منهل مالك
الكتابة والأنثى
المخففات، عناصر الفرح التي يلجأ إليها الشاعر هي: "المرأة الطبيعة، الكتابة، التمرد" بعض الشعراء يجعلون المرأة هي الباعث/الخالق لبيقة العناصر، لكن في هذه القصيدة الشاعر يوحد/يجمع ما بين الكتابة/القصيدة وما بين المرأة/الأنثى، ولا تكمن اهمية ما جاء في القصيدة على هذا التوحد/الجمع فحسب، بل على الطريقة الذي قدمت فيها، وعلى شكل التقديم، الذي مزج الإيحائي مع الواقعي، كما أن اللغة لها موقع جمالي، وإذا ما توقفنا عند اللغة المتمردة ـ رغم سهولتها وبساطتهاـ يكون الشاعر قد جمع ثلاثة عناصر للفرح/للتخفيف، الكتابة، والمرأة، والتمرد.
يفتتح الشاعر القصيدة:
"فيما مضى
كنتُ أكتبُ القصيدةَ
أنثى
كنتُ أوقِظُ الفتنةَ
وأقول: رحِمَ اللهُ
من أيقظها"
لفظ القصيدة مؤنث، وهذا (يسهل) عملية (جمع) التأنيث، وهناك لفظ مؤنث أخر، "الفتنة" وهو متعلق بالقصيدة/بالأنثى، وهو يعطي معنى الأثارة/الفتنة، من هنا كان لا بد من وجود (حاجز/مانع) فكان الله، لكن الشاعر (يغرب) فعل المانع/الحاجز "الله"، ويجعله يتماثل معه: "رحم الله من أيقظها"، بدل "لعن الله من أيقظها" وهنا يدخلنا الشاعر إلى الفتنة (السيئة)، الفتنة التي نرغبها ونخاف أن نمارسها، أو نقدم عليه، الفتنة المحرمة كشجرة الجنة:
"كنتُ أوقِعُ البغضاء
بين الزرِّ والعروة
وأُعرّي الكلمة
من سُرياليةٍ مُبهَمَة
لأُلبِسها مجازاً
يشِّفُ عن المعنى"
الثقافة العربية تجعل المرأة/الأنثى سبب الفتنة، فهي من أخرجت الذكر/آدم من الجنة، وهذه الثقافة نجدها في النص، فعناصر الأنثى/الفتنة أكثر من عناصر المذكر، لهذا نجد ألفاظ مؤنثة: "البغضاء، العروة، الكلمة، سريالية، لألبسها"، مقابل ألفاظ مذكرة أقل عددا: "الزر، مجازا، المعنى"، وهذا يعكس ثقافة الشاعر، وأيضا انحيازه لها، أو رغبته بالفتنة/بالأنثى، والذي يؤكد على أن الفتنة لا تتم إلا بوجود النطرين، الذكر والأنثى، لكن في "الفتنة" الغلبة وقوة الحضور تبقى للأنثى على حساب الذكر.
واللافت وجود ايحاء بالفتنة: "بين الزر والعروة، "وأعري الكلمة، يشف عن معنى" وهنا يكمن ابداع الشاعر، فقد تمرد على المجتمع وعلى المنوع والمحذور المحظور تناوله، وهذا يأخذنا إلى (دور) الأنثى في التمرد، فهي من أوحت/سببت تمرد الشاعر، فبدونها ما كانت لتكون "الفتنة" التمرد.
يتقدم الشاعر أكثر في تمرده، وفي حديثه عن الفتنة، عن الكتابة/القصيدة:
"فيما مضى
كنتُ أُغازِلُ الورقة
بقلمِ مراهق
و أُجامع
أنّسِلُ خيط أحلام
من جوربها
أُشَلِّعُ أعشاش اليمام
عن أشهى المواضع
لتأكُلَ عيون الجوارح
مَنّاً وسلوى"
الايحاء بالفتنة جاء بصورة (أوضح) وأعمق، والتي بدأت بالغزل، وانتهت ب"أشلع"، وهذا التسلسل في التقديم والتتابع، منطقي ويخدم فكرة "الفتنة"، التي أقدم عليها الشاعر من خلال "الورقة"، وإذا ما توقفنا عند هذا المقطع، نجد الذكر يتغلب على الأنثى، فعدد الألفاظ المذكرة أكثر وأقوى من المؤنث: "بقلم، مراهق، خيط، أعشاش، المواضع، الجوارح" وهذا يعكس واقع عملية الفتنة/الجماع، فدائما يتم الحديث عن دور وقوة الذكر، بينما يتم الاشارة إلى الأنثى بصورة عابرة، رغم أنها فاعل مهم وحيوي كالذكر تماما، لكن الثقافة العربية تحول دون تناولها كما يتناول الذكر.
بعد عمل الفتنة/الجنس، يهدئ الذكر، فقد أخذ حاجته، وأصار شبعانا بعد أن كان جائعا، والكلام، الحديث قبل الأكل غيره بعد الأكل، فقبل الأكل/الجوع نجد الشهوة حاضرة ومؤثرة، لكن بعد الشبع يأخذ الكلام شكل العادي/الطبيعي، فلا نجد فه عنفوان ولا قوة أو اندفاع:
"فيما مضى
ثُمَّ انقضى
حُلمي الوحيد
أمسى
طحنُ حرفي
دقيق
أُطعِمُ مِنهُ جائع
كَلِمي صارَ كلام
تُرجمانٌ للمواجع
قلمي صار حسام
و أُقارع
فيما مضى
كنتُ الفتى"
نلاحظ غياب شبه كلي للأنثى، فلم يعد لها وجود سوى بلفظ "المواجع"، وحتى أن الشاعر يذكر الكلمة" كَلِمي، كلام" وهذا يخدم فكرة الفتنة/الجنس بعد الفعل، "فقد ذهبت الرغبة بالأنثى مع ذهاب الشهوة، فتم الحديث عن الذكر وعما آل إليه بعد ان أخذ حاجته وقام بالفتنة، ونجد هذا (الذبول) لقوة الانثى في ألفاظ: "فيما مضى (مكررة)، انقضى، الوحيد" فهل هذه اشارة إلى ان "الفتنة" لم تكون طبيعية، ناتجة عن زواج؟، لهذا جاءت الخاتمة ذابلة ومتعلقة بالماضي "انقضى، طحن، صار، كنت"؟
النص موجود على صفحة الكاتب.
الكتابة والأنثى
المخففات، عناصر الفرح التي يلجأ إليها الشاعر هي: "المرأة الطبيعة، الكتابة، التمرد" بعض الشعراء يجعلون المرأة هي الباعث/الخالق لبيقة العناصر، لكن في هذه القصيدة الشاعر يوحد/يجمع ما بين الكتابة/القصيدة وما بين المرأة/الأنثى، ولا تكمن اهمية ما جاء في القصيدة على هذا التوحد/الجمع فحسب، بل على الطريقة الذي قدمت فيها، وعلى شكل التقديم، الذي مزج الإيحائي مع الواقعي، كما أن اللغة لها موقع جمالي، وإذا ما توقفنا عند اللغة المتمردة ـ رغم سهولتها وبساطتهاـ يكون الشاعر قد جمع ثلاثة عناصر للفرح/للتخفيف، الكتابة، والمرأة، والتمرد.
يفتتح الشاعر القصيدة:
"فيما مضى
كنتُ أكتبُ القصيدةَ
أنثى
كنتُ أوقِظُ الفتنةَ
وأقول: رحِمَ اللهُ
من أيقظها"
لفظ القصيدة مؤنث، وهذا (يسهل) عملية (جمع) التأنيث، وهناك لفظ مؤنث أخر، "الفتنة" وهو متعلق بالقصيدة/بالأنثى، وهو يعطي معنى الأثارة/الفتنة، من هنا كان لا بد من وجود (حاجز/مانع) فكان الله، لكن الشاعر (يغرب) فعل المانع/الحاجز "الله"، ويجعله يتماثل معه: "رحم الله من أيقظها"، بدل "لعن الله من أيقظها" وهنا يدخلنا الشاعر إلى الفتنة (السيئة)، الفتنة التي نرغبها ونخاف أن نمارسها، أو نقدم عليه، الفتنة المحرمة كشجرة الجنة:
"كنتُ أوقِعُ البغضاء
بين الزرِّ والعروة
وأُعرّي الكلمة
من سُرياليةٍ مُبهَمَة
لأُلبِسها مجازاً
يشِّفُ عن المعنى"
الثقافة العربية تجعل المرأة/الأنثى سبب الفتنة، فهي من أخرجت الذكر/آدم من الجنة، وهذه الثقافة نجدها في النص، فعناصر الأنثى/الفتنة أكثر من عناصر المذكر، لهذا نجد ألفاظ مؤنثة: "البغضاء، العروة، الكلمة، سريالية، لألبسها"، مقابل ألفاظ مذكرة أقل عددا: "الزر، مجازا، المعنى"، وهذا يعكس ثقافة الشاعر، وأيضا انحيازه لها، أو رغبته بالفتنة/بالأنثى، والذي يؤكد على أن الفتنة لا تتم إلا بوجود النطرين، الذكر والأنثى، لكن في "الفتنة" الغلبة وقوة الحضور تبقى للأنثى على حساب الذكر.
واللافت وجود ايحاء بالفتنة: "بين الزر والعروة، "وأعري الكلمة، يشف عن معنى" وهنا يكمن ابداع الشاعر، فقد تمرد على المجتمع وعلى المنوع والمحذور المحظور تناوله، وهذا يأخذنا إلى (دور) الأنثى في التمرد، فهي من أوحت/سببت تمرد الشاعر، فبدونها ما كانت لتكون "الفتنة" التمرد.
يتقدم الشاعر أكثر في تمرده، وفي حديثه عن الفتنة، عن الكتابة/القصيدة:
"فيما مضى
كنتُ أُغازِلُ الورقة
بقلمِ مراهق
و أُجامع
أنّسِلُ خيط أحلام
من جوربها
أُشَلِّعُ أعشاش اليمام
عن أشهى المواضع
لتأكُلَ عيون الجوارح
مَنّاً وسلوى"
الايحاء بالفتنة جاء بصورة (أوضح) وأعمق، والتي بدأت بالغزل، وانتهت ب"أشلع"، وهذا التسلسل في التقديم والتتابع، منطقي ويخدم فكرة "الفتنة"، التي أقدم عليها الشاعر من خلال "الورقة"، وإذا ما توقفنا عند هذا المقطع، نجد الذكر يتغلب على الأنثى، فعدد الألفاظ المذكرة أكثر وأقوى من المؤنث: "بقلم، مراهق، خيط، أعشاش، المواضع، الجوارح" وهذا يعكس واقع عملية الفتنة/الجماع، فدائما يتم الحديث عن دور وقوة الذكر، بينما يتم الاشارة إلى الأنثى بصورة عابرة، رغم أنها فاعل مهم وحيوي كالذكر تماما، لكن الثقافة العربية تحول دون تناولها كما يتناول الذكر.
بعد عمل الفتنة/الجنس، يهدئ الذكر، فقد أخذ حاجته، وأصار شبعانا بعد أن كان جائعا، والكلام، الحديث قبل الأكل غيره بعد الأكل، فقبل الأكل/الجوع نجد الشهوة حاضرة ومؤثرة، لكن بعد الشبع يأخذ الكلام شكل العادي/الطبيعي، فلا نجد فه عنفوان ولا قوة أو اندفاع:
"فيما مضى
ثُمَّ انقضى
حُلمي الوحيد
أمسى
طحنُ حرفي
دقيق
أُطعِمُ مِنهُ جائع
كَلِمي صارَ كلام
تُرجمانٌ للمواجع
قلمي صار حسام
و أُقارع
فيما مضى
كنتُ الفتى"
نلاحظ غياب شبه كلي للأنثى، فلم يعد لها وجود سوى بلفظ "المواجع"، وحتى أن الشاعر يذكر الكلمة" كَلِمي، كلام" وهذا يخدم فكرة الفتنة/الجنس بعد الفعل، "فقد ذهبت الرغبة بالأنثى مع ذهاب الشهوة، فتم الحديث عن الذكر وعما آل إليه بعد ان أخذ حاجته وقام بالفتنة، ونجد هذا (الذبول) لقوة الانثى في ألفاظ: "فيما مضى (مكررة)، انقضى، الوحيد" فهل هذه اشارة إلى ان "الفتنة" لم تكون طبيعية، ناتجة عن زواج؟، لهذا جاءت الخاتمة ذابلة ومتعلقة بالماضي "انقضى، طحن، صار، كنت"؟
النص موجود على صفحة الكاتب.