
تجليات السّرد..وعمق الدلالة..في اللوحة القصصية "نوّر الدفلة" للكاتبة التونسية الواعدة هادية آمنة
قرأت منذ حين لوحة-قصصية-للكاتبة التونسية المتميزة هادية آمنة معنونة ب"نوّار الدفلة" نشرت بالموقع االفاخر:مؤسسة الوجدان الثقافية،فنبتت على حواشي الواقع إثر إنتهائي من القراءة المتعجّلة-لهذا المنجز الإبداعي- بعض الأسئلة:
هل استعملت الكاتبة الشكلانية الروسية مهتمة بأدبية النص؟
أم استعملت البنيوية كمنهج وصفي لقراءة نصها الأدبي،فاهتمّت بالعالم الداخلي للنص في بنياته اللغوية والفنية والرمزية..؟
أعتقد ان ما يمنح للأدب هويته،هي الصياغة وطريقة التركيب.ودور اللغة فيه هو ما يجعل الأدب أدبا،ليميزه عن سائر الأنظمة الأخرى فكرية كانت أو إجتماعية.
فإذا كان الشعر نصّاً ذاتيّاً،منسلخاً عن واقعه،عماده التخييل،ولغته مخاتلة منزاحة ٌعن قواعدها،فإنّ النصّ السّرديّ –القصّة والرواية-هو نصٌّ موضوعيٌّ بالدرجة الأولى، يمتح مادّته من الواقع،عنصره التخييليّ يكمن في بنيته الكلّيّة،متمثّلاً في انثيال الأحداث ومصائر الشخصيات التي تحدّدها رؤية الكاتب(ة).
تكشف-هذه اللوحة الإبداعية الممضاة بقلم الكاتبة/الشاعرة هادية آمنة"نوّار الدفلة" عن مهارةٍ فنيّةٍ عالية لدى الكاتبة باعتمادها بنيةّ سرديّةً متطوّرةً فنّيّاً في استخدام تقنياتٍ سرديّةٍ عاليةٍ في بناء الحدث بخاصة على مستوى بنية الزمن،وبالتالي تحوّلت-القصة-في هذا الجزء منها-إلى صورةً لواقعٍ حكم التجربة الوجوديّة لمجتمعٍ واقعيٍّ عايشته-في تقديري-الكاتبة في زمانٍ ومكانٍ واقعيّين،ورسمته سرديّاً ببراعة فائقة،امتزج فيه الواقع بالخيال،بانسجامٍ تامٍّ،وتلاقحت في خضمّه الرؤى والبنى الفكريّة والنفسيّة بأسلوبٍ حكائيٍ متعدّد التقنيّات،من خلال شخصيّاتٍ مختلفةٍ،متباينةٍ من حيث موقعها الاجتماعي،وبنائها النفسيّ والفكريّ وميولها.لتنتج عن ذلك كلّه -لوحة قصصية مذهلة-(وهذا الرأي يخصني) ذات مبنىً حكائيٍّ بالغ التأثير.
هذا،بالإضافة إلى استخدامها تقنية المرآة معادلاً حسّيّا لأفكار البطلة في قصتها الرائعة "نوّار الدفلة"،حيث،وبمهارةٍ سرديّةٍ عالية استطاعت أن تتوارى خلف مرآة البطلة (مريم) ومناجاتها الداخليّة لنقل رؤيتها الذاتيّة،دون أن ينكشف وجودها الخاصّ،أو تبدو دخيلةً على القصّة،فارضةً نفسها عليها وعلى القارئ..
ختاما أقول:الكاتبة الواعدة هادية آمنة،لا تني تبتدع تقنياتٍ سرديةً شبيهةً بالترصيع، غير أنّها ترصيعاتٌ مركّبةٌ،ذات أثرٍ تصويريٍّ عميق،متّخذةً من المهارة في الوصف واستثماره حتى الطاقة القصوى وسيلةً في بثّ رؤاها بأسلوبٍ ذكيّ،لا يقلّ جماله عن أهمّيّته الدلاليّة،حين تجمع بين صورتي المكان والشخصية في-هذه القصة الرائعة-التي سنعود إليها لاحقا عبر مقاربة مستفيضة..بإعتبارها ككل النصوص-قصة- مفتوحة تتأبّى عن المحاصرة و مدعاة لقراءات مغايرة تجعل منها نصا حيّا لا نصا مواتا،لأن أي قراءة تتدعي محاصرة النص و الوقوع على معانيه،إنما هي-في تقديري-قراءة على الهامش تعنف النص و تنطقه بما ليس فيه،لتلبي حاجتها لا حاجات النص،و حاجات القراء ليس إلا..
هي دعوة إلى التطهر للقراءة قبل الإقبال على النص و معاشرته للوقوع على فتنته و بؤر الاستفزاز فيه و السباحة في عمقه المخبوء..
محمد المحسن (ناقد وشاعر تونسي)
قرأت منذ حين لوحة-قصصية-للكاتبة التونسية المتميزة هادية آمنة معنونة ب"نوّار الدفلة" نشرت بالموقع االفاخر:مؤسسة الوجدان الثقافية،فنبتت على حواشي الواقع إثر إنتهائي من القراءة المتعجّلة-لهذا المنجز الإبداعي- بعض الأسئلة:
هل استعملت الكاتبة الشكلانية الروسية مهتمة بأدبية النص؟
أم استعملت البنيوية كمنهج وصفي لقراءة نصها الأدبي،فاهتمّت بالعالم الداخلي للنص في بنياته اللغوية والفنية والرمزية..؟
أعتقد ان ما يمنح للأدب هويته،هي الصياغة وطريقة التركيب.ودور اللغة فيه هو ما يجعل الأدب أدبا،ليميزه عن سائر الأنظمة الأخرى فكرية كانت أو إجتماعية.
فإذا كان الشعر نصّاً ذاتيّاً،منسلخاً عن واقعه،عماده التخييل،ولغته مخاتلة منزاحة ٌعن قواعدها،فإنّ النصّ السّرديّ –القصّة والرواية-هو نصٌّ موضوعيٌّ بالدرجة الأولى، يمتح مادّته من الواقع،عنصره التخييليّ يكمن في بنيته الكلّيّة،متمثّلاً في انثيال الأحداث ومصائر الشخصيات التي تحدّدها رؤية الكاتب(ة).
تكشف-هذه اللوحة الإبداعية الممضاة بقلم الكاتبة/الشاعرة هادية آمنة"نوّار الدفلة" عن مهارةٍ فنيّةٍ عالية لدى الكاتبة باعتمادها بنيةّ سرديّةً متطوّرةً فنّيّاً في استخدام تقنياتٍ سرديّةٍ عاليةٍ في بناء الحدث بخاصة على مستوى بنية الزمن،وبالتالي تحوّلت-القصة-في هذا الجزء منها-إلى صورةً لواقعٍ حكم التجربة الوجوديّة لمجتمعٍ واقعيٍّ عايشته-في تقديري-الكاتبة في زمانٍ ومكانٍ واقعيّين،ورسمته سرديّاً ببراعة فائقة،امتزج فيه الواقع بالخيال،بانسجامٍ تامٍّ،وتلاقحت في خضمّه الرؤى والبنى الفكريّة والنفسيّة بأسلوبٍ حكائيٍ متعدّد التقنيّات،من خلال شخصيّاتٍ مختلفةٍ،متباينةٍ من حيث موقعها الاجتماعي،وبنائها النفسيّ والفكريّ وميولها.لتنتج عن ذلك كلّه -لوحة قصصية مذهلة-(وهذا الرأي يخصني) ذات مبنىً حكائيٍّ بالغ التأثير.
هذا،بالإضافة إلى استخدامها تقنية المرآة معادلاً حسّيّا لأفكار البطلة في قصتها الرائعة "نوّار الدفلة"،حيث،وبمهارةٍ سرديّةٍ عالية استطاعت أن تتوارى خلف مرآة البطلة (مريم) ومناجاتها الداخليّة لنقل رؤيتها الذاتيّة،دون أن ينكشف وجودها الخاصّ،أو تبدو دخيلةً على القصّة،فارضةً نفسها عليها وعلى القارئ..
ختاما أقول:الكاتبة الواعدة هادية آمنة،لا تني تبتدع تقنياتٍ سرديةً شبيهةً بالترصيع، غير أنّها ترصيعاتٌ مركّبةٌ،ذات أثرٍ تصويريٍّ عميق،متّخذةً من المهارة في الوصف واستثماره حتى الطاقة القصوى وسيلةً في بثّ رؤاها بأسلوبٍ ذكيّ،لا يقلّ جماله عن أهمّيّته الدلاليّة،حين تجمع بين صورتي المكان والشخصية في-هذه القصة الرائعة-التي سنعود إليها لاحقا عبر مقاربة مستفيضة..بإعتبارها ككل النصوص-قصة- مفتوحة تتأبّى عن المحاصرة و مدعاة لقراءات مغايرة تجعل منها نصا حيّا لا نصا مواتا،لأن أي قراءة تتدعي محاصرة النص و الوقوع على معانيه،إنما هي-في تقديري-قراءة على الهامش تعنف النص و تنطقه بما ليس فيه،لتلبي حاجتها لا حاجات النص،و حاجات القراء ليس إلا..
هي دعوة إلى التطهر للقراءة قبل الإقبال على النص و معاشرته للوقوع على فتنته و بؤر الاستفزاز فيه و السباحة في عمقه المخبوء..
محمد المحسن (ناقد وشاعر تونسي)
