
القبقاب .
عام ١٩٦٠ كنت في الصف الثالث الابتدائي. اشترت لي امي صندلا وملابس جديدة فرحة ببدابة العام الدراسي الجديد ..مثل باقي الاولاد .. تجد احد الاولاد يلبس فانيلا مكتوب عليها باللون الاحمر الكبير.. هدية من شعب الولا.. واخر يلبس بناطلا مكتوب على مؤخرته باللون الاحمر . ليس للبيع .. في مدرسة الشاطىء .أ. للاجئين الفلسطينيين.. مما زادني حبورا وتبخترا على زملائي ان صندلي من الجلد الأصلي بلونه البني الفاتح . والبزيم النحاسي الاصفر .لاول مرة اشتري حذاء جديدا في حياتي . بعد ايام في اخر حصة لنا خرجنا في ساحة المدرسة وكانت رملية ناعمة واسعة . احضرنا كرة قدم من مكتب مدير المدرسة. كان رجلا طويلا له هيبة .ابن يافا . ابن عائلة الدجاني.. سلمني الكورة وهو يبتسم .قائلا..روحوا .كان الله في عونكم . المهم . وضعت صندلي جانبا وبدأنا اللعب . انتهى الدوام عندما رن جرس الرواح . حملت شنطتي التي هي من بقايا كيس الطحين. مكتوب عليها باللون الاحمر .هدية من ش . ومن الجهة الثانية . او المبادلة . حملت شنطتي .وقفت ابحث عن الصندل. غير موجود في مكانه . بحثت وبحثت حتى بحشت في الرمل . ضاع الصندل . ماذا اقول لامي التي اشترته باثنين وعشرين قرشا .أبي أراد ارجاعه. وصلت الخناقة الى الطلاق .لولا تدخل جدي . ضاع الصندل بقيت الأخير في المدرسة . أبحث بالدموع عن صندلي . مشيت حافيا وانا افكر .ماذا ساقول لأمي .. اعرف ان العلقة لا بد منها .عادي .لا جديد . دخلت البيت حافيا .. ضيعته . يؤصف رأبتك شو نؤول للي حاويكون .باللهجة اليافاوية . تقصد أبي .هي بنت يافا . والله غير ابوك يكسرك . صباحا . ما في لك مصروف حتى تجد الصندل . تعريفة مرتين في الاسبوع . ابو عمر بائع البوظة يقطع انفه بالسكين . يحمل خمس حبات بوظة ..بتعريفة يا اولاد .. معقوووول . ذات يوم تنحت .بدي تعريفة . رفضت . وقفت على باب الدار ابكي بحرقة .احيانا ارمي شنطتي واتفعفل بالأرض دون جدوى. كل اولاد الحارة ذهبوا الى المدرسة ..بقيت انا وحدي اتفعفل .خفت من عصاة الاستاذ للمتأخرين . حملت شنطتي وانسحبت الى المدرسة .اشعلت امي بابور الكاز .. سخنت الخبز وجهزت الشاي .. افطرنا خبز مغمس بالشاي. ثم جهزت نص رغيف فيه شوية دقة المصنوعة بيتيا . ثم احضرت لي القبقاب .خذه . على بال ما ربنا يفرجها . وضعت قدمي فيه ومشيت متثاقلا .حذاء خشبي ضخم عليه قطعة من الجلد الاسود .غالبا ما يكون من الكاوتش. تارة احمله بيدي .وتارة اضعه في قدمي . ثم وضعته في مقعدي الدراسي وبقيت حافيا في الصف وفي الفورسة. استمر الحال هكذا لمدة شهر او اكثر . ذات حصة حضر حارس المدرسة .ابو غازي. ومعه مجموعة احذية.. يا اولاد اللي ضايع له حاجة ياخذها . قفزت كالجندب .وجدته . احتضنته .وضعت قدمي فيه وانا ابتسم .أمي . وضعت القبقاب في الشنطة . وخرجت اول واحد في المدرسة منطلقا نحو امي . اخذت تعريفة وانطلقت في الفورصة نحو بائع البوظة . يحمل خمسة حبات .اعطاني واحدة . قلت .بدي الخمس حبات .تركني ولم ينتبه ..اتضح لي فيما بعد انه يقطع حد السكين مثل القمر ويضعها على انفه . حرمت على نفسي لعب الكورة او اي لعبة تتطلب خلع الصندل . حتى يومنا هذا .