذكوري فحسب، بل أيضا تعري الأفراد وسلوكهم وطريقة تعاملهم، وهي تؤكد على أن الحرمان والجوع لا يمكن ان يدوم ويستمر، من هنا على المجتمع أن يتقدم إلى الأمام، متخليا عما يحمله من أفكار جاهزة ومقولات متداولة، ليكون الفرد والمجتمع سوي التفكير والسلوك.
العقل الباطن
إذا كانت هناك أفكار قاسية قدمت في المجموعة، فإننا نجد هذه القسوة أيضا من خلال (هروب) القاصة من الواقع وتركيزها على "الحلم" فهناك أكثر من قصة تم الحديث فيها الحلم، فقسوة الواقع تدفع بالقاصة إلى الهروب وإيجاد عالم خاص بقصصها، وهذا ما كان، في قصة "اغتيال" والتي جاء السرد فيها على لسان رجل، الذي يحدثنا عن حبه ل"غادة": "وفراري هو اغتيال خيالي، هذا الخيال الجامح المجنح المحلق، الذي غالبا ما يخذلني" ص 26، ورغم قناعته أن الخيال أفضل من الواقع، إلا أنه يسعى وراء (المعرفة) ليكتشف أن حقيقة "غادة" تتناقض مع الصورة التي رسمها لها: "كلا، لا يمكن أن تكون غادة، غادتي عيونها جميلة، ولكن أنت... عينيك اليمنى الزجاجية!.. لما؟، يا إلهي، متى أصحو لأركض، من هذا الكابوس" ص29.
وفي قصص الومضة "جرة قلم" تقول:
"لسنين راودتك عن نفسي في الحلم
أنجبت اثناءها كوابيس
وفي لحظة واقع
وحين راودتني عن نفسك
أنجبت ولدا
لكني أجهضت الحلم" ص53.
وفي قصة العنوان: ذاك الرجل.. تلك الشجرة" تقول: " ...ولا يزال نفس الحلم يطاردني منذ أعوام" ص55.
وهناك قصص اقرن عنوانها وأحداثها بالحلم "حلم ماطر" ص38، "حلم دافئ" ص39، ـ ايضا بالحلم" ص41، وهذا يعكس حالة امتعاض القاصة من الواقع، فلجأت إلى الحلم/الخيال لتستطيع أن تقدم/تكتب عن الواقع.
المجموعة طبعت في مطابع أبو غوش، البيرة، فلسطين، الطبعة الأولى 2005.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف