الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بقعة قهوة.. بقلم: محمود حسونة

تاريخ النشر : 2020-06-07
بقعة قهوة.. بقلم: محمود حسونة
1- لا تسألني كيف؟!
في أوّل الليل، بعد أن أقضم تفاحة وأشرب آخر كأس نبيذ، وحين تزعجني القطط الشبقة التي تتعارك فوق سطح جارنا… أترك الباب مواربا.
أجمع خواطري ، وذكرياتي وذاكرتي المعبأة وأدسّها تحت الوسادة، وأبقى يقظا؛ أحرس أحلامي.
ثم أسألها: متى حضرت؟! وكيف لم يشعر بها أحد؟!
ومتى قلبت الفنجان لتقرأ طالعي، ومتى هدأت القطط؟!
ولماذا أوقفت منبه الساعة، ولِمَ أنزلت صورتي عن الحائط؟!
لا تسألني كيف كان ذلك...
ثمّ تخبرني أننا تسكعنا سويّا في شوارع المدينة، وأنّي غنيت لها أغنية طويلة، وأنها سقطت وأنا أركض خلفها على شاطئ البحر، وهي تشير لقدمها المجروحة، وأنّا قمنا بجولة بحرية بقارب أبي القديم!!
ثم تودعني وهي تبتسم: لا تنس أن تترك الباب مواربا في اللية القادمة!!

2- الذاكرة...
الشجرة التي كانت على عتبة بيتنا القديم غرسها أبي، وكانت تطرح ليمونا وبرتقالا!! أسقيها كلما عطشتْ؛ فيرتوي أبي، وأرتوي أنا!!
سألت أبي عن هذا السحر!! فشرح لي بالتفصيل…غرست شجرة تشبه شجرة أبي، وحاولت معها مرات عديدة لتفعل مثل شجرة أبي، دون فائدة… يدا أبي مباركة!!
فكّرنا مرّة بقطعها؛ ليتسع بيتنا الصغير… جاءني أبي في المنام… والله لو أنّ أحدا مسها ولو مسّا؛ لجرح قلبي… شجرة أبي ظلت ملتصقة بعتبة الدار… أرى فيها ملامح أبي… تعطرني كلّ صباح بعبق الليمون والبرتقال!! تعشش فيها جمامة بنيّة تشبه لون أبي، ولون طين بلادي!!
**
رسمت مرةً سلما على جدار الفضاء … وصعدت عليه، وحين حاولت لمس سقف السماء؛ سقطت... مسحت بكفي زجاج النافذة؛ وتأملت بوضوح غيمات بيضاء معلقة… لماذا لم تسقط مثلي؟!
**
أنا وحدي بقاربي الصغير في منتصف البحر… السماء فوقي بحر أزرق… والبحر تحتي بحر!! أنا في نفق بين بحرين!! ولكنّي تائه!! قلبت مركبي لأجرّب العوم على بحر السماء!! غطس المركب وكدت أن أغرق في بحر السماء!!
**
كنت أظنّ وأنا صغير أن أبي أقوى رجل في العالم… وحين مات أبي وأنا صغير، عرفت أن هناك من قتله!! بقيت أبحث عن قاتل أبي وأتخيل ملامحه؛ وأرسمه على ورق… حين عرضت الورق على معلمة الرسم، سألتني: ما هذا؟!
أجبتها: هذا قاتل أبي!! هذا… شهقت المعلمة وأغلقت بكفها فمي!! كنت صغيرا!!( منشور سابقا)

3- أثر...
كانت الساعة السابعة حين أعدّت لي فنجان قهوة على نار هادئة وطقوس غنائية…
ولأنها تذوقته؛ تركت عليه: نبض قلبها الذي ظلّ بين أصابعي يرف، وأنفاسها التي تنقر بهدوء أبواب قلبي!!
و رحيق لها صار يبللني كالمطر!!
صارت الساعة تشير إلى الثانية عشرة والفنجان ما زال أمامي لم أرشف منه رشفة واحدة!!
تداخلت الروائح والأوقات بين صبح وعطر ومساء وقهوة وليل
ولا أعلم، أحدث هذا أمس، أم في هذا اليوم؟!

4- ملاحظة!!
تحدثنا كثيرا عن فن الطبخ و تجفيف العنب وإعداد خل التفاح، وقمر فوقنا، حاولنا أن نقيس المسافة بينه وبين قلوبنا!!
أخرجت من جيبي كراسة صغيرة وقلم؛ لأكتب بعض الأفكار؛ انتبهت أن المكان كان معتما، وأنّ هناك عمود إنارة وحيد
استبدلت أفكاري بملاحظة واحدة: هذا الطريق معتم، ليس فيه سوى عمود إنارة وحيد!!
وسألتها: أهو في أول أم آخر الطريق؟!
أجابت: لا أعرف، أظنُّ أنّنا قد ضللنا الطريق؟!

5- سرٌّ يختبئ!
لم تكن كافية ليالي الانتظار الطويلة؛ لأصطياد البرق دفعة واحدة.. فيصير الذهول أوسع…
كم يحبك، وأنتِ تحبسين ملامحك المكتظة كلغز عظيم!!
لا يظهر منها سوى عطر هارب يشبه رائحة بلادي البعيدة!! ونظرة تحاصرني من ست جهات، وصوت ناي يسيل!!
أبحث في جيوبي بسرعة عن زورقٍ يحملني من هذا الغرق!! أمرر يدي سهوا وبحركة مضحكة على قلبي، ثم عيني أفركها!!
لم ينم جيّدا، أيها الربّ الرحيم...
للجميلة ملامحها، إلا هي فلها ملامح كل الجميلات!!

6- على عَجل...
لطيفة كانت تلك الليلة، مع صورة لكِ و قصيدة أكتبها على عجل، في الليل وصياح الديكة وأصابعي الباردة!
تحت السماء وصوت مجهول في الشارع ينادي، وأزيز طائرات!
أكتب والستارة تخفق وتخفق ومعها قلبي يخفق؛ من ضوء خفيف كالقطن، ضوء يتقدم... إنّه القمر يلوّح لي!!
أخبريني: أأنت ليلتها كنت القمر؟!

7- شهوة التيه!!
يصادفني سرب طير حطّ على سلك كهرباء، كرسي أزرق مكسور بجانب الطريق، ملابس داخلية على حبل غسيل، ورائحة كولونيا.
ألتقي شخصا ماشيا رأيته قبل عشر دقائق يقود دراجة نارية!! صديقا يعانقني ويسرق وقتي على غير عادته، وهويحدثني عن نظريته في إنقاذ العالم... وكصفعة رشقت سيارة ملابسي بالماء!!
لم أتوقع كل ذلك، وليس هذا ما أردت أكتب!!
كنت سأكتب أني تمنيت أن أمشي ألف خطوة و لا ألقاكِ!! فأمشي ألف خطوة أخرى وأخرى!!

8- أتتذكرين:
حين قلت لكِ: كانت شجرة دالية ودار بعيدة وغريب؟!
كان هناك و يعرفنا صباح قديم..
نمشي معه أنا وظلال طويلة وفلاحة، تروي الدالية تدفن أوجاعها تحت حجر منسي، و تنبئنا عن موت العصافير، وصوت مريب...
أتتذكرين في المرة الأخيرة يوم جئت تلحين بالسؤال عن علاقتي بالدالية والفلاحة!!
ووعدتك أن أعطيك شيئا...
وكتبت على صدري ثلاثين حرفا واسمك
ص: صورة ورأيتني فتى كطائر حائر…
أ: أصيص ريحان على الشرفة
ط: طيفا يلازمك وعود ثقاب لو أردت أن تشعليه
ك: كان قمرا وصار ماء ينبت ووردة
ل: لن تبقى هنا ياغريب...
س: سيرحل قريبا وتبقى الحكاية...
و: وعدتك بهدية، وأني سأغادر…
أين أنت ذاهب؟!
لمن تترك هذا الغياب؟!
لمن تركتَ باقي الحروف؟!
كان قمرا، وصار بين كفيك قمحا

9- في المقهى...
على الطاولة بقعة قهوة ونصف زجاجة ماء، في الشارع ناس ذاهبون لشراء الخبز، وعامل نظافة يلتقط أعقاب السجائر، عند الطاولة كرسيان أحدهم شاغر والآخر لي..
في الشارع رجل يعانق خصر زوجته، وسيارة إسعاف مسرعة، في الهواء نشرة أخبار وسعال وتثاؤب وذبابة تحوم.
تحت الطاولة القريبة ورقة سولتير بستوني سوداء، في جيبي بقايا تبغ وإزرار مقطوع وقصيدة بدر السيّاب!
على الرصيف، أمام المقهى أسمع قدماكِ تخفقان، وصوت فرامل سيارة وارتطام وصرخة… أنهض مسرعًا خارج المقهى لإنقاذك… أنسى أنكِ في مكان بعيد…
في المقهى أنا وحدي وكرسي شاغر!!

10- للرائحة أماكن…
أشمُّ رائحةً تُفتش في ذاكرتي، و تأخذني لحنين مفاجئ... كان لي جار عصبيّ، وكان له جار شقيّ، أنا!!
كلما مرّت ابنته… كنت أسألها هل نضج عنب الدالية؟! وكيف حالة الطقس: الغيوم، الحرارة، واتجاه الرياح؟! وهل يناسبها طقس هذا المساء؟! فأرى ابتسامتها أمامي تماما…
أتذكر أني بعيد عن ذلك المكان… إنه ارتباك من تشابه الرائحة!!
لوكنت هناك و مرّت الآن كنت قرأتُ لها ما كتبت، وسألتها عن عنب الدالية، وعن فتى يشبهني نسيَ شيئا معها!!
بقلم: محمود حسونة (أبو فيصل)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف