
دار الشعر بمراكش تطلق منصات تفاعلية لتجسير التباعد الاجتماعي شعريا
"قصائد من الحجر" و"أصوات معاصرة": نوافذ دار الشعر بمراكش الشعرية
شعراء من تجارب وحساسيات مختلفة يلتقون في منصات الدار التفاعلية
واصلت دار الشعر بمراكش تجسير التباعد الاجتماعي، بين الشعراء والنقاد والمتلقي شعريا، عبر إطلاق العديد من الفقرات الشعرية والندوات النقدية، من بوابة منصاتها التفاعلية، لتواصل من خلال هذه البرمجة، فتح منافذ جديدة لتداول الشعر بين جمهوره. واحتراما للتدابير والظرفية الاستثنائية التي يعيشها العالم اليوم، اختارت الدار أن تكون لقاءات الشعر تنتظم وفق تفاعل إيجابي وفعلي داخل منصات تواصلية رقمية، والتي أنشئت مباشرة بعد إعلان الحجر الصحي، استفادة مما تفتحها الوسائط التكنولوجية اليوم والفضاء الرقمي.
وشكلت فقرات "قصائد من الحجر" و"أصوات معاصرة" و"ماستر كلاس الكتابة الشعرية"، ضمن البرمجة الجديدة للدار في الطور الثالث من موسمها الثالث هذه السنة، محطة للاقتراب من عوالم الشعراء خلال مرحلة الحجر الصحي. شعراء وإعلاميون ونقاد وشباب إشراقات شعرية، جاؤوا لمشاركة المتلقي بعضا من قصائد عزلتهم، وفتحوا لها جسور العبور لذائقته. قصائد خاصة من لحظات استثنائية، فتحت أفق الشاعر على عزلة مغايرة، لم يتعود تفاصيلها بالشكل الذي عايشتها الإنسانية جمعاء.
1- حفيظة الفارسي، مصطفى غلمان، عبداللطيف الوراري: الشعر بين الإعلام والنقد
وهكذا التقي الشعراء، الشاعرة والإعلامية حفيظة الفارسي والشاعر والإعلامي مصطفى غلمان والناقد والشاعر عبداللطيف الوراري، في لقاء شعري حواري، هذه المرة بين الذات وشجونها، بين اللحظة بكل جسارتها وقوة الأمل التي تفتحها جسارة روح الشاعر، ضمن فقرة وسمتها دار الشعر بمراكش ب "قصائد من الحجر". فقرة جديدة تنضاف لسلسلة الفقرات، التي أطلقتها دار الشعر بمراكش في موسمها الثالث، ضمن استراتيجية محددة المعالم تتجه للشعر وللشاعر ووظيفتهما السوسيو-ثقافية داخل المنظومة المجتمعية اليوم. هي عودة الى الداخل، الى الإنصات لنبض الشاعر، وهو يتواشج مع نبضات الإنسان في لحظة مفصلية. ففقرة "قصائد من الحجر"، كانت أقرب الى "مونولوغ" الشاعر الداخلي اقترحته الدار، ليلة الثلاثاء 23 يونيو المنصرم، وتم بثها على قناة دار الشعر بمراكش (يوتوب) وفي صفحتها على الفايسبوك.
الشاعرة حفيظة الفارسي، شاعرة وإعلامية، وأحد الأصوات الشعرية الجديدة اليوم، اختارت أن تقرأ "على إيقاع العزلة"، قدر للشاعر. نصوص قصيرة، بقوة صوت المرأة الذي ينساب لتلك التفاصيل الآسرة للشعر. تقول في لحظتي "وداع" و"تخط على جدار": 1- الى وداع: "لم تكتب وصيتك الأخيرة/ لم تطبع قبلتك الأخيرة على جبين العشق/ كأنك الحياة كذبة صدقتها طويلا/ الى وداع يعبر الجسد وحيدا/الى منفاه/ بلا موسيقى../...". وفي قصيدة "2- بين جدار وجدار: "الى أين تأخذينني أيتها الريح/ ما من خريف يعدني بالمطر/ أو عشب يبلل شغفي بالندى/ حتى القصائد التي كانت تغمز لي على أصيص النوافذ/ هجرتها الفراشات ورائحة الفل وعطر الصباح/ من يقطر الغمام على روحي المتعبة".
أما الاعلامي والشاعر والفاعل الجمعوي مصطفى غلمان، أحد الأصوات التي اختارت عن وعي الدفاع عن اللغة العربية، في نفس الآن الذي يحمل فيه صوته الشعري الى أقاصي واستعارات القصيدة، فقد اختار أن يشارك القارئ، ومن فضاء دار الشعر بمراكش، قصائد عن العزلة. يقول في إحداها: "عد الخطى، ولا تلح من بارقة الفراغ/ فأنت رماد/ أعجل به قبل نضجه../ وأنت واثق/ من موت الفجأة/ كلما اكتحلت عينك غماضا../ تظاهر بعدم الانتباه../ ثم خامل الوجع مرتين../ كأنك تعد بحر الهزج اضطرابا/ ثم تهدي../.../ ما يؤنس عزلتي ليس مطلقا/ سكنا متجردا../حدقة رؤيا/ حديقة وشيكة الذبول/ إلا من غمسة ناي/ أكمة من قصب../ ما يؤنس عزلتي/ صداقة/ مسيل صغير بين مجامع الشجر/ قصيدة تضيء غرة الليل...".
واختتم الناقد والشاعر عبداللطيف الوراري، هذا الصوت الذي زاوج بين التفكير النقدي والمغامرة الإبداعية، صوت قريب من فسيفساء القصيدة العربية بكل تجلياتها وتجاربها ونبضها، الذهاب الى نفسه. إذ ننصت معه الى رنين خاص للكتابة: "رنينٌ في دواة": "إذْ أغمسُ قلمي/ مِرْناناً في دواة أسراركِ،/ تتلامحُ أمامي أسارير وجهكِ/ مثل غيمةٍ تُظلّ صحراء؛/ مثل ورقةٍ في درج قديم؛/ مثل منارةٍ على بحر يُنْبئ بالعواصف؛/ مثل ريحٍ تُنيم الأعشاب بين طريقين؛/ مثل استعارةٍ حيّةٍ في بيت لشاعر مجهول؛/ مثل بابٍ يحلم بقطعة فلّين إلى (نون)؛/ مثل متواليةٍ تتهيّب من قنديل الشِّعر؛/ مثل عصفورٍ أرجوانيٍّ يدفُّ بجناحَيْه قرب نافذة مواربة؛/ مثل موسيقى فراشاتٍ تتجمّع على زجاج النافذة؛/ مثل صرخةٍ شاردةٍ تُوقظ الملائكة في جوف الخوف؛/ مثل قصيدةٍ تتوارى في السماء عند الفجر؛/... مثل فاصلةٍ في صفحة الشعر؛/ مثل صفحة تتشكّل من كلمات بلا معنى؛/ مثل فوضى المعاني التي تصنع معنى؛/........./ كتابةٌ ومحو؛/ غيابةٌ وسهو./ خذيني من سكري أيّتها الصاحية،/ متروكاً لوديعة أو مثل الندم."
2- عبدالحق عدنان، منى عبدالسلام لعرج، ومبارك لعباني: "إشراقات شعرية" شبابية
وشكلت فقرة "أصوات معاصرة"، وهي فقرة تخصصها الدار للأصوات الشعرية الجديدة ضمن استراتيجيتها للانفتاح على جغرافيات الشعر المغربي وحساسياته وتجاربه، نافذة على منجز أصوات شعرية من راهن الشعر المغربي، أمست اليوم، تفتح آفاقا جديدة للقصيدة وتجاربها. وشهدت هده اللحظة الشعرية الاستشرافية، والتي بتت ليلة الثلاثاء 30 يونيو، مشاركة الشعراء: عدنان عبدالحق، منى عبدالسلام لعرج، ومبارك لعباني، شعراء سبق أن توجوا ضمن مسابقة "أحسن قصيدة" لدار الشعر بمراكش، في دورتها الأولى 2017/2018. وهي محطة للاقتراب من عوالمهم الشعرية، وأسئلتهم ورؤاهم.
لقاء "أصوات معاصرة"، أحد الفقرات الثابتة في برنامج دار الشعر بمراكش، نافذة على الشعر المغربي المعاصر اليوم، من خلال أقلامه الجديدة والتي ترسم أفق الشعر المغربي ومستقبله. وهو رهان للكشف عن تمثلات جيل جديد لوظيفة الشعر في عالم اليوم، خصوصا مع هذا الحراك اللافت السنوات الأخيرة، والذي قدم الكثير من الأسماء الشعرية والتي أضحت رافدا من روافد مستقبل الشعر المغربي. فقرة "أصوات معاصرة" تذكرنا براهن ومستقبل الشعر المغربي، عبر مشاركة أصواته الجديدة، ضمن أنماط مختلفة للكتابة الشعرية (القصيدة العمودية، وقصيدة النثر).
وحدد الشاعر عبدالحق عدنان، "جَذْبَةُ المعْـــــــــنىَ" في قدرة خصبة على ترويض المعنى، يقول في نص افتتاحي:
نَاَدتْهُ عَتْمَتُهُ لمْ يَلْتَفِتْ .. وَبَكَى// وَكُلَّمَا لاَحَ لَيْلٌ قَلْبُهُ ارْتَبَكَا
يَا لَيْلُ كَمْ فِيكَ مِنْ نَجْمٍ يُرَاِودُهُ // سَكَبْتَ بَيْنَهُمَا إِذْ رَامَهُ حُلَكَا
الْخَارِجُ الْآنَ مِنْ ضَوْضَاءِ حَيْرَتِـــــهِ// كَتَائِهٍ، لَا يَرَى أُفْقًا وَلَا سِكَكَا
لِأَنَّهُ لَـمْ يُــرِدْ غَيْرَ الضِّيَاءِ أَبًـا// كُلُّ الظَّلاَمِ عَلَى تَيْتِيمِهِ اشْتَرَكَا
يُرَدِّدُ الصَّمْتُ فِي جَنْبَيْهِ أُغْنِيَةً// وَكَانَ مَوَّالُهَا مُضْنًى وَمُنْتَهَكَا
مَشَى يُحَاوِلُ مَعْنًى لَا يُخَلِّصُهُ// مِنَ الرَّتَابَةِ إِلَّا عَادَ وَاشْتَبَكَا
أما الشاعرة منى عبدالسلام لعرج، فقد صادف لقاء أصوات معاصرة مع صدور ديوانها الثاني "ظلال الوجع"، ومنه قرأت نص هلوسة:
لا شيء يستدعي ان أكتب من جديد / توقف العالم عن الركض.. / انا راكدة تحت نخلة تعانق السماء/ لا ظل يحميني / أرى ظلالي/ الاثنى عشر/ فقط / مسحوبة خلفي / أجرها بعناء/ الماء الذي يسبح فيه قلبي/ .../ قسرا أتنفس / قسرا أجد مكانا يحمل ما تبقى من أنفاسي/ أكبر كذبة نعيشها/ هي الآخر / لا آخر إلا في محيط العدم/ سنفسد كبيضة / حتى لو عانقنا الصقيع/ بعض الأشياء قبورها / معدة قبل أن تولد/ كيف تلد السماء / أسماء حذفتها الأرض عنوة / سنحتفل / بأخطاء كلما ولدنا ستتكرر / بنفس الجحيم/ و أظل أعانق هذا القلم/ أهلوس / كلما قتلني الحنين.."
الشاعر مبارك لعباني، الطالب الباحث المنشغل بأسئلة القصيدة، اختتم لقاء "أصوات معاصرة"، ب "رَمَادُ اﻷحْلام":
"جِئْتُ مِنْ قِبْلَةِ الغُيُوبِ صَبِـيَّا//حَافِيًا عَارِيًا وَلَـمْ أُكُ شَـيَّا
كَانَ قُرْبِيْ حُلْمٌ فَأوْجَسَ مِنِّيْ // خِيْفَةً، قُلْتُ: لا تَخَفْ. خُذْ يَدَيَّا
مَدَّ جُزْءًا مِنْهُ وَلَكَنْ تَـلاشَـى// في هُبُوبِ الزَّمَانِ شَكًّا عَصِـيَّا
كُنْتُ في حَيْرَةٍ وَكَانَ بُكَائِيْ // غَيْمَةً وَالصُّرَاخُ ظِـلًّا وَفِـيَّا
صَرْخَـةٌ سَوفَ تَسْتِمِدُّ قِواهَا // مِنْ جِراحِي وَسَوفَ تَمْكُثُ فِـيَّا
3- ماستر كلاس ورشات الكتابة الشعرية:
بعد اختتام الموسم الثالث لورشات الكتابة الشعرية، بصنفيها للشباب وللأطفال واليافعين، والتي يشرف على تأطيرها كل من الدكتور محمد الطحناوي والشاعر والمترجم رشيد منسوم. اختارت دار الشعر بمراكش، وفي ظل هذه الظرفية الاستثنائية، واستجابة لطلب العديد من الفاعلين، تقديم دروس خاصة في ورشات الكتابة الشعرية.
إذ أعدت الدار 12 درسا للدكتور محمد الطحناوي خصصه لعلمي العروض والقافية، فيما اختار الشاعر رشيد منسوم ست ورشات نموذجية، موجهة للأطفال واليافعين، ويتم بثها على منصات الدار التفاعلية، ليلة كل أربعاء وسبت من كل أسبوع، تختتم الأسبوع الأخير من شهر يوليوز الجاري.






"قصائد من الحجر" و"أصوات معاصرة": نوافذ دار الشعر بمراكش الشعرية
شعراء من تجارب وحساسيات مختلفة يلتقون في منصات الدار التفاعلية
واصلت دار الشعر بمراكش تجسير التباعد الاجتماعي، بين الشعراء والنقاد والمتلقي شعريا، عبر إطلاق العديد من الفقرات الشعرية والندوات النقدية، من بوابة منصاتها التفاعلية، لتواصل من خلال هذه البرمجة، فتح منافذ جديدة لتداول الشعر بين جمهوره. واحتراما للتدابير والظرفية الاستثنائية التي يعيشها العالم اليوم، اختارت الدار أن تكون لقاءات الشعر تنتظم وفق تفاعل إيجابي وفعلي داخل منصات تواصلية رقمية، والتي أنشئت مباشرة بعد إعلان الحجر الصحي، استفادة مما تفتحها الوسائط التكنولوجية اليوم والفضاء الرقمي.
وشكلت فقرات "قصائد من الحجر" و"أصوات معاصرة" و"ماستر كلاس الكتابة الشعرية"، ضمن البرمجة الجديدة للدار في الطور الثالث من موسمها الثالث هذه السنة، محطة للاقتراب من عوالم الشعراء خلال مرحلة الحجر الصحي. شعراء وإعلاميون ونقاد وشباب إشراقات شعرية، جاؤوا لمشاركة المتلقي بعضا من قصائد عزلتهم، وفتحوا لها جسور العبور لذائقته. قصائد خاصة من لحظات استثنائية، فتحت أفق الشاعر على عزلة مغايرة، لم يتعود تفاصيلها بالشكل الذي عايشتها الإنسانية جمعاء.
1- حفيظة الفارسي، مصطفى غلمان، عبداللطيف الوراري: الشعر بين الإعلام والنقد
وهكذا التقي الشعراء، الشاعرة والإعلامية حفيظة الفارسي والشاعر والإعلامي مصطفى غلمان والناقد والشاعر عبداللطيف الوراري، في لقاء شعري حواري، هذه المرة بين الذات وشجونها، بين اللحظة بكل جسارتها وقوة الأمل التي تفتحها جسارة روح الشاعر، ضمن فقرة وسمتها دار الشعر بمراكش ب "قصائد من الحجر". فقرة جديدة تنضاف لسلسلة الفقرات، التي أطلقتها دار الشعر بمراكش في موسمها الثالث، ضمن استراتيجية محددة المعالم تتجه للشعر وللشاعر ووظيفتهما السوسيو-ثقافية داخل المنظومة المجتمعية اليوم. هي عودة الى الداخل، الى الإنصات لنبض الشاعر، وهو يتواشج مع نبضات الإنسان في لحظة مفصلية. ففقرة "قصائد من الحجر"، كانت أقرب الى "مونولوغ" الشاعر الداخلي اقترحته الدار، ليلة الثلاثاء 23 يونيو المنصرم، وتم بثها على قناة دار الشعر بمراكش (يوتوب) وفي صفحتها على الفايسبوك.
الشاعرة حفيظة الفارسي، شاعرة وإعلامية، وأحد الأصوات الشعرية الجديدة اليوم، اختارت أن تقرأ "على إيقاع العزلة"، قدر للشاعر. نصوص قصيرة، بقوة صوت المرأة الذي ينساب لتلك التفاصيل الآسرة للشعر. تقول في لحظتي "وداع" و"تخط على جدار": 1- الى وداع: "لم تكتب وصيتك الأخيرة/ لم تطبع قبلتك الأخيرة على جبين العشق/ كأنك الحياة كذبة صدقتها طويلا/ الى وداع يعبر الجسد وحيدا/الى منفاه/ بلا موسيقى../...". وفي قصيدة "2- بين جدار وجدار: "الى أين تأخذينني أيتها الريح/ ما من خريف يعدني بالمطر/ أو عشب يبلل شغفي بالندى/ حتى القصائد التي كانت تغمز لي على أصيص النوافذ/ هجرتها الفراشات ورائحة الفل وعطر الصباح/ من يقطر الغمام على روحي المتعبة".
أما الاعلامي والشاعر والفاعل الجمعوي مصطفى غلمان، أحد الأصوات التي اختارت عن وعي الدفاع عن اللغة العربية، في نفس الآن الذي يحمل فيه صوته الشعري الى أقاصي واستعارات القصيدة، فقد اختار أن يشارك القارئ، ومن فضاء دار الشعر بمراكش، قصائد عن العزلة. يقول في إحداها: "عد الخطى، ولا تلح من بارقة الفراغ/ فأنت رماد/ أعجل به قبل نضجه../ وأنت واثق/ من موت الفجأة/ كلما اكتحلت عينك غماضا../ تظاهر بعدم الانتباه../ ثم خامل الوجع مرتين../ كأنك تعد بحر الهزج اضطرابا/ ثم تهدي../.../ ما يؤنس عزلتي ليس مطلقا/ سكنا متجردا../حدقة رؤيا/ حديقة وشيكة الذبول/ إلا من غمسة ناي/ أكمة من قصب../ ما يؤنس عزلتي/ صداقة/ مسيل صغير بين مجامع الشجر/ قصيدة تضيء غرة الليل...".
واختتم الناقد والشاعر عبداللطيف الوراري، هذا الصوت الذي زاوج بين التفكير النقدي والمغامرة الإبداعية، صوت قريب من فسيفساء القصيدة العربية بكل تجلياتها وتجاربها ونبضها، الذهاب الى نفسه. إذ ننصت معه الى رنين خاص للكتابة: "رنينٌ في دواة": "إذْ أغمسُ قلمي/ مِرْناناً في دواة أسراركِ،/ تتلامحُ أمامي أسارير وجهكِ/ مثل غيمةٍ تُظلّ صحراء؛/ مثل ورقةٍ في درج قديم؛/ مثل منارةٍ على بحر يُنْبئ بالعواصف؛/ مثل ريحٍ تُنيم الأعشاب بين طريقين؛/ مثل استعارةٍ حيّةٍ في بيت لشاعر مجهول؛/ مثل بابٍ يحلم بقطعة فلّين إلى (نون)؛/ مثل متواليةٍ تتهيّب من قنديل الشِّعر؛/ مثل عصفورٍ أرجوانيٍّ يدفُّ بجناحَيْه قرب نافذة مواربة؛/ مثل موسيقى فراشاتٍ تتجمّع على زجاج النافذة؛/ مثل صرخةٍ شاردةٍ تُوقظ الملائكة في جوف الخوف؛/ مثل قصيدةٍ تتوارى في السماء عند الفجر؛/... مثل فاصلةٍ في صفحة الشعر؛/ مثل صفحة تتشكّل من كلمات بلا معنى؛/ مثل فوضى المعاني التي تصنع معنى؛/........./ كتابةٌ ومحو؛/ غيابةٌ وسهو./ خذيني من سكري أيّتها الصاحية،/ متروكاً لوديعة أو مثل الندم."
2- عبدالحق عدنان، منى عبدالسلام لعرج، ومبارك لعباني: "إشراقات شعرية" شبابية
وشكلت فقرة "أصوات معاصرة"، وهي فقرة تخصصها الدار للأصوات الشعرية الجديدة ضمن استراتيجيتها للانفتاح على جغرافيات الشعر المغربي وحساسياته وتجاربه، نافذة على منجز أصوات شعرية من راهن الشعر المغربي، أمست اليوم، تفتح آفاقا جديدة للقصيدة وتجاربها. وشهدت هده اللحظة الشعرية الاستشرافية، والتي بتت ليلة الثلاثاء 30 يونيو، مشاركة الشعراء: عدنان عبدالحق، منى عبدالسلام لعرج، ومبارك لعباني، شعراء سبق أن توجوا ضمن مسابقة "أحسن قصيدة" لدار الشعر بمراكش، في دورتها الأولى 2017/2018. وهي محطة للاقتراب من عوالمهم الشعرية، وأسئلتهم ورؤاهم.
لقاء "أصوات معاصرة"، أحد الفقرات الثابتة في برنامج دار الشعر بمراكش، نافذة على الشعر المغربي المعاصر اليوم، من خلال أقلامه الجديدة والتي ترسم أفق الشعر المغربي ومستقبله. وهو رهان للكشف عن تمثلات جيل جديد لوظيفة الشعر في عالم اليوم، خصوصا مع هذا الحراك اللافت السنوات الأخيرة، والذي قدم الكثير من الأسماء الشعرية والتي أضحت رافدا من روافد مستقبل الشعر المغربي. فقرة "أصوات معاصرة" تذكرنا براهن ومستقبل الشعر المغربي، عبر مشاركة أصواته الجديدة، ضمن أنماط مختلفة للكتابة الشعرية (القصيدة العمودية، وقصيدة النثر).
وحدد الشاعر عبدالحق عدنان، "جَذْبَةُ المعْـــــــــنىَ" في قدرة خصبة على ترويض المعنى، يقول في نص افتتاحي:
نَاَدتْهُ عَتْمَتُهُ لمْ يَلْتَفِتْ .. وَبَكَى// وَكُلَّمَا لاَحَ لَيْلٌ قَلْبُهُ ارْتَبَكَا
يَا لَيْلُ كَمْ فِيكَ مِنْ نَجْمٍ يُرَاِودُهُ // سَكَبْتَ بَيْنَهُمَا إِذْ رَامَهُ حُلَكَا
الْخَارِجُ الْآنَ مِنْ ضَوْضَاءِ حَيْرَتِـــــهِ// كَتَائِهٍ، لَا يَرَى أُفْقًا وَلَا سِكَكَا
لِأَنَّهُ لَـمْ يُــرِدْ غَيْرَ الضِّيَاءِ أَبًـا// كُلُّ الظَّلاَمِ عَلَى تَيْتِيمِهِ اشْتَرَكَا
يُرَدِّدُ الصَّمْتُ فِي جَنْبَيْهِ أُغْنِيَةً// وَكَانَ مَوَّالُهَا مُضْنًى وَمُنْتَهَكَا
مَشَى يُحَاوِلُ مَعْنًى لَا يُخَلِّصُهُ// مِنَ الرَّتَابَةِ إِلَّا عَادَ وَاشْتَبَكَا
أما الشاعرة منى عبدالسلام لعرج، فقد صادف لقاء أصوات معاصرة مع صدور ديوانها الثاني "ظلال الوجع"، ومنه قرأت نص هلوسة:
لا شيء يستدعي ان أكتب من جديد / توقف العالم عن الركض.. / انا راكدة تحت نخلة تعانق السماء/ لا ظل يحميني / أرى ظلالي/ الاثنى عشر/ فقط / مسحوبة خلفي / أجرها بعناء/ الماء الذي يسبح فيه قلبي/ .../ قسرا أتنفس / قسرا أجد مكانا يحمل ما تبقى من أنفاسي/ أكبر كذبة نعيشها/ هي الآخر / لا آخر إلا في محيط العدم/ سنفسد كبيضة / حتى لو عانقنا الصقيع/ بعض الأشياء قبورها / معدة قبل أن تولد/ كيف تلد السماء / أسماء حذفتها الأرض عنوة / سنحتفل / بأخطاء كلما ولدنا ستتكرر / بنفس الجحيم/ و أظل أعانق هذا القلم/ أهلوس / كلما قتلني الحنين.."
الشاعر مبارك لعباني، الطالب الباحث المنشغل بأسئلة القصيدة، اختتم لقاء "أصوات معاصرة"، ب "رَمَادُ اﻷحْلام":
"جِئْتُ مِنْ قِبْلَةِ الغُيُوبِ صَبِـيَّا//حَافِيًا عَارِيًا وَلَـمْ أُكُ شَـيَّا
كَانَ قُرْبِيْ حُلْمٌ فَأوْجَسَ مِنِّيْ // خِيْفَةً، قُلْتُ: لا تَخَفْ. خُذْ يَدَيَّا
مَدَّ جُزْءًا مِنْهُ وَلَكَنْ تَـلاشَـى// في هُبُوبِ الزَّمَانِ شَكًّا عَصِـيَّا
كُنْتُ في حَيْرَةٍ وَكَانَ بُكَائِيْ // غَيْمَةً وَالصُّرَاخُ ظِـلًّا وَفِـيَّا
صَرْخَـةٌ سَوفَ تَسْتِمِدُّ قِواهَا // مِنْ جِراحِي وَسَوفَ تَمْكُثُ فِـيَّا
3- ماستر كلاس ورشات الكتابة الشعرية:
بعد اختتام الموسم الثالث لورشات الكتابة الشعرية، بصنفيها للشباب وللأطفال واليافعين، والتي يشرف على تأطيرها كل من الدكتور محمد الطحناوي والشاعر والمترجم رشيد منسوم. اختارت دار الشعر بمراكش، وفي ظل هذه الظرفية الاستثنائية، واستجابة لطلب العديد من الفاعلين، تقديم دروس خاصة في ورشات الكتابة الشعرية.
إذ أعدت الدار 12 درسا للدكتور محمد الطحناوي خصصه لعلمي العروض والقافية، فيما اختار الشاعر رشيد منسوم ست ورشات نموذجية، موجهة للأطفال واليافعين، ويتم بثها على منصات الدار التفاعلية، ليلة كل أربعاء وسبت من كل أسبوع، تختتم الأسبوع الأخير من شهر يوليوز الجاري.







