إنهم لا يشبهوننا
___
كنّا نمشط المنطقة , نجلس في جيب عسكري قديم أشبه ما يكون بكيس طحين نحمله فوق ظهورنا ,
لم يتجاوزعمري وقتها ال18 عاماً , ندخن , نتسامر ونضحك
أحمل البندقية على كتفي , أفرك راحتي بالأحلام المؤجلة وأتلذذ بالقشعريرة والبرد .. كوب شاي ساخن في هذا الوقت أعذب من قسوة المطر وأشهى من أن تحتفظ بنفسك حيّا ً ..
كنّا أطفالاً لانفهم في السياسة , لانعي شيئاً إلا الراتب الذي
نتقاضاه من أجل اكمال دراستنا الجامعية ..
لماذا جاء نحونا هذا الملتحي المعفّر بالتراب
وقال لنا _ يا كفرة ..
لا أعلم أن الطريق له نهاية , وأن نهايتي قد تكون في نفس الطريق الذي سلكته سابقاً , حتى وإن مت ُ من الوجع فإن مهمتي في الحياة لم تنته بعد , كنّا نتقاضى الراتب عبر الحقائب ولم نحصل على أي ورقة نقدية من تحت الحذاء , نصلي في الخيام القريبة من حاجز" نتساريم" ويصطف معنا بعض الرجال والأطفال الذين كانوا يقذفون جنود الإحتلال بالحجارة و في يوم الراحة من الدوام وفي طريقنا إلى الجامعة
كنّا نخلع البزة العسكرية ونتحوّل إلى مدنيين ,نتوقف عند نفس الحاجز ونلقي على جنود الإحتلال الحجارة ولكن لماذا قال لنا
_ يا كفرة ..
مجدي صديقي الحالم ,الساذج البسيط , لا يعرف كم عدد
الرصاصات في مشط السلاح لكنّه كان يعرف أنه يعيل أسرة كاملة , يعرف عددهم جيدا ً , ويعرف أيضا ًأن الرصاصة إذا أخطأت لا تصيب وإذا أصابت فلابد أن تكون بإتجاه العدو وإلا ستكون قاطعة طريق, يعرف أن الأجنحة المكسورة تتعلق في قشّة و أن تلك الإتفاقيات السخيفة مع العدو قشّة بلا أغصان ولا قلاع..
كان لا يتحدث كثيراً ولكن عندما قالت لنا امرأة ذات يوم
_ يا ابتاعين أوسلو ياخونة ..
انتفض قائلاً بحزن _ حقك على راسنا يا حجة ..
بعد ذلك استرحنا قليلاً من هول الصدمة , جلسنا في منطقة
تسمى "الشوكة " وفجأة جاءت المرأة العجوز ومعها بعض الأطعمة قائلة لمجدي
_ سامحني يمّا ..
مرّت الأيام بأقصى سرعة , بدأنا نشعر بالخوف , العسكري المقاتل لا يخاف , يعرف كيف يضحك حين ينتصر وكيف يمسح دموع الأمهات حين يموت؟
اشتد قصف الإحتلال على مواقعنا العسكرية , كنت ُ كسولاً جداً ,
إذا حلّ موعد النوم , أذهب إلى " البركس " وأستلقي في
فراشي , أفتح المذياع على أغنية وطنية أوأستمع للعندليب أو أقرأ رواية ثم أنام , أحلم بالإنتقال من فرقة المدرعات إلى فرقة الموسيقى التي تستقبل الرئيس في المنتدى أو المطار لكن شيئاً من هذا لم يحدث ..
استشهد مجدي , صار دليلنا نحو البكاء , لكن ثمة شخص آخر
كان يصوب سلاحه نحونا من بعيد , ذاك الشبح الأسود , الملثم الحاقد
الذي كان يقول لنا
_ يا كفرة ..
__________
___
كنّا نمشط المنطقة , نجلس في جيب عسكري قديم أشبه ما يكون بكيس طحين نحمله فوق ظهورنا ,
لم يتجاوزعمري وقتها ال18 عاماً , ندخن , نتسامر ونضحك
أحمل البندقية على كتفي , أفرك راحتي بالأحلام المؤجلة وأتلذذ بالقشعريرة والبرد .. كوب شاي ساخن في هذا الوقت أعذب من قسوة المطر وأشهى من أن تحتفظ بنفسك حيّا ً ..
كنّا أطفالاً لانفهم في السياسة , لانعي شيئاً إلا الراتب الذي
نتقاضاه من أجل اكمال دراستنا الجامعية ..
لماذا جاء نحونا هذا الملتحي المعفّر بالتراب
وقال لنا _ يا كفرة ..
لا أعلم أن الطريق له نهاية , وأن نهايتي قد تكون في نفس الطريق الذي سلكته سابقاً , حتى وإن مت ُ من الوجع فإن مهمتي في الحياة لم تنته بعد , كنّا نتقاضى الراتب عبر الحقائب ولم نحصل على أي ورقة نقدية من تحت الحذاء , نصلي في الخيام القريبة من حاجز" نتساريم" ويصطف معنا بعض الرجال والأطفال الذين كانوا يقذفون جنود الإحتلال بالحجارة و في يوم الراحة من الدوام وفي طريقنا إلى الجامعة
كنّا نخلع البزة العسكرية ونتحوّل إلى مدنيين ,نتوقف عند نفس الحاجز ونلقي على جنود الإحتلال الحجارة ولكن لماذا قال لنا
_ يا كفرة ..
مجدي صديقي الحالم ,الساذج البسيط , لا يعرف كم عدد
الرصاصات في مشط السلاح لكنّه كان يعرف أنه يعيل أسرة كاملة , يعرف عددهم جيدا ً , ويعرف أيضا ًأن الرصاصة إذا أخطأت لا تصيب وإذا أصابت فلابد أن تكون بإتجاه العدو وإلا ستكون قاطعة طريق, يعرف أن الأجنحة المكسورة تتعلق في قشّة و أن تلك الإتفاقيات السخيفة مع العدو قشّة بلا أغصان ولا قلاع..
كان لا يتحدث كثيراً ولكن عندما قالت لنا امرأة ذات يوم
_ يا ابتاعين أوسلو ياخونة ..
انتفض قائلاً بحزن _ حقك على راسنا يا حجة ..
بعد ذلك استرحنا قليلاً من هول الصدمة , جلسنا في منطقة
تسمى "الشوكة " وفجأة جاءت المرأة العجوز ومعها بعض الأطعمة قائلة لمجدي
_ سامحني يمّا ..
مرّت الأيام بأقصى سرعة , بدأنا نشعر بالخوف , العسكري المقاتل لا يخاف , يعرف كيف يضحك حين ينتصر وكيف يمسح دموع الأمهات حين يموت؟
اشتد قصف الإحتلال على مواقعنا العسكرية , كنت ُ كسولاً جداً ,
إذا حلّ موعد النوم , أذهب إلى " البركس " وأستلقي في
فراشي , أفتح المذياع على أغنية وطنية أوأستمع للعندليب أو أقرأ رواية ثم أنام , أحلم بالإنتقال من فرقة المدرعات إلى فرقة الموسيقى التي تستقبل الرئيس في المنتدى أو المطار لكن شيئاً من هذا لم يحدث ..
استشهد مجدي , صار دليلنا نحو البكاء , لكن ثمة شخص آخر
كان يصوب سلاحه نحونا من بعيد , ذاك الشبح الأسود , الملثم الحاقد
الذي كان يقول لنا
_ يا كفرة ..
__________