الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مصر والكويت.. والأخوة كرامازوف!بقلم: إسماعيل عبد الهادي إسماعيل

تاريخ النشر : 2020-06-05
مصر والكويت.. والأخوة كرامازوف!بقلم: إسماعيل عبد الهادي إسماعيل
مصر والكويت ... والأخوة كرامازوف!

عام 1880م انتهى الأديب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي من كتابة روايته (الأخوة كرامازوف) بعد أن ظل عامين عاكفاً على تأليفها والتي تعد من الروايات العالمية ذائعة الصيت ومحورها باختصار يدور حول انشقاق الأخوة وعدم اكتراثهم بعضهم بعضاً وبُغض كل منهم للآخر بُغضاً شديداً وكأنهم ليسوا أخوة بل في واقع الحال أعداء سواء في الظاهر أو الباطن, وما كان هذا الانقسام بين الأخوة ليحدث لولا انشغال أبيهم بملذاته ونزواته، ورغم أن الرواية نشرت في القرن التاسع عشر إلا أن أحداثها وشخوصها تتبدى أمام ناظرينا وكأنها تحدث حالياً في القرن الحادي والعشرين.

 وفي عام 1974م كتب السيناريست رفيق الصبان سيناريو وحوار فيلم (الإخوة الأعداء) والذي استوحاه من الرواية الروسية سالفة البيان ولاقى الفيلم عند عرضه في حقبة السبعينيات من القرن الماضي نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

وقد تضمن فيلم الأخوة الأعداء النسخة العربية بعضاً من العبارات الغريبة مثل:" مفيش حاجة تخليني أحب أخويا لمجرد أنه أخويا "! وهي عبارة لا تتفق مع قيم الدين الإسلامي وتتنافي مع الدعوة إلى صلة الأرحام والترابط والتواصل بين أخوة النسب وأخوة الدين.

ما سبق دعاني للتأمل والنظر وجال بخاطري رواية الأخوة كرامازوف بمسماها الروسي أو الأخوة الأعداء بمسماها المصري وأنا أري الفيديوهات وكم الإساءة والتراشق بالألفاظ بين قلة من مواطني دولة الكويت ورد مقابل من بعض من المصريين وسألت نفسي هل صرنا الأخوة كرامازوف؟ رغم ما تربطنا وشائج المحبة والمصاهرة والنسب ووحدة اللغة والدين وهل المقولة التي وردت بالنسخة المصرية من الأخوة الأعداء "لا يوجد سبب يجعلني أحب أخويا لمجرد أنه أخويا" فجأة وما بين عشية وضحاها وجدناها وقد تجسدت أمامنا في العلاقة بين الشعبين الكويتي والمصري مما أدى إلى ارتفاع الأصوات النشاز لضعاف النفوس وراكبي موجة التشرذم والانقسام وبث الفرقة.

مما لا ينكره أحد أن مصر والكويت تربطهما منذ زمن بعيد وشائج المحبة والترابط والمصاهرة ربما لا نجدها بين مصر ودول عربية أخري لدرجة أننا نسمع مقولة تتردد كثيراً من الجانب الكويتي تقول: أن المصريين (أخوالنا) ويُقصد بها وجود كثير من المصريات مقترنات بالزواج من كويتيين أفاضل وأثمر الزواج عن أبناء ناجحين بالمجتمع الكويتي من ضباط ومهندسين وأطباء وقضاة ومحامين وغيرها من مهن عديدة ذابوا في المجتمع الكويتي ولا تستطيع أن تفرق بينهم وبين أبناء عمومتهم الكويتيين ومن هنا جاءت العبارة سالفة الذكر في محلها تماماً.

إذن لماذا في هذا التوقيت بالذات طفت على سطح العلاقات القويمة فتنة بغيضة وازدراء وتعرية الآخر بل وصل الأمر حد التطاول على القيادات السياسية في كلا البلدين وهذا ما يؤكد بيقين وبما لا يدع مجال لأدنى شك بأن الأمر بمثابة هجمة شرسة منظمة يقودها ويحركها من وراء ستار من لهم مصالح آنية أو مستقبلية لإفساد العلاقات بين البلدين وليس الأمر محصوراً في فتاة هنا أوشاب هناك يتراشقون عبر تويتر أو فيس بوك أو خلافه من وسائل تواصل الشر المنتهِك لحرمات أحاد الناس أو الأمم والمجتمعات والذي ينطوي على فرض العضلات والتهديد الذي ربما يفضي إلى مقاطعة دبلوماسية أو أشر من ذلك.

والحقيقة أن الوضع داخل دولة الكويت لم يعد قاصراً على منهجية تعديل التركيبة السكانية فهذا أمر سيادي لا علاقة لأي أحد به سوى الدولة الكويتية ذاتها عبر مؤسساتها المعنية بالأمر, ولكن ركب الموجة بعض من المواطنين الكويتيين عبر نزعة استعلاء وتقليل من حجم الجالية المصرية والازدراء المسئولين بمصر ورميهم بالإهمال وعدم الاهتمام بالمواطنين المصريين العالقين بالكويت وإلقائهم في مهب الريح بينما الرامي بهذا الزعم على الجانب الآخر يمدح قيادة بلده ويصفها بأنها هي الحامية والراعية, وهو خلط يتبدى ظاهره لمن يتحدث دون تبصر أو فهم الأمور بروية واستنتاج منطقي, بل أنه في المجمل لا يحق له إطلاق الأمور على ذلك النحو في المقارنة والاستنباط فكان من الطبيعي أن يتصدى البعض من الجانب الآخر بالرد ثم يجئ الرد على الرد ولا يغلق باب المرافعة في قضية مفتعلة ليست لها أسباب موضوعية أو قانونية ترتكن إليها فنُسجت من خلال تلك الخيوط الواهية قضية مفتعلة بمعايير غير قانونية استغلها من له مصلحة في تأجيج الوضع اشتعالا ليحيلها إلى وقائع يستطيع بسوء نية متعمد أن يصدر حكمه فيها بما يسئ إلى كلا الجانبين وبالتالي أصبح ليس هناك خاسر أو رابح لتلك القضية الهزلية.   

لذا نهيب بالسلطات المسئولة في كلٍ من البلدين العمل على وأد هذه الفتنة في مهدها وقبل أن يستفحل أمرها وتصبح كرة من الثلج تكبر وتكبر ثم تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه نهيب بهم التدخل الفوري لإن ما يدور لم يعد يوصف بأنه حادث فردي بل تعداه بأكثر من ذلك بكثير ووفقاً للرواية المسترشد بها عبر عنوان المقال فمن لم يجد له كبير يوجهه يستمرأ الخطأ ويتلذذ الخوض في الوحل معتقداً أنه ليس وحلاً ولكنه مسكاً وهذا هو ما أرشدنا إليه الدين الإسلامي فهناك العديد والعديد من الآيات القرآنية تحض على وجوب الإتحاد وترابط الجماعة لا يتسع المقام لذكرها تفصيلاً ولكننا نجتزأ منها  للذكرى فإن الذكرى تنفع المؤمنين:

[وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا] آل عمران/103 

[إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ] الأنعام/ 195

وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" متفق عليه.

إن الحفاظ على قيم الدين الأخلاقية وتطبيق المبادئ السامية في المجتمعات الإسلامية أصبح في ظل انتشار وسائل الانحطاط الاجتماعي مطلباً ضرورياً لاسيما في ظل تردى احترام الصغير للكبير وعدم مراعاة الغني للفقير والتفاخر بالمال أمام من لا مال له مثلما فعل قارون وهو ما نبهنا له المولى عز وجل من خلال كتاب كريم باق إلى يوم الدين فيه نبأ ما قبلنا وحكم ما بيننا وخبر ما بعدنا ومع ذلك سواء قرأناه أو لم نقرأه كمسلمين بعيدين عن قصصه وما رواه لنا من نهاية الأمم السابقة بالجراد والقُمّل والضفادع والدم أو السيل العرِم أو بالخسف وغيره, فجاء كورونا ليجثم على صدر العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه ولا زالنا نغض الطرف عن اعتباره آية أدعى للتكاتف والتعاضد والمحبة خصوصاً كأمة إسلامية إذا ما أصاب فرد فيها بسوء فكأنما لحق المصاب بالجميع, ومع ذلك لازلنا غير عابئين بها ضاربين بما نراه أمام أعيننا عرض الحائط تماماً مثلما لم تعبأ أمم من قبلنا قصّهم علينا المولى عز وجل من خلال أحسن القصص عبر القرآن الكريم ومضوا في غيهم سامدون فحدث لهم ما حدث فماذا نحن منتظرون من خلال إشعال الفتنة والتراشق بقول السوء والسعي نحو ازدراء الآخر والحط من شأنه والمن والأذى رغم ما نراه من ارتفاع إصابات بمرض حل علينا فجأة يتبعه حالات وفاة نطالعها يومياً على مستوى العالم بالآلاف فإن لم يكن ذلك مدعاة للتوبة والإنابة وحفظ اللسان عن السوء والفحشاء فمتي نرتدع ونمسك اللسان ونتجه نحو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف