الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الدراما الرمضانية العربية 2020 وقضية التطبيع بقلم:عيد السلايمة

تاريخ النشر : 2020-07-01
تقدير موقف
الدراما الرمضانية العربية 2020 وقضية التطبيع

عيد السلايمة

تأتي هذه الورقة ضمن إنتاج أعضاء "منتدى الشباب الفلسطيني للسياسات والتفكير الإستراتيجي" الذي يشرف عليه مركز مسارات.

بدأت موجة جديدة من الجدل حول عدد من المسلسلات الرمضانية، وعمّا تحتويه من رسائل ومضامين تعزز التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ اتخذت هذه العروض أشكالًا مختلفة، إما من خلال اقتباس مراحل معينة من تاريخ المجتمعات العربية، مثل مسلسل “أم هارون”، الذي تدور أحداثه حول حياة اليهود في الكويت في أربعينيات القرن العشرين، أو بشكل مباشر كما حصل في إحدى حلقات مسلسل “مخرج 7″، التي تناولت التطبيع، وبناء العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، والاستياء من دعم الشعب الفلسطيني.

تأتي هذه الأحداث ضمن تزايد مظاهر التطبيع في عدد من البلدان العربية، وبخاصة بعض بلدان الخليج، في السنوات الأخيرة، بدعوى مواجهة الخطر الإيراني. وتصاعدت مع طرح رؤية ترامب والدعوات لإقامة علاقات ما بين الدول العربية وإسرائيل.

أثار هذان العملان الدراميان جدلًا واسعًا وتساؤلات حول أثرها على قضية تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.

تزامن عرض المسلسلات مع  الأحداث السياسية

شكلت ثورات “الربيع العربي” نقلة في منحنى اهتمامات الدول العربية وتوجهاتها، إذ تقدم الوضع الأمني العربي والأزمات الداخلية مقابل تراجع مركزية القضية الفلسطينية عربيًا، وأدى ذلك إلى تشكيل دافع لتزايد التطبيع بين بعض الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي على مستويات عدة.

تزامن عرض هذين العملين مع طرح رؤية ترامب أو ما يعرف بـ”صفقة القرن” مطلع العام 2020، التي أكدت ضرورة إقامة تحالفات بين العرب وإسرائيل، وتصاعد إجراءات الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية، وذلك في ظل الحديث عن أهمية تطبيع العلاقات بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي لضمان ألا يشكل الرفض الشعبي العربي عائقًا أمام تلك الإجراءات؛ أي من شأن هذه الأعمال تشكيل منصة توظّف من أجل كسر حالة الرفض الشعبي للعلاقات مع الاحتلال، لا سيما أنها عرضت على قناة مركز تلفزيون الشرق الأوسط (MBC) ذات المشاهدة العالية لدى الشعوب العربية، وفي ذروة وقت المشاهدة في شهر رمضان.

تعدّ الأعمال الدرامية وسيلة فعالة في مجال الديبلوماسية العامة التي ترتكز على استخدام وسائل التواصل المختلفة، بما فيها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للتأثير في المجتمعات، وتوجيه آرائهم لتشكل انعكاسًا على المستوى السياسي، فضلًا عن دورها في تشكيل الوعي والتأثير فيه؛ لسهولة وصولها إلى شرائح المجتمع كافة، وهذا ما يجعل منها أداة مجدية لخلق مرحلة جديدة من التطبيع.

صور إسرائيل في الدراما العربية

تباينت صور الاحتلال الإسرائيلي في الدراما العربية عبر مراحل الصراع العربي الإسرائيلي، حيث شكلت هذه العروض انعكاسًا لملامح المراحل المختلفة، أو رسائل لتوجهات الأنظمة السياسية.

صورة العدو العسكري

سلّط العديد من العروض الدرامية الضوء على المعارك والحروب المختلفة التي خاضها العرب مع الاحتلال، وأداء المقاتلين والإمكانيات العسكرية العربية، وكانت تؤكد على عمق التناقض والصراع العربي الإسرائيلي، إضافة إلى عرض أعمال خاصة بالعمليات الاستخبارية في مواجهة إسرائيل، كما ظهر في فيلم “الرصاصة لا تزال في جيبي” الذي تناول وقائع حرب 1967، ومسلسل “رأفت الهجّان”، الذي عرض قصة أحد ضباط المخابرات المصرية الذي عمل كجاسوس داخل إسرائيل.

صورة العلاقات الديبلوماسية

بعد توقيع اتفاقية “كامب ديفيد” بين مصر وإسرائيل في العام 1978، ظهرت العديد من الأعمال التي تؤكد استمرارية الصراع مع الاحتلال، لكنه أخذ شكلًا آخر متمثلًا بالعمل الديبلوماسي، وأهميته في تحقيق مكاسب على المستوى الدولي، وكان آخرها مسلسل “فرقة ناجي عطا الله” في العام 2012.

صورة التطبيع

ظهرت عدد من العروض الدرامية العربية التي أثارت جدلًا واسعًا لما تضمنته من مواقف داعية للتعايش مع إسرائيل، وضرورة بناء العلاقات في المجالات المختلفة متثل مسلسل “أم هارون” ومسلسل “مخرج 7”. وتزامن هذين العرضين مع سلسلة من الفعاليات على المستوى السياسي، خاصة في الخليج العربي، مثل ورشة البحرين الخاصة بالتداعيات الاقتصادية لصفقة القرن، إضافة إلى مشاركة عدد من السفراء العرب في مؤتمر إعلان خطة ترامب في البيت الأبيض.

المقاطعة الثقافية لإسرائيل

تعدّ الأنشطة الثقافية والدرامية من أكثر العوامل فاعلية على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي، فتعمل إسرائيل على توظيف الثقافة كغطاء لجرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وترى من الثقافة أداة “هاسبراه” (بروباغاندا) من الطراز الأول. كما أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تقدم التمويل للفنانين والكتاب الإسرائيليين بشرط أن يعملوا كـ”مزودي خدمات” على ترويج المصالح السياسية الإسرائيلية”، إلى جانب عمل العديد من الفنانين الإسرائيليين كـسفراء ثقافيين لنظام الاستعمار الإسرائيلي.[1]

سبق عرض مسلسلي “أم هارون” و”مخرج 7″ مجموعة من الخطوات في سباق التطبيع، تمثلت في المشاركة بأنشطة منظّمة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، منها ما أكدته صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية”، من مشاركة 6 أفلام عربية في مهرجان القدس السينمائي في شباط/فبراير 2020.[2]

وبالرغم من تزايد أنشطة التطبيع العربي الإسرائيلي على مستويات عدة، إلا أن المقاطعة ما زالت تشكل منطلقًا للموقف العربي الرافض للتطبيع.

وفي هذا السياق، أكد النائب أسامة الشاهين، عضو مجلس الأمة الكويتي، رفض بلاده التطبيع بكافة أشكاله، منتقدًا عرض مسلسل “أم هارون”، وربطه بتاريخ الكويت[3]، في حين حذر عاطف أبو سيف، وزير الثقافة الفلسطيني من خطورة هذه الأعمال، ليس بدعوى التطبيع فحسب، بل كونها تخدم الرواية الإسرائيلية، وتتعارض مع الرواية العربية حول القضية الفلسطينية.[4]

كما أتى موقف اتحاد المنتجين العرب رافضًا للأعمال الداعية للتطبيع، مؤكدًا أن محتوى “مسلسل “أم هارون وحلقة “مخرج 7″، مرفوض شكلًا ومضمونًا اجتماعيًا ونفسيًا وتاريخيًا، وهو “ما أخرج المشاهدين العرب عن صمتهم بفعل هذه الكارثة التي لم يكن لعربي منذ قيام دولة إسرائيل وحتى قبل بث هذه المسلسلات ليظن أن دراما عربية تتجرأ في القول بأن الفلسطينيين هم أعداء العرب الحقيقيين، وأن لإسرائيل حق في الأراضي الفلسطينية.[5]

تأتي هذه المواقف منسجمة مع الرفض الشعبي لاستخدام الثقافة والدراما كمنصات داعية للتطبيع، الذي ظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع بداية عرض المسلسلات والدعوة لمقاطعتها ومقاطعة قناة العرضMBC ، حيث تصدر عبر تويتر هاشتاج #قاطعواmbc و#أوقفوا-أم هارون.

جدلية معايير التطبيع

تعرّف حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) التطبيع باعتباره المشاركة في أي مشروع أو مبادرة أو نشاط، محلي أو دولي، مصمم خصيصًا للجمع (سواء بشكل مباشر أو غير مباشر) بين فلسطينيين (و/أو عرب) وإسرائيليين (أفرادًا كانوا أم مؤسسات)، ولا يهدف صراحة إلى مقاومة أو فضح الاحتلال وكل أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني، وأهم أشكال التطبيع هي تلك النشاطات التي تهدف إلى التعاون العلمي أو الفني أو المهني أو النسوي أو الشبابي، أو إلى إزالة الحواجز النفسية.[6]

فالتطبيع، وفق هذا التعريف، لا يقتصر على الدعوة أو المشاركة للتعايش بين العرب والاحتلال الإسرائيلي، وإنما إقامة أنشطة أو مشاريع من شأنها أن تجعل من الرواية الصهيونية رديفًا للرواية الفلسطينية وقابلة للجدل والنقاش. وبناء على هذا المعيار، أدانت حركة المقاطعة عرض مسلسل “أم هارون” و”مخرج 7″، واعتبرتهما استمرارًا لأنشطة التطبيع المتزايدة في الآونة الأخيرة.

في المقابل، اعتبر بعض النقاد والكتاب الفلسطينين الحكم على مسلسل “أم هارون” بأنه نشاط تطبيعي قبل مشاهدته عملًا متسرعًا، مع الإشارة إلى أنه ليس تطبيعًا رغم ضعفه على الصعيد الدرامي، وذلك لنقص خبرة القائمين على العمل بالوضع الفلسطيني.[7]

ويتوافق هذا الرأي مع رأي أبطال المسلسل، إذ أكد كل من حياة الفهد وأحمد الجسمي في مقابلة على قناة MBC بأن محتوى العمل يخلو من رسائل التطبيع، وأنه لا يجب الحكم على العمل دون مشاهدته كاملًا.[8]

تأتي هذه الجدلية في ظل غياب إستراتيجية وطنية فلسطينية موحدة لمواجهة الاحتلال، وهي التي من شأنها أن تساهم في إيجاد تعريف لمفهوم وأشكال التطبيع بما يخدم الرواية الفلسطينية، ويعززها على المستويات العربية والعالمية.

إسرائيل واستخدام الدراما في الديبلوماسية العامة

يولي الاحتلال الإسرائيلي أهمية كبيرة للديبلوماسية العامة، التي تشير إلى استخدام الأنشطة الثقافية والإعلامية لتحقيق أهداف سياسية، وتحديدًا بين الأوساط العربية، وظهر ذلك من خلال إطلاق العديد من الصفحات والمنصات الإسرائيلية التي تخاطب المواطن العربي والفلسطيني عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

فقد ظهرت العديد من الصفحات، سواء التابعة لجهات أمنية وعسكرية، أو لمراكز بحوث إسرائيلية تعمل على مخاطبة المواطن العربي بشكل مباشر، مستغلة الانفتاح الذي تتيحه وسائل التواصل الاجتماعي، ومن الأمثلة على هذه الصفحات: صفحة أفخاي أدرعي الناطق باسم جيش الاحتلال، وصفحة “المنسق” – وحدة تنسيق أعمال حكومة الاحتلال في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، وإيدي كوهين، الباحث في مركز بيغين السادات للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.

إن ظهور هذه الأذرع وغيرها للتعقيب على الأعمال الدرامية العربية لتوضيح موقف إسرائيل منها؛ يبين مدى اهتمام الاحتلال ومتابعته للأعمال الدرامية، ومدى تأثيرها واستغلالها، حيث قدمت هذه الصفحات الشكر للقائمين على مسلسل “أم هارون”، مشيرين إلى أهمية تحسين العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، كما ظهر على موقع “تايمز أوف إسرائيل”، التابع للخارجية الإسرائيلية، فضلًا عن استغلال هذه الأعمال لبث رسائل سياسية.

من جانبه، قال أدرعي في تغريدة له عبر تويتر في رده على الرفض الشعبي لمسلسل “أم هارون”: “الخلاصة التي نخرج منها بعد كل الردود الكارهة لليهود أثناء بث مسلسل أم هارون، هي أننا اليوم لسنا شعبًا مغلوبًا على أمره يستغيث بالآخرين، وإنما دولة عاقدة العزم على النضال من أجل سلامة وأمن مواطنيها”[9]، في حين طالب كوهين بتعويض اليهود عن أملاكهم التي تركوها في دول الخليج، وخاصة الكويت، عقب هجرتهم إلى فلسطين في العام 1948.[10]

خاتمة

يشكل الموقف الشعبي العربي الرافض للتطبيع عائقًا أمام اتساع رقعة الأعمال التطبيعية من خلال ضغطها على الموقف العربي الرسمي.

كما أن هذه الأعمال، وفي ظل الوضع الحالي، يمكن أن تساهم في خلق بيئة مناسبة للتطبيع، وخاصة في ظل تردي الوضع الداخلي لعدد من الدول العربية، والتغيّر في أولوياتها، وتخوفها من “النفوذ الإيراني”، إلى جانب السياسات الأميركية الإسرائيلية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وتشجيع التطبيع، وغياب إستراتيجية فلسطينية وطنية قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر.

إن الاستمرار في عرض هذه الأعمال الدرامية من شأنه أن يعزز التطبيع مع إسرائيل، كونها تستهدف مباشرة الوعي العربي، لسهولة انتشارها وقدرتها على التأثير، وانتقالها من حيز المشاركة الفردية إلى التأثير الجمعي.

الهوامش

[1] لماذا المقاطعة الثقافية لإسرائيل؟، موقع حركة مقاطعة إسرائيل BDS: 

[2] أفلام عربية في مهرجان إسرائيلي .. وناشطون: أين الممر والناصر صلاح الدين؟، موقع الجزيرة، 12/5/2020: 

[3] النائب أسامة الشاهين: الكويت عصية على التطبيع مع الكيان الصهيوني بكل أنواعه، قناة الحدث نيوز على يوتيوب،27/4/2020: 

[4] أول تعليق فلسطيني رسمي على مسلسلي “أم هارون” و”مخرج 7″، دنيا الوطن، 28/4/2020: 

[5] اتحاد المنتجين العرب يُطالب (mbc) بوقف مسلسلات التطبيع، وكالة وطن للأنباء، 2/5/2020: 

[6] التطبيع ومعاييره، موقع حركة مقاطعة إسرائيل، 17/11/2007: 

[7] تعليق يوسف الشايب، ناقد سينمائي، على صفحته على موقع فيسبوك، 16/5/2020: 

[8] حياة الفهد وأحمد الجسمي يردان لأول مرة على الجدل الذي أثير حول مسلسل أم هارون، إم بي سي 4، 27/4/2020: 

[9] شيماء صافي، مسلسل “أم هارون” .. أفيخاي أدرعي يدخل على خط الجدل، موقع إيلاف، 29/4/2020:

[10] مها شهوان، إسرائيل تنتشي بأم هارون وتطالب بأراضي اليهود في الكويت، صحيفة الرسالة، 4/5/2020: 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف