الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فتحٌ وحماس لقاءُ شاشةٍ أم وحدةُ خندقٍ بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

تاريخ النشر : 2020-07-04
فتحٌ وحماس لقاءُ شاشةٍ أم وحدةُ خندقٍ بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
تابع غالبية الفلسطينيين في الوطن والشتات، بقلقٍ شديدٍ وأملٍ كبيرٍ، اللقاء التلفزيوني الذي جمع بين رجلي فتح وحماس القويين في الضفة الغربية، جبريل الرجوب ابن بلدة دورا في الخليل، وصالح العاروري ابن بلدة عارورة في رام الله، فعكسا بما يمثلان من انتماءٍ سياسي كبيرٍ وجغرافيا فلسطينية مهمة، ثقلاً كبيراً وأهميةً خاصةً لهذا اللقاء، الذي جاء مفاجئاً لكثيرٍ من المراقبين والمعنيين بالشأن الفلسطيني، في ظل الظروف الصعبة والتحديات الخطيرة التي يعيشها الفلسطينيون وتواجهها قضيتهم، حيث باتت المخططات الإسرائيلية والمؤامرات الأمريكية تستهدف ما بقي من وطنهم، وتتطلع إلى مصادرة ما بقي من أرضهم، مستفيدين من تردي الأوضاع العامة في المنطقة، وانشغال العديد من الأنظمة العربية المعنية في نسج علاقاتٍ استراتيجية مع الكيان الصهيوني، وإعلان اعترافها به وتطبيع علاقاتها معه.

لم يكن اللقاء شكلياً ولا صورياً، ولم يكن تمثيلياً ولا استعراضياً، بل كان جاداً ومسؤولاً، ومهماً واستراتيجياً،  هذا ما كان يأمله الفلسطينيون، وإن شكك الكثيرون به، وقللوا من شأنه وهونوا من أمره، معتبرين إياه لقاء المهزومين ومناظرة العاجزين، إلا أنه يشكل نقطة تحولٍ بارزةٍ، وانطلاقة نوعية جديدة، وخطوة عملية جادةً، شرط أن تؤسس لها وتبنى عليها، وتكون ضمن رؤية شاملة واستراتيجية واضحة، لا أن تكون قفزة في الفضاء، واستعراضاً بهلوانياً للفت الأنظار، أو فرقعة صوتية في الهواء، ولا أن تكون رقصاً منفرداً أو جوقةً ثنائية فقط، تجمع بين اثنين وتهمل البقية، وإنما تكون ضمن برنامجٍ مشتركٍ، وتصورٍ وطنيٍ جامعٍ لا يقفز على الثوابت، وحوارٍ وحدويٍ شاملٍ لا يستثني أحداً من الشركاء.

ينبغي على قيادة فتح وحماس أن يدركا أنه لا يمكنهما العبث بمشاعر المواطنين، والاستهزاء بآمالهم والاستخفاف بطموحاتهم، فقد تابعوا جميعاً تفاصيل اللقاء، وأملوا فيه كثيراً، وتمنوا أن يكون نقطة البداية نحو عهدٍ جديدٍ ومرحلةٍ جادةٍ، يطوون فيه خلافاتهم، ويسوون مشاكلهم، ويوحدون برنامجهم، ويثبتون ثوابتهم، ويتمسكون بحقوقهم، ويجمعون شتات قواهم، فلا يتفردا في القرار، ولا يستخفا بالآخرين، ولا يهملا فصيلاً أو حزباً، ولا يصادرا إرادة طرفٍ أو موقف تيارٍ، ولا يتصرفا وكأنهما وحدهما من يملك القرار ويتحكم في المصير، ولا يتقاسما المهام ويتبادلا الأدوار ويتجاهلا شركاءهما في القضية والوطن.

اللقاء الذي جمع بين رجلي فتح وحماس القويين، كانا من الضفة الغربية التي تدور عليها الدوائر، وتحاك ضدها المؤامرات، فكان في لقائهما رسالة واضحة إلى العدو الإسرائيلي الذي ارتبك لاجتماعهما، واضطرب للقائهما، واستغرب اتفاقهما، أن الفلسطينيين جميعاً صف واحد في مواجهة الاحتلال ومخططاته، وأن الضفة الغربية ستقف كلها معاً، يداً بيدٍ، وستهب هبةً واحدةً في مواجهة مؤامرات الضم وسياسات القضم، ولن تكون بعد اليوم أبداً أرضاً للعدو رخوةً، يخترقها وقتما يشاء، ويقتطع أطرافها ويمزق قلبها كيفما يريد، فكان لقاؤهما دعوة واضحةً وصريحةً لمواجهة العدو بالقوة، وصده بالسلاح، إذ بغيرهما لن يرتدع ولن يتراجع.

المفردات التي استخدمها الرجلان كانت في أغلبها إيجابية وتفاؤلية، وتبعث على الأمل وتحض على العمل المشترك، وتدعو إلى تصعيد النضال بكل أشكاله وأنواعه، وتعد الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده بأنهما سيقدمان له نموذجاً جديداً في الاتفاق والتعاون، وفي التفاهم والتكامل، وسيعملان معاً لتحقيق الأهداف الوطنية كلها، وسيكونان هذه المرة جادين في مسعاهما، وصادقين في تصريحاتهما، ولن يكون لقاؤهما مجاملة أو مناورة، ولا محاولة للالتفاف على بعضهما أو الانقضاض على أنصارهما في مناطقهما، بل سيكون اللقاء منصةً للتفاهم الكلي والإجماع الوطني، وهو ما يريده الشعب من هذا اللقاء وما يتطلع إليه، إذ لا يريد كلاماً منمقاً، وخطباً رنانة، وتصريحاتٍ ناريةً، ودغدغة عواطف وإثارة مشاعر، ثم ينقلب كل فريقٍ إلى ما كان عليه وإلى المربع الذي كان فيه.

لم يكن الشعب الفلسطيني في حاجةٍ إلى تحدٍ إسرائيلي جديد، ولا إلى مخططات ضم أراضي الغور والضفة الغربية، ولا إلى فزاعةٍ جديدة وصرخةٍ مخيفةٍ حتى يلتئم صفه وتجتمع كلمته، أو يتنادى قادته وتتحاور فصائله، بل هو في حاجةٍ دائمة لأن تلتقي قيادته وتجتمع قواه في كل الظروف والأوقات، لتنسق جهودها وتتبادل أدوارها، وتتحد إرادتها لمواجهة الاحتلال والتصدي إلى مشاريعه، وإفشال مخططاته وإحباط آماله، والعمل على تحقيق أهداف الشعب في استعادة الأرض وعودة الأهل، وتحرير الأسرى وإطلاق سراحهم من هوان السجون وذل الاعتقال، والعمل الجاد لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الكبرى.

لا أنكر أنني واقعيٌ تماماً، أدرك حجم الخلافات بين حركتي فتح حماس وعمقهما، وأعلم يقيناً درجة التباين بينهما، ومدى تمترس كل فريقٍ وجموده على مواقفه، ولكنني سأحمِّلُ هذا اللقاءَ وما بعده كل الأماني وجميع الطموحات، وسأطالبهما باستكمال ما بدآ، وإتمام ما أعلن عنه طرفاه، وهذا الأمر ليس خياراً أو رأياً، بل هو قرارٌ وأمرٌ، وأمانةٌ وواجب، أطلقه باسم الشعب، وأعبر عنه نيابةً عن الأمة، ليقيني التام أن الحركتين قادرتان على صناعة شيءٍ ما يعيد الأمل إلى شعبنا، ويستعيد ثقته بهما، ويسترجع احترام الشعوب العربية والإسلامية إلى قضيتهما، وإلا فإن أحداً بعد اليوم لن يصغي لهما، ولن يثق بهما، ولن يأمل فيهما، وحرامٌ عليهما أن يضيعا آمال هذا الشعب، وأن يكسرا بخاطره، ويتركاه نهباً للعدو يفترسهم ويصادر أرضهم، ويغتصب حقوقهم ويطردهم من ديارهم.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف