الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفساد كائنٌ حيٌ يتنفس بقلم:د. عبدالمجيد قاسم اسويكر

تاريخ النشر : 2020-06-04
قيل لمالك بن دينار: لا تستسقي؟!
فقال: أنتم تستبطئون المطر، لكني أستبطئ الحجارة!

يُحكى أن أحد الملوك كان يخشى شعبه لأنهم كانوا لنقائهم وبعدهم عن الحرام إذا رفعوا أيديهم إلى السماء بالدعاء استُجيب لهم، فكان هذا الملك يخشى دعاءهم عليه إن هو أساء إليهم بظلمٍ أو فساد.
وظلَّ الملك على هذا الحال محل جذبٍ وردٍّ بين نفسه الأمارة بالسوء وخوفه من شعبه، إلى أن اقترح عليه أحد وزرائه حيلةً، مؤداها أن جعل معظم أفراد الشعب يأكلون الحرام، بأن نادى في الناس أن الملك يريد من كل رب أسرةٍ خمس بيضاتٍ من أيّ نوع؛ فقام الناس بجمع البيض والذهاب به إلى قصر الحاكم، وبعد يومين نادى المنادي أن يذهب كل رجلٍ لأخذ ما أعطاه من البيض؛ فاستجاب الناس وذهب كلٌ منهم لأخذ ما أعطاه، وهنا وقف الوزير والملك والحاشية وهم يتابعون الناس أثناء أخذهم البيض، وقد وجدوا أن كل واحدٍ تمتد يده ليأخذ البيضة الكبيرة التي ربما لم يأتِ بها، هنا وقف الوزير ليعلن للملك أنه الآن فقط يستطيع أن يفعل بهم ما يريد؛ فقد أخذ الكثير منهم حاجة أخيه وأكل حرامًا؛ فحالهم لن يعود إلى سابقه.
إن هذه القصة الرمزية أُريد بها تشخيص أهم أسباب انهيار الأمم، ألا وهو الفساد، وتشخيص أهم علامات الفساد، ألا وهو أكلُ أموال الناس بالباطل الذي نبّه إليه، وحذّر منه، ونهى عنه القرآن الكريم في غير موضعٍ منه.
لقد كشف تقرير منظمة الشفافية العالمية الصادر منذ بضع سنوات، أن حجم الفساد المالي في العالم يقدر بألف بليون دولار، منها ثلاث مئة بليون في الوطن العربي وحده، أي أن حجم الفساد المالي في الوطن العربي يساوي ثلث الفساد العالمي، فإذا أضفنا حجم الفساد في باقي دول العالم الإسلامي فإن حجم الفساد في العالم الإسلامي يتجاوز نصف الفساد العالمي، والفساد المقصود في هذا التقرير ينحصر في سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية، فكيف لو شمل التقرير باقي أنواع الفساد الأخرى؛ الأخلاقية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والبيئية! وحتى في مجالي الفن، والأدب!
إن نظرةً إلى هذه الحقيقة، تجعلنا نتساءل: لماذا هذا هو حال الأمة، وقد قال الله في محكم كتابه: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ" (آل عمران: 110)؟
إن انتشار الفساد في المجتمعات الإسلامية على هذا النحو، وتفوقها فيه على باقي المجتمعات ليتعارض بشكل صريح مع الآية الكريمة التي جعلت معيار خيرية الأمة في تمايزها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أي تمايزها بمكافحة الفساد، فكأن الآية تقول: كنتم خير أمةٍ إذا أمرتم بالمعروف ونهيتهم عن المنكر، فهذا هو معيار تمايزكم، فإذا انقلبتم، وتركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقدتم ما تتميزون به عن غيركم فتراجعتم، وبات غيركم خيرًا منكم.
إن انتشار الفساد في المجتمعات الإسلامية ليس دليل تراجعٍ وحسب، بل هو علامة على ضعف الإيمان بالله –جل وعلا-، والدليل هذه الآية التي ساوت بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، فلا إيمان دون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد يوجد نهيٌ عن المنكر وأمرٌ بالمعروف دون إيمانٍ ودون عقيدةٍ صحيحة، فيؤتيان أثرهما الدنيوي من صلاحٍ واستقرار حال، والأمر مشاهد، فتلكم المجتمعات التي لا تؤمن بالله، لكنها بلغت شأوًا في مضمار الحضارة الدنيوية، إنما بلغت ما بلغت نتيجة أخذها على يد الظالم، وحدّها حدودًا تقبلها الفطرة في التعامل، والالتزام، واحترام حقوق الآخرين، بقطع النظر عما تخلفت فيه نتيجة عقيدتها الباطلة، فهذا أمره للآخرة، وأمر الدنيا موكولٌ لقوانين سنها الخالق لمخلوقيه يستوي فيها المؤمن والكافر.
إننا نحتاج لمكافحة الفساد المستشري في مجتمعاتنا إلى وقفةٍ مع النفس، وقفةٍ تبدأ من البيت، وربما هذا هو معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم، وخفّت أماناتهم وكانوا هكذا، وشبك بين أصابعه، قال الراوي، وهو عبد الله بن عمرو: فقمت إليه فقلت: كيف أفعل عند ذلك؟ جعلني الله فداك! قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة.
فالحديث الشريف لا يتعارض مع قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل هو لمعالجة حالٍ يكون فيه الفساد مستشريًا، فلا يصلح لأهل ذلك الحال إلا البدء بأنفسهم وبخاصتهم، لوأد الفساد في مهده، وقطع جذوره في تربتها، فالأسرة منبع كل السلوكيات الخيرة منها وغير ذلك.
نسأل الله العلي القدير أن يصلحنا ويصلح أحوالنا! هو ولي ذلك والقادر عليه.
د. عبدالمجيد قاسم اسويكر
أكاديمي ليبي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف