الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ترجل رجل الفرادة بقلم:عمر حلمي الغول

تاريخ النشر : 2020-06-07
ترجل رجل الفرادة بقلم:عمر حلمي الغول
غيب الموت رجل تميز بالفرادة والألمعية الفكرية والسياسية، خمسة وثمانون عاما قضى جلها في الكفاح الوطني والقومي والأممي، لم يكل ولم يمل القائد الفذ محسن إبراهيم عن العطاء، حتى عندما صمت، ولم يبح بموقف أو تصريح، كان يعطي، رغم انه عُرف بشجاعته وجرأته. لكنه كان يعي متى يتحدث، ومتى يتوقف عن الكلام.

أبو خالد من الرواد الأوائل في حركة القوميين العرب، كان مؤسسا وشريكا لجورج حبش ووديع حداد وأحمد الخطيب وقحطان الشعبي وعبد الفتاح إسماعيل وهاني الهندي وصالح شبل وحامد الجبوري وباسل الكبيسي وأحمد اليماني ونايف حواتمة .. وغيرهم من الرعيل الأول، الذين أنشأوا حركتهم في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي ردا على نكبة العام 1948. وتميز بذكائه وفطنته وألمعيته الفكرية والسياسية. وتمرد باكرا على الجمود الفكري، الذي شاب تجربة الحركة، وكان من أوائل الشخصيات، التي ساهمت بتطور فكر الحركة وانتقالها من الفكر القومي إلى الفكر الاشتراكي الماركسي دون ان يقطع بين المسألتين، بل ربط بينهما بشكل ديالكتيكي عميق.

وكان محسن إبراهيم حاضرا دائما، ولماحا، ومبدعا في التقاط اللحظة السياسية المناسبة، والفكرة الجديرة بالأولوية، ولهذا حظي بمكانة مميزة عند الراحل الخالد جمال عبد الناصر، الذي حرص دوما على استشارته في القضايا القومية وخاصة في المسألة اللبنانية، التي احتلت حيزا مهما في رؤية الزعيم القومي عبد الناصر.

وبعد هزيمة حزيران عام 1967، وفي أعقاب تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في كانون اول / ديسمبر 1967، وتشكيل فروع لحركة القوميين العرب في الدول العربية، ومع تنامي الصراع بين تياري الحركة القومي المحافظ واليساري الاشتراكي، اتجه أبو خالد لتشكيل منظمة العمل الشيوعي في أعقاب انشقاق الجبهة الديمقراطية في شباط/ فبراير 1969 عن الشعبية، ونسج علاقة عميقة مع نايف حواتمة وياسر عبد ربة. ولكنه بقي حريصا على إبقاء خيوط التواصل مع الحكيم حبش والجبهة الشعبية وكل فصائل العمل الوطني وخاصة حركة فتح، وربطته علاقات حميمة وخاصة مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.

كانت القضية الفلسطينية أحد أهم اهتمامات أبو خالد بالتلازم مع المسالة اللبنانية، ولم يتخلى عنها، حتى عندما انتقد الثورة الفلسطينية، وأعتبر أنه غالى في الانحياز المفرط لها على حساب لبنان، وانتقد أيضًا استسهاله الحرب الأهلية اللبنانية (1975 حتى مطلع التسعينيات) لم يتخلى عنها. وبقي وفيا حتى مماته لقضية العرب المركزية ولقيادتها، حتى ان قادة القوى والأحزاب اللبنانية كانوا يصفونه بالعرفاتي. وكثيرون لم يميزوا بين لبنانية وفلسطينية محسن إبراهيم، لأنه كان مجبولا بالهم القومي والإنساني، ومنحازا حتى النخاع لفلسطين، لإدراكه ان المعضلة الفلسطينية عنوان كل المآسي والنكبات في شعوب الأمة العربية. وبقي حتى ترجل عن مسرح الحياة في الثالث من حزيران الحالي (2020) وفيا لفلسطين، ولهذا كرمه الرئيس محمود عباس بأرفع وسام من الدرجة الأولى، وسام نجمة القدس، ونكس الأعلام لثلاثة أيام بعد رحيله الأربعاء (3/6/2020)، وهذا عرفانا بمكانة وجهود الرجل الإيجابية والمتميزة في الساحة الفلسطينية. لا سيما وانه كان على تماس مع كل مراحل النضال الوطني الفلسطيني، ووصف بأنه عضوا أساسيا في القيادة الفلسطينية.

كان محسن إبراهيم علامة فارقة في قيادة الحركة الوطنية اللبنانية، وتميز بعلاقات ووشائج عميقة مع القائد القومي والتاريخي للحركة الوطنية اللبنانية، كمال جنبلاط، واحتل موقع الرجل الثاني في قيادة الحركة، وكذلك في القيادة المشتركة الفلسطينية اللبنانية، وفي الجبهة العربية المساندة للثورة الفلسطينية، وبعد رحيل الزعيم اللبناني العربي جنبلاط قاد الحركة الوطنية.

كما انه شكل ثنائي متميز مع جورج حاوي، أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني، وكان لهما الدور الريادي في تأسيس المقاومة ضد الاستعمار الإسرائيلي بعد اجتياح لبنان عام 1982 وقبل غيرهم من القوى اللبنانية، وشاركتهما الجبهتان الشعبية والديمقراطية بإصدار أول بيان للمقاومة بعد اجتياح العاصمة بيروت وكل لبنان.

ومن أبرز سمات الرجل، انه كان يملك حضورا وجاذبية وحنكة فكرية وسياسية في خطاباته وندواته، حيث كان يتميز عن الكثيرين من المفوهين في فن الخطابة، بأنه يجمع بين الخطابة والندوة، وكان يقدم فكرته بسلاسة وبراعة منقطعة النظير، ويشد الجمهور بقوة للإصغاء له، ودون ملل، بل بحيوية فائقة.

ابو خالد رجل تفرد عن أقرانه بالكثير من الخصال، حتى قيل أنه يجمع مائة رجل برجل. وكان وصل الصلة بين كل الخصوم السياسيين، وجسرا دافئا لجمع شمل المتناقضين على القواسم المشتركة.

ترجل محسن إبراهيم عن مسرح الحياة، لكنه مازال حيا بتراثه الفكري والمعرفي والسياسي، وخالدا في سجل فلسطين ولبنان والأمة العربية الذهبي، وستبقى مسيرته وتجربته عنوانا أساسيا في تاريخ الكفاح الوطني والقومي والأممي. ولن تنسى فلسطين أبا خالد أبدا.

[email protected]
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف