الأخبار
محمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداً
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

جمالية المعنى..والمبنى..في قصائد الشاعر طاهر مشي بقلم:محمد المحسن

تاريخ النشر : 2020-06-06
جمالية المعنى..والمبنى..في قصائد الشاعر طاهر مشي بقلم:محمد المحسن
جمالية المعنى..والمبنى..في قصائد الشاعر التونسي القدير طاهر مشي

"الشّعر فنٌّ يقوم جانب كبير من جماله على حسن التصوير،وحسن التّعبير"(الشاعر التونسي القدير طاهر مشي)
"الصّورة الشّعريّة هي تلك الّتي تقدم تركيبة عقليّة وعاطفيّة في لحظة من الزّمن"(الشاعر الأمريكي إزراء باوند-1885-1972)

قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أنّ يقف الشّعراء الحقيقيين يقفون دوما في طليعة المبدعين،وذلك لقدرتهم على الإبداع،الّذي يتجلى في تعلّقهم بالأحلام والحرّيّة والخيال،وخلجات النّفس والوجدان،والرّسم بالكلمات،وتشكّل الصّورةِ الشّعريّة،وسائرِ الوسائلِ الفنّيّة الأخرى،كالرمز والأسطورة والتناص والانزياح، وجماليّة المعنى والمبنى،والإيقاع الدّاخليّ،والإيقاع الخارجيّ الخ..
وذلك من خلال وسيلة اسمها اللّغة،الّتي تترجم عن الخيال وتحوِّله إلى صور محسوسة أو مسموعة أو مرئية.بها ومنها تتشكّل الصّور الشّعريّة الّتي يغذّيها خيال الشّاعر،ويمدّها بالتّأمُّل والانفعال،وسعة الاطلاع والثّقافة.
وهذا يعني أنّ كل فكرة يستحضرها الشّاعر قبل أن تترجم إلى مفردات لفظية،تكون صورة مثالية أو متخيَّلة في نفس الشّاعر وذهنه.
في هذا السياق،يقول الجاحظ"فإنما الشّعر صناعة وضرب من النسج،وجنس من التصوير"
فعلى سبيل المثال لا الحصر،ربَّ قائل يقول: إني أسمع وقع خطوات فصل الرّييع يغذُّ السير وهو قادم من بعيد..! وقد يبالغ آخر فيقول:إني أسمع همسَ خطاه (الربيع) وقدومه ليس ببعيد..!
ثمّة صعوبة جدية في تحديد تعريف جامع مانع لمفهوم مصطلح الصّورة الشّعريّة، وذلك لتعدّد دلالات المصطلح واختلاف وجهات نظر النّقّاد فيه.
قد يُقال: الشّعر تفكير بالصّور،أو الشّاعر يفكِّر بوساطة الصّور،يعبِّر عنها بوساطة اسمها اللّغة وهكذا.
ولكن الشاعر التونسي القدير طاهر مشي له رأي آخر إذ يقول:"الشّعر فنٌّ يقوم جانب كبير من جماله على حسن التصوير،وحسن التّعبير،وعليه فالصّورة في الشّعر هي "الشّكل الفنّيّ" الّذي تتخذه الألفاظ والعبارات بعد أن ينظمها الشّاعر في سياق بياني خاصّ ليعبِّر عن جانب من جوانب التجربة الشّعريّة الكاملة في القصيدة، مستخدمًا طاقات اللّغة وإمكاناتها في الدّلالة والتركيب والإيقاع والحقيقة والمجاز والترادف والتضاد والمقابلة والتجانس وغيرها من وسائل التّعبير الفنّيّ،والألفاظ والعبارات مادّة الشّاعر الأولى الّتي يصوغ منها ذلك الشّكل الفنّيّ،أو يرسم بها صورهُ الشّعريّة"
وهنا أشير إلى أنّ-المشهد الشعري-لدى الشاعر التونسي الفذ-د-طاهر مشي مربك إلى حد الإندهاش،ولطالما وجدنا أنفسنا أمام قصائده في حضرة شاعر يروّض الكلمات،يراقصها و-يرخي جدائلها في نصوصه-
في لقاء خاطف معه سألته ذات مرّة عن الشعر فقال:"*الشعرَ هو الكون ذاتهُ..وهو جوهر كل الكائنات..والزّمن غير قادر على إلغاء لغة هي حاجة طبيعية لإستمرار التوازن..
ثم أضاف:
*الشعري في تشكله ملتقى كلّ رفيفٍ روحيّ أو لغـويٍ:اللذةُ وشحنةُ العذاب،الذاتُ والعالم،حركةُ الحياة ونضحُ المخيلة.
هذا الشاعر القدير (طاهر مشي) راهن على الاحتفاظ للقصيدة بمتعة الدهشة وتحفيز الذوات القارئة على التفاعل الإيجابي مع النص بإعتباره محصلة -زواج- سعيد بين وهج التجربة الحياتية والإستدعاء الواعي والذكي لصور وتمثيلات تجد أساسها في الموروث الشعري العربي القديم أو التجارب الشعرية الغربية.وهو يرى أنّ الشاعرَ الحقيقي دائم القلق،وأكثر قرباً من واقعه،وملتزم بما يدور في فلكه،يحاول دائماً أن ينبش في الأشياء،ويحفر في الأرض ويمضي حاملاً أوجاع الحياة ومرارة الواقع،ليرسم لوحةً من الكلام الشاهق،ويلُّم ما تناثر في الكوكب من رخاوة في المشهد المعاش،ويتعارك مع الكائنات ليعود لنا رافعاً تلويحة أملٍ في غبش الحياة المحاصرة بالدياجير والمواجع..
وبما أني-أزعم-كوني ناقد أستنطق نصوص الشعراء..ولا أتناولها أبدا بأنامل الرحمة..كما أنجذب لأجودها وأكثرها توهجا وإبداعا-دون محاباة أو مجاملة-خاتلته بالسؤال التالي:"ماذا أعطاك الشعر..في زمن يعدّ فيه-الرغيف-أثمن من القصيد ؟
وبهدوء من يجيد القول بعد استيعاب السؤال،قال لي شاعرنا الفذ:"أعطاني(الشعر) الكثير من معنى الحياة وحب الناس والتسامي،منحني حالة من الكشف في اللغة وتراكيبها والبناء المحكم للمفردات وقراءة الكون والكائنات والإبحار في عوالم جديدة،وجعلني بالتالي أرى العالم بلغة مختلفة تعبر عن مكنونات الروح والنفس البشرية، كما جعلني أيضا أعبّر عن شخصيتي بمفاتيح رؤيوية جديدة وأقترب أكثر منيّ لأكون اكثر جرأة في الكشف عما هو مستور في دواخلنا."
ثم داهمه "مخاض عسير"غير منتظر لولادة قصيدة شعرية جديدة،فأستلّ قلمه من -غمده-كي يكتب،لكنني-تعسّفت عليه قليلا-بل أحرجته حين طالبته بأن يقرأ على مسمعي قصيدة هي من إحدى روائعه..وأترك للمتلقي حرية التعليق والتفاعل مع-هذه اللوحة الشعرية الرائعة والموشاة بجمالية المعنى..والمبنى..:


بذرة..المنتهى

أيا طفلتي..هل أبوح بسري
فتمضي السنوات..والوَجد يمضي..
ويغدو الهوى..
فأنحت..بين المدى..والمدى..حنيني
وأبني على جذع السنين..شهوة الملتقى
فأغدو يتيما..
وحدها القصيدة..تشعل الليل فيَّ
وتعرف..معنى البكاء
فتبكي..قليلا عليَّ
ها أنا..يا إبنتي-في غمرة الحزن..أهذي
كأنّي عظيم..بحزني..
كأنّ القصيدة ترأف من أجلنا..
كأنّ..في صلبها بذرة المنتهى..

(طاهر مشي)

محمد المحسن (شاعر وناقد تونسي)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف